الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى ﴿إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ والإحْسانِ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ أحْمَدُ «عَنْ عُثْمانَ بْنِ أبِي العاصِي قالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ جالِسًا إذْ شَخَصَ بَصَرُهُ فَقالَ: ”أتانِي جِبْرِيلُ فَأمَرَنِي أنْ أضَعَ هَذِهِ الآيَةَ بِهَذا المَوْضِعِ مِنَ السُّورَةِ ﴿إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ والإحْسانِ﴾ - إلى قَوْلِهِ -: ﴿لَعَلَّكم تَذَكَّرُونَ﴾“» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والبُخارِيُّ في ”الأدَبِ“، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ قالَ: «بَيْنَما رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِفِناءِ بَيْتِهِ جالِسًا، إذْ مَرَّ بِهِ عُثْمانُ بْنُ مَظْعُونٍ، فَجَلَسَ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَبَيْنَما هو يُحَدِّثُهُ إذْ شَخَصَ (p-١٠١)رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِبَصَرِهِ إلى السَّماءِ، فَنَظَرَ ساعَةً إلى السَّماءِ، فَأخَذَ يَضَعُ بَصَرَهُ حَتّى وضَعَهُ عَلى يَمِينِهِ في الأرْضِ، فَتَحَرَّفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ جَلِيسِهِ عُثْمانَ إلى حَيْثُ وضَعَ بَصَرَهُ، فَأخَذَ يُنْغِضُ رَأْسَهُ كَأنَّهُ يَسْتَفْقِهُ ما يُقالُ لَهُ، فَلَمّا قَضى حاجَتَهُ شَخَصَ بَصَرُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إلى السَّماءِ كَما شَخَصَ أوَّلَ مَرَّةٍ، فَأتْبَعَهُ بَصَرَهُ حَتّى تَوارى في السَّماءِ، فَأقْبَلَ إلى عُثْمانَ بِجِلْسَتِهِ الأُولى، فَسَألَهُ عُثْمانُ، فَقالَ: ”أتانِي جِبْرِيلُ آنِفًا“ . قالَ: فَما قالَ لَكَ؟ قالَ: ”﴿إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ والإحْسانِ﴾ - إلى قَوْلِهِ -: ﴿تَذَكَّرُونَ﴾“ . قالَ عُثْمانُ: فَذَلِكَ حِينَ اِسْتَقَرَّ الإيمانُ في قَلْبِي وأحْبَبْتُ مُحَمَّدًا» ﷺ . وأخْرَجَ الباوَرْدِيُّ، وابْنُ السَّكَنِ، وابْنُ مَندَهْ، وأبُو نُعَيْمٍ في ”مَعْرِفَةِ الصَّحابَةِ“، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قالَ: «بَلَغَ أكْثَمَ بْنَ صَيْفِيٍّ مَخْرَجُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأرادَ أنْ يَأْتِيَهُ، فَأبى قَوْمُهُ، فانْتَدَبَ رَجُلانِ فَأتَيا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقالا: نَحْنُ رُسُلُ أكْثَمَ، يَسْألُكَ مَن أنْتَ؟ وما جِئْتَ بِهِ؟ فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: ”أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وأنا عَبْدُ اللَّهِ ورَسُولُهُ“ . ثُمَّ تَلا عَلَيْهِمْ: ”﴿إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ (p-١٠٢)والإحْسان﴾ - إلى -: ﴿تَذَكَّرُونَ﴾“ . قالُوا: اُرْدُدْ عَلَيْنا هَذا القَوْلَ، فَرَدَّدَهُ عَلَيْهِمْ حَتّى حَفِظُوهُ، فَأتَيا أكْثَمَ فَأخْبَراهُ، فَلَمّا سَمِعَ الآيَةَ قالَ: إنِّي أُراهُ يَأْمُرُ بِمَكارِمِ الأخْلاقِ، ويَنْهى عَنْ مَلائِمِها، فَكُونُوا في هَذا الأمْرِ رُءُوسًا، ولا تَكُونُوا فِيهِ أذْنابًا، وكُونُوا فِيهِ أوَّلًا، ولا تَكُونُوا فِيهِ آخِرًا. ورَواهُ الأُمَوِيُّ في ”مَغازِيهِ“ وزادَ: فَرَكِبَ مُتَوَجِّهًا إلى النَّبِيِّ ﷺ فَماتَ في الطَّرِيقِ، قالَ: ويُقالُ: نَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿ومَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهاجِرًا إلى اللَّهِ ورَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ المَوْتُ﴾ [النساء: ١٠٠] الآيَةَ [النِّساءِ»: ١٠٠] . وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”الأسْماءِ والصِّفاتِ“، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ﴾ . قالَ: شَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، ﴿والإحْسانِ﴾ . قالَ: أداءِ الفَرائِضِ، ﴿وإيتاءِ ذِي القُرْبى﴾ . قالَ: إعْطاءِ ذَوِي الأرْحامِ الحَقَّ الَّذِي أوْجَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ بِسَبَبِ القَرابَةِ والرَّحِمِ، ﴿ويَنْهى عَنِ الفَحْشاءِ﴾ . قالَ: الزِّنى، ﴿والمُنْكَرِ﴾ . قالَ: الشِّرْكِ، ﴿والبَغْيِ﴾ . قالَ: الكِبْرِ والظُّلْمِ، ﴿يَعِظُكُمْ﴾ . قالَ: يُوصِيكم ﴿لَعَلَّكم تَذَكَّرُونَ﴾ . (p-١٠٣)وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، والبُخارِيُّ في ”الأدَبِ“، ومُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ في ”الصَّلاةِ“، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“، عَنِ اِبْنِ مَسْعُودٍ قالَ: أعْظَمُ آيَةٍ في كِتابِ اللَّهِ: ﴿اللَّهُ لا إلَهَ إلا هو الحَيُّ القَيُّومُ﴾ [البقرة: ٢٥٥] [البَقَرَةِ: ٢٥٥] . وأجْمَعُ آيَةٍ في كِتابِ اللَّهِ لِلْخَيْرِ والشَّرِّ الآيَةُ الَّتِي في ”النَّحْلِ“: ﴿إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ والإحْسانِ﴾ . وأكْثَرُ آيَةٍ في كِتابِ اللَّهِ تَفْوِيضًا: ﴿ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ [الطلاق: ٢] ﴿ويَرْزُقْهُ مِن حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: ٣] [الطَّلاقِ ٢،٣] . وأشَدُّ آيَةٍ في كِتابِ اللَّهِ رَجاءً: ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ﴾ [الزمر: ٥٣] الآيَةَ [الزُّمَرِ: ٥٣] . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“ عَنِ الحَسَنِ، أنَّهُ قَرَأ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ والإحْسانِ﴾ . إلى آخِرِها. ثُمَّ قالَ: إنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ جَمَعَ لَكُمُ الخَيْرَ كُلَّهُ والشَّرَّ كُلَّهُ في آيَةٍ واحِدَةٍ، فَواللَّهِ ما تَرَكَ العَدْلُ والإحْسانُ مِن طاعَةِ اللَّهِ شَيْئًا إلّا جَمَعَهُ، ولا تَرَكَ الفَحْشاءُ والمُنْكَرُ والبَغْيُ مِن مَعْصِيَةِ اللَّهِ شَيْئًا إلّا جَمَعَهُ. وأخْرَجَ البُخارِيُّ في ”تارِيخِهِ“، مِن طَرِيقِ الكَلْبِيِّ، عَنْ أبِيهِ قالَ: مَرَّ (p-١٠٤)عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ بِقَوْمٍ يَتَحَدَّثُونَ فَقالَ: فِيمَ أنْتُمْ؟ فَقالُوا: نَتَذاكَرُ المُرُوءَةَ. فَقالَ: أوَما كَفاكُمُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ ذاكَ في كِتابِهِ إذْ يَقُولُ: ﴿إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ والإحْسانِ﴾ ؟ فالعَدْلُ الإنْصافُ، والإحْسانُ التَّفَضُّلُ، فَما بَقِيَ بَعْدَ هَذا؟ وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ والإحْسانِ﴾ الآيَةَ. قالَ: لَيْسَ مِن خُلُقٍ حَسَنٍ كانَ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ يَعْمَلُونَ بِهِ ويُعَظِّمُونَهُ ويَخْشَوْنَهُ إلّا أمَرَ اللَّهُ بِهِ، ولَيْسَ مِن خُلُقٍ سَيِّئٍ كانُوا يَتَعايَرُونَهُ بَيْنَهم إلّا نَهى اللَّهُ عَنْهُ وقَدَّمَ فِيهِ، وإنَّما نَهى عَنْ سَفاسِفِ الأخْلاقِ ومَذامِّها. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ قالَ: دَعانِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ فَقالَ: صِفْ لِيَ العَدْلَ. فَقُلْتُ: بَخٍ، سَألْتَ عَنْ أمْرٍ جَسِيمٍ؛ كُنْ لِصَغِيرِ النّاسِ أبًا، ولِكَبِيرِهِمُ اِبْنًا، ولِلْمِثْلِ مِنهم أخًا، ولِلنِّساءِ كَذَلِكَ، وعاقِبِ النّاسَ عَلى قَدْرِ ذُنُوبِهِمْ وعَلى قَدْرِ أجْسادِهِمْ، ولا تَضْرِبَنَّ لِغَضَبِكَ سَوْطًا واحِدًا فَتَعَدّى فَتَكُونَ مِنَ العادِينَ. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قالَ: قالَ عِيسى اِبْنُ مَرْيَمَ: إنَّما الإحْسانُ أنْ تُحْسِنَ إلى مَن أساءَ إلَيْكَ، لَيْسَ الإحْسانُ أنْ تُحْسِنَ إلى مَن أحْسَنَ إلَيْكَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب