الباحث القرآني
ولَمّا كانَ النَّبِيُّ أوْلى بِالمُؤْمِنِينَ مِن أنْفُسِهِمْ، وكانَ المُرادُ الأعْظَمُ في هَذِهِ الآياتِ بَيانَ ما شَرَّفَهُ اللَّهُ بِهِ مِن ذَلِكَ، أتْبَعَ ما بَيَّنَ أنَّهُ لا عِدَّةَ فِيهِ مِن نِكاحِ المُؤْمِنِينَ [وما حَرَّمَهُ عَلَيْهِمْ مِنَ التَّضْيِيقِ عَلى الزَّوْجاتِ المُطَلَّقاتِ] بَعْضَ ما شَرَّفَهُ اللَّهُ تَعالى بِهِ وخَصَّهُ مِن أمْرِ [التَّوْسِعَةِ فِي] (p-٣٧٨)النِّكاحِ، وخَتَمَهُ بِأنَّ أزْواجَهُ لا تَحِلُّ بَعْدَهُ، فَهُنَّ كَمَنَ عِدَّتُهُنَّ ثابِتَةً لا تَنْقَضِي أبَدًا، أوْ كَمَن زَوَّجَها غائِبٌ عَنْها وهو حَيٌّ، لِأنَّهُ ﷺ حَيٌّ في قَبْرِهِ: ﴿يا أيُّها النَّبِيُّ﴾ ذاكِرًا سُبْحانَهُ الوَصْفَ الَّذِي هو مَبْدَأُ القُرْبِ ومَقْصُودُهُ ومَنبَعُ الكَمالِ ومَدارُهُ.
ولَمّا كانَ الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُنْكِرُونَ خَصائِصَ النَّبِيِّ ﷺ أكَّدَ قَوْلَهُ: ﴿إنّا أحْلَلْنا لَكَ أزْواجَكَ﴾ أيْ نِكاحَهُنَّ، قالَ الحِرالِيُّ في كِتابِهِ في أُصُولِ الفِقْهِ: تَعْلِيقُ الحُكْمِ بِالأعْيانِ مُخْتَصٌّ بِخاصٍّ مَدْلُولِها نَحْوُ حَرَّمْتُ أوْ حَلَّلْتُ المَرْأةَ أيْ نِكاحَها، والفَرَسَ أيْ رُكُوبَهُ، والخَمْرَ أيْ شُرْبَها، ولَحْمَ الخِنْزِيرِ أيْ أكْلَهُ، والبَحْرَ أيْ رُكُوبَهُ، والثَّوْرَ أيِ الحَرْثَ بِهِ، وكَذَلِكَ كَلُّ شَيْءٍ يَخْتَصُّ بِخاصِّ مَدْلُولِهِ، ولا يَصْرِفُ عَنْهُ إلّا بِمَشْعَرٍ، ولا إجْمالٍ فِيهِ لِتَرَجُّحِ الِاخْتِصاصِ. انْتَهى.
ولَمّا كانَ المَقْصُودُ مِن هَذِهِ السُّورَةِ بَيانَ مَناقِبِهِ ﷺ وما خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ مِمّا قَدْ يَطْعَنُ فِيهِ المُنافِقُونَ مِن كَوْنِهِ أوْلى مِن كُلِّ أحَدٍ بِنَفْسِهِ ومالِهِ، بَيَّنَ أنَّهُ مَعَ ذَلِكَ لا يَرْضى إلّا بِالأكْمَلِ، فَبَيَّنَ أنَّهُ كانَ يُعَجِّلُ المُهُورَ، ويُوَفِّي الأُجُورَ، فَقالَ: ﴿اللاتِي آتَيْتَ﴾ أيْ بِالإعْطاءِ الَّذِي هو الحَقِيقَةُ، وهي بِهِ ﷺ أوْلى أوْ بِالتَّسْمِيَةِ (p-٣٧٩)فِي العَقْدِ، قالَ الكَشّافُ: وكانَ التَّعْجِيلُ دَيْدَنَ السَّلَفِ وسُنَّتَهم وما لا يُعْرَفُ بَيْنَهم غَيْرُهُ ﴿أُجُورَهُنَّ﴾ أيْ مُهُورَهُنَّ لِأنَّها عِوَضٌ عَنْ مَنفَعَةِ البُضْعِ، وأصْلُ الأجْرِ الجَزاءُ عَلى العَمَلِ ﴿وما مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾
ولَمّا كانَ حَوْزُ الإنْسانِ لِما سَباهُ أطْيَبَ لِنَفْسِهِ وأعْلى لِقَدْرِهِ وأحَلَّ مِمّا اشْتَراهُ قالَ: ﴿مِمّا أفاءَ﴾ أيْ رَدَّ ﴿اللَّهُ﴾ الَّذِي لَهُ الأمْرُ كُلُّهُ ﴿عَلَيْكَ﴾ مِثْلُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ النَّضْرِيَّةِ ورَيْحانَةَ القُرَظِيَّةِ وجُوَيْرِيَّةَ بِنْتِ الحارِثِ الخُزاعِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ مِمّا كانَ في أيْدِي الكُفّارِ، أسْنَدَهُ إلَيْهِ سُبْحانَهُ إفْهامًا لِأنَّهُ فَيْءٌ عَلى وجْهِهِ الَّذِي أحَلَّهُ اللَّهُ لا خِيانَةَ فِيهِ، وعَبَّرَ بِالفَيْءِ الَّذِي مَعْناهُ الرُّجُوعُ إفْهامًا لِأنَّ ما في يَدِ الكافِرِ لَيْسَ لَهُ وإنَّما هو لِمَن يَسْتَلِبُهُ مِنهُ مِنَ المُؤْمِنِينَ بِيَدِ القَهْرِ أوْ لِمَن يُعْطِيهِ الكافِرُ مِنهم عَنْ طِيبِ نَفْسٍ، ومِن هُنا كانَ يُعْطِي النَّبِيُّ ﷺ ما يَطْلُبُ مِنهُ مِن بِلادِ الكُفّارِ أوْ نِسائِهِمْ، وما أعْطى أحَدًا شَيْئًا إلّا وصَّلَ إلَيْهِ كَتَمِيمٍ الدّارِيِّ وشُوَيْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، وقَيَّدَ بِذَلِكَ تَنْبِيهًا عَلى فَضْلِهِ ﷺ ووُقُوعِهِ مِن كُلِّ شَيْءٍ عَلى أفْضَلِهِ كَما تَقَدَّمَتِ الإشارَةُ إلَيْهِ، وإشارَةُ إلى أنَّهُ سَبَقَ في عِلْمِ اللَّهِ أنَّهُ لا يَصِلُ إلَيْهِ مِن مِلْكِ اليَمِينِ إلّا ما كانَ هَذا سَبِيلَهُ، ودَخَلَ فِيهِ ما أهْدى لَهُ مِنَ الكُفّارِ مِثْلُ مارِيَّةَ (p-٣٨٠)القِبْطِيَّةِ أمِّ ولَدِهِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وفي ذَلِكَ أيْضًا إشارَةٌ إلى ما خَصَّهُ بِهِ مِن تَحْلِيلِ ما كانَ خَطَرُهُ عَلى مَن كانَ قَبْلَهُ مِنَ الغَنائِمِ ﴿وبَناتِ عَمِّكَ﴾ الشَّقِيقِ وغَيْرِهِ مِن بابِ الأوْلى، فَإنَّ النَّسَبَ كُلَّما بَعُدَ كانَ أجْدَرَ بِالحِلِّ.
ولَمّا كانَ قَدْ أفْرَدَ العَمَّ لِأنَّ واحِدَ الذُّكُورِ يَجْمَعُ مِن غَيْرِهِ لِشَرَفِهِ وقُوَّتِهِ وكَوْنِهِ الأصْلَ الَّذِي تَفَرَّعَ مِنهُ هَذا النَّوْعُ، عَرَفَ بِجَمِيعِ الإناثِ أنَّ المُرادَ بِهِ الجِنْسُ لِئَلّا يُتَوَهَّمَ أنَّ المُرادَ إباحَةُ الأخَواتِ مُجْتَمَعاتٍ فَقالَ: ﴿وبَناتِ عَمّاتِكَ﴾ مِن نِساءِ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ.
ولَمّا بَدَأ بِالعُمُومَةِ لِشَرَفِها، أتْبَعَها قَوْلَهُ: ﴿وبَناتِ خالِكَ﴾ جارِيًا أيْضًا في الإفْرادِ والجَمْعِ عَلى ذَلِكَ النَّحْوِ ﴿وبَناتِ خالاتِكَ﴾ أيْ مِن نِساءِ بَنِي زُهْرَةَ [ويُمْكِنُ أنْ يَكُونَ في ذَلِكَ احْتِباكٌ عَجِيبٌ وهُوَ: بَناتُ عَمِّكَ وبَناتُ أعْمامِكَ، وبَناتُ عَمّاتِكَ وبَناتُ عَمَّتِكَ، وبَناتُ خالِكَ وبَناتُ أخْوالِكَ، وبَناتُ خالاتِكَ وبَناتُ خالَتِكَ، وسِرُّهُ ما أُشِيرَ إلَيْهِ].
ولَمّا بَيَّنَ شَرَفَ أزْواجِهِ مِن جِهَةِ النَّسَبِ لِما عُلِمَ واشْتَهَرَ أنَّ نَسَبَهُ ﷺ مِن جِهَةِ الرِّجالِ والنِّساءِ أشْرَفَ الأنْسابِ بِحَيْثُ لَمْ يَخْتَلِفْ في ذَلِكَ اثْنانِ مِنَ العَرَبِ، بَيَّنَ شَرَفَهُنَّ مِن جِهَةِ الأعْمالِ فَقالَ: (p-٣٨١)﴿اللاتِي هاجَرْنَ﴾ وأشارَ بِقَوْلِهِ: ﴿مَعَكَ﴾ إلى أنَّ الهِجْرَةَ قَبْلَ الفَتْحِ ﴿أُولَئِكَ أعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أنْفَقُوا مِن بَعْدُ وقاتَلُوا﴾ [الحديد: ١٠] ولَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ التَّقْيِيدَ بَلِ التَّنْبِيهَ عَلى الشَّرَفِ، وإشارَةً إلى أنَّهُ سَبَقَ في عِلْمِهِ سُبْحانَهُ أنَّهُ لا يَقَعُ لَهُ أنْ يَتَزَوَّجَ مَن هي خارِجَةٌ عَنْ هَذِهِ الأوْصافِ، وقَدْ ورَدَ أنَّ هَذا عَلى سَبِيلِ التَّقْيِيدِ؛ رَوى التِّرْمِذِيُّ والحاكِمُ وابْنُ أبِي شَيْبَةَ وإسْحاقُ بْنُ راهَوَيْهِ والطَّبَرانِيُّ والطَّبَرِيُّ وابْنُ أبِي حاتِمٍ كُلُّهم مِن رِوايَةِ السُّدِّيِّ عَنْ أبِي صالِحٍ عَنْ أُمِّ هانِئٍ بِنْتِ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالَتْ: «خَطَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فاعْتَذَرْتُ [إلَيْهِ] فَعَذَرَنِي ثُمَّ أنْزَلَ اللَّهُ تَعالى ﴿إنّا أحْلَلْنا لَكَ أزْواجَكَ﴾ الآيَةَ، فَلَمْ أكُنْ لِأحِلَّ لَهُ لِأنِّي لَمْ أُهاجِرْ. كُنْتُ مِنَ الطُّلَقاءِ،» قالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ لا نَعْرِفُهُ إلّا مِن هَذا الوَجْهِ مِن حَدِيثِ السُّدِّيِّ.
ولَمّا بَيَّنَ ما هو الأشْرَفُ مِنَ النِّكاحِ لِكَوْنِهِ الأصْلَ، [و] أتْبَعَهُ سُبْحانَهُ ما خَصَّ بِهِ شَرْعَهُ ﷺ مِنَ المَغْنَمِ الَّذِي تَوَلّى سُبْحانَهُ إباحَتَهُ، أتْبَعَهُ ما جاءَتْ إباحَتُهُ مِن جِهَةِ المُبِيحِ إعْلامًا بِأنَّهُ لَيْسَ مِن نَوْعِ الصَّدَقَةِ الَّتِي نَزَّهَ عَنْها قَدْرَهُ فَقالَ: ﴿وامْرَأةً﴾ أيْ وأحْلَلْنا لَكَ امْرَأةً ﴿مُؤْمِنَةً﴾ أيْ هَذا الصِّنْفِ حُرَّةً كانَتْ أوْ رَقِيقَةً ﴿إنْ وهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ﴾
ولَمّا ذَكَرَ وصْفَ النُّبُوَّةِ لِأنَّهُ مَدارُ الإكْرامِ مِنَ الخالِقِ والمَحَبَّةِ مِنَ (p-٣٨٢)الخَلائِقِ تَشْرِيفًا لَهُ بِهِ وتَعْلِيقًا لِلْحُكْمِ بِالوَصْفِ، لِأنَّهُ لَوْ قالَ ”لَكَ“ كانَ رُبَّما وقَعَ في بَعْضِ الأوْهامِ - كَما قالَ الزَّجّاجُ - أنَّهُ غَيْرُ خاصٍّ بِهِ ﷺ، كَرَّرَهُ بَيانًا لِمَزِيدِ شَرَفِهِ في سِياقٍ رافِعٍ لِما رُبَّما يُتَوَهَّمُ مِن أنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ القَبُولُ فَقالَ: ﴿إنْ أرادَ النَّبِيُّ﴾ أيِ الَّذِي أعْلَيْنا قَدْرَهُ بِما اخْتَصَصْناهُ بِهِ مِنَ الإنْباءِ بِالأُمُورِ العَظْمِيَّةِ مِن عالَمِ الغَيْبِ والشَّهادَةِ ﴿أنْ يَسْتَنْكِحَها﴾ أيْ يُوجِدَ نِكاحَهُ لَها يَجْعَلُها مِن مَنكُوحاتِهِ بِعَقْدٍ أوْ مِلْكِ يَمِينٍ، فَتَصِيرُ لَهُ مُجَرَّدَ ذَلِكَ بِلا مَهْرٍ ولا ولِيٍّ ولا شُهُودٍ.
ولَمّا كانَ رُبَّما فُهِمَ أنَّ غَيْرَهُ يُشارِكُهُ في هَذا المَعْنى، قالَ مُبَيِّنًا لِخُصُوصِيَّتِهِ واصِفًا لِمَصْدَرٍ ﴿أحْلَلْنا﴾ مُفَخِّمًا لِلْأمْرِ بِهاءِ المُبالَغَةِ مُلْتَفِتًا إلى الخِطابِ لِأنَّهُ مُعَيِّنُ لِلْمُرادِ رافِعٌ لِلِارْتِيابِ: ﴿خالِصَةً لَكَ﴾ وزادَ المَعْنى بَيانًا بِقَوْلِهِ: ﴿مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ﴾ أيْ مِنَ الأنْبِياءِ وغَيْرِهِمْ، وأطْلَقَ الوَصْفَ المُفْهِمَ لِلرُّسُوخِ فَشَمِلَ مَن قُيِّدَ بِالإحْسانِ والإيقانِ، وغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الألْوانِ، دَخَلَ مَن نَزَلَ عَنْ رُتْبَتِهِمْ مِنَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ والَّذِينَ آمَنُوا وسائِرُ النّاسِ مِن بابِ الأُولى مَفْهُومُ مُوافَقَةٍ، وقَدْ كانَ الواهِباتُ عِدَّةَ ولَمْ [يَكُنْ] عِنْدَهُ مِنهُنَّ شَيْءٌ. رَوى البُخارِيُّ عَنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أنَّها قالَتْ: «كُنْتُ أغارَ عَلى اللّاتِي وهَبْنَ أنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ (p-٣٨٣)ﷺ وأقُولُ: أما تَسْتَحْيِي المَرْأةُ أنْ تَهَبَ نَفْسَها، فَلَمّا نَزَلَتْ ﴿تُرْجِي مَن تَشاءُ مِنهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥١] قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، ما أرى رَبَّكَ إلّا يُسارِعُ في هَواكَ».
ولَمّا كانَ التَّخْصِيصُ لا يَصِحُّ ولا يُتَصَوَّرُ إلّا مِن مُحِيطِ العِلْمِ بِأنَّ هَذا الأمْرَ ما كانَ لِغَيْرِ المَخْصُوصِ تامِّ القُدْرَةِ، لِيَمْنَعَ غَيْرَهُ مِن ذَلِكَ، عَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿قَدْ﴾ أيْ أخْبَرْناكَ بِأنَّ هَذا أمْرٌ يَخُصُّكَ دُونَهم لِأنّا قَدْ ﴿عَلِمْنا ما فَرَضْنا﴾ أيْ قَدَّرْنا بِعَظَمَتِنا.
ولَمّا كانَ ما قَدَّرَهُ لِلْإنْسانِ عَطاءً ومَنَعْنا لا بُدَّ لَهُ مِنهُ، عَبَّرَ فِيهِ بِأداةِ الِاسْتِعْلاءِ فَقالَ: ﴿عَلَيْهِمْ﴾ أيِ المُؤْمِنِينَ ﴿فِي أزْواجِهِمْ﴾ أيْ مِن أنَّهُ لا تَحِلُّ لَهُمُ امْرَأةٌ بِلَفْظِ الهِبَةِ مِنها ولا بِدُونِ مَهْرٍ ولا بِدُونِ ولِيٍّ وشُهُودٍ، وهَذا عامٌّ لِجَمِيعِ المُؤْمِنِينَ المُتَقَدِّمِينَ والمُتَأخِّرِينَ. ولَمّا كانَ هَذا عامًّا لِلْحُرَّةِ والرَّقِيقَةِ قالَ: ﴿وما مَلَكَتْ أيْمانُهُمْ﴾ أيْ مِن أنَّ أحَدًا غَيْرَكَ لا يَمْلِكُ رَقِيقَةً بِهِبَتِها لِنَفْسِها مِنهُ، فَيَكُونُ أحَقَّ مِن سَيِّدِها.
ولَمّا فَرَغَ مِن تَعْلِيلِ الدُّونِيَّةِ، عَلَّلَ التَّخْصِيصَ لَفًّا ونَشْرًا مُشَوِّشًا بِقَوْلِهِ: ﴿لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ﴾ أيْ ضِيقٌ في شَيْءٍ مِن أمْرِ النِّساءِ حَيْثُ أحْلَلْنا لَكَ أنْواعَ المَنكُوحاتِ وزِدْناكَ الواهِبَةِ. ولَمّا ذَكَرَ سُبْحانَهُ ما فَرَضَ في الأزْواجِ والإماءِ الشّامِلِ لِلْعَدْلِ في عِشْرَتِهِنَّ، وكانَ النَّبِيُّ ﷺ أعْلى النّاسِ فَهْمًا وأشَدَّهم [لِلَّهِ] خَشْيَةً، (p-٣٨٤)وكانَ يَعْدِلُ بَيْنَهُنَّ، ويَعْتَذِرُ مَعَ ذَلِكَ مِن مَيْلِ القَلْبِ الَّذِي هو خارِجٌ عَنْ طَوْقِ البَشَرِ بِقَوْلِهِ «اللَّهُمَّ هَذا قَسْمِي فِيما أمْلِكُ فَلا تَلُمْنِي فِيما لا أمْلِكُ» خَفِّفْ عَنْهُ سُبْحانَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وكانَ اللَّهُ﴾ أيِ المُتَّصِفُ بِصِفاتِ الكَمالِ مِنَ الحِلْمِ والأناةِ والقُدْرَةِ وغَيْرِها أزَلًا وأبَدًا ﴿غَفُورًا رَحِيمًا﴾ أيْ بَلِيغَ السِّتْرِ فَهو إنْ شاءَ يَتْرُكِ المُؤاخَذَةَ فِيما لَهُ أنْ يُؤاخَذَ بِهِ، ويَجْعَلْ مَكانَ المُؤاخَذَةِ الإكْرامَ العَظِيمَ مُتَّصِفًا بِذَلِكَ أزَلًا وأبَدًا.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ إِنَّاۤ أَحۡلَلۡنَا لَكَ أَزۡوَ ٰجَكَ ٱلَّـٰتِیۤ ءَاتَیۡتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتۡ یَمِینُكَ مِمَّاۤ أَفَاۤءَ ٱللَّهُ عَلَیۡكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّـٰتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَـٰلَـٰتِكَ ٱلَّـٰتِی هَاجَرۡنَ مَعَكَ وَٱمۡرَأَةࣰ مُّؤۡمِنَةً إِن وَهَبَتۡ نَفۡسَهَا لِلنَّبِیِّ إِنۡ أَرَادَ ٱلنَّبِیُّ أَن یَسۡتَنكِحَهَا خَالِصَةࣰ لَّكَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَۗ قَدۡ عَلِمۡنَا مَا فَرَضۡنَا عَلَیۡهِمۡ فِیۤ أَزۡوَ ٰجِهِمۡ وَمَا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُهُمۡ لِكَیۡلَا یَكُونَ عَلَیۡكَ حَرَجࣱۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق