الباحث القرآني
* بابُ ما أحَلَّ اللَّهُ تَعالى لِرَسُولِهِ مِنَ النِّساءِ
قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها النَّبِيُّ إنّا أحْلَلْنا لَكَ أزْواجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾ الآيَةَ.
قالَ أبُو بَكْرٍ: قَدِ انْتَظَمَتِ الآيَةُ ضُرُوبَ النِّكاحِ الَّذِي أباحَهُ اللَّهُ تَعالى لِنَبِيِّهِ ﷺ، فَمِنها قَوْلُهُ: ﴿اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾ يَعْنِي: مَن تَزَوَّجَ مِنهُنَّ بِمَهْرٍ مُسَمًّى وأعْطاهُنَّ.
ومِنها: ما مَلَكَتِ اليَمِينُ بِقَوْلِهِ: ﴿وما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمّا أفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ﴾ مِثْلُ رَيْحانَةَ وصَفِيَّةَ وجُوَيْرِيَةَ ثُمَّ أعْتَقَهُما وتَزَوَّجَهُما، وذَلِكَ مِمّا أفاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الغَنِيمَةِ. وذَكَرَ تَعالى بَعْدَ ذَلِكَ ما أحَلَّ لَهُ مِن أقارِبِهِ فَقالَ: ﴿وبَناتِ عَمِّكَ وبَناتِ عَمّاتِكَ﴾ ثُمَّ ذَكَرَ ما أحَلَّ لَهُ مِنَ النِّساءِ بِغَيْرِ مَهْرٍ فَقالَ: ﴿وامْرَأةً مُؤْمِنَةً إنْ وهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ﴾ وأخْبَرَ أنَّهُ مَخْصُوصٌ بِذَلِكَ دُونَ أُمَّتِهِ وأنَّهُ وأُمَّتَهُ سَواءٌ فِيمَن تَقَدَّمَ ذِكْرُهُنَّ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿اللاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ﴾ قالَ أبُو يُوسُفَ: لا دَلالَةَ فِيهِ عَلى أنَّ اللّاتِي لَمْ يُهاجِرْنَ كُنَّ مُحَرَّماتٍ عَلَيْهِ، وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرى أنَّ المَخْصُوصَ بِالذِّكْرِ يَدُلُّ عَلى أنَّ ما عَداهُ بِخِلافِهِ.
ورَوى داوُدُ بْنُ أبِي هِنْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أبِي مُوسى عَنْ زِيادٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قالَ: قُلْتَ لَهُ: أرَأيْتَ لَوْ هَلَكَ نِساءُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أكانَ لَهُ أنْ يَنْكِحَ ؟ قالَ: ( وما (p-٢٣٧)يَمْنَعُهُ ؟ أحَلَّ اللَّهُ لَهُ ضُرُوبًا مِنَ النِّساءِ فَكانَ يَتَزَوَّجُ مِنهُنَّ ما شاءَ ) ثُمَّ تَلا: ﴿يا أيُّها النَّبِيُّ إنّا أحْلَلْنا لَكَ أزْواجَكَ﴾ الآيَةَ. وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّ تَخْصِيصَ اللَّهِ تَعالى لِلْمَذْكُوراتِ بِالإباحَةِ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ حَظْرَ مَن سِواهُنَّ عِنْدَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ؛ لِأنَّهُ أخْبَرَ أنَّهُنَّ لَوْ هَلَكْنَ لَكانَ لَهُ أنْ يَتَزَوَّجَ غَيْرَهُنَّ. وقَدْ رُوِيَ عَنْ أُمِّ هانِئٍ خِلافُ ذَلِكَ، رَوى إسْرائِيلُ عَنْ السُّدِّيِّ عَنْ أبِي صالِحٍ عَنْ أُمِّ هانِئٍ قالَتْ: «خَطَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فاعْتَذَرْتُ إلَيْهِ بِعُذْرٍ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إنّا أحْلَلْنا لَكَ أزْواجَكَ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿اللاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ﴾ قالَتْ: فَلَمْ أكُنْ أحِلُّ لَهُ؛ لِأنِّي لَمْ أُهاجِرْ مَعَهُ، كُنْتُ مَعَ الطُّلَقاءِ» .
فَإنْ صَحَّ هَذا الحَدِيثُ فَإنَّ مَذْهَبَ أُمِّ هانِئٍ أنَّ تَخْصِيصَهُ لِلْمُهاجِراتِ مِنهُنَّ قَدْ أوْجَبَ حَظْرَ مَن لَمْ تُهاجِرْ، ويَحْتَمِلُ أنْ تَكُونَ قَدْ عَلِمَتْ حَظْرَهُنَّ بِغَيْرِ دَلالَةِ الآيَةِ وأنَّ الآيَةَ إنَّما فِيها إباحَةُ مَن هاجَرَتْ مِنهُنَّ ولَمْ تَعْرِضْ لِمَن لَمْ تُهاجِرْ بِحَظْرٍ ولا إباحَةٍ إلّا أنَّها قَدْ عَلِمَتْ مِن جِهَةٍ أُخْرى حَظْرَهُنَّ
* * *
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وامْرَأةً مُؤْمِنَةً إنْ وهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ﴾ الآيَةَ؛ فِيها نَصٌّ عَلى إباحَةِ عَقْدِ النِّكاحِ بِلَفْظِ الهِبَةِ لِلنَّبِيِّ ﷺ . واخْتَلَفَ أهْلُ العِلْمِ في عَقْدِ النِّكاحِ بِلَفْظِ الهِبَةِ لِغَيْرِ النَّبِيِّ ﷺ فَقالَ أبُو حَنِيفَةَ وأبُو يُوسُفَ وزُفَرُ ومُحَمَّدٌ والثَّوْرِيُّ والحَسَنُ بْنُ صالِحٍ: ( يَصِحُّ النِّكاحُ بِلَفْظِ الهِبَةِ ولَها ما سَمّى لَها، وإنْ لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا فَلَها مَهْرُ مِثْلِها ) . وذَكَرَ ابْنُ القاسِمِ عَنْ مالِكٍ قالَ: ( الهِبَةُ لا تَحِلُّ لِأحَدٍ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ وإنْ كانَتْ هِبَتُهُ إيّاها لَيْسَتْ عَلى نِكاحٍ، وإنَّما وهَبَها لَهُ لِيُحْصِنَها أوْ لَيَكْفِيَها، فَلا أرى بِذَلِكَ بَأْسًا ) . وقالَ الشّافِعِيُّ: ( لا يَصِحُّ النِّكاحُ بِلَفْظِ الهِبَةِ ) .
وقَدْ تَنازَعَ أهْلُ العِلْمِ حُكْمَ هَذِهِ الآيَةِ، فَقالَ قائِلُونَ: " كانَ عَقْدُ النِّكاحِ بِلَفْظِ الهِبَةِ مَخْصُوصًا بِهِ النَّبِيُّ ﷺ لِقَوْلِهِ تَعالى في نَسَقِ التِّلاوَةِ: ﴿خالِصَةً لَكَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ﴾ " وقالَ آخَرُونَ: ( بَلْ كانَ النَّبِيُّ ﷺ وأُمَّتُهُ في عَقْدِ النِّكاحِ بِلَفْظِ الهِبَةِ سَواءً، وإنَّما خُصُوصِيَّةُ النَّبِيِّ ﷺ كانَتْ في جَوازِ اسْتِباحَةِ البُضْعِ بِغَيْرِ بَدَلٍ )؛ وقَدْ رُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ مُجاهِدٍ وسَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ وعَطاءِ بْنِ أبِي رَباحٍ، وهَذا هو الصَّحِيحُ لِدَلالَةِ الآيَةِ والأُصُولِ عَلَيْهِ.
فَأمّا دَلالَةُ الآيَةِ عَلى ذَلِكَ فَمِن وُجُوهٍ:
أحَدُها: قَوْلُهُ: ﴿وامْرَأةً مُؤْمِنَةً إنْ وهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إنْ أرادَ النَّبِيُّ أنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ﴾ فَلَمّا أخْبَرَ في هَذِهِ الآيَةِ أنَّ ذَلِكَ كانَ خالِصًا لَهُ دُونَ المُؤْمِنِينَ مَعَ إضافَةِ لَفْظِ الهِبَةِ إلى المَرْأةِ، دَلَّ ذَلِكَ عَلى أنَّ ما خُصَّ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ مِن ذَلِكَ إنَّما هو اسْتِباحَةُ البُضْعِ بِغَيْرِ بَدَلٍ؛ لِأنَّهُ لَوْ كانَ المُرادُ اللَّفْظَ لَما شارَكَهُ فِيهِ غَيْرُهُ؛ لِأنَّ ما كانَ مَخْصُوصًا بِهِ وخالِصًا لَهُ فَغَيْرُ جائِزٍ أنْ تَقَعَ بَيْنَهُ وبَيْنَ (p-٢٣٨)غَيْرِهِ فِيهِ شَرِكَةٌ حَتّى يُساوِيَهُ فِيهِ؛ إذْ كانَتْ مُساواتُهُما في الشَّرِكَةِ تُزِيلُ مَعْنى الخُلُوصِ والتَّخْصِيصِ، فَلَمّا أضافَ لَفْظَ الهِبَةِ إلى المَرْأةِ فَقالَ: ﴿وامْرَأةً مُؤْمِنَةً إنْ وهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ﴾ فَأجازَ العَقْدَ مِنها بِلَفْظِ الهِبَةِ عَلِمْنا أنَّ التَّخْصِيصَ لَمْ يَقَعْ في اللَّفْظِ وإنَّما كانَ في المَهْرِ.
فَإنْ قِيلَ: قَدْ شارَكَهُ في جَوازِ تَمْلِيكِ البُضْعِ بِغَيْرِ بَدَلٍ ولَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ خُلُوصَها لَهُ، فَكَذَلِكَ في لَفْظِ العَقْدِ. قِيلَ لَهُ: هَذا غَلَطٌ؛ لِأنَّ اللَّهَ أخْبَرَ أنَّها خالِصَةٌ لَهُ، وإنَّما جُعِلَ الخُلُوصُ فِيما هو لَهُ، وإسْقاطُ المَرْأةِ المَهْرَ في العَقْدِ لَيْسَ هو لَها ولَكِنَّهُ عَلَيْها، فَلَمْ يُخْرِجْهُ ذَلِكَ مِن أنْ يَكُونَ ما جُعِلَ لَهُ خالِصًا لَمْ تُشْرِكْهُ فِيهِ المَرْأةُ ولا غَيْرَهُ.
والوَجْهُ الثّانِي مِن دَلالَةِ الآيَةِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنْ أرادَ النَّبِيُّ أنْ يَسْتَنْكِحَها﴾ فَسَمّى العَقْدَ بِلَفْظِ الهِبَةِ نِكاحًا، فَوَجَبَ أنْ يَجُوزَ لِكُلِّ أحَدٍ، لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فانْكِحُوا ما طابَ لَكم مِنَ النِّساءِ﴾ [النساء: ٣] وأيْضًا لَمّا جازَ هَذا العَقْدُ لِلنَّبِيِّ ﷺ وقَدْ أُمِرْنا بِاتِّباعِهِ والِاقْتِداءِ بِهِ، وجَبَ أنْ يَجُوزَ لَنا فِعْلُ مِثْلِهِ إلّا أنْ تَقُومَ الدَّلالَةُ عَلى أنَّهُ كانَ مَخْصُوصًا بِاللَّفْظِ دُونَ أُمَّتِهِ، وقَدْ حَصَلَ لَهُ مَعْنى الخُلُوصِ المَذْكُورِ في الآيَةِ مِن جِهَةِ إسْقاطِ المَهْرِ فَوَجَبَ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَقْصُورًا عَلَيْهِ وما عَداهُ فَغَيْرُ مَحْمُولٍ عَلى حُكْمِهِ إلّا أنْ تَقُومَ الدَّلالَةُ عَلى أنَّهُ مَخْصُوصٌ بِهِ.
ومِمّا يَدُلُّ عَلى أنَّ خُصُوصِيَّةَ النَّبِيِّ ﷺ كانَتْ في الصَّداقِ ما حَدَّثَنا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قالَ: حَدَّثَنِي أبِي قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قالَ: حَدَّثَنا هِشامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أبِيهِ عَنْ عائِشَةَ: " أنَّها كانَتْ تُعَيِّرُ النِّساءَ اللّاتِي وهَبْنَ أنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالَتْ: ألا تَسْتَحْيِي أنْ تَعْرِضَ نَفْسَها بِغَيْرِ صَداقٍ فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿تُرْجِي مَن تَشاءُ مِنهُنَّ وتُؤْوِي إلَيْكَ مَن تَشاءُ﴾ [الأحزاب: ٥١] إلى قَوْلِهِ: ﴿فَلا جُناحَ عَلَيْكَ﴾ [الأحزاب: ٥١]؛ قالَتْ عائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْها لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: إنِّي أرى رَبَّكَ يُسارِعُ في هَواكَ. " ويَدُلُّ عَلى جَوازِهِ بِلَفْظِ الهِبَةِ ما حُدِّثْنا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصّائِغِ قالَ: حَدَّثَنا سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ قالَ: حَدَّثَنا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قالَ: حَدَّثَنا أبُو حازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ «أنَّ امْرَأةً جاءَتْ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقالَتْ: يا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتَ لِأهَبَ نَفْسِي لَكَ فَنَظَرَ إلَيْها فَصَعَّدَ البَصَرَ وصَوَّبَهُ ثُمَّ طَأْطَأ رَأْسَهُ، فَقامَ رَجُلٌ مِنَ الصَّحابَةِ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ إنْ لَمْ تَكُ لَكَ بِها حاجَةٌ فَزَوِّجْنِيها وذَكَرَ الحَدِيثَ، إلى قَوْلِهِ: فَقالَ: مَعِي سُورَةُ كَذا وسُورَةُ كَذا، فَقالَ: اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَها بِما مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ» . فَفي هَذا الحَدِيثِ أنَّهُ عَقَدَ لَهُ النِّكاحَ بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ، والهِبَةُ مِن ألْفاظِ التَّمْلِيكِ، فَوَجَبَ أنْ يَجُوزَ بِها عَقْدُ النِّكاحِ؛ ولِأنَّهُ إذا ثَبَتَ بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ بِالسُّنَّةِ ثَبَتَ بِلَفْظِ الهِبَةِ؛ إذْ لَمْ (p-٢٣٩)يُفَرِّقْ أحَدٌ بَيْنَهُما.
فَإنْ قِيلَ: قَدْ رُوِيَ أنَّهُ قالَ: ( قَدْ زَوَّجْتُكَ بِما مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ ) . قِيلَ لَهُ: يَجُوزُ أنْ يَكُونَ ذَكَرَ مَرَّةً التَّزْوِيجَ ثُمَّ ذَكَرَ لَفْظَ التَّمْلِيكِ لِيُبَيِّنَ أنَّهُما سَواءٌ في جَوازِ عَقْدِ النِّكاحِ بِهِما. وأيْضًا لَمّا أشْبَهَ عَقْدُ النِّكاحِ عُقُودَ التَّمْلِيكاتِ في إطْلاقِهِ مِن غَيْرِ ذِكْرِ الوَقْتِ وكانَ التَّوْقِيتُ يُفْسِدُهُ، وجَبَ أنْ يَجُوزَ بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ والهِبَةِ كَجَوازِ سائِرِ الأشْياءِ المَمْلُوكَةِ؛ وهَذا أصْلٌ في جَوازِ سائِرِ ألْفاظِ التَّمْلِيكِ. ولا يَجُوزُ بِلَفْظِ الإباحَةِ؛ لِأنَّ لِذَلِكَ أصْلًا آخَرَ يَمْنَعُ جَوازَهُ وهو المُتْعَةُ الَّتِي حَرَّمَها النَّبِيُّ ﷺ ومَعْنى المُتْعَةِ إباحَةُ التَّمَتُّعِ بِها، فَكُلُّ ما كانَ مِن ألْفاظِ الإباحَةِ لَمْ يَنْعَقِدْ بِهِ عَقْدُ النِّكاحِ قِياسًا عَلى المُتْعَةِ، وكُلُّ ما كانَ مِن ألْفاظِ التَّمْلِيكِ يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكاحُ قِياسًا عَلى سائِرِ عُقُودِ التَّمْلِيكاتِ لِشَبَهِهِ بِها مِنَ الوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنا.
وقَدِ اخْتُلِفَ في المَرْأةِ الَّتِي وهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ ﷺ فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رِوايَةٌ وعِكْرِمَةَ: ( أنَّها مَيْمُونَةُ بِنْتُ الحارِثِ ) . وقالَ عَلِيُّ بْنُ الحَسَنِ: ( هي أُمُّ شَرِيكٍ الدَّوْسِيَّةُ ) . وعَنِ الشَّعْبِيِّ: ( أنَّها امْرَأةٌ مِنَ الأنْصارِ ) . وقِيلَ: ( إنَّها زَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ الأنْصارِيَّةُ ) .
* * *
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ في أزْواجِهِمْ﴾ قالَ قَتادَةُ: " فَرَضَ أنْ لا يَنْكِحَ امْرَأةً إلّا بِوَلِيٍّ وشاهِدَيْنِ وصَداقٍ، ولا يَنْكِحُ الرَّجُلُ إلّا أرْبَعًا. " وقالَ مُجاهِدٌ وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: ( أرْبَعٌ ) .
قالَ أبُو بَكْرٍ: وقَوْلُهُ: ﴿وما مَلَكَتْ أيْمانُهُمْ﴾ يَعْنِي ما أباحَ لَهم بِمَلْكِ اليَمِينِ كَما أباحَهُ لِلنَّبِيِّ ﷺ وقَوْلُهُ: ﴿لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ﴾ يَرْجِعُ واللَّهُ أعْلَمُ إلى قَوْلِهِ: ﴿إنّا أحْلَلْنا لَكَ أزْواجَكَ﴾ وما ذَكَرَهُ بَعْدَهُ فِيما أباحَهُ لِلنَّبِيِّ ﷺ لِئَلّا يُضَيِّقَ عَلَيْهِ؛ لِأنَّ الحَرَجَ الضِّيقُ، فَأخْبَرَ تَعالى بِتَوْسِعَتِهِ عَلى النَّبِيِّ ﷺ فِيما أباحَهُ لَهُ وعَلى المُؤْمِنِينَ فِيما أطْلَقَهُ لَهم.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ إِنَّاۤ أَحۡلَلۡنَا لَكَ أَزۡوَ ٰجَكَ ٱلَّـٰتِیۤ ءَاتَیۡتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتۡ یَمِینُكَ مِمَّاۤ أَفَاۤءَ ٱللَّهُ عَلَیۡكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّـٰتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَـٰلَـٰتِكَ ٱلَّـٰتِی هَاجَرۡنَ مَعَكَ وَٱمۡرَأَةࣰ مُّؤۡمِنَةً إِن وَهَبَتۡ نَفۡسَهَا لِلنَّبِیِّ إِنۡ أَرَادَ ٱلنَّبِیُّ أَن یَسۡتَنكِحَهَا خَالِصَةࣰ لَّكَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَۗ قَدۡ عَلِمۡنَا مَا فَرَضۡنَا عَلَیۡهِمۡ فِیۤ أَزۡوَ ٰجِهِمۡ وَمَا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُهُمۡ لِكَیۡلَا یَكُونَ عَلَیۡكَ حَرَجࣱۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق