الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنّا أحْلَلْنا لَكَ أزْواجَكَ﴾ ذَكَرَ اللَّهُ تَعالى أنْواعَ الأنْكِحَةِ الَّتِي أحَلَّها لَهُ، فَقالَ: ﴿أزْواجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾ أيْ: مُهُورَهُنَّ، وهُنَّ اللَّواتِي تَزَوَّجْتَهُنَّ بِصَداقٍ ﴿وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾ يَعْنِي الجَوارِيَ (p-٤٠٤)﴿مِمّا أفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ﴾ أيْ: رَدَّ عَلَيْكَ مِنَ الكُفّارِ، كَصَفِيَّةَ وجُوَيْرِيَةَ، فَإنَّهُ أعْتَقَهُما وتَزَوَّجَهُما ﴿وَبَناتِ عَمِّكَ وبَناتِ عَمّاتِكَ﴾ يَعْنِي نِساءَ قُرَيْشٍ ﴿وَبَناتِ خالِكَ وبَناتِ خالاتِكَ﴾ يَعْنِي نِساءَ بَنِي زُهْرَةَ ﴿اللاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ﴾ إلى المَدِينَةِ. قالَ القاضِي أبُو يُعْلى: و[ظاهِرُ] هَذا يَدُلُّ عَلى أنَّ مَن لَمْ تُهاجِرْ مَعَهُ مِنَ النِّساءِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكاحُها. «وَقالَتْ أمُّ هانِئٍ خَطَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فاعْتَذَرْتُ إلَيْهِ بِعُذْرٍ، ثُمَّ أنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿إنّا أحْلَلْنا لَكَ أزْواجَكَ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿اللاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ﴾ قالَتْ: فَلَمْ أكُنْ حِلٌّ لَهُ، لِأنِّي لَمْ أُهاجِرْ مَعَهُ، كُنْتُ مِنَ الطُّلَقاءِ؛» وهَذا يَدُلُّ مِن مَذْهَبِها أنَّ تَخْصِيصَهُ بِالمُهاجِراتِ قَدْ أوْجَبَ حَظْرَ مَن لَمْ تُهاجِرْ.
وَذَكَرَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ: أنَّ شَرْطَ الهِجْرَةِ في التَّحْلِيلِ مَنسُوخٌ، ولَمْ يَذْكُرْ ناسِخَهُ. وحَكى الماوَرْدِيُّ في ذَلِكَ قَوْلَيْنِ. أحَدُهُما: أنَّ الهِجْرَةَ شَرْطٌ في إحْلالِ النِّساءِ لَهُ عَلى الإطْلاقِ. والثّانِي: أنَّهُ شَرْطٌ في إحْلال قَراباتِهِ المَذْكُوراتِ في الآيَةِ دُونَ الأجْنَبِيّاتِ.
(p-٤٠٥)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وامْرَأةً مُؤْمِنَةً﴾ أيْ: وأحْلَلْنا لَكَ امْرَأةً مُؤْمِنَةً ﴿إنْ وهَبَتْ نَفْسَها﴾ لَكَ، ﴿إنْ أرادَ النَّبِيُّ أنْ يَسْتَنْكِحَها﴾ أيْ: إنْ آثَرَ نِكاحَها ﴿خالِصَةً لَكَ﴾ أيْ: خاصَّةً. قالَ الزَّجّاجُ: وإنَّما قالَ: ﴿إنْ وهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ﴾ ولَمْ يَقُلْ: " لَكَ "، لِأنَّهُ لَوْ قالَ: " لَكَ "، جازَ أنْ يُتَوَهَّمَ أنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ لِغَيْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَما جازَ في بَناتِ العَمِّ وبَناتِ العَمّاتِ. و ﴿خالِصَةً﴾ مَنصُوبٌ عَلى الحالِ.
وَلِلْمُفَسِّرِينَ في مَعْنى خالِصَةٍ ثَلاثَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّ المَرْأةَ إذا وهَبَتْ لَهُ نَفْسَها، لَمْ يَلْزَمْهُ صَداقُها دُونَ غَيْرِهِ مِنَ المُؤْمِنِينَ، قالَهُ أنَسُ بْنُ مالِكٍ، وسَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ.
والثّانِي: أنَّ لَهُ أنْ يَنْكِحَها بِلا ولِيٍّ ولا مَهْرٍ دُونَ غَيْرِهِ، قالَهُ قَتادَةُ.
والثّالِثُ: خالِصَةَ لَكَ أنْ تَمْلِكَ عَقْدَ نِكاحِها بِلَفْظِ الهِبَةِ دُونَ المُؤْمِنِينَ، وهَذا قَوْلُ الشّافِعِيِّ، وأحْمَدَ.
وَفِي المَرْأةِ الَّتِي وهَبَتْ لَهُ نَفْسَها أقْوالٌ. أحَدُها: أمُّ شَرِيكٍ. والثّانِي: خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ. ولَمْ يَدْخُلْ بِواحِدَةٍ مِنهُما. وذَكَرُوا أنَّ لَيْلى بِنْتَ الخَطِيمِ وهَبَتْ (p-٤٠٦)نَفْسَها لَهُ فَلَمْ يَقْبَلْها. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: لَمْ يَكُنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ امْرَأةً وهَبَتْ نَفْسَها لَهُ. وقَدْ حُكِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ الَّتِي وهَبَتْ نَفْسَها لَهُ مَيْمُونَةُ بِنْتُ الحارِثِ، وعَنِ الشَّعْبِيِّ: أنَّها زَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ. والأوَّلُ: أصَحُّ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ﴾ أيْ: عَلى المُؤْمِنِينَ غَيْرِكَ ﴿فِي أزْواجِهِمْ﴾ وفِيهِ قَوْلانِ.
أحَدُهُما: أنْ لا يُجاوِزَ الرَّجُلُ أرْبَعَ نِسْوَةٍ، قالَهُ مُجاهِدٌ.
والثّانِي: أنْ لا يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ المَرْأةَ إلّا بِوَلِيٍّ وشاهِدَيْنِ وصَداقٍ، قالَهُ قَتادَةُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما مَلَكَتْ أيْمانُهُمْ﴾ أيْ: وما أبَحْنا لَهم مِن مِلْكِ اليَمِينِ مَعَ الأرْبَعِ الحَرائِرِ مِن غَيْرِ عَدَدٍ مَحْصُورٍ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ﴾ هَذا فِيهِ تَقْدِيمٌ؛ المَعْنى: (p-٤٠٧)أحْلَلْنا لَكَ أزْواجَكَ، إلى قَوْلِهِ: ﴿خالِصَةً لَكَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ﴾ ﴿لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ﴾ .
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿تُرْجِي مَن تَشاءُ مِنهُنَّ﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وأبُو عَمْرٍو، وابْنُ عامِرٍ، وأبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ: " تُرْجِئُ " مَهْمُوزًا؛ وقَرَأ نافِعٌ، وحَمْزَة، والكِسائِيُّ، وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ: بِغَيْرِ هَمْزٍ. وسَبَبُ نُزُولِها أنَّهُ لَمّا نَزَلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ المُتَقَدِّمَةُ، أشْفَقْنَ أنْ يُطَلَّقْنَ، فَقُلْنَ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، اجْعَلْ لَنا مِن مالِكَ ونَفْسِكَ ما شِئْتَ، ودَعْنا عَلى حالِنا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، قالَهُ أبُو رَزِينٍ.
وَفِي مَعْنى الآيَةِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: تُطَّلِقُ مَن تَشاءُ مِن نِسائِكَ، وتُمْسِكُ مَن تَشاءُ مِن نِسائِكَ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
والثّانِي: تَتْرُكُ نِكاحَ مَن تَشاءُ، وتَنْكِحُ مِن نِساءِ أُمَّتِكَ مَن تَشاءُ، قالَهُ الحَسَنُ.
والثّالِثُ: تَعْزِلُ مَن شِئْتَ مِن أزْواجِكَ فَلا تَأْتِيها بِغَيْرِ طَلاقٍ، وتَأْتِي مَن تَشاءُ فَلا تَعْزِلُها، قالَهُ مُجاهِدٌ. والرّابِعُ: تَقْبَلُ مَن تَشاءُ مِنَ المُؤْمِناتِ اللَّواتِي يَهَبْنَ أنْفُسَهُنَّ، وتَتْرُكُ مَن تَشاءُ، قالَهُ الشَّعْبِيُّ، وعِكْرِمَةُ.
وَأكْثَرُ العُلَماءِ عَلى أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ مُبِيحَةً لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ مُصاحَبَةَ نِسائِهِ كَيْفَ شاءَ مِن غَيْرِ إيجابِ القِسْمَةِ عَلَيْهِ والتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُنَّ، غَيْرَ أنَّهُ كانَ يُسَوِّي (p-٤٠٨)بَيْنَهُنَّ. وقالَ الزُّهْرِيُّ: ما عَلِمْنا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أرْجَأ مِنهُنَّ أحَدًا، ولَقَدْ آواهُنَّ كُلَّهُنَّ حَتّى ماتَ. وقالَ أبُو رَزِينٍ: آوى عائِشَةَ، وأُمَّ سَلَمَةَ، وحَفْصَةَ، وزَيْنَبَ، وكانَ قَسْمُهُ مِن نَفْسِهِ ومالِهِ فِيهِنَّ سَواءً. وأرْجَأ سَوْدَةَ، وجُوَيْرِيَةَ، وصَفِيَّةَ، وأُمَّ حَبِيبَةَ، ومَيْمُونَةَ، وكانَ يَقْسِمُ لَهُنَّ ما شاءَ. وكانَ أرادَ فِراقَهُنَّ فَقُلْنَ: اقْسِمْ لَنا ما شِئْتَ، ودَعْنا عَلى حالِنا. وقالَ قَوْمٌ: إنَّما أرْجَأ سَوْدَةَ وحْدَها لِأنَّها وهَبَتْ يَوْمَها لِعائِشَةَ، فَتُوُفِّيَ وهو يَقْسِمُ لِثَمانٍ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَتُؤْوِي﴾ أيْ: تَضُمُّ، ﴿وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ﴾ أيْ: إذا أرَدْتَ أنْ تُؤْوِيَ إلَيْكَ امْرَأةً مِمَّنْ عَزَلْتَ مِنَ القِسْمَةِ ﴿فَلا جُناحَ عَلَيْكَ﴾ أيْ: لا مَيْلَ عَلَيْكَ بِلَوْمٍ ولا عَتْبٍ ﴿ذَلِكَ أدْنى أنْ تَقَرَّ أعْيُنُهُنَّ﴾ أيْ: ذَلِكَ التَّخْيِيرُ الَّذِي خَيَّرْناكَ في صُحْبَتِهِنَّ أقْرَبُ إلى رِضاهُنَّ. والمَعْنى: إنَّهُنَّ إذا عَلِمْنَ أنَّ هَذا أمْرٌ مِنَ اللَّهِ، كانَ أطْيَبَ لِأنْفُسِهِنَّ. وقَرَأ ابْنُ مُحَيْصِنٍ، وأبُو عِمْرانَ الجَوْنِيُّ: " أنْ تُقِرَّ " بِضَمِّ التّاءِ وكَسْرِ القافِ " أُعِينَهُنَّ " بِنَصْبِ النُّونِ.
(p-٤٠٩)﴿وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ﴾ أيْ: بِما أعْطَيْتَهُنَّ مِن تَقْرِيبٍ وتَأْخِيرٍ ﴿واللَّهُ يَعْلَمُ ما في قُلُوبِكُمْ﴾ مِنَ المَيْلِ إلى بَعْضِهِنَّ. والمَعْنى: إنَّما خَيَّرْناكَ تَسْهِيلًا عَلَيْكَ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ﴾ كُلُّهم قَرَأ: " لا يَحِلُّ " بِالياءِ، غَيْرَ أبِي عَمْرٍو، فَإنَّهُ قَرَأ بِالتّاءِ؛ والتَّأْنِيثُ لَيْسَ بِحَقِيقِيٍّ، إنَّما هو تَأْنِيثُ الجَمْعِ، فالقِراءَتانِ حَسَنَتانِ.
وَفِي قَوْلِهِ: ﴿مِن بَعْدُ﴾ ثَلاثَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: مِن بَعْدِ نِسائِكَ اللَّواتِي خَيَّرْتَهُنَّ فاخْتَرْنَ اللَّهَ ورَسُولَهُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، والحَسَنُ، وقَتادَةُ في آخَرِينَ، وهُنَّ التِّسْعُ، فَصارَ [مَقْصُورًا] عَلَيْهِنَّ مَمْنُوعًا مِن غَيْرِهِنَّ وذَكَرَ أهْلُ العِلْمِ أنَّ طَلاقَهُ لِحَفْصَةَ وعَزْمَهُ عَلى طَلاقِ سَوْدَةَ كانَ قَبْلَ التَّخْيِيرِ.
(p-٤١٠)والثّانِي: مِن بَعْدِ الَّذِي أحْلَلْنا لَكَ، فَكانَتِ الإباحَةُ بَعْدَ نِسائِهِ مَقْصُورَةً عَلى المَذْكُورِ في قَوْلِهِ: ﴿إنّا أحْلَلْنا لَكَ أزْواجَكَ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿خالِصَةً لَكَ﴾؛ قالَهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، والضَّحّاكُ.
والثّالِثُ: لا تَحِلُّ لَكَ النِّساءُ غَيْرُ المُسْلِماتِ كاليَهُودِيّاتِ والنَّصْرانِيّاتِ والمُشْرِكاتِ، وتَحِلُّ لَك المُسْلِماتُ، قالَهُ مُجاهِدٌ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا أنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنْ تُطَلِّقَ زَوْجاتِكَ وتَسْتَبْدِلَ بِهِنَّ سِواهُنَّ، قالَهُ الضَّحّاكُ.
والثّانِي: أنَّ تُبَدِّلَ بِالمُسْلِماتِ المُشْرِكاتِ، قالَهُ مُجاهِدٌ في آخَرِينَ.
والثّالِثُ: أنْ تُعْطِيَ الرَّجُلَ زَوْجَتَكَ، وتَأْخُذَ زَوْجَتَهُ، وهَذِهِ كانَتْ عادَةً لِلْجاهِلِيَّةِ، قالَهُ أبُو هُرَيْرَةَ، وابْنُ زَيْدٍ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إلا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾ يَعْنِي الإماءَ.
وَفِي مَعْنى الكَلامِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: إلّا أنْ تَمْلِكَ بِالسَّبْيِ، فَيَحِلُّ لَكَ وطْؤُها وإنْ كانَتْ مِن غَيْرِ الصِّنْفِ الَّذِي أحْلَلْتُهُ لَكَ؛ وإلى هَذا أوْمَأ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ في آخَرِينَ.
والثّانِي: إلّا أنْ تُصِيبَ يَهُودِيَّةً أوْ نَصْرانِيَّةً فَتَطَأها بِمِلْكِ اليَمِينِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٌ.
(p-٤١١)والثّالِثُ: إلّا أنْ تُبَدِّلَ أمَتَكَ بِأمَةِ غَيْرِكَ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
قالَ أبُو سُلَيْمانَ الدِّمَشْقِيُّ: وهَذِهِ الأقْوالُ جائِزَةٌ، إلّا أنّا لا نَعْلَمُ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَكَحَ يَهُودِيَّةً ولا نَصْرانِيَّةً بِتَزْوِيجٍ ولا مِلْكِ يَمِينٍ، ولَقَدْ سَبى رَيْحانَةَ القُرَظِيَّةَ فَلَمْ يَدْنُ مِنها حَتّى أسْلَمَتْ.
* فَصْلٌ
واخْتَلَفَ عُلَماءُ النّاسِخِ والمَنسُوخِ في هَذِهِ الآيَةِ عَلى قَوْلَيْنِ.
أحَدُهُما: أنَّها مَنسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ: ﴿إنّا أحْلَلْنا لَكَ أزْواجَكَ﴾ وهَذا مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ، وابْنِ عَبّاسٍ، وعائِشَةَ، وأُمِّ سَلَمَةَ، وعَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ، والضَّحّاكِ. وقالَتْ عائِشَةُ: ما ماتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتّى أُحِلَّ لَهُ النِّساءُ، قالَ أبُو سُلَيْمانَ الدِّمَشْقِيُّ: يَعْنِي نِساءَ جَمِيعِ القَبائِلِ مِنَ المُهاجِراتِ وغَيْرِ المُهاجِراتِ.
والقَوْلُ الثّانِي: أنَّها مُحْكَمَةٌ؛ ثُمَّ فِيها قَوْلانِ.
أحَدُهُما: أنَّ اللَّهَ تَعالى أثابَ نِساءَهُ حِينَ اخْتَرْنَهُ بِأنَّ قَصَرَهُ عَلَيْهِنَّ، فَلَمْ يُحِلَّ لَهُ غَيْرَهُنَّ، ولَمْ يُنْسَخْ هَذا، قالَهُ الحَسَنُ، وابْنُ سِيرِيْنَ، وأبُو أُمامَةَ بْنُ سَهْلٍ، وأبُو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحارِثِ.
والثّانِي: أنَّ المُرادَ بِالنِّساءِ ها هُنا: الكافِراتُ، ولَمْ يَجُزْ لَهُ أنْ يَتَزَوَّجَ كافِرَةً، قالَهُ مُجاهِدٌ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وعِكْرِمَةُ، وجابِرُ بْنُ زَيْدٍ.
{"ayahs_start":50,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ إِنَّاۤ أَحۡلَلۡنَا لَكَ أَزۡوَ ٰجَكَ ٱلَّـٰتِیۤ ءَاتَیۡتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتۡ یَمِینُكَ مِمَّاۤ أَفَاۤءَ ٱللَّهُ عَلَیۡكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّـٰتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَـٰلَـٰتِكَ ٱلَّـٰتِی هَاجَرۡنَ مَعَكَ وَٱمۡرَأَةࣰ مُّؤۡمِنَةً إِن وَهَبَتۡ نَفۡسَهَا لِلنَّبِیِّ إِنۡ أَرَادَ ٱلنَّبِیُّ أَن یَسۡتَنكِحَهَا خَالِصَةࣰ لَّكَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَۗ قَدۡ عَلِمۡنَا مَا فَرَضۡنَا عَلَیۡهِمۡ فِیۤ أَزۡوَ ٰجِهِمۡ وَمَا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُهُمۡ لِكَیۡلَا یَكُونَ عَلَیۡكَ حَرَجࣱۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا","۞ تُرۡجِی مَن تَشَاۤءُ مِنۡهُنَّ وَتُـٔۡوِیۤ إِلَیۡكَ مَن تَشَاۤءُۖ وَمَنِ ٱبۡتَغَیۡتَ مِمَّنۡ عَزَلۡتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡكَۚ ذَ ٰلِكَ أَدۡنَىٰۤ أَن تَقَرَّ أَعۡیُنُهُنَّ وَلَا یَحۡزَنَّ وَیَرۡضَیۡنَ بِمَاۤ ءَاتَیۡتَهُنَّ كُلُّهُنَّۚ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ مَا فِی قُلُوبِكُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِیمًا حَلِیمࣰا","لَّا یَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَاۤءُ مِنۢ بَعۡدُ وَلَاۤ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنۡ أَزۡوَ ٰجࣲ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ حُسۡنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتۡ یَمِینُكَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ رَّقِیبࣰا"],"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ إِنَّاۤ أَحۡلَلۡنَا لَكَ أَزۡوَ ٰجَكَ ٱلَّـٰتِیۤ ءَاتَیۡتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتۡ یَمِینُكَ مِمَّاۤ أَفَاۤءَ ٱللَّهُ عَلَیۡكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّـٰتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَـٰلَـٰتِكَ ٱلَّـٰتِی هَاجَرۡنَ مَعَكَ وَٱمۡرَأَةࣰ مُّؤۡمِنَةً إِن وَهَبَتۡ نَفۡسَهَا لِلنَّبِیِّ إِنۡ أَرَادَ ٱلنَّبِیُّ أَن یَسۡتَنكِحَهَا خَالِصَةࣰ لَّكَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَۗ قَدۡ عَلِمۡنَا مَا فَرَضۡنَا عَلَیۡهِمۡ فِیۤ أَزۡوَ ٰجِهِمۡ وَمَا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُهُمۡ لِكَیۡلَا یَكُونَ عَلَیۡكَ حَرَجࣱۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق