الباحث القرآني
﴿يا أيُّها النَّبِيُّ إنّا أحْلَلْنا لَكَ أزْواجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾ أيْ مُهُورَهُنَّ، كَما قالَ مُجاهِدٌ وغَيْرُهُ، وأُطْلِقَ الأجْرُ عَلى المَهْرِ لِأنَّهُ أجْرٌ عَلى الِاسْتِمْتاعِ بِالبِضْعِ وغَيْرِهِ مِمّا يَجُوزُ بِهِ الِاسْتِمْتاعُ وتَقْيِيدُ الإحْلالِ لَهُ بِإعْطائِها مُعَجَّلَهُ كَما يُفْهَمُ مِن مَعْنى ﴿آتَيْتَ﴾ ظاهِرًا لَيْسَ لِتَوَقُّفِ الحَلِّ عَلَيْهِ بَلْ لِإيثارِ الأفْضَلِ لَهُ ﷺ فَإنَّ في التَّعْجِيلِ بَراءَةَ الذِّمَّةِ وطِيبَ النَّفْسِ ولِذا كانَ ( سُنَّةُ ) السَّلَفِ لا يُعْرَفُ مِنهم غَيْرُهُ، وقالَ الإمامُ: مِنَ النّاسِ مَن قالَ بِأنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ كانَ يَجِبُ عَلَيْهِ إعْطاءُ المَهْرِ أوَّلًا وذَلِكَ لِأنَّ المَرْأةَ لَها الِامْتِناعُ مِن تَسْلِيمِ نَفْسِها إلى أنْ تَأْخُذَ المَهْرَ، والنَّبِيُّ ﷺ ما كانَ يَسْتَوْفِي ما لا يَجِبُ لَهُ، والوَطْءُ قَبْلَ إيتاءِ الصَّداقِ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ وإنْ كانَ حَلالًا، وكَيْفَ والنَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ إذا طَلَبَ شَيْئًا حَرُمَ الِامْتِناعُ فَلَوْ طَلَبَ التَّمْكِينَ قَبْلَ إيتاءِ المَهْرِ لَزِمَ أنْ يَجِبَ وأنْ لا يَجِبَ وهو مُحالٌ ولا كَذَلِكَ أحَدُنا اه، وفِيهِ بَحْثٌ لا يَخْفى، وحَمْلُ الإيتاءِ عَلى الإعْطاءِ وما في حُكْمِهِ كالتَّسْمِيَةِ في العَقْدِ، وجَعْلُ التَّقْيِيدِ لِإيثارِ الأفْضَلِ أيْضًا فَإنَّ التَّسْمِيَةَ أوْلى مِن تَرْكِها وإنْ جازَ العَقْدُ بِدُونِها ولَزِمَ مَهْرُ المِثْلِ خِلافُ الظّاهِرِ.
واسْتَدَلَّ أبُو الحَسَنِ الكَرْخِيُّ مِن أصْحابِنا بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنّا أحْلَلْنا لَكَ أزْواجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾ عَلى أنَّ النِّكاحَ يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الإجارَةِ كَما يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ ويَكُونُ لَفْظُ الإجارَةِ مَجازًا عَنْهُ لِأنَّ الثّابِتَ بِكُلٍّ مِنهُما مِلْكُ مَنفَعَةٍ فَوُجِدَ المُشْتَرِكُ، ورُدَّ بِأنَّهُ لا يَلْزَمُ مِن تَسْمِيَةِ المَهْرِ أجْرًا صِحَّةُ النِّكاحِ بِلَفْظِ الإجارَةِ وما ذُكِرَ مِنَ التَّجَوُّزِ لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأنَّ الإجارَةَ لَيْسَتْ سَبَبًا لِمِلْكِ المَنفَعَةِ حَتّى يُتَجَوَّزَ بِها عَنْهُ قالَهُ في (اَلْهِدايَةِ)، وقالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الإجارَةَ لا تَنْعَقِدُ إلّا مُؤَقَّتَةً، والنِّكاحُ يُشْتَرَطُ فِيهِ نَفْيُهُ فَيَتَضادّانِ فَلا يُسْتَعارُ أحَدُهُما لِلْآخَرِ.
وتُعُقِّبَ بِأنَّهُ إنْ كانَ المُتَضادّانِ هُما العَرْضَيْنِ اللَّذَيْنِ لا يَجْتَمِعانِ في مَحَلٍّ واحِدٍ لَزِمَكم مِثْلُهُ في البَيْعِ مِن كَوْنِهِ لا يُجامِعُ النِّكاحَ مَعَ جَوازِ العَقْدِ بِهِ عِنْدَ الأصْحابِ، عَلى أنَّ التَّحْقِيقَ أنَّ التَّوْقِيتَ لَيْسَ مَفْهُومَ لَفْظِ الإجارَةِ ولا جُزْءٍ مِنهُ بَلْ شَرْطٍ لِاعْتِبارِهِ فَيَكُونُ خارِجًا عَنْهُ فَهو مُجَرَّدُ تَمْلِيكِ المَنافِعِ بِعِوَضٍ غَيْرَ أنَّهُ إذا وقَعَ مُجَرَّدًا لا يُعْتَبَرُ شَرْعًا عَلى مِثالِ الصَّلاةِ، فَإنَّها الأقْوالُ والأفْعالُ المَعْرُوفَةُ ولَوْ وُجِدَتْ مِن غَيْرِ طَهارَةٍ لا تُعْتَبَرُ، ولا يُقالُ: إنَّ الطَّهارَةَ جُزْءُ مَفْهُومِ الصَّلاةِ هَذا، ومِثْلُ تَقْيِيدِ إحْلالِ الأزْواجِ بِما ذُكِرَ عَلى ما قِيلَ تَقْيِيدُ إحْلالِ المَمْلُوكَةِ بِكَوْنِها مِمَّنْ باشَرَ سِباءَها وشاهِدُهُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمّا أفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ﴾ فَإنَّ المُشْتَراةَ لا يَتَحَقَّقُ بَدْءُ أمْرِها وما جَرى عَلَيْها لِجَوازِ كَوْنِ السَّبْيِ لَيْسَ في مَحَلِّهِ، ولِذا نَكَحَ بَعْضُ المُتَوَرِّعِينَ الجَوارِيَ بِعَقْدٍ بَعْدَ الشِّراءِ مَعَ القَوْلِ بِعَدَمِ صِحَّةِ العَقْدِ عَلى الإماءِ، واسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِمارِيَةَ بِنْتِ شَمْعُونَ القِبْطِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْها فَإنَّها لَمْ تَكُنْ مَسْبِيَّةً بَلْ أهْداها لَهُ ﷺ أمِيرُ القِبْطِ جُرَيْجُ بْنُ مِينا صاحِبُ الإسْكَنْدَرِيَّةِ ومِصْرَ، وأُجِيبَ بِأنَّ هَذا غَيْرُ وارِدٍ لِأنَّ هَدايا أهْلِ الحَرْبِ لِلْإمامِ لَها حُكْمُ الفَيْءِ، وقَدْ يُقالُ: إنَّهُ يُسْتَشْكَلُ بِسُرِّيَّةٍ لَهُ ﷺ أُخْرى وهي جارِيَةٌ وهَبَتْها لَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْها وكانَ هَجَرَها عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ في شَأْنِ صَفِيَّةَ بِنْتِ حَيِيٍّ ذا الحِجَّةِ والمُحَرَّمِ وصَفَرَ فَلَمّا كانَ شَهْرُ رَبِيعٍ الأوَّلِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ رَضِيَ عَنْها ودَخَلَ عَلَيْها، فَقالَتْ ما أدْرِي ما أجْزِيكَ فَوَهَبَتْها لَهُ، وقَدْ عَدُّوها مِن سَرارِيِّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ (p-53)وسَلَّمَ، والجَوابُ المَذْكُورُ لا يَتَسَنّى فِيها، ولَعَلَّ الجَوابَ عَنْ ذَلِكَ أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ تَسَرّاها بَيانًا لِلْجَوازِ ولا يَبْعُدُ أنَّهُ كانَ مُتَحَقِّقًا بَدْءَ أمْرِها وما جَرى عَلَيْها بِحَيْثُ كَأنَّهُ باشَرَ سَبْيَها وشاهَدَهُ، ويُحْتَمَلُ أنَّها كانَتْ مِمّا أفاءَ اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ فَمَلَكَتْها زَيْنَبُ بِبَعْضِ أسْبابِ المِلْكِ ثُمَّ وهَبَتْها لَهُ ﷺ.
ومَعَ ذَلِكَ قَدْ أطْلَقَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ حِلَّ المَمْلُوكَةِ بَعْدُ ولَمْ يُقَيِّدْ بِحَسَبِ الظّاهِرِ بِكَوْنِها مِمّا أفاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِن بَعْدُ ولا أنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِن أزْواجٍ ولَوْ أعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إلا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾ .
ثُمَّ إنَّ هِبَةَ هَذِهِ الجارِيَةِ كانَتْ شَهْرَ وفاتِهِ ﷺ والآيَةُ نَزَلَتْ قَبْلُ لِأنَّها نَزَلَتْ إمّا سَنَةَ الأحْزابِ وهي السَّنَةُ الخامِسَةُ مِنَ الهِجْرَةِ وإمّا بُعَيْدِ الفَتْحِ وهو السَّنَةُ الثّامِنَةُ مِنها، وعَلى هَذا يَكُونُ ما وقَعَ مِن أمْرِ مارِيَةَ مُتَقَدِّمًا عَلى نُزُولِ الآيَةِ لِأنَّها أُهْدِيَتْ لَهُ ﷺ السَّنَةَ السّابِعَةَ مِنَ الهِجْرَةِ فَإنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ فِيها أرْسَلَ رُسُلَهُ إلى المُلُوكِ ومِنهم حاطِبُ بْنُ أبِي بَلْتَعَةَ اللَّخْمِيُّ أرْسَلَهُ إلى المُقَوْقِسِ أمِيرِ القِبْطِ المُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ فَقَدِمَ مِنهُ بِمارِيَةَ وبِأُخْتِها شِيرِينَ وبِأخٍ أوْ بِابْنِ عَمٍّ لَها خَصِيٍّ يُقالُ لَهُ مابُورُ وبِبَغْلَةٍ تُسَمّى دُلْدُلًا وبِحِمارٍ يُسَمّى يَعْفُورًا أوْ عَفِيرًا وبِألْفِ مِثْقالٍ ذَهَبًا وبِغَيْرِ ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ، ومِثْلُ ما ذُكِرَ عَلى ما قِيلَ تَقْيِيدُ القَرائِبِ بِكَوْنِها مُهاجِراتٍ مَعَهُ ﷺ في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿وبَناتِ عَمِّكَ وبَناتِ عَمّاتِكَ وبَناتِ خالِكَ وبَناتِ خالاتِكَ اللاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ﴾ فَهُنَّ أفْضَلُ مِن غَيْرِهِنَّ، والمَعِيَّةُ لِلتَّشْرِيكِ في الهِجْرَةِ لا لِلْمُقارَنَةِ في الزَّمانِ كَ أسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ، قالَ أبُو حَيّانَ: يُقالُ دَخَلَ فُلانٌ مَعِي وخَرَجَ مَعِي أيْ كانَ عَمَلُهُ كَعَمَلِي وإنْ لَمْ يَقْتَرِنا في الزَّمانِ، ولَوْ قُلْتُ: خَرَجْنا مَعًا اِقْتَضى المَعْنَيانِ الِاشْتِراكَ في الفِعْلِ والِاقْتِرانَ في الزَّمانِ وهو كَلامٌ حَسَنٌ، وحَكى الماوَرْدِيُّ قَوْلًا بِأنَّ الهِجْرَةَ شَرْطٌ في إحْلالِ الأزْواجِ عَلى الإطْلاقِ وهو ضَعِيفٌ جِدًّا، وقَوْلًا آخَرَ بِأنَّها شَرْطٌ في إحْلالِ قَراباتِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ المَذْكُوراتِ، واسْتُدِلَّ لَهُ بِما أخْرَجَهُ اِبْنُ سَعْدٍ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ واَلتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والطَّبَرانِيُّ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ والبَيْهَقِيُّ «عَنْ أُمِّ هانِئٍ فاخِتَةَ بِنْتِ أبِي طالِبٍ قالَتْ: «خَطَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فاعْتَذَرْتُ إلَيْهِ فَعَذَرَنِي فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها النَّبِيُّ إنّا أحْلَلْنا لَكَ أزْواجَكَ﴾ إلى قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿هاجَرْنَ مَعَكَ﴾ قالَتْ فَلَمْ أكُنْ أحِلُّ لَهُ لِأنِّي لَمْ أُهاجِرْ مَعَهُ كُنْتُ مِنَ الطُّلَقاءِ»».
وأُجِيبَ بِأنَّ عَدَمَ الحِلِّ لِفَقْدِ الهِجْرَةِ إنَّما فُهِمَ مِن قَوْلِ أُمِّ هانِئٍ فَلَعَلَّها إنَّما قالَتْ ذَلِكَ حَسَبَ فَهْمِها إيّاهُ مِنَ الآيَةِ وهو لا يَنْتَهِضُ حُجَّةً عَلَيْنا إلّا إذا جاءَتْ بِهِ رِوايَةٌ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، لا يُقالُ: إنَّهُ أخْرَجَ اِبْنُ سَعْدٍ عَنْ أبِي صالِحٍ مَوْلى أُمِّ هانِئٍ قالَ: ««خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أُمَّ هانِئٍ بِنْتَ أبِي طالِبٍ فَقالَتْ: يا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي مُؤْتَمَّةٌ وبَنِيَّ صِغارٌ فَلَمّا أدْرَكَ بَنُوها عَرَضَتْ نَفْسَها عَلَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - فَقالَ: أمّا الآنُ فَلا إنَّ اللَّهَ تَعالى أنْزَلَ عَلَيَّ ﴿يا أيُّها النَّبِيُّ إنّا أحْلَلْنا لَكَ أزْواجَكَ﴾ إلى ﴿اللاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ﴾» ولَمْ تَكُنْ مِنَ المُهاجِراتِ، وهو يَدُلُّ عَلى أنَّهُ نَفْسَهُ ﷺ فَهِمَ الحُرْمَةَ وإلّا لَتَزَوَّجَها لِأنّا نَقُولُ بَعْدَ تَسْلِيمِ صِحَّةِ الخَبَرِ: لا نُسَلِّمُ أنَّهُ ﷺ فَهِمَ الحُرْمَةَ، وعَدَمُ التَّزَوُّجِ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ لِكَوْنِهِ خِلافَ الأفْضَلِ، ويَدُلُّ خَبَرُ أُمِّ هانِئٍ عَلى أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ بَعْدَ الفَتْحِ فَلا تَغْفُلْ.
وادَّعى بَعْضُهم أنَّ تَحْرِيمَ نِكاحِ غَيْرِ المُهاجِرَةِ عَلَيْهِ ﷺ كانَ أوَّلًا ثُمَّ نُسِخَ، وعَنْ قَتادَةَ أنَّ مَعْنى ﴿هاجَرْنَ مَعَكَ﴾ أسْلَمْنَ مَعَكَ، قِيلَ: وعَلى هَذا لا يَحْرُمُ عَلَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - إلّا الكافِراتُ وهو في غايَةِ البُعْدِ كَما لا يَخْفى، والظّاهِرُ أنَّ المُرادَ بِأزْواجِكَ اللّاتِي آتَيْتَ مُهُورَهُنَّ (p-54)نِساؤُهُ ﷺ اللّاتِي كُنَّ في عِصْمَتِهِ وقَدْ آتاهُنَّ مُهُورَهُنَّ كَعائِشَةَ وحَفْصَةَ وسَوْدَةَ وبِما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمّا أفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ نَحْوَ رَيْحانَةَ، بِناءً عَلى ما قالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ أنَّهُ ﷺ: لَمّا فَتَحَ قُرَيْظَةَ اِصْطَفاها لِنَفْسِهِ فَكانَتْ عِنْدَهُ حَتّى تُوُفِّيَتْ عِنْدَهُ وهي في مِلْكِهِ ووافَقَهُ في ذَلِكَ غَيْرُهُ.
أخْرَجَ الواقِدِيُّ بِسَنَدِهِ إلى أيُّوبَ بْنِ بَشِيرٍ قالَ: «إنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أرْسَلَ بِها إلى بَيْتِ سَلْمى بِنْتِ قَيْسٍ أُمِّ المُنْذِرِ فَكانَتْ عِنْدَها حَتّى حاضَتْ حَيْضَةً ثُمَّ طَهُرَتْ مِن حَيْضِها فَجاءَتْ أُمُّ المُنْذِرِ فَأخْبَرَتْهُ ﷺ فَجاءَها في مَنزِلِ أُمِّ المُنْذِرِ فَقالَ لَها: إنْ أحْبَبْتِ أنْ أعْتِقَكِ وأتَزَوَّجَكِ فَعَلْتُ وإنْ أحْبَبْتِ أنْ تَكُونِي في مِلْكِي أطَؤُكِ بِالمِلْكِ فَعَلْتُ فَقالَتْ: يا رَسُولَ اللَّهِ أُحِبُّ أنْ أخِفَّ عَلَيْكَ وأنْ أكُونَ في مِلْكِكَ فَكانَتْ في مِلْكِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَطَؤُها حَتّى ماتَتْ» .
وذَهَبَ بَعْضُهم إلى أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أعْتَقَها وتَزَوَّجَها، وأخْرَجَ ذَلِكَ الواقِدِيُّ أيْضًا عَنِ اِبْنِ أبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ ثُمَّ قالَ: وهَذا الحَدِيثُ أثْبَتُ عِنْدَنا، ورُوِيَ عَنْها أنَّها قالَتْ: «لَمّا سُبِيَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ عُرِضَ السَّبْيُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَكُنْتُ فِيمَن عُرِضَ عَلَيْهِ فَأمَرَ بِي عُزِلْتُ وكانَ لَهُ صَفِيُّ كُلِّ غَنِيمَةٍ فَلَمّا عُزِلْتُ خارَ اللَّهُ تَعالى لِي فَأرْسَلَ بِي إلى مَنزِلِ أُمِّ المُنْذِرِ بِنْتِ قَيْسٍ أيّامًا حَتّى قُتِلَ الأسْرى وفُرِّقَ السَّبْيُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ ﷺ فَتَجَنَّبْتُ مِنهُ حَياءً فَدَعانِي فَأجْلَسَنِي بَيْنَ يَدَيْهِ فَقالَ: إنِ اِخْتَرْتِ اللَّهَ ورَسُولَهُ اِخْتارَكِ رَسُولُ اللَّهِ لِنَفْسِهِ فَقُلْتُ: إنِّي أخْتارُ اللَّهَ تَعالى ورَسُولَهُ فَلَمّا أسْلَمْتُ أعْتَقَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وتَزَوَّجَنِي وأصْدَقَنِي اِثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً ذَهَبًا كَما كانَ يُصْدِقُ نِساءَهُ وأعْرَسَ بِي في بَيْتِ أُمِّ المُنْذِرِ وكانَ يُقَسِّمُ لِي كَما يُقَسِّمُ لِنِسائِهِ وضَرَبَ عَلَيَّ الحِجابَ،» ولَمْ يَذْكُرِ اِبْنُ الأثِيرِ غَيْرَ القَوْلِ بِإعْتاقِها وتَزَوُّجِها، ومِنهم مَن ذَهَبَ إلى أنَّها أسْلَمَتْ فَأعْتَقَها عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ فَلَحِقَتْ بِأهْلِها وكانَتْ تَحْتَجِبُ عِنْدَهم وتَقُولُ: لا يَرانِي أحَدٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وحُكِيَ لُحُوقُها بِأهْلِها عَنِ الزُّهْرِيِّ وادَّعى بَعْضُهم بَقاءَها حَيَّةً بَعْدَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وأنَّها تُوُفِّيَتْ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ أيّامَ خِلافَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ، وذَكَرَ اِبْنُ كَمالٍ في تَفْسِيرِهِ لِبَيانِ المَوْصُولِ صَفِيَّةَ وجُوَيْرِيَّةَ، والمَذْكُورُ في أكْثَرِ المُعْتَبَراتِ في أمْرِهِما أنَّ صَفِيَّةَ لَمّا جُمِعَ سَبْيُ خَيْبَرَ أخَذَها دَحْيَةُ، وقَدْ قالَ لَهُ ﷺ: اِذْهَبْ فَخُذْ جارِيَةً ثُمَّ أخْبَرَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أنَّها لا تَصْلُحُ إلّا لَهُ لِكَوْنِها بِنْتَ سَيِّدِ قَوْمِهِ فَقالَ لِدَحْيَةَ: خُذْ غَيْرَها، وأخَذَها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وأعْتَقَها وتَزَوَّجَها وكانَ صَداقُها نَفْسَها، «وأنَّ جُوَيْرِيَّةَ في غَزْوَةِ بَنِي المُصْطَلَقِ وقَعَتْ في سَهْمِ ثابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمّاسٍ الأنْصارِيِّ فَكاتِبَتْهُ عَلى نَفْسِها ثُمَّ جاءَتْ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقالَتْ: يا رَسُولَ اللَّهِ أنا جُوَيْرِيَّةُ بِنْتُ الحارِثِ وكانَ مِن أمْرِي ما لا يَخْفى عَلَيْكَ ووَقَعْتُ في سَهْمِ ثابِتِ بْنِ قَيْسٍ وإنِّي كاتَبْتُ نَفْسِي فَجِئْتُ أسْألُكَ في كِتابَتِي، فَقالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ فَهَلْ لَكِ إلى ما هو خَيْرٌ: قالَتْ؟ وما هو يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ: أُؤَدِّي عَنْكِ كِتابَتَكِ وأتَزَوَّجُكِ، قالَتْ: قَدْ فَعَلْتُ،» وقالَ اِبْنُ هِشامٍ: ويُقالُ اِشْتَراها ﷺ مِن ثابِتٍ، وأعْتَقَها وتَزَوَّجَها وأصْدَقَها أرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ، ولا يَخْفى عَلَيْكَ أنَّهُ إذا كانَ المُرادُ إحْلالَ ما مَلَكَتْ يَمِينُهُ ﷺ حِينَ المِلْكِ مِن حَيْثُ إنَّهُ مِلْكٌ لَهُ وإنْ لَمْ يَحْصُلْ وطْءٌ بِالفِعْلِ يَدْخُلُ جَمِيعُ ما مَلَكَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ مِنَ الجَوارِي حِينَ المِلْكِ ولا يَضُرُّ الإعْتاقُ والتَّزَوُّجُ بَعْدَ ذَلِكَ وحُلَّ الوَطْءُ بِسَبَبِ النِّكاحِ لا المِلْكِ، وإنْ كانَ المُرادُ إحْلالَ ذَلِكَ مَعَ وُقُوعِ الوَطْءِ بِالفِعْلِ ووَصْفُ المِلْكِ قائِمٌ لا يَصِحُّ بَيانُ المَوْصُولِ إلّا بِمَمْلُوكَةٍ وطِئَها عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وهي مِلْكُهُ كَرَيْحانَةَ في قَوْلٍ وجارِيَةً أصابَها في بَعْضِ السَّبْيِ وعَدُّوها مِن سَرارِيِّهِ ﷺ، ولَمْ يَذْكُرِ المُعْظَمُ اِسْمَها وعَدَّ الجَلَبِيُّ مِن سَرارِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ جارِيَةً سَمّاها زُلَيْخَةَ القُرَظِيَّةَ فَلَعَلَّها هي الَّتِي (p-55)لَمْ تُسَمَّ وكَمارِيَةَ القِبْطِيَّةِ والجارِيَةِ الَّتِي وهَبَتْها لَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ زَيْنَبُ، وقَدْ سَمِعْتَ الكَلامَ فِيهِما آنِفًا.
والمُرادُ بِبَناتِ عَمِّهِ وبَناتِ عَمّاتِهِ بَناتُ القُرَشِيِّينَ وبَناتُ القُرَشِيّاتِ فَإنَّهُ يُقالُ لِلْقُرَشِيِّينَ قَرُبُوا أوْ بَعُدُوا أعْمامُهُ ﷺ ولِلْقُرَشِيّاتِ قَرُبْنَ أوْ بَعُدْنَ عَمّاتُهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، والمُرادُ بِبَناتِ خالِهِ وبَناتِ خالاتِهِ بَناتُ بَنِي زُهْرَةَ ذُكُورِهِمْ وإناثِهِمْ وإلى هَذا ذَهَبَ الطَّبَرْسِيُّ في (مَجْمَعِ البَيانِ) ولَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ، وإطْلاقُ الأعْمامِ والعَمّاتِ عَلى أقارِبِ الشَّخْصِ مِن جِهَةِ أبِيهِ ذُكُورًا وإناثًا قَرُبُوا أوْ بَعُدُوا والأخْوالِ والخالاتِ عَلى أقارِبِهِ مِن جِهَةِ أُمِّهِ كَذَلِكَ شائِعٌ في العُرْفِ كَثِيرٌ في الِاسْتِعْمالِ.
واَللّاتِي نَكَحَهُنَّ ودَخَلَ بِهِنَّ ﷺ مِنَ القُرَشِيّاتِ سِتٌّ وكانَ نِكاحُهُ بَعْضَهُنَّ قَبْلَ نُزُولِ الآيَةِ بِيَقِينٍ، ونِكاحُهُ بَعْضَهُنَّ الآخَرَ مُحْتَمَلٌ لِلْقَبْلِيَّةِ والبَعْدِيَّةِ كَما لا يَخْفى عَلى مَن راجَعَ كُتُبَ السِّيَرِ وسَمِعَ ما قِيلَ في وقْتِ نُزُولِ الآيَةِ، ولَمْ نَقِفْ عَلى أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ نَكَحَ أحَدًا مِنَ الزُّهْرِيّاتِ أصْلًا، فالمُرادُ بِإحْلالِ نِكاحِ أُولَئِكَ مُجَرَّدُ جَوازِهِ وهو لا يَسْتَدْعِي الوُقُوعَ، وإذا حُمِلَ العَمُّ عَلى أخِي الأبِ والعَمَّةُ عَلى أُخْتِهِ والخالُ عَلى أخِي الأُمِّ والخالَةُ عَلى أُخْتِها اِقْتَضى ظاهِرُ الآيَةِ أنْ يَكُونَ لَهُ ﷺ عَمٌّ وعَمَّةٌ وخالٌ وخالَةٌ كَذَلِكَ، وأنْ يَكُونَ لَهم بَناتٌ وذَلِكَ مَشْهُورٌ في شَأْنِ العَمِّ والعَمَّةِ وبُناتِهِما فَقَدْ ذَكَرَ مُعْظَمُ أهْلِ السِّيَرِ عِدَّةَ أعْمامٍ لَهُ ﷺ وعِدَّةَ بَناتٍ لَهم كالعَبّاسِ ومِن بَناتِهِ أُمُّ حَبِيبَةَ تَزَوَّجَها أسْوَدُ المَخْزُومِيُّ وكانَ قَدْ خَطَبَها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلى ما قِيلَ فَوَجَدَ أباها أخاهُ مِنَ الرَّضاعَةِ كانَ قَدْ أرْضَعَتْهُما ثُوَيْبَةُ مَوْلاةُ أبِي لَهَبٍ، وكَأبِي طالِبٍ ومِن بَناتِهِ أُمُّ هانِئٍ وقَدْ سَمِعْتَ ما قِيلَ في شَأْنِها، وجُمانَةُ كانَتْ إحْدى المُبايَعاتِ لَهُ ﷺ وكانَتْ تَحْتَ أبِي سُفْيانَ بْنِ الحارِثِ عَمِّها، وكَأبِي لَهَبٍ ومِن بَناتِهِ خالِدَةُ تَزَوَّجَها عُثْمانُ بْنُ أبِي العاصِي الثَّقَفِيُّ ووَلِدَتْ لَهُ، ودُرَّةُ أسْلَمَتْ وهاجَرَتْ وكانَتْ تَحْتَ الحارِثِ بْنِ نَوْفَلَ ثُمَّ تَحْتَ دَحْيَةَ الكَلْبِيِّ، وعَزَّةُ تَزَوَّجَها أوْفى بْنُ أُمَيَّةَ، وكالزُّبَيْرِ ومِن بَناتِهِ ضُباعَةُ زَوْجَةُ المِقْدادِ بْنِ الأسْوَدِ وأُمُّ الحَكَمِ ويُقالُ إنَّها أُخْتُهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ مِنَ الرَّضاعَةِ وكانَ يَزُورُها بِالمَدِينَةِ، وكَحَمْزَةَ ومِن بَناتِهِ أُمامَةُ لَمّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِن عُمْرَةِ القَضاءِ أتى بِها مِن مَكَّةَ وزَوَّجَها سَلَمَةَ بْنَ أُمِّ سَلَمَةَ، ومُقْتَضى قَوْلِ القَسْطَلانِيِّ أنَّ حَمْزَةَ أخُوهُ ﷺ مِنَ الرَّضاعَةِ أرْضَعَتْهُما ثُوَيْبَةُ بِلَبَنِ اِبْنِها مَسْرُوحٍ أنَّها لا تَحِلُّ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بَلْ ذَكَرَ هو أيْضًا أنَّها عُرِضَتْ عَلَيْهِ فَقالَ هي اِبْنَةُ أخِي مِنَ الرَّضاعَةِ، وكالحارِثِ ومِن بَناتِهِ أرَوى زَوْجَةُ أبِي وداعَةَ، وكالمُقَوِّمِ ومِن بَناتِهِ مَنِ اِسْمُها أرَوى أيْضًا زَوْجَةُ اِبْنِ عَمِّها أبِي سُفْيانَ بْنِ الحارِثِ.
وذَكَرُوا أيْضًا لَهُ ﷺ عِدَّةَ عَمّاتٍ وعِدَّةَ بَناتٍ لَهُنَّ، مِنهُنَّ أُمَيْمَةُ ومِن بَناتِها زَيْنَبُ أُمُّ المُؤْمِنِينَ وهي الَّتِي نَزَلَ فِيها قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنها وطَرًا زَوَّجْناكَها﴾ [اَلْأحْزابِ: 37] وأُمُّ حَبِيبَةَ وكانَتْ زَوْجَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وحَمْنَةُ وكانَتْ عِنْدَ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ ثُمَّ عِنْدَ طَلْحَةَ أحَدِ العَشَرَةِ، ومِنهُنَّ البَيْضاءُ ومِن بَناتِها أرَوى أُمُّ عُثْمانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ وأُمُّ طَلْحَةَ بِنْتا كُرَيْزِ بْنِ رَبِيعَةَ، ومِنهُنَّ عاتِكَةُ ومِن بَناتِها قَرِيبَةُ بِنْتُ زادٍ الرّاكِبِ أبِي أُمَيَّةَ بْنِ المُغِيرَةِ، ومِنهُنَّ صَفِيَّةُ ومِن بَناتِها صَفِيَّةُ بِنْتُ الحارِثِ بْنِ حارِثَةَ وأُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ العَوّامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ.
وأمّا الخالُ والخالَةُ فَلَمْ يَشْتَهِرْ ذِكْرُهُما، نَعَمْ ذُكِرَ في الإصابَةِ «فَرِيعَةُ بِنْتُ وهْبٍ الزُّهْرِيَّةُ رَفَعَها النَّبِيُّ ﷺ وقالَ: مَن أرادَ أنَّ يَنْظُرَ إلى خالَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَلْيَنْظُرْ إلى هَذِهِ،» وفِيها أيْضًا فاخِتَةُ بِنْتُ عَمْرٍو الزُّهْرِيَّةُ خالَةُ النَّبِيِّ ﷺ. أخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ مِن طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمانَ الوَقّاصِيِّ عَنِ اِبْنِ المُنْكَدِرِ «عَنْ جابِرٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ (p-56)يَقُولُ: وهَبْتُ خالَتِي فاخِتَةَ بِنْتَ عَمْرٍو غُلامًا وأمَرْتُها أنْ لا تَجْعَلَهُ جازِرًا ولا صائِغًا ولا حَجّامًا،» والوَقّاصِيُّ ضَعِيفٌ.
وقالَ في صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ المُطَّلِبِ: هي شَقِيقَةُ حَمْزَةَ أُمُّهُما هالَةُ خالَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، أيْ هالَةُ بِنْتُ وهْبٍ كَما في المَواهِبِ، ولَمْ نَقِفْ لِهَذِهِ الخالَةِ عَلى بِنْتٍ غَيْرِ صَفِيَّةَ عَمَّتِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وكَذا لَمْ نَقِفْ عَلى بَناتٍ لِمَن ذَكَرْنا قَبْلَها، ووَقَفْنا عَلى خالٍ واحِدٍ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وهو عَبْدُ يَغُوثَ بْنُ وهْبٍ ولَمْ نَقِفْ عَلى بِنْتٍ لَهُ وإنَّما وقَفْنا عَلى اِبْنَيْنِ أحَدُهُما الأرْقَمُ ولَهُ اِبْنٌ يُسَمّى عَبْدُ اللَّهِ وهو صَحابِيٌّ كَتَبَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ ولِصاحِبَيْهِ وكانَ عَلى بَيْتِ المالِ في خِلافَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ وكانَ أثِيرًا عِنْدَهُ حَتّى أنَّ حَفْصَةَ رَوَتْ عَنْهُ أنَّهُ قالَ لَها: لَوْلا أنْ يُنْكِرَ عَلَيَّ قَوْمُكِ لاسْتَخْلَفْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الأرْقَمِ، وقِيلَ: هو اِبْنُ عَبْدِ يَغُوثَ والأرْقَمُ هو عَبْدُ يَغُوثَ، والبُخارِيُّ عَلى ما قُلْنا وقَدْ أسْلَمَ يَوْمَ الفَتْحِ، وقالَ بَعْضُهم فِيهِ: خالُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ومِنَ النّاسِ مَن ذَكَرَلِعَبْدِ اللَّهِ هَذا أخًا سَمّاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأرْقَمِ وأثْبَتَ لَهُ الصُّحْبَةَ وفي ذَلِكَ مَقالٌ، وثانِيهِما الأسْوَدُ وأطْلَقَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ اِسْمَ الخالِ، فَقَدْ رُوِيَ أنَّهُ كانَ أحَدَ المُسْتَهْزِئِينَ بِهِ ﷺ فَقَصَدَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ إهْلاكَهُ فَقالَ ﷺ: يا جِبْرِيلُ خالِي فَقالَ: دَعْهُ عَنْكَ، ولَهُ اِبْنٌ هو عَبْدُ الرَّحْمَنِ وبِنْتٌ هي خالِدَةُ وكانَتْ مِنَ المُهاجِراتِ الصّالِحاتِ وقَدْ أطْلَقَ عَلَيْها أيْضًا اِسْمَ الخالَةِ.
أخْرَجَ المُسْتَغْفَرِيُّ مِن طَرِيقِ أبِي عُمَيْرٍ الجُرْمِيِّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مُرْسَلًا قالَ: «دَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ مَنزِلَهُ فَرَأى عِنْدَ عائِشَةَ اِمْرَأةً فَقالَ: مَن هَذِهِ يا عائِشَةُ قالَتْ: هَذِهِ إحْدى خالاتِكَ فَقالَ: إنَّ خالاتِي بِهَذِهِ البَلْدَةِ لَغَرائِبُ فَقالَتْ: هَذِهِ خالِدَةُ بِنْتُ الأسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ فَقالَ: سُبْحانَ الَّذِي يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ قَرَأها مُثْقَلَةً».
وأخْرَجَ مُوسى بْنُ إبْراهِيمَ عَنْ أبِيهِ عَنْ أبِي سَلَمَةَ عَنْ عائِشَةَ مَوْصُولًا نَحْوَهُ، وفي هَذا الخَبَرِ وما قَبْلَهُ إطْلاقُ الخالِ والخالَةِ عَلى قَرابَةِ الأُمِّ وإنْ لَمْ يَكُنِ الخالُ أخاها والخالَةُ أُخْتَها، وبِذَلِكَ يَتَأيَّدُ ما ذَكَرْناهُ سابِقًا فاحْفَظْ ذاكَ، واَللَّهُ تَعالى يَتَوَلّى هُداكَ، وإيّاكَ أنْ تَظُنَّ الأمْرَ فَرْضِيًّا أوْ أنَّ الخِطابَ وإنْ كانَ خاصًّا في الظّاهِرِ عامٌّ في الحَقِيقَةِ فَيَكْفِي وُجُودُ بَناتِ خالٍ وبَناتِ خالاتٍ لِغَيْرِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ كَما يَظُنُّ ذَلِكَ مَن يَشْهَدُ العَمُّ بِجَهْلِهِ ويَصْدُقُ الخالَ بِقِلَّةِ عَقْلِهِ.
هَذا وقَدْ كَثُرَ السُّؤالُ عَنْ حِكْمَةِ إفْرادِ العَمِّ والخالِ وجَمْعِ العَمَّةِ والخالَةِ حَتّى أنَّ السُّبْكِيَّ عَلى ما قِيلَ صَنَّفَ جُزْءًا فِيهِ سَمّاهُ (اَلْهِمَّةُ في إفْرادِ العَمِّ وجَمْعِ العَمَّةِ).
قالَ الخَفاجِيُّ: وقَدْ رَأيْتُ لَهم فِيهِ كَلِماتٍ ضَعِيفَةً كَقَوْلِ الرّازِيِّ إنَّ العَمَّ والخالَ عَلى زِنَةِ المَصْدَرِ، ولِذا لَمْ يُجْمَعا بِخِلافِ العَمَّةِ والخالَةِ، وقِيلَ لَمْ يُجْمَعا لِيَعُمّا إذا أُضِيفا، والعَمَّةُ والخالَةُ لا يَعُمّانِ لِتاءِ الوَحْدَةِ وهي إنْ لَمْ تَمْنَعِ العُمُومَ حَقِيقَةً تَأْباهُ ظاهِرًا، ولا يَأْبى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى في سُورَةِ النُّورِ: ﴿بُيُوتِ أعْمامِكم أوْ بُيُوتِ عَمّاتِكُمْ﴾ [اَلنُّورِ: 61] لِأنَّهُ عَلى الأصْلِ، ثُمَّ قالَ: وأحْسَنُ مِنهُ ما قِيلَ إنَّ أعْمامَهُ ﷺ العَبّاسُ وحَمْزَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما أخَواهُ مِنَ الرِّضاعِ لا تَحِلُّ لَهُ بَناتُهُما، وأبُو طالِبٍ اِبْنَتُهُ أُمُّ هانِئٍ لَمْ تَكُنْ مُهاجِرَةً اه، وما اِدَّعى ضَعْفَهُ فَهو كَما قالَ وما زَعَمَ أنَّهُ أحْسَنُ مِنهُ إنْ كانَ كَما نَقَلْناهُ بِهَذا المِقْدارِ خالِيًا عَنْ إسْقاطِ شَيْءٍ حَسْبَما وجَدْناهُ في نُسْخَتِنا فَهو مِمّا لا حُسْنَ فِيهِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ أحْسَنَ، وإنْ كانَ لَهُ تَتِمَّةٌ فالنَّظَرُ فِيهِ بَعْدَ الِاطِّلاعِ عَلَيْها إلَيْكَ وأظُنُّهُ عَلى العِلّاتِ لَيْسَ بِشَيْءٍ. (p-57)
وقالَ بَعْضُ الأجِلَّةِ المُعاصِرِينَ مِنَ العُلَماءِ المُحَقِّقِينَ لا زالَ سَعِيدَ زَمانِهِ سابِقًا بِالفَضْلِ عَلى أقْرانِهِ: يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ إفْرادُ العَمِّ لِأنَّهُ بِمَنزِلَةِ الأبِ بَلْ قَدْ يُطْلَقُ عَلَيْهِ الأبُ ومِنهُ في قَوْلٍ: ﴿وإذْ قالَ إبْراهِيمُ لأبِيهِ آزَرَ﴾ [اَلْأنْعامِ: 74] والأبُ لا يَكُونُ إلّا واحِدًا فَكانَ الإفْرادُ أنْسَبَ بِمَن يَنْزِلُ مَنزِلَتَهُ ويَكُونُ جَمْعُ العَمَّةِ عَلى الأصْلِ وإفْرادُ الخالِ لِيَكُونَ عَلى وفْقِ العَمِّ وجَمْعُ الخالَةِ وإنْ كانَتْ بِمَنزِلَةِ الأُمِّ لِتَكُونَ عَلى وفْقِ العَمّاتِ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ إفْرادُ المُذَكَّرِ وجَمْعُ المُؤَنَّثِ لِقِلَّةِ الذُّكُورِ وكَثْرَةِ الإناثِ، وقَدْ ورَدَ في الآثارِ ما يَدُلُّ عَلى أنَّ النِّساءَ أكْثَرُ مِنَ الرِّجالِ.
وقالَ آخَرُ مِن أُولَئِكَ الأجِلَّةِ لا زالَتْ مَدارِسُ العِلْمِ تَزْهُو بِهِ وتَشْكُرُ فَضْلَهُ: إنَّ ذَلِكَ لِما فِيهِ مِنَ الحُسْنِ اللَّفْظِيِّ فَإنَّ بَيْنَ العَمِّ والعَمّاتِ والخالِ والخالاتِ نَوْعًا مِنَ الجِناسِ ولِأنَّ أعْمامَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ كانُوا عَلى ما ذَكَرَهُ صاحِبُ (ذَخائِرِ العُقْبى) اِثْنَيْ عَشَرَ عَمًّا وعَمّاتُهُ كُنَّ سِتًّا فَلَوْ قِيلَ (أعْمامِكَ) لَتُوُهِّمَ أنَّهم أقَلُّ مِنَ اِثْنَيْ عَشَرَ لِأنَّهُ جَمْعُ قِلَّةٍ، وغايَةُ ما يُصَدَّقُ هو عَلَيْهِ تِسْعَةٌ أوْ عَشَرَةٌ عَلى قَوْلٍ، ولَوْ قِيلَ (عَمَّتِكَ) لَمْ تَتَحَقَّقِ الإشارَةُ إلى قِلَّتِهِنَّ فَلِذا أُفْرِدَ العَمُّ وجُمِعَتِ العَمَّةُ، وقِيلَ (خالِكَ وخالاتِكَ) لِيُوافِقَ ما قَبْلُ.
وأنا أقُولُ: الَّذِي يَغْلِبُ عَلى ظَنِّي في ذَلِكَ ما حَكاهُ أبُو حَيّانَ عَنِ القاضِي أبِي بَكْرِ بْنِ العَرَبِيِّ مِن أنَّ ما ذُكِرَ عُرْفٌ لُغَوِيٌّ عَلى مَعْنى أنَّهُ جَرى عُرْفُ اللُّغَوِيِّينَ في مِثْلِ ذَلِكَ عَلى إفْرادِ العَمِّ والخالِ وجَمْعِ العَمَّةِ والخالَةِ، ونَحْنُ قَدْ تَتَبَّعْنا كَثِيرًا مِن أشْعارِ العَرَبِ فَلَمْ نَرَ العَمَّ مُضافًا إلَيْهِ اِبْنٌ أوْ بِنْتٌ بِالإفْرادِ أوِ الجَمْعِ إلّا مُفْرَدًا نَحْوَ قَوْلِهِ:
؎جاءَ شَقِيقٌ عارِضًا رُمْحَهُ إنَّ بَنِي عَمِّكَ فِيهِمْ رِماحُ
وقَوْلِهِ:
؎فَتًى لَيْسَ لِابْنِ العَمِّ كالذِّئْبِ إنْ رَأى ∗∗∗ بِصاحِبِهِ يَوْمًا دَمًا فَهو آكِلُهْ
وقَوْلِهِ:
؎قالَتْ بَناتُ العَمِّ يا سَلْمى وإنْ ∗∗∗ كانَ فَقِيرًا مُعْدَمًا قالَتْ وإنْ
وقَوْلِهِ:
؎يا بِنْتَ عَمّا لا تَلُومِي واهْجَعِي ∗∗∗ فَلَيْسَ يَخْلُو عَنْكِ يَوْمًا مَضْجَعِي
إلى ما لا يُحْصى كَثْرَةً، وأمّا اِطِّرادُ إفْرادِ الخالِ وجَمْعِ العَمَّةِ والخالَةِ إذا أُضِيفَ إلَيْها ما ذُكِرَ فَلَسْتُ عَلى ثِقَةٍ مِن أمْرِهِ، فَإذا كانَ الأمْرُ في المَذْكُوراتِ كالأمْرِ في العَمِّ فَلَيْسَ فَوْقَ هَذا الجَوابِ جَوابٌ، والظَّنُّ بِالقاضِي أنَّهُ لَمْ يَحْكم بِما حَكَمَ إلّا عَنْ بَيِّنَةٍ مَعَ أنِّي لا أُطْلِقُ القَوْلَ بِعَدَمِ قَبُولِ حُكْمِ القاضِي بِعِلْمِهِ ولا أُفْتِي بِهِ، نَعَمْ لِهَذا القاضِي حَكَمٌ مَشْهُورٌ في أمْرِ الحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ، ولُعِنَ مَن رَضِيَ بِقَتْلِهِ لا يَرْتَضِيهِ إلّا يَزِيدُ زادَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ عَلَيْهِ عَذابَهُ الشَّدِيدَ.
وعَلى تَقْدِيرِ كَوْنِ الأمْرِ في العَمِّ ومَن مَعَهُ كَما قالَ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ الدّاعِي لِإفْرادِ العَمِّ والخالِ الرُّجُوعَ إلى أصْلٍ واحِدٍ مَعَ ما بَيْنَ الذُّكُورِ مِن جِهَةِ العُمُومَةِ والخُئُولَةِ في حَقِّ الشَّخْصِ المُدَلى بِهِما مِنَ التَّناصُرِ والتَّساعُدِ، فَلِذَلِكَ تَرى الشَّخْصَ يُهْرِعُ لِدَفْعِ بَلِيَّتِهِ إلى ذُكُورِ عُمُومَتِهِ وخُؤُولَتِهِ، وذَلِكَ التَّعاضُدُ يَجْعَلُ المُتَعَدِّدَ في حُكْمِ الواحِدِ، ويُقَوِّي هَذا الِاعْتِبارَ هُنالِكَ إضافَةُ الفَرْعِ كالبَنِينَ والبَناتِ إلى ذَلِكَ، ولَعَلَّ في الإفْرادِ مَعَ جَمْعِ المُضافِ المَذْكُورِ إشارَةً إلى أنَّ البَنِينَ والبَناتِ وإنْ كانُوا بَنِينَ وبَناتٍ لِمُتَعَدِّدِينَ في نَفْسِ الأمْرِ إلّا أنَّهم في حُكْمِ البَنِينَ والبَناتِ لِواحِدٍ وأنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنَ الأعْمامِ والأخْوالِ لِمَزِيدِ شَفَقَتِهِ عَلى أبْناءِ وبَناتِ كُلٍّ كَأنَّهُ أبٌ لِأبْناءِ وبَناتِ كُلٍّ، وهَذا الَّذِي ذَكَرْناهُ لا يُوجَدُ في العَمّاتِ والخالاتِ، ولا يَرُدُّ عَلَيْهِ جَمْعُ العَمِّ والخالِ في آيَةِ النُّورِ كَما لا يَخْفى عَلى مَن لَهُ أدْنى نُورٍ يَهْتَدِي بِهِ إذا أشْكَلَتِ الأُمُورُ، ويُمْكِنُ أنْ يُقالَ في الحِكْمَةِ هاهُنا خاصَّةً: إنَّهُ لَمّا كانَ المُفْرَدُ (p-58)أصْلًا والمَجْمُوعُ فَرْعَهُ والمُذَكَّرُ أصْلًا والمُؤَنَّثُ فَرْعَهُ أُتِيَ بِالعَمِّ والخالِ المُذَكَّرَيْنِ مُفْرَدَيْنِ وبِالعَمَّةِ والخالَةِ المُؤَنَّثَيْنِ مَجْمُوعَيْنِ فاجْتَمَعَ في الأوَّلَيْنِ أصْلانِ وفي الأخِيرَيْنِ فَرْعانِ بِحُكْمِ شَبِيهُ الشَّيْءِ مُنْجَذِبٌ إلَيْهِ، وإنَّ الطُّيُورَ عَلى أشْباهِها تَقَعُ، وما ألْطَفَ هَذا الِاجْتِماعَ في مِنَصَّةِ مَقامِ النِّكاحِ لِما فِيهِ مِنَ الإشارَةِ إلى الكَفاءَةِ، وأنَّ المُناسِبَ ضَمُّ الجِنْسِ إلى جِنْسِهِ كَما يَقْتَضِيهِ بَعْضُ الآياتِ وهو لَعَمْرِي ألْطَفُ مِن جَمْعِ المُذَكَّرِ وإفْرادِ المُؤَنَّثِ لِيَجْتَمِعَ في كُلِّ أصْلٍ وفَرْعٍ فَيُوافِقُ ما في النِّكاحِ مِنَ اِجْتِماعِ ذَكَرٍ هو أصْلٌ وأُنْثى هي فَرْعٌ لِخُلُوِّهِ عَنِ الإشارَةِ إلى ذَلِكَ الضَّمِّ المُناسِبِ المُسْتَحْسَنِ عِنْدَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ صائِبٍ عَلى أنَّ في جَمْعِ أصْلَيْنِ في العَمِّ مُوافَقَةٌ لِما في النِّكاحِ مِن جَمْعِ الزَّوْجَيْنِ الَّذِينَ هُما أصْلانِ لِما يَتَوَلَّدُ مِنهُما، وإذا اُعْتُبِرَ جَمْعُهُما في الخالِ الَّذِي قَرابَتُهُ مِن جِهَةِ الأُمِّ الَّتِي لا تُعْتَبَرُ في النَّسَبِ وافَقَ الجُمْلَةَ ما في النِّكاحِ مِنَ اِجْتِماعِ أصْلٍ وفَرْعٍ فَلا يَفُوتُ ذَلِكَ بِالكُلِّيَّةِ عَلى ما في النَّظْمِ الجَلِيلِ.
وأيْضًا في الِانْتِقالِ مِنَ الإفْرادِ إلى الجَمْعِ في جانِبَيِ العُمُومَةِ والخُئُولَةِ إشارَةٌ إلى ما في النِّكاحِ مِنَ اِنْتِقالِ كُلٍّ مِنَ الزَّوْجِ والزَّوْجَةِ مِن حالِ الِانْفِرادِ إلى حالِ الِاجْتِماعِ فَلِلَّهِ تَعالى دَرُّ التَّنْزِيلِ، هَذا ما عِنْدِي وهو زَهْرَةُ رَبِيعٍ لا تَحْمِلُ الفَرْكَ ومَعَ هَذا قِسْهُ إلى ما سَمِعْتَ عَنْ ساداتِنا المُعاصِرِينَ واخْتَرْ لِنَفْسِكَ ما يَحْلُو، واَللَّهُ تَعالى أعْلَمُ بِأسْرارِ كِتابِهِ.
﴿وامْرَأةً مُؤْمِنَةً﴾ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلى مَفْعُولِ أحْلَلْنا عِنْدَ جَمْعٍ ولَيْسَ مَعْنى ﴿أحْلَلْنا﴾ إنْشاءُ حَلالِ النّاجِزِ ولا الإخْبارُ عَنْ إحْلالِ ماضٍ بَلْ إعْلامٌ بِمُطْلَقِ الإحْلالِ المُنْتَظِمِ لِما سَبَقَ ولَحِقَ فَلا يُعَكِّرُ عَلى ذَلِكَ الشَّرْطُ، وهَذا كَما تَقُولُ أبَحْتُ لَكَ أنْ تُكَلِّمَ فُلانًا إنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ، ولِما فِيهِ مِنَ البَحْثِ قالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ نُصِبَ بِفِعْلٍ يُفَسِّرُهُ ما قَبْلُ، أيْ ويَحِلُّ لَكَ اِمْرَأةً أوْ وأحْلَلْنا لَكَ اِمْرَأةً وهو مُسْتَقْبَلٌ لِمَكانِ الشَّرْطِ، وقَرَأ أبُو حَيْوَةَ بِالرَّفْعِ عَلى أنَّهُ مُبْتَدَأٌ والخَبَرُ مَحْذُوفٌ أيْ واِمْرَأةٌ مُؤْمِنَةٌ أحْلَلْناها لَكَ أيْضًا.
﴿إنْ وهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ﴾ أيْ مَلَّكَتْهُ المُتْعَةَ بِها بِأيِّ عِبارَةٍ كانَتْ بِلا مَهْرٍ، وقَرَأ أُبَيٌّ والحَسَنُ والشَّعْبِيُّ وعِيسى وسَلامٌ «أنْ وهَبَتْ» بِفَتْحِ الهَمْزَةِ أيْ لِأنْ وهَبَتْ، وقِيلَ: أيُّ وقْتٍ أنْ وهَبَتْ أوْ مُدَّةَ أنْ وهَبَتْ فَتَكُونُ أنْ وما بَعْدَها في تَأْوِيلِ مَصْدَرٍ مَنصُوبٍ عَلى الظَّرْفِيَّةِ، وأكْثَرُ النُّحاةِ لا يُجِيزُونَهُ في غَيْرِ المَصْدَرِ الصَّرِيحِ كَ آتِيكَ خُفُوقَ النَّجْمِ وغَيْرِ ما المَصْدَرِيَّةِ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ المَصْدَرُ بَدَلًا مِن ( اِمْرَأةً ) وقَرَأ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما «إذْ وهَبَتْ» وإذْ ظَرْفٌ لِما مَضى، وقِيلَ: هي مِثْلُها في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولَنْ يَنْفَعَكُمُ اليَوْمَ إذْ ظَلَمْتُمْ أنَّكم في العَذابِ مُشْتَرِكُونَ﴾ [اَلزُّخْرُفِ: 39].
﴿إنْ أرادَ النَّبِيُّ أنْ يَسْتَنْكِحَها﴾ أيْ يَتَمَلَّكَ المُتْعَةَ بِها بِأيِّ عِبارَةٍ كانَتْ بِلا مَهْرٍ، وهَذا شَرْطٌ لِلشَّرْطِ الأوَّلِ في اِسْتِيجابِ الحِلِّ، فَهِبَتُها نَفْسَها مِنهُ ﷺ لا يُوجِبُ لَهُ حِلَّها إلّا بِإرادَتِهِ نِكاحَها، وهَذِهِ الإرادَةُ جارِيَةٌ مَجْرى قَبُولِ الهِبَةِ، وقالَ اِبْنُ كَمالٍ: الإرادَةُ المَذْكُورَةُ عِبارَةٌ عَنِ القَبُولِ ولا وجْهَ لِحَمْلِها عَلى الحَقِيقَةِ لِأنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿يَسْتَنْكِحَها﴾ يُغْنِي عَنِ الإرادَةِ بِمَعْناهُ الوَضْعِيِّ وهو يُشِيرُ إلى أنَّ السِّينَ لِلطَّلَبِ، وكَلامُ بَعْضِ الأجِلَّةِ عَلى هَذا حَيْثُ قالَ: إرادَةُ طَلَبِ النِّكاحِ كِنايَةٌ عَنِ القَبُولِ.
وقِيلَ: اِسْتَفْعَلَ هُنا بِمَعْنى فَعَلَ فالِاسْتِنْكاحُ بِمَعْنى النِّكاحِ لِئَلّا يُتَوَهَّمَ التَّكْرارُ وفِيهِ نَظَرٌ، واسْتَظْهَرَ صاحِبُ هَذا القِيلِ حَمْلَ الإرادَةِ عَلى الإرادَةِ المُتَقَدِّمَةِ عَلى الهِبَةِ بِناءً عَلى أنَّ التَّرْكِيبَ يَقْتَضِي تَقَدُّمَ هَذا الشَّرْطِ فَقَدْ قالُوا: إذا اِجْتَمَعَ شَرْطانِ فالثّانِي شَرْطٌ في الأوَّلِ مُتَأخِّرٌ في اللَّفْظِ مُتَقَدِّمٌ في الوُقُوعِ وهو بِمَنزِلَةِ الحالِ، ومِن هُنا قالَ (p-59)الفُقَهاءُ: لَوْ قالَ: إنْ رَكِبْتِ إنْ أكَلْتِ فَأنْتِ طالِقٌ، لا تُطَلَّقُ ما لَمْ يَتَقَدَّمِ الأكْلُ عَلى الرُّكُوبِ لِيَتَحَقَّقَ تَقْيِيدُ الحالِيَّةِ.
واسْتَشْكَلَ السَّمِينُ هَذِهِ القاعِدَةَ بِما هُنا بِناءً عَلى أنَّهم جَعَلُوا ذَلِكَ الشَّرْطَ بِمَنزِلَةِ القَبُولِ لِاقْتِضاءِ الواقِعِ ذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ أنَّهُ عَرَضَهُ عَلى عُلَماءِ عَصْرِهِ فَلَمْ يَجِدُوا مُخَلِّصًا مِنهُ إلّا بِأنَّ هَذِهِ القاعِدَةَ لَيْسَتْ بِكُلِّيَّةٍ بَلْ مَخْصُوصَةٍ بِما لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلى تَأخُّرِ الثّانِي كَما في نَحْوِ إنْ تَزَوَّجْتُكِ إنْ طَلَّقْتُكِ فَعَبْدِي حُرُّ، فَإنَّ الطَّلاقَ لا يَتَقَدَّمُ التَّزَوُّجَ وما نَحْنُ فِيهِ مِن هَذا القَبِيلِ، ثُمَّ قالَ: فَمَن جَعَلَ الشَّرْطَ الثّانِيَ هُنا مُقَدَّمًا لَمْ يُصِبْ، ورَأيْتُ في الفَنِّ السّابِعِ مِنَ (اَلْأشْباهِ والنَّظائِرِ النَّحْوِيَّةِ) لِلْجَلالِ السُّيُوطِيِّ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ كَلامًا لِابْنِ هِشامٍ ذَكَرَ فِيهِ أنَّ جَعْلَ الآيَةِ كالمِثالِ ونَظْمَهُما في سِلْكِ مَسْألَةِ اِعْتِراضِ الشَّرْطِ عَلى الشَّرْطِ هو ما ذَهَبَ إلَيْهِ جَماعَةٌ، مِنهُمُ اِبْنُ مالِكٍ وذَهَبَ هو إلى أنَّ المِثالَ مِن مَسْألَةِ الِاعْتِراضِ المَذْكُورِ دُونَ الآيَةِ، واحْتَجَّ عَلَيْهِ بِما اِحْتَجَّ، ثُمَّ ذَكَرَ الخِلافَ في صِحَّةِ تَرْكِيبِ ما وقَعَ فِيهِ الِاعْتِراضُ كالمِثالِ وأنَّ الجُمْهُورَ عَلى جَوازِهِ وهو الصَّحِيحُ وأنَّ المُجِيزِينَ اِخْتَلَفُوا في تَحْقِيقِ ما يَقَعُ بِهِ مَضْمُونُ الجَوابِ الواقِعِ بَعْدَ الشَّرْطَيْنِ عَلى ثَلاثَةِ مَذاهِبَ:
أحَدُهُما: أنَّهُ إنَّما يَقَعُ بِمَجْمُوعِ أمْرَيْنِ؛ أحَدُهُما: حُصُولُ كُلٍّ مِنَ الشَّرْطَيْنِ، والآخَرُ: كَوْنُ الشَّرْطِ الثّانِي واقِعًا قَبْلَ وُقُوعِ الأوَّلِ، فَفي المِثالِ لا يَقَعُ الطَّلاقُ إلّا بِوُقُوعِ الرُّكُوبِ والأكْلِ مِن تَقَدُّمِ وُقُوعِ الأكْلِ عَلى الرُّكُوبِ، وذَكَرَ أنَّ هَذا مَذْهَبُ الجُمْهُورِ.
وثانِيها: أنَّهُ يَقَعُ بِحُصُولِ الشَّرْطَيْنِ مُطْلَقًا وذَكَرَ أنَّهُ حَكاهُ لَهُ بَعْضُ العُلَماءِ عَنْ إمامِ الحَرَمَيْنِ وأنَّهُ رَآهُ مَحْكِيًّا عَنْ غَيْرِهِ بَعْدُ.
وثالِثُها: أنَّهُ يَقَعُ بِوُقُوعِ الشَّرْطَيْنِ عَلى التَّرْتِيبِ فَإنَّما تُطَلَّقُ في المِثالِ إذا رَكِبَتْ أوَّلًا ثُمَّ أكَلَتْ، وأبْطَلَ كُلًّا مِنَ المَذْهَبَيْنِ الأخِيرَيْنِ وذَكَرَ في تَوْجِيهِ التَّرْكِيبِ عَلى المَذْهَبِ الأوَّلِ مَذْهَبَيْنِ:
الأوَّلُ: مَذْهَبُ الجُمْهُورِ، أنَّ الجَوابَ المَذْكُورَ لِلشَّرْطِ الأوَّلِ وجَوابَ الثّانِي مَحْذُوفٌ لِدَلالَةِ الأوَّلِ وجَوابِهِ عَلَيْهِ ولِإغْناءِ ذَلِكَ عَنْهُ وقِيامِهِ مَقامَهُ لَزِمَ في وُقُوعِ المُعَلَّقِ عَلى ذَلِكَ أنْ يَكُونَ الثّانِي واقِعًا قَبْلَ الأوَّلِ ضَرُورَةَ أنَّ الجَوابَ لا بُدَّ مِن تَأخُّرِهِ عَنِ الشَّرْطِ فَكَذا الأمْرُ في القائِمِ مَقامَ الشَّرْطِ.
والثّانِي: مَذْهَبُ اِبْنِ مالِكٍ، أنَّ الجَوابَ المَذْكُورَ لِلْأوَّلِ والثّانِيَ لا جَوابَ لَهُ لا مَذْكُورَ ولا مُقَدَّرَ لِأنَّهُ مُقَيِّدٌ لِلْأوَّلِ تَقْيِيدَهُ بِحالٍ واقِعَةٍ مَوْقِعَهُ، فالمَعْنى في المِثالِ: إنْ رَكِبْتِ آكِلَةً فَأنْتِ طالِقٌ، وفِيهِ أنَّهُ خارِجٌ عَنِ القِياسِ وأنَّهُ لا يَطَّرِدُ في إنْ قُمْتِ إنْ قَعَدْتِ فَأنْتِ طالِقٌ وأنَّ الشَّرْطَ بَعِيدٌ عَنْ مَذْهَبِ الحالِ لِمَكانِ الِاسْتِقْبالِ.
وبِالجُمْلَةِ قَدْ أطالَ الكَلامَ في هَذِهِ المَسْألَةِ وهي مَسْألَةٌ شَهِيرَةٌ ذَكَرَها الأُصُولِيُّونَ وغَيْرُهم وفِيما ذَكَرْنا فِيها اِكْتِفاءٌ بِأقَلِّ اللّازِمِ هاهُنا، فَتَأمَّلْ.
وأكْثَرُ العُلَماءِ عَلى وُقُوعِ الهِبَةِ واخْتَلَفُوا في تَعْيِينِ الواهِبَةِ، فَعَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ وقَتادَةَ وعِكْرِمَةَ هي مَيْمُونَةُ بِنْتُ الحارِثِ الهِلالِيَّةُ، وفي المَواهِبِ يُقالُ: إنَّ مَيْمُونَةَ وهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ ﷺ وذَلِكَ أنَّ خُطْبَتَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ اِنْتَهَتْ إلَيْها وهي عَلى بَعِيرِها فَقالَتِ: البَعِيرُ وما عَلَيْهِ لِلَّهِ ولِرَسُولِهِ ﷺ، وكانَ ذَلِكَ سَنَةَ سَبْعٍ بَعْدَ غَزْوَةِ خَيْبَرَ وبَنى عَلَيْها عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بِسَرَفٍ عَلى عَشَرَةِ أمْيالٍ مِن مَكَّةَ، وعَلَيْهِ تَكُونُ إرادَةُ النِّكاحِ سابِقَةً عَلى الهِبَةِ فَيُضَعَّفُ بِهِ قَوْلُ السَّمِينِ.
وعَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما والضَّحّاكِ ومُقاتِلٍ هي أُمُّ شَرِيكٍ غَزِيَّةُ بِنْتُ جابِرِ بْنِ حَكِيمٍ الدَّوْسِيَّةُ، قالَ في (اَلصَّفْوَةِ): والأكْثَرُونَ عَلى أنَّها هي الَّتِي وهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ ﷺ فَلَمْ يَقْبَلْها فَلَمْ تَتَزَوَّجْ حَتّى ماتَتْ، وفي (اَلدُّرِّ المَنثُورِ) عَنْ مُنِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدَّوْسِيِّ أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ قَبِلَها.
وعَنْ عُرْوَةَ والشَّعْبِيِّ هي زَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ مِنَ الأنْصارِ كانَتْ تُدْعى في الجاهِلِيَّةِ أُمَّ المَساكِينِ لِإطْعامِها إيّاهم وكانَ ذَلِكَ في سَنَةِ ثَلاثٍ ولَمْ (p-60)تَلْبَثْ عِنْدَهُ ﷺ إلّا قَلِيلًا حَتّى تُوُفِّيَتْ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْها.
وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ والبَيْهَقِيُّ في السُّنَنِ عَنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْها قالَتِ: الَّتِي وهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ ﷺ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ، وقَدْ أرْجَأها عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ فَتَزَوَّجَها عُثْمانُ بْنُ مَظْعُونٍ بِإذْنِهِ ﷺ.
وقالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ تَعَدُّدُ الواهِباتِ، فَقَدْ أخْرَجَ الشَّيْخانِ وغَيْرُهُما عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قالَ: كانَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ مِنَ اللّاتِي وهَبْنَ أنْفُسَهُنَّ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقالَتْ عائِشَةُ: أما تَسْتَحِي المَرْأةُ أنْ تَهِبَ نَفْسَها لِلرَّجُلِ، فَلَمّا نَزَلَتْ:
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ إِنَّاۤ أَحۡلَلۡنَا لَكَ أَزۡوَ ٰجَكَ ٱلَّـٰتِیۤ ءَاتَیۡتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتۡ یَمِینُكَ مِمَّاۤ أَفَاۤءَ ٱللَّهُ عَلَیۡكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّـٰتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَـٰلَـٰتِكَ ٱلَّـٰتِی هَاجَرۡنَ مَعَكَ وَٱمۡرَأَةࣰ مُّؤۡمِنَةً إِن وَهَبَتۡ نَفۡسَهَا لِلنَّبِیِّ إِنۡ أَرَادَ ٱلنَّبِیُّ أَن یَسۡتَنكِحَهَا خَالِصَةࣰ لَّكَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَۗ قَدۡ عَلِمۡنَا مَا فَرَضۡنَا عَلَیۡهِمۡ فِیۤ أَزۡوَ ٰجِهِمۡ وَمَا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُهُمۡ لِكَیۡلَا یَكُونَ عَلَیۡكَ حَرَجࣱۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق