الباحث القرآني
قال الله عز وجل: (﴿﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾ ﴾ [الأحزاب: ٥٠] مهورهن) ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ﴾ مِثْلُ هذه الصيغة تدل على تعظيم المخاطب؛ حيث وُجِّه إليه الخطاب بالنداء هذا من وجه، ومن وجه آخر أنه وُصِفَ بالنبوة ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ﴾ وفي ذلك تعظيم وتفخيم لرسول الله ﷺ.
وقوله: ﴿إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾ ﴿أَحْلَلْنَا﴾ أي: جعلناهن حلًّا لك، وهل المراد أزواجك اللاتي تريد أن تتزوج بهنَّ؟ أو المراد أزواجك اللاتي تزوجت بهنَّ؟
في هذا قولان لأهل العلم؛ فمنهم من قال: ﴿إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾ يعني: أزواجك اللاتي تريد أن تتزوج بهن وتؤتيهن أجورهن، وحجة هؤلاء أننا لو حملناها على مَنْ تزوَّج بهن لكان ذلك من باب تحصيل الحاصل؛ لأنه إذا كانت الزوجة معه وقد أقرَّه الله عليها فلا حاجة إلى أن يقول: ﴿إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ﴾؛ لأنهن عنده متزوج بهن.
والقول الثاني: أن المراد أحللنا أزواجك اللاتي تزوجت بهن بدليل قوله: ﴿اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾، وهذا القول الثاني هو الموافق لظاهر الآية؛ لأن قوله: ﴿آتَيْتَ﴾ فعل ماض، وعلى القول الأول يجب أن نُؤَوِّل الفعل الماضي بالفعل المضارع؛ يعني: اللاتي تؤتي أجورهن، وهذا خلاف ظاهر الآية.
ويجاب عمَّا أيد به أولئك قولهم أنه إذا كان المراد الزوجات التي في حباله فإن ذِكْر الإحْلال من باب تحصيل الحاصل يجاب على هذا بأن ذكر الإحْلال من باب التوكيد؛ يعني: معناه أن هؤلاء حلال لك ليس فيهن شبهة، وليس فيهن معارضة.
* الطالب: ما يكون امتنان؟
* الشيخ: يمكن أن يكون للامتنان، لكن الظهور دفع ما يمكن أن يُوَجَّه إليه من لوم.
قال: ﴿اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾ ﴿آتَيْتَ﴾ بمعنى أعطيت، وأما (أَتَيْتَ) بغير مد فهي بمعنى: جئت.
إذن نقول: ﴿آتَيْتَ﴾ أي: أعطيت ﴿أُجُورَهُنَّ﴾ يقول المؤلف: (أي مهورهن).
وسُمِّيَ المهر أجرًا؛ لأنه عوض عن الانتفاع بالزوجة والاستمتاع بها، وليس عوضًا عن ذاتها، لو كان عوضًا عن ذاتها لسُمِّي ثمنًا، لكنه عِوَض عن الاستمتاع بها والانتفاع بها؛ ولهذا سمي أُجْرَة.
وقوله: ﴿آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾ إذا كانت ﴿آتَيْتَ﴾ بمعنى أعطيت فهي تنصب مفعولين، فأين المفعول الأول؟ المفعول الأول محذوف، والتقدير: آتيتهن، و﴿أُجُورَهُنَّ﴾ هو المفعول الثاني، أعرفتم؟ وجائز حذف المفعول مع العلم به.
يقول: ﴿آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾ الواو حرف عطف، و﴿مَا﴾ معطوفة على قوله: ﴿أَزْوَاجَكَ﴾ يعني: وأحللنا لك ما ملكت يمينك؛ أي: ملكت ذاتَه أو الانتفاع به؟
ملكت ذاتَه، وملكُ الذات يستلزم ملك المنافع؛ لأن مَنْ مَلَك شيئًا ملك منافعه، ومن مَلَك المنافع لم يلزم أن يملك الأعيان أو الذات.
قال: ﴿وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ﴾ يمينك ويداك وما أشبه ذلك يُعَبَّر بها عن الذات؛ لأنها غالبًا وسيلة الأخذ والإعطاء؛ فقوله تعالى: ﴿بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ [الشورى ٣٠] يعني: بما كسبتم ﴿وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾ أي: مما ملكتَ؛ لكنه عبَّر باليمين عن الذات؛ لأن الغالب أن الأخذ والإعطاء باليد، واليمين أشرف من اليسار فهي التي يُؤْخَذ ويُعْطى بها ﴿وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾.
* طالب: قوله: ﴿أُجُورَهُنَّ﴾ النفقة بالأجر في مقابل الاستمتاع يعني المهر في مقابل الاستمتاع..
* الشيخ: نعم في مقابل ملك الانتفاع والاستمتاع.
* الطالب: يعني -يا شيخ- قول الحنابلة صحيح؛ أن الرجل لا يغسل امرأته إذا ماتت؟
* الشيخ: ما بعد جاءت الفوائد بارك الله فيك.
يقول: ﴿وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ﴾ (مِنْ) هذه بيانية، وما هو المُبَيَّن؟
* طالب: (ما أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ)؟
* الشيخ: لا.
* طالب: ﴿مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾.
* الشيخ: إي، لكن أين المُبَيَّن؟ ﴿مَلَكَتْ﴾ بَيَّن، الملك المعروف، المُبَيَّن: اسم الموصول، اسم الموصول واسم الشرط واسم استفهام كلها من الأشياء المبهمة فيأتي البيان بعدها؛ كقوله: (مِن) بيان لـ﴿مَا﴾ في قوله: ﴿وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ﴾ قال المؤلف: (من الكفار بالسبي).
﴿أَفَاءَ﴾ بمعنى ردَّ، ومنه الفيء وهو الظل بعد الشمس؛ لأنه رجع بعد أن نسخته الشمس فصار ظلًّا كما هو الحال قبل أن تأتيه الشمس.
وقوله: ﴿مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ﴾ المراد به هنا الغنيمة؛ لأن الغنيمة في الحقيقة ردٌّ للمال من غير أهله إلى أهله؛ فإننا نحن المسلمين المستحقون حقًّا لما رزق الله الخلق، والكفار يستمتعون به على وجه الظلم؛ ولهذا يُؤاخَذُون به، وقد مرَّ علينا أن الكفار يُحاسَبُون على الأكل والشرب واللباس، وذكرنا في ذلك دليلًا من القرآن، ما هو الدليل على أنه يُحاسَبون على اللباس؟ الدليل من القرآن على أن الكفار يُحاسَبُون على اللباس؟
* طالب: (...)؟
* الشيخ: لا، هذا يعم حتى المسلمين.
* الطالب: (...)؟
* الشيخ: لا.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: لا، سبحان الله! الدليل على أن الكفار يحاسبون على اللباس؟
* طالب: (...) في سورة الأعراف (...)؟
* الشيخ: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الأعراف ٣٢] هذه أيضًا فيها اللباس والأكل ﴿وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾، ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ اللام للإباحة والاستحقاق، ﴿خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ لمَن؟ للمؤمنين، أما أولئك فليست لهم وليست خالصة لهم يوم القيامة، فهي في الدنيا حرام عليهم ويُحاسبون عليها يوم القيامة.
وما هي الآية اللي فيها الدليل على أن الأكل والشرب حرام على الكفار؟
اتلها.
* الطالب: (ليس على المؤمنين جناح فيما طعموا)؟
* الشيخ: لا ما هي (ليس على المؤمنين).
* الطالب: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا﴾..؟
* الشيخ: لا، إي، ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ كملها؟
* الطالب: ﴿جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾ [المائدة ٩٣]؟
* الشيخ: مفهومه أن الذين لم يؤمنوا ولم يعملوا الصالحات عليهم جناح فيما طَعِموا.
إذن بهذا يَتَبَيَّن وجه كون الغنيمة فيئًا، والفيء بمعنى أيش؟ الرجوع والرد؛ فلهذا يكون المال الذي بأيدي الكفار إذا غَنِمَه المسلمون فقد عاد إلى أهله كأنهم هم يأخذون المال بغير حق، فإذا أخذناه منهم عاد إلى مستحقه.
وقوله: ﴿وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ﴾ قال: (من الكفار بالسَّبْيِ كصفية وجُوَيْرِيَة) صفية من أي سبي؟
* طلبة: خيبر.
* الشيخ: نعم، من سبايا خيبر، وجويرية من سبايا غزوة بني المصطلق، وهما من أمهات المؤمنين.
وقوله: ﴿مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ﴾ ظاهره أن ما ملكت يمينه من غير ذلك لا تَحِلُّ له ولكنه غير مراد..
..مراد؛ بدليل أن مارية القبطية استحلَّها النبي عليه الصلاة والسلام وأتت منه بولد، وستأتي إن شاء الله بالفوائد.
قال: (﴿﴿وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ﴾ ﴾ [الأحزاب: ٥٠] بخلاف من لم يهاجرن).
* الطالب: صفية وجويرية (...)؟
* الشيخ: كن من ملك اليمين أولًا ثم أعتقهن وتزوجهن.
قوله: ﴿وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ﴾ هؤلاء الأربع هن الحلائل من الأقارب وما عداهن من الأقارب فحرام كما في سورة النساء، فصار الأقارب الآن محللات ومحرمات، المحرمات ما ذُكِرْنَ في سورة النساء في قوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ﴾ [النساء ٢٣] كم؟ سبع، والمحللات من الأقارب: أربع بنات العم وبنات العمة وبنات الخال وبنات الخالة، كذا؟ هؤلاء المحللات من الأقارب.
(بنات العم) يعني: وإن نزلن، (وبنات العمة) وإن نزلن، (وبنات الخال) وإن نزلن، (وبنات الخالة) وإن نزلن، هذا وكلهن حلال.
وقوله: ﴿وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ﴾ تكلم المفسرون على قوله: بنات عمك وعماتك وخالك وخالاتك، فقالوا: لم أَفْرَد في الذكور وجمع في الإناث؟ وين الذكور؟ عمك وخالك، وفي الإناث قال: عماتك وخالاتك.
فقال بعضهم: إن هذا من باب تشريف الذكورة كأن الواحد يقابله من النساء جَمْع، وإلى هذا ذهب ابن كثير رحمه الله، وقال بعضهم: إنه لما كان لفظ العم والخال كلفظ المصدر صار الآن المناسب ألا يُجْمَع؛ لأن المعروف أن المصادر لا تُجْمَع ولا تُثَنَّى، لكن هذا في النفس منه شيء.
والأقرب ما ذكره ابن كثير رحمه الله أن قوة صلة العمِّ بالإنسان أقوى من قوة صلة العمة به؛ فلهذا جُمِعَ، وإلَّا من المعلوم أن الإنسان له أعمام ليس له عم واحد فقط، وبنات أعمامه كلهن حلال ولَّا حرام؟ حلال.
﴿وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ﴾ فيه زيادة قيد بالنسبة للرسول ﷺ وهو قوله: ﴿اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ﴾ ﴿هَاجَرْنَ مَعَكَ﴾ يعني: هاجرن من مكة إلى المدينة، وسواء كُنَّ في مَعَيَّتِه مباشرة أو في معيته بالمعنى أي: بالهجرة؛ فليس بلازم أن تكون بنت العم أو بنت الخال مع الرسول ﷺ مباشرة يعني: تسير معه، بل لو هاجرت قبله أو بعده فهي داخلة في هذا. ﴿اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ﴾.
قال: (﴿﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا﴾ ﴾ يطلب نكاحَها بغير صَداق ﴿﴿خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ﴾ النكاح بلفظ الهبة من غير صداق يعني: الخالص والنكاح) ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ﴾ إلى آخره.
قال: ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً﴾ يعني: وأحللنا لك امرأة مؤمنة، وهذا نكرة في سياق الإثبات، والمعروف أن النكرة في سياق الإثبات لا تقتضي العموم، لكن لما كان السياق سياق مِنَّةٍ صارت للعموم، الأصل في النكرة ألا تَعُم إذا كانت في سياق الإثبات؛ فإذا قلت لك: اضرب رجلًا ليس معناها أني آمرك أن تضرب جميع الرجال، لكن إذا كانت النكرة في سياق الإثبات يُراد بها الامتنان صارت للعموم؛ لأنها لو قُيِّدَت بالواحدة لم تكمُل بها المنة، فلا تكمل المنة إلا إذا كانت يراد بها العموم.
إذن ﴿امْرَأَةً﴾ نقول: وإن كانت صيغتها صيغة الوحدة، لكن المراد بها أيش؟ العموم، لماذا؟ لأنها سيقت للامتنان، والامتنان بالوحدة لا يكمُل إلا إذا كان امتنانًا بكل شيء أو بكل فرد من أفراد هذه النكرة.
إذن يكون معنى الآية: وأحللنا لك أيَّ امرأة.
وقوله: ﴿مُؤْمِنَةً﴾ هذا قيد يَخرُج به غير المؤمنة ولو كانت كتابية فإنها لا تحلُّ للنبي ﷺ؛ ولهذا ذهب بعض العلماء إلى أن من خصائص النبي ﷺ في النكاح ألا يتزوج امرأة كِتابيَّة، وهذا لم يقع، لم يقع أن النبي ﷺ تزوَّج امرأة كتابية.
ومن المعلوم أن من خصائص الرسول في النكاح ما هو توسعة وما هو تضييق؛ فالتوسعة النكاح بالهبة والتزوج بأكثر من أربع، والتضييق أنه لا يحل له من بنات عمه وبنات عماته وبنات خاله وبنات خالاته إلَّا مَن هاجرن معه، وكذلك على القول الراجح أنه بعد تخيير النبي ﷺ لزوجاته لا يحل له النساء كما سيأتي إن شاء الله.
قال: ﴿إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ﴾ ﴿إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا﴾ وهبت هي بدون وليٍّ ﴿وَهَبَتْ نَفْسَهَا﴾ أي: أعطتها للنبي ﷺ بلا عوض؛ لأن الهبة تعريفها بذل المال بدون عوض، فمعنى ﴿وَهَبَتْ نَفْسَهَا﴾ يعني: جاءت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وقالت له: قد وهبت نفسي لك، فتحل له، لكن لما كان الرسول عليه الصلاة والسلام مخيَّرًا في ذلك، وليس واجبًا عليه أن يقبل قال: ﴿إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا﴾ وهذا الشرط داخل في الشرط الأول.
وقد عُلِمَ أن الشرط الثاني قيد في الشرط الأول فهو متأخر لفظًا متقدم معنى. تداخل الشروط كلما تداخلت الشروط فاجعل الشرط الأخير قيدًا فيما قبله؛ فهو متأخر رُتْبَةً لكن متقدم معنى. الآن نتكلم باللغة العربية ولَّا باللغة الفارسية؟ واضح لكم ولَّا لا؟
إذا تعددت الشروط -إن الشرطية أو إذا أو ما أشبهها- فإن الشرط التالي الأخير شرط فيما قبله، فيكون متأخرًا لفظًا متقدمًا معنى ورتبةً؛ مثلًا إذا قلت: أخبرني إذا ضربك زيد إن ظلمك، صار الظلم سابقًا على الضرب، وإن كان متأخرًا عنه في الذِّكْر، ويتضح ذلك تمامًا بقول الشاعر:
؎إِنْ تَسْتَغِيثُوا بِنَا إِنْ تُذْعَرُوا تَجِدُوا ∗∗∗ مِنَّا مَعَاقِـــــــــلَ عِــــــــــزٍّزَانَهَـــــا كَـــــــرَمُ
وين الشرط الأول؟ (إن تستغيثوا) والثاني: (إن تذعروا)، الشرط الثاني متأخر عن الأول في اللفظ لكن متقدم عنه في المعنى والرتبة؛ لأن الذُّعر سابق على الاستغاثة، وهذه قاعدة كلما تعددت الشروط فإن الشرط الثاني سابق على الشرط الأول، هو على الشرط الذي قبله لو تعددت، لو كانت ثلاثة شروط، أربعة شروط، فالثاني سابق على اللي قبله، إذا قدَّرْنا أنها ثلاثة شروط فالثالث سابق على الثاني، والثاني سابق على الأول؛ يعني بالعكس.
هنا ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ﴾ الإرادة تَسْبِق الحِلَّ والقَبول؛ ولهذا قال: ﴿إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا﴾ وفائدة هذا الشرط أنه لما كان رد النبي للمرأة إذا وهبت نفسها للنبي لما كان أمرًا شديدًا، وكان النبي ﷺ أشد الناس حياءً، كان عَرْض المرأة نفسها على الرسول ﷺ قد يكون شبه ملزم له بمقتضي خلقه، فلما كان كذلك فتح الله لرسوله الباب على مِصْراعيه حيث أثبت له التخيير والإرادة في هذا الحال فقال: ﴿إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا﴾.
إذن ما فائدة ذكر الإرادة مع أن الموهوب له إن شاء قبل الهبة وإن شاء لم يقبل، يعني: هذا أمر معلوم، فما الفائدة من قوله: ﴿إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا﴾؟ الفائدة لئلا يُلْزِم النبي ﷺ نفسَه قَبول هذه الهبة لما عُلِم من خلقه ﷺ بأنه أشدُّ الناس حياءً، ومعلوم أن رَدَّ الإنسان هبة المرأة نفسها له أمر صعب، كيف امرأة تهب نفسها لك وتأتي راغبة فيك أشد الرغبة بحيث أنها فدتك بنفسها فكيف تردها؟! هذا أمر فيه صعوبة في الواقع، وقد يكون رَدُّها منافيًا للمروءة والنبي عليه الصلاة والسلام أشد الناس حرصًا على المروءة وأشد الناس حياءً في مثل هذه الأمور، لكن الله أراد أن يفتح له الباب حتى لا يعترض أحد أو يقول قائل: كيف ردها؟ ويكون الرسول أعطاه الحرية الكاملة في ذلك؛ في قبولها أو ردها.
قال: ﴿إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا﴾ قال المؤلف: (يطلب نكاحها). والصواب: يوافق على نكاحها؛ لأنه طالب ولَّا مطلوب؟ مطلوب، فالصواب أن المراد ﴿أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا﴾ أي: أن يَقْبَل نكاحها.
﴿هَاجَرْنَ﴾ اللاتي أسلمن معك.
قال: ﴿خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ قوله: ﴿خَالِصَةً لَكَ﴾ يحتمل أن تكون صفةً لقوله: ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً﴾ ويحتمل أن تكون مفعولًا لفعل محذوف، والتقدير: جعلناها خالصة لك؛ أي: هذه الشرعة جعلناها خالصة لك، والخالص من الشيء هو الذي لا يخالطه غيره؛ فمعنى ﴿خَالِصَةً لَكَ﴾ يعني: لا يشاركك أحد فيها فيما إذا وهبت امرأة نفسها لأحد فإنها لا تحل له، وهل المراد بـ(الخالص) هنا أن يتزوج بلا مهر ولا ولي أو أن يقع ذلك بلفظ الهبة؟
الصحيح الأول؛ أن الخالص هو أن يكون ذلك بدون مهر ولا ولي ولا شهود على القول باشتراط الشهود؛ لأن الهبة ما هي؟ هي التبرع بلا عوض؛ فالمقصود المعنى لا اللفظ؛ يعني: أن الذي اختصَّ به الرسول عليه الصلاة والسلام هو أن المرأة تأتي إليه وتقول: وهبت نفسي لك ويأخذها، وهذا قد وقع فعلًا أكثر من مرة؛ تأتي النساء إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ويَهَبْن أنفسهن له، فالخالص للرسول والخاص به هو أن يكون النكاح مجانًا بلا وَلِيٍّ ولا شهود.
وأما الهبة فإن العلماء اختلفوا هل يصح النكاح بلفظ الهبة مثل أن يقول: وهبتك بنتي على صداق قدره كذا وكذا، أو ملكتك بنتي على صداق قدره كذا وكذا؟
اختلف في هذا العلماء على قولين؛ منهم مَنْ يرى أنه لا يصح، وأنه لا بد أن يكون عقد النكاح بلفظ التزويج أو بلفظ الإنكاح، ومنهم من يرى أنه يصح، وهذا له محل آخر بحثه.
﴿خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ﴿دُونِ﴾ بمعنى سوى؛ يعني: من سواهم المعنى أن المؤمنين لا يَحِلُّ لهم ذلك، والكافرون؟ من باب أولى؛ فإن الكافر لا يَحِلُّ له أن يتزوج بالهبة وكذلك المؤمن.
قال المؤلف: ﴿إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا﴾ قال: (يطلب نكاحها)، وصوبنا أمس أن المراد ﴿يَسْتَنْكِحَهَا﴾: يوافق.
قال: ﴿خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ النكاح بلفظ الهبة من غير صداق هذا خاص للرسول ﷺ من دون المؤمنين.
(﴿﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ﴾ ﴾ أي: المؤمنين ﴿﴿فِي أَزْوَاجِهِمْ﴾ ﴾ من الأحكام) ﴿قَدْ عَلِمْنَا﴾ ﴿قَدْ﴾ هذه للتحقيق، وقد قيل: إن (قد) إذا دخلت على الماضي فهي للتحقيق، وإن دخلت على المضارع فهي للتقليل وقد يُراد بها التحقيق؛ فإذا قلت: قد قمت فهذا للتحقيق، وإذا قلت: قد يجود البخيل وقد يصدق الكذاب، فهذا للتقليل، لكن تأتي للتحقيق في مثل قوله تعالى: ﴿قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ﴾ [النور ٦٤]، ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ﴾ [الأحزاب ١٨] هذه لا شك أنها للتحقيق.
وقوله: ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ﴾ يعني أننا قد فرضنا عليهم أشياء، وعلمنا أن المصلحة تقتضي ما فرضنا دون سواه فليس المراد بالآية مجرد العلم أو مجرد الإخبار بأن الله قد عَلِمَ ما فرض؛ لأن كون الله قد عَلِمَ ما فرض أمر معلوم.
﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ﴾ أقول: ليس المراد مجرد الإخبار بأن الله عَلِمَ؛ لأن كون الله فرضه معلوم أنه صادر عن علم، لكن المراد أن ما فرضناه قد صدر عن علم مِنَّا بما يناسبهم في أزواجهم وليس عن جهل؛ ولهذا قال: ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ﴾ ﴿فَرَضْنَا﴾ هنا بمعنى أوجبنا، (﴿﴿عَلَيْهِمْ﴾ ﴾ أي: على المؤمنين ﴿﴿فِي أَزْوَاجِهِمْ﴾ ﴾ من الأحكام) ﴿أَزْوَاجِهِمْ﴾ جمع زوجة أو جمع زوج، (من الأحكام بألَّا يزيدوا على أربع نسوة ولا يتزوجوا إلا بولي وشهود ومهر) وغير ذلك من الأشياء التي تخالف الأحكام الثابتة للرسول ﷺ؛ فإن النبي ﷺ خُصَّ في النكاح بأحكام، وخُصَّ المؤمنون بأحكام، وكل ذلك صادر عن عِلْمٍ من الله سبحانه وتعالى وعن حكمة.
وقوله -أي المؤلف-: (بألا يزيدوا على أربع) فلا يحل لمؤمن أن يزيد على أربع زوجات؛ لقول الله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ [النساء ٣] فجعل آخر شيء الرُّباع أي: الأربع، مع العلم بأن المقام يقتضي الزيادة لو كان هناك زيادة بدليل أن الآية إنما ذَكَر الله فيها العدد الممكن؛ لأنها رُتِّبَت على شرط وهو ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ يعني: إن خفتم ألا تعدلوا في اليتامى في النساء التي بين أيديكم كبنت العم وشبهها، إن خفتم ألا تعدلوا فيها فلديكم النساء كثير، فلو كان هناك زيادة عن الأربع لكان الله تعالى يذكرها حتى يكون المجال أوسع أنتم فاهمين هذا ولَّا لا؟
الآية نزلت مقيدةً بشرط ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ يعني: ألا تعدلوا في نكاحهن، وكانوا في الجاهلية إذا كان الإنسان عنده ابنة عم يتيمة كان يظلمها في النكاح؛ إما بمنعها أو يُعَلِّقها على أنها تكون له، فأنزل الله هذه الآية.
﴿فَانْكِحُوا﴾ يعني: فالنساء سواهن كثير، انكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع؛ فلو كان عدد زائد على الأربع جائزًا لذُكِر هنا، ولقيل مثلًا: فانكحوا ما شئتم من النساء أو لقال: فانكحوا ما طاب لكم من النساء ولم يُقَيَّد، فلما قَيَّد عُلِم أنه لا يجوز أكثر من الأربع.
ولم يخالف في ذلك إلا شُذَّاذٌ من أهل العلم أو الرافضة، والرافضة عندهم تَوَسُّعٌ في مسائل النكاح منها هذه المسألة؛ يجوزون أن يتزوج الإنسان إلى تسع، ومنها مسألة المتعة، وهذا مما يوجب لضعفاء الإيمان أن يعتنقوا مذهبهم؛ لأنهم يجدون فيهم إشباعًا لرغباتهم، فإذا كانوا يجيزون المتعة أن الإنسان إذا نزل ببلد له أن يذهب إلى امرأة ويقول: زوجيني نَفْسَكِ لمدة سبعة أيام أو لمدة عشرة أيام أو لمدة شهر، هم يُجَوِّزُون ذلك، ويُجَوِّزُون أيضًا أن يتزوج الإنسان إلى تسع.
كذلك يقول المؤلف: (ولا يتزوجوا إلا بولي) نعم لا يجوز النكاح إلا بولي؛ والدليل على ذلك من القرآن ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ [النور ٣٢]: زوجوا، ﴿وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ﴾: لا تزوجوا، ﴿فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ﴾ [البقرة ٢٣٢] ولولا أن الولي شرط لم يكن لِعَضْلِه حكم.
ثانيًا: (ولا شهود)، الشهود مختلف في اشتراطه في النكاح؛ فالمشهور أنه لا بد من الشهود؛ لأن عقد النكاح خطير ويترتب عليه مسائل وحقوق؛ نَسَب ومال وحقوق؛ يعني: اللي غيره من الأمور العقود الأخرى تجدها إما مالية، وإما حقوقية أخرى غير المال، لكن هو جامع بين المال والنسب والحقوق، أو لا؟
المال كالمهر والنفقة والإرث، والنسب كإلحاق الولد بأبيه في الزواج، والحقوق ما يجب على الزوج وزوجته من المعاشرة بالمعروف؛ فلا بد من شهود.
ابن تيمية رحمه الله لا يشترط الشهود، بل المشترط إعلان النكاح أو الشهود؛ فإذا وُجِد الإعلان، ولو بلا شهود كفى.
الأقسام إما أن يجتمع الإشهاد والإعلان وهذا أعلى الأقسام، وإما أن يُفْقَد الإشهاد والإعلان وهذا لا يصح، وإما أن يوجد الإشهاد بلا إعلان قال: وفي صحة النكاح هنا تردد ونظر، وإما أن يوجد الإعلان بلا إشهاد وهذا عنده صحيح، فالأقسام إذن كم؟ أربعة: أن يوجد الإعلان والإشهاد، أن يعدم الإعلان والإشهاد، أن يوجد الإشهاد دون الإعلان، أن يوجد الإعلان دون الإشهاد.
* طالب: الشهود يشهدون على الرضا ولَّا على العقد؟
* الشيخ: يشهدون على العقد.
* الطالب: على الرضا ولَّا على العقد؟
* الشيخ: لا، على العقد. أما الإشهاد على الرضا فهو سُنَّة وليس بواجب.
* الطالب: (...) الزواجات (...) ببساطة (...) أهل الزوجة (...)؟
* الشيخ: إي، هو الإعلان ما هو لازم بالوليمة، قد يكون الإعلان مثلًا بالمشي ليلة الزفاف في الأسواق كما يُصْنَع فيما سبق، وكذلك الآن في السيارات، الآن بَيِّنٌ، وكذلك في وضع الأنوار على بيت الزوج وعلى بيت الزوجة، هذا أيضًا من الإعلان.
* الطالب: إذا ما حصل؟
* الشيخ: إذا ما حصل ما يكون إعلانًا.
* الطالب: (...) مع وجود بعض الأقارب؟
* الشيخ: إذا كان ما يظهر أنه عرس ما يكون إعلانًا، أما إن ظهر بأن كان المجتمع أكبر يعني من العادة هذا إعلان.
وقوله: (إلا بوليٍّ وشهود ومهر) ما هو المهر؟ المهر الصداق، وظاهر كلام المؤلف أن المهر شَرْطٌ في النكاح، واعلم أن للمهر ثلاث حالات؛ تارة يذكر معينًا، وتارة يُنفى، وتارة يُسكت عنه، ثلاث حالات؛ تارة ينفى، وتارة يثبت معينًا، وتارة يسكت عنه فلا يذكر معينًا ولا ينفى.
مثال الذي يُذْكَر معينًا أن يقول: زوجتك ابنتي بعشرة ريالات يَصِحُّ ولَّا لا؟ يصح، زوجتك ابنتي بريال واحد، يصح؟ لا تضحكوا، زَوَّجُوا بأقل من الريال. وتزوج رجل امرأة بريال فلما صار في الضحى وهو عندها قرع الباب رجل فذهب يفتح له فتنازعوا هو وإياه وعلت أصواتهما، فلما رجع إليها قالت: ما هذا الرجل الذي يأتي يخاصمك في أول يوم من زواجك؟ قال هذا رجل يطلبني بريال. قالت له: خذ هذا الريال أعطه إياه، مهرها. لكن الآن ما يوجد الظاهر أحد يُزَوِّج بريال. هذا إثباته معينًا بأن يقول: زوجتك بنتي بريال أو بعشرة ريالات أو بمئة ريال أو بأكثر أو بأقل.
الحال الثانية: أن يُنْفَى فيقول: زوجتك ابنتي، ويقول: قَبِلْتُ بلا مهر؛ فاختلف العلماء رحمهم الله في هذا العقد هل يصح أو لا يصح؟ والمشهور من المذهب أن العقد صحيح، ولها مهر المثل. واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أن العقد لا يصح؛ لأنه تزوَّج على غير الشرط الذي ذَكَر الله فإن الله تعالى يقول: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ ويش بعدها؟ ﴿أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ﴾ [النساء ٢٤].
الحال الثالثة: أن يُسْكت عنه فلا يُذْكَر معينًا ولا يُنْفى بأن يقول: زوجتك ابنتي. فيقول: قبلت. فالعقد هنا صحيح ولها مهر المثل، وقد نَصَّ على ذلك قوله تعالى: ﴿لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ﴾ [البقرة ٢٣٦] فهنا يجب مهر المثل إذا دخل بها، فإن لم يدخل بها وطلَّقها قبل الدخول وجبت المتعة، عرفتم الأقسام الآن؟
وظاهر كلام المؤلف قوله: (وشهود ومهر) أن المهر شرط في صحة العقد فيكون ذلك موافقًا لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
(...) قوله تعالى: ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ﴾ (فَرَض) إذا تعدت باللام فهي بمعنى: أحل؛ كما في قوله فيما سبق: ﴿مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ﴾ [الأحزاب ٣٨] أي: فيما أحل، وكقوله تعالى: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ [التحريم ٢] أي: أحلَّها وشرعها، أما إذا تعدت بـ(على) فهي بمعنى الإيجاب كما في هنا ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ﴾.
وذكر المؤلف أن ما فرض الله علينا في الأزواج ألا نزيد على أربع، وألا نتزوج إلا بولي وشهود ومهر، وسبق لنا الكلام فيما يتعلق بالمهر وأنه لا يخلو من ثلاث حالات..
* طالب: (...) ينفى (...) أن يسكت عنه؟
* الشيخ: يسكت عنه، مثاله مذكورًا معينًا؟
* الطالب: (...)؟
* الشيخ: إذا ذُكِرَ معينًا جائز ولَّا غير جائز؟
* طالب: إذا ذُكِرَ معيَّنًا جائز.
* الشيخ: جائز، وهو أفضل أيضًا، تسميته بالعقد أفضل، وإذا نُفِيَ؟
* طالب: غير جائز.
* الشيخ: يعني: ويش معنى غير جائز؟
* الطالب: حرام، لايجوز.
* الشيخ: العقد حرام ولا يصح؟ ولَّا يصح العقد ويجب لها مهر المثل؟
* الطالب: فيه خلاف (...) العقد يصح ولها مهر المثل.
* الشيخ: وشيخ الإسلام يقول: إن العقد لا يصح.
أيهما أصح فيما إذا نُفِيَ المهر أن يصح العقد ولها مهر المثل أو أن يبطل العقد؟
* طالب: يصح ولها مهر المثل.
* الشيخ: نعم، كأن عيسى يريد أن يخالف.
* طالب: الصحيح كلام شيخ الاسلام.
* الشيخ: أن العقد لا يصح؟ ما هو الدليل؟
* الطالب: (...) ﴿أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ﴾.
* الشيخ: قال الله تعالى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ﴾ [النساء ٢٤] فدلَّ هذا على أنه لا بد من أن يكون هناك مال.
طيب الولي هل هو شرط في النكاح؟
* طالب: (...) الولي ركن لا بد في النكاح أن يكون فيه ولي؛ «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ»[[أخرجه ابن حبان (٤٠٧٥) من حديث عائشة رضي الله عنها.]].
* الشيخ: طيب، ما هو الدليل من القرآن ومن السنة؟
* الطالب: أما من القرآن فقول الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة..
* الشيخ: (...) النفي فيُحْمَل أولًا على نفي الوجود، فإن لم يمكن فعلى نفي الصحة، فإن لم يمكن فعلى نفي الكمال، واضح؟ مثاله في نفي الوجود؟
* طالب: من السنة؟
* الشيخ: من اللي تبغي من السنة أو من القرآن أو منك أنت.
* الطالب: لا إله إلا الله.
* الشيخ: فيه إله غير الله؟
* الطالب: لا إله إلا الله بحق.
* الشيخ: أي لا إله حقٌّ إلا الله.
مثاله لنفي الصحة؟
* الطالب: «لَا صَلَاةَ إِلَّا بِوُضُوءٍ»[[أخرجه أبو داود الطيالسي (٢٤٠) من حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه.]].
* الشيخ: «لَا صَلَاةَ إِلَّا بِوُضُوءٍ» هذا لنفي الصحة؛ لأنه يمكن أن يصلي الإنسان بدون وضوء.
مثاله في نفي الكمال؟
* الطالب: قول النبي ﷺ: «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ»[[أخرجه مسلم (٥٦٠/٦٧) من حديث عائشة رضي الله عنها.]].
* الشيخ: «لَا صَلَاة بِحَضْرَةِ طَعَامٍ» يعني: لا صلاة كاملة، وإلا لو صلى لصحت.
* الطالب: (...)؟
* الشيخ: ما يمكن نحمله على الكمال، وهو يمكن نفيه على الصحة؛ لا نكاح صحيح إلا بولي، فما دام يمكن حمله على نفي الصحة يجب، أول ما نسلط النفي على أيش؟ على نفي الوجود؛ لأن هذا هو ظاهر اللفظ فإن لم يمكن بأن كان موجودًا حملناه على نفي الصحة؛ لأن نفي الصحة نفي للوجود شرعًا فإن لم يمكن بأن دلت النصوص على الصحة يُحْمَل على نفي الكمال.
طيب نقرأ التفسير ابتداءً من الآن سنناقش إن شاء تعالى فيما سبق.
قال: (﴿﴿فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ ﴾ من الإماء) يعني: وعلمنا ما فرضنا عليهم فيما ملكت أيمانهم.
(من الإماء) خصَّ المؤلف ﴿مَا﴾ العامة بالإماء؛ لأن ﴿مَا مَلَكَتْ﴾ ﴿مَا﴾ اسم موصول ولَّا لا؟ ﴿مَا﴾ اسم موصول تفيد العموم، والإنسان يملك الإماء ويملك المواشي ويملك الدراهم ويملك البناء ويملك الأراضي أليس كذلك؟ فهل ﴿مَا﴾ هنا للعموم؛ يعني: وفي ملكت أيمانهم من كل شيء أو من الإماء كما قال المؤلف؟
نقول: إن اللفظ العام لا يمكن أن نخصصه نحن إلا بدليل، وإلَّا فالواجب إبقاء العام على عمومه، هنا خصصناه بالإماء بدليل، ما هو الدليل؟ قَرْنُه بالأزواج، والكلام الآن فيما يتعلق بالحقوق الزوجية؛ فقال: (﴿﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ ﴾ من الإماء) فتكون الدلالة على التخصيص من قوله: ﴿أَزْوَاجِهِمْ﴾؛ وعلى هذا فنقول: كل موضع ذُكِرَ فيه الأزواج وما ملكت اليمين فالمراد بما ملكت اليمين الإماء.
يقول (بشراء وغيره) يعني: عَلِمْنا ما فرضنا عليهم من الإماء بالشراء وبغير الشراء، هل يُمْكِن أن يملك الإنسان الأمة بغير الشراء؟ يمكن بماذا؟ بالسَّبْيِ، بالهبة، بالإرث، وأسباب التملك كثيرة.
المهم أن ملك اليمين أسبابه متعددة.
(بأن تكون الأمة ممن تحل لمالكها كالكتابية بخلاف المجوسية والوثنية) أفادنا المؤلف رحمه الله بأنه لا يحل للإنسان الأمة غير الكتابية، لا يحلُّ من الإماء إلا الأمة الكتابية وهي اليهودية والنصرانية، فأما الأمة المجوسية فلا تحل؛ يعني: لو سبينا إماءً من المجوس فإنه لا يحل لنا وطئهن، وكذلك الوثنية ويش هي الوثنية؟ التي تعبد الأوثان؛ فإنها لا تَحِلُّ لنا بملك اليمين.
ما الفرق بين المجوسية والوثنية؟ الفرق بينهما أن المجوسية تعبد النار، والوثنية تعبد الأصنام من الأشجار والأحجار وما أشبه ذلك، وكذلك من يعبد القبور، وكذلك مَنْ لا تصلي، لكن مَنْ لا تصلي مرتدة يجب أن تُقْتَل إذا لم تَتُبْ.
وقول المؤلف: (بخلاف المجوسية والوثنية) هذا أحد القولين في المسألة، والصحيح أن المجوسية والوثنية حلال بملك اليمين؛ لعموم قوله تعالى: ﴿وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ ﴿إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ [المؤمنون ٦] فكلمة ﴿مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ عام يشمل ما ملكته من الكتابيات وما ملكته من المجوسيات والوثنيات والشيوعيات وغير ذلك يشمل، ولا دليل على التقييد بالكتابية، نعم النكاح هو الذي لا يَحِلُّ إلا من الكتابية كما قال تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [المائدة ٥] ما قال: إذا ملكتموهن، قال: ﴿إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ فدلَّ هذا على أن المراد بذلك أيش؟ النكاح؛ لأنها هي التي تُؤْتَى أجرها، أما المملوكة فتُشْتَرى فالصواب أنها تَحِلُّ لنا المملوكة إذا كانت مجوسية أو كتابية؛ لعموم الكتاب.
قال: (وأن تُسْتَبْرَأ قبل الوطء) هذا أيضًا مما فرض علينا أن نَسْتَبْرِأ الأمة التي ملكناها قبل أن نطأها؛ لأن النبي ﷺ في غزوة أوطاس «نهى أن توطأ حامل حتى تضع، وألا توطأ ذات حيض حتى تحيض»[[أخرج أبو داود (٢١٥٧) بسنده عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال في سبايا أوطاس: «لا تُوطَأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة».]] فلا بد من الاستبراء إن كانت حاملًا فبوضع الحمل، وإن كانت تحيض فبحيضة.
وهل الاستبراء واجب بكل حال أو لا تُسْتَبْرَأ البكر؟
ذهب بعض العلماء إلى أن الاستبراء واجب حتى في الأبكار، وقال بعض أهل العلم، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية: إن البكر لا تُسْتَبْرأ، لماذا؟
لأن الغرض من الاستبراء العلم بِبَراءة الرحم، والبكر براءة رحمها معلوم، واحتمال أن تَتَحَمَّل بعلاج غير الوطء وارد، لكنه بعيد؛ يعني: يحتمل أن تكون بكرًا، ولكنها تتحمل بمني رجل من الناس وتحمل، لكن هذا بعيد.
إذا ملكها من رجل أمين وأخبره أنه قد استبرأها (...) هل يجب الاستبراء؟
المذهب: يجب الاستبراء، والقول الثاني في المسألة أنه لا يجب الاستبراء لأنه ما دام البائع أمينًا.
الآن أسألكم عن إعراب (كي) من يعرفها؟ تعرفها؟
* طالب: مصدرية.
* الشيخ: مصدرية، ولا يصح أن تكون حرف جر للتعليل؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، كما لو قلت: جئت كي أقرأ. بأيش؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: وإذا سُبِقَت باللام.
* الطالب: تكون مصدرية.
* الشيخ: تتعين أن تكون مصدرية، صح، (كي) إذا اقترنت باللام يتعين أن تكون مصدرية؛ لئلا يُجْمَع بين حرفي تعليل، فإن لم تُسْبَق باللام صارت حرف تعليل والفعل بعدها منصوب بأن.
إذن ﴿لِكَيْ﴾ اللام حرف جر، و(كي) مصدرية و﴿لَا﴾ نافية و﴿يَكُونَ﴾ فعل أمر مبني على الفتح في محل جر؟
* طالب: لا، فعل مضارع.
* الشيخ: كيف؟ فعل مضارع أيش منصوب بماذا؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: بـ (كي) وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره.
﴿لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ يعني: على النبي ﷺ، الخطاب للرسول ﷺ، ﴿حَرَجٌ﴾ أي: ضيق في النكاح.
قال المؤلف في ﴿لِكَيْلَا﴾: (متعلق بما قبل ذلك) وأيش قبل ذلك؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: المؤلف جيد، (قبل ذلك) يحتمل أن يريد أنه متعلق بـ﴿أَحْلَلْنَا﴾ ﴿إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَك﴾ إلى قوله: ﴿لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ﴾، ويحتمل أن تكون متعلقة بـ﴿خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (خَالِصَةً لَكَ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ) وكلا المعنين صحيح؛ ولهذا قال بعضهم: إنها متعلقة بـ﴿أَحْلَلْنَا﴾، وقال بعضهم: إنها متعلقة بـ﴿خَالِصَةً﴾، وكلام المؤلف صالح للوجهين ﴿لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ﴾ يعني: أننا أحللنا لك هذا الحل حتى لا يكون عليك ضيق في النكاح، ومعلوم أن النبي ﷺ مطلوب فالنساء قد يأتين إليه يَعْرِضْن أنفسهن عليه فإذا لم تَحِل له الواهبة نفسها صار عليه في ذلك ضيق من وجهين؛ إن رغبها ففيه ضيق عليه ألا يتزوجها، وإن لم يرغبها ففيه ضيق عليه إن ردَّها، فالله عز وجل جعل الخيار له إن أراد النبي أن يستنكحها لئلا يكون أيش؟ عليه حرج، ضيق؛ حتى يتسع له المجال، والرسول عليه الصلاة والسلام خص بهذا أي بأن يتزوج ما شاء حتى في مَنْ وهبت نفسها له؛ لأن اتصاله بهن فيه مصلحة عظيمة لمن؟ لهن ولأهلن وللمسلمين؛ لهن ظاهر، ولأهلهن لأنه ليس من الشك في أن لمن تزوج النبي ﷺ منهم الشرف في مصاهرة النبي ﷺ، وللمسلمين لأن هذه المرأة سيكون عندها علم من سنة الرسول ﷺ، أليس كذلك؟ هذا العلم لولا اتصالها به ما حصلته؛ ولهذا كثير من السنن البيتية من أين تُلقيت؟ من زوجات الرسول ﷺ.
﴿لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ يجمع الله تعالى دائمًا بين هذين الاسمين الكريمين؛ لأن بالمغفرة زوال المكروه، وبالرحمة حصول المطلوب، وإذا زال المكروه وحصل المطلوب فقد تمت الأمور.
﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا﴾ ﴿كَانَ﴾ فيما مضى؟! لا، لأن (كان) هنا مسلوبة الدلالة على الزمن، والمراد بها تحقق الموصوف بالصفة، أن الصفة هذه في هذا الموصوف حقيقة.
﴿غَفُورًا﴾ هل هو صيغة مبالغة ولَّا صفة مشبهة؟ يحتمل أن تكون صيغة مبالغة وأن تكون صفة مشبهة، وأيًّا كان فإنها مشتقة من المغفرة وهي ستر الذنب ويش بعد؟ والتجاوز عنه.
و﴿رَحِيمًا﴾ مشتقة من الرحمة، وهي صفة تتعلق بذات الله عز وجل من مقتضاها الإحسان والإنعام، والغفور والرحيم من أسماء الله سبحانه وتعالى، وكل اسم من أسماء الله فإنه دال على أمور ثلاثة إذا كان متعديًّا، وعلى أمرين إذا كان غير متعدٍّ.
ما هي الأمور الثلاثة التي يدل عليها الاسم إذا كان متعديًّا؟
* الطالب: (...)؟
* الشيخ: وأن تعلموا أن العلم ليس بالأمر الهين، العلم يحتاج إلى تعب؛ ولهذا قال بعض السلف: العلم لا ينال براحة الجسم، اللي بده يستريح ما يكون طالب علم، اللي بده ينام ما يقول: إني طالب علم لا بد لطالب العلم أن يكون طالب علم على سبيل الحقيقة، وسيجد غِبَّ ذلك فيما بعد سيجد النتيجة والتحصيل، وهو قد يشق عليه في أول الأمر أن يحبس نفسه على العلم، لكن إذا اعتاد حبس نفسه على العلم صار ذلك سجية وطبيعة له، حتى إنه إذا فقد ذلك الحبس انحبس، وجرب تجد، أنا قد جربت وغيري قد جرب، إذا حبست نفسك عن العلم فإنك تفقد ذلك الحبس لو تأخرت عنه، أما إذا عودت نفسك الإهمال وعدم المبالاة فاعلم أنك ستبقى كالمريض بسلٍّ مؤنث، تعرفون المريض بالسل المؤنث؟ السل المذكر يمشي صاحبه ما يبقى إلا شهرين ثلاثة ويمشي إلى المقبرة، لكن البلاء السل المؤنث يبقي فيه السنوات العديدة لا حي ولا ميت، وهكذا طالب العلم إذا لم يجدَّ في طلب العلم يبقى لا حيًّا ولا ميتًا فاللهَ اللهَ يا إخواني في الحرص، اللهَ اللهَ على الحرص في طلب العلم إن كنتم تريدون العلم، أما إذا كنتم تريدون أن تُقَطِّعوا الوقت ويمشي الوقت فيما كان فهذا شيء آخر، لكن الذي يريد العلم لا بد أن يكب عليه وأن يجتهد، وهو إن أتعب جسمه الآن سيجد الراحة فيما بعد ولا سيما الشباب منكم، الشباب هو الذي إذا حفظ العلم إن شاء الله ما ينساه، لكن ثقوا أنه إذا تقادمت بكم السن فإنكم تدرسون اليوم وتنسون غدًا، صحيح أن الإنسان إذا تقدَّم في العلم يكون فهمه أكثر وأوسع وأدق، لكن في الحفظ، ما فيه حفظ إلا في الصغر، أبدًا فأنتم إن شاء الله تحرصون على طلب العلم، لا تظنوا أنكم في نزهة إلا في نزهة واحدة وهي نزهة العلوم؛ لأن العلوم فيها من كل فاكهة زوجان؛ هذا فقه، وهذا حديث، وهذا تفسير، وهذا توحيد، وهذا نحو، ما شاء الله، ثمرات متنوعة، فليكن نزهتكم هذا العلم، وأسأل الله لي ولكم التوفيق، أما أنا نبحث في المسألة أمس ونيجي نسأل عليها اليوم ما أحد يجاوب، أو ما يستطيع الواحد يجاوب، ما هو كلكم، كلكم ممكن تجاوبون، لكن فيكم من لا يجاوب مع إن المسألة ليست ببعيدة.
ذكرنا أن اسم الله عز وجل يُستفاد منه ثلاثة أمور إذا كان متعديًّا، وأمران إذا كان لازمًا، الثلاثة إذا كان متعديًّا؟
* الطالب: الاسم والصفة والأثر؟
* الشيخ: نعم، الاسم والصفة والأثر؛ مثال ذلك في الغفور: أن الغفور من أسماء الله، والصفة في الغفور المغفرة، والأثر أنه يغفر الذنوب جميعًا سبحانه وتعالى.
الرحيم مثلها؛ الاسم الرحيم، والصفة الرحمة، والأثر يرحم، عرفتم يا جماعة؟ أما إذا كان لازمًا لا يتعدي فهو يستفاد منه فائدتان: الاسم، والصفة؛ الاسم مثل العليِّ العظيم، يستفاد من العليِّ الاسم، والصفة وهي العلو ولا تتعدي إلى أحد حتى نقول: يستفاد من الأثر والعظيم كذلك.
(﴿﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا﴾ ﴾ بما يعسر التحرز منه ﴿﴿رَحِيمًا﴾ ﴾ بالتوسعة في ذلك) هذا من بعض المغفرة والرحمة، وليس هو المغفرة والرحمة، بل المغفرة فيما يقابل الذنوب، والرحمة فيما يحصل به المطلوب، ثم نرجع الآن إلى الفوائد.
* الطالب: قوله: ﴿لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ﴾ العلة في هذه؟ مناسبتها مع المعلول ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ﴾؟
* الشيخ: هذه العلة علة لما سبق، ما هي لقوله: ﴿قَدْ عَلِمْنَا﴾.
* الطالب: وجه الفصل في ذلك؟
* الشيخ: علة لقوله: ﴿أَحْلَلْنَا لَكَ﴾ أو ﴿خَالِصَةً﴾.
* الطالب: ويش الفاصل بين العلة والمعلول؟
* الشيخ: الفاصل لأنه لما قال: ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ لما ذكر أن هذا من خصوصياته بَيَّن ما فرض عليه؛ يعني فأنت لك هذا خاصة، وهم لهم أحكام أخرى مختصة بهم.
قال الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ﴾.
* يستفاد من هذه الآية الكريمة: علو شأن النبي ﷺ؛ لقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ﴾ فإنها -كما سبق- تصديرها بالنداء مع وصف النبوة يدل على رفعة شأنه ﷺ.
* ومن فوائدها: أن الإحلال والتحريم إلى الله عز وجل؛ لقوله: ﴿إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ﴾، وهذا لا ينافي أن يكون النبي ﷺ يجتهد أحيانًا ويحكم فإن القول الراجح أن الرسول ﷺ له أن يُشَرِّع ثم إن أقرَّه الله على ذلك كان شريعة، وإن لم يقره كان على حسب ما أراد الله عز وجل؛ والدليل على أن الرسول عليه الصلاة والسلام يستقل بالتشريع عدة أحاديث، بل من القرآن؛ لقوله تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [النساء ٨٠]، وهذا يدل على أن للنبي ﷺ أمرًا مستقلًا، ومن السنة مثل قوله ﷺ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٨٨٧) ومسلم (٢٥٢/٤٢) واللفظ له من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]] فإن هذا يدل على أنه يأمر وينهى، وإلا لقال: لولا أن الله لم يأمرني لأمرتهم؛ يعني: ما يعلقها بإرادته هو، بل بإرادة الله، ومنها قوله ﷺ: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا الرُّومُ يَغِيلُونَ فَلَا يَضُرُّهُمْ شَيْئًا»[[أخرج مسلم (١٤٤٢/١٤٠) من حديث جدامة بنت وهب الأسدية رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله ﷺ يقول: «لقد هَمَمْت أن أنهى عن الغيلة، حتى ذكرت أن الروم وفارس يصنعون ذلك، فلا يضر أولادهم».]]، وغير ذلك من الأمثلة مثل قوله في صلاة العشاء: «إِنَّهُ لَوَقْتُهَا، لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٧٠)، ومسلم (٦٣٨/٢١٩) من حديث عائشة رضي الله عنها.]]، والحاصل أن النبي عليه الصلاة والسلام له أن يأمر وينهى ويحلل ويحرم، ولكن إن أقره الله على ذلك كان ذلك من شريعة الله، وإلا فالأمر إلى الله عز وجل.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه لا بد في النكاح من المهر؛ لقوله: ﴿اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾.
* ومن فوائدها: أن النكاح عقد على المنفعة وليس على العين؛ لقوله: ﴿أُجُورَهُنَّ﴾، والإجارة عقد على منافع لا على أعيان؛ ولهذا تملك المرأة نفسها بالبيع والشراء والهبة وغير ذلك، وليس لزوجها أن يعترض عليها في هذه الأمور؛ لأنه إنما يملك منفعة الاستمتاع فقط.
* ومن فوائد الآية الكريمة: جواز الوطء بملك اليمين، من أين تؤخذ؟ من قوله: ﴿وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾.
* ومن فوائدها: صحة إضافة الشيء إلى البعض؛ لقوله: ﴿مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾ وهذا كثير في القرآن؛ ومنه قوله: ﴿بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ [الشورى ٣٠]، وقوله: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ [النساء ٩٢] فإن الإنسان لا يحرر الرقبة وحدها بل يحرر كل العبد.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن سبب ملك اليمين سببه الفيء؛ لقوله: ﴿مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ﴾.
* ومن فوائدها: أن أموال الكفار إذا عادت إلى المسلمين فقد عادت إلى أهلها تُؤْخذ من قوله: ﴿أَفَاءَ﴾؛ لأن الفيء بمعنى الرجوع؛ فالكفار يتمتعون بأموالهم لكنهم بغير حق؛ ولهذا يحاسبون عليها يوم القيامة، أما الأموال فهي حقيقة للمسلمين.
* ومن فوائد الآية الكريمة: جواز هؤلاء الأربع من الأقارب وهم بنات العم وبنات العمات وبنات الخال وبنات الخالات؛ وأما غيرهن من الأقارب فحرام كما في آية النساء.
* ومن فوائدها: أنه يُشترط لحِلِّ هؤلاء الأقارب في حق النبي ﷺ أن يكُنَّ قد هاجرن معه؛ لقوله: ﴿اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ﴾، ويتفرع على هذه الفائدة أن النبي ﷺ قد يخص بأشياء في النكاح تضييقًا وتوسيعًا، من أين تؤخذ؟ من قوله: ﴿اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ﴾ فإن في هذا تضييقًا لأن غيره يحل له بنات العم والخال والخالات مطلقًا بخلاف النبي ﷺ.
* ومن فوائد الآية الكريمة: جواز تزوج النبي ﷺ بالهبة، منين تؤخذ؟
* الطالب: ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا﴾.
* الشيخ: ﴿إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا﴾ لمن؟
* الطالب: ﴿لِلنَّبِيِّ﴾ ﷺ.
* الشيخ: طيب للنبي.
* ومن فوائدها: جواز نكاح النبي ﷺ بالهبة؛ لقوله: ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا﴾، ويشترط في هذه الواهبة أن تكون أيش؟ مؤمنة؛ لقوله: ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً﴾ فلو وهبت كتابية نفسها للنبي ﷺ لم تحلَّ له.
* ومن فوائد الآية الكريمة: لطف الله تعالى بنبيه ﷺ؛ لقوله: ﴿إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا﴾.
* ومن فوائدها أيضًا: بيان علو شأن النبي ﷺ؛ حيث قال: ﴿إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ﴾ ولم يقل: إن أردتَ مع أن المقام يقتضي أن يقول: إن أردت أن تستنكحها؛ لأن الخطاب له ﴿إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا﴾ كان مقتضى السياق أن يقول: وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها لك إن أردت أن تستنكحها، ولكنه أتى بالنبي لبيان علو شأنه ومرتبته.
* ومنها، ومن الفوائد: أن الإظهار هنا لبيان علة الحكم، الإظهار هنا في مقام الإضمار من فوائده بيان علة الحكم، كيف؟ لو قال: وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها لك إن أردت أن تستنكحها ما تبين لنا وجه الخصوصية، لكن لما قال: ﴿إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا﴾ تبين الآن وجه الخصوصية؛ لأنه كان نبيًّا، فالعلة أنه نبي فأُحِلَّت له هذه الواهبة نفسها.
* ومن فوائد الآية الكريمة: الردُّ على الجبرية؛ ﴿إِنْ أَرَادَ﴾ حيث أثبت للنبي ﷺ إرادة، والجبرية لا يثبتون إرادة للإنسان، يقولون: إنه مجبر على عمله.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن جواز النكاح بالهبة من خصائص النبي ﷺ؛ لقوله: ﴿خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الحكم الثابت للرسول ﷺ ثابت لأمته إلا بدليل، من أين يؤخذ أن الحكم الثابت للرسول ثابت للأمة إلا بالدليل؟ لقوله: ﴿خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ فلولا أن الحكم الثابت له ثابت لأمته لكان قوله: ﴿خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ لغوًا لا فائدة منه، فلما أخرج المؤمنين من ذلك الحكم عُلِمَ أن الأصل مشاركة أمته له في الأحكام، ﴿خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن لله تعالى أن يَخْتَصَّ بأحكامه مَنْ شاء؛ من تخصيص النبي ﷺ بهذا الحكم، فالله تعالى له أن يختص بأحكامه ما يشاء.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن التخصيص للحكم لا بد أن يكون له علة تقتضي تخصيص ذلك المحكوم له، من أين يؤخذ؟
* طالب: (...)؟
* الشيخ: لا، انتبهوا، أن التخصيص لا بد له من علة تقتضي ذلك التخصيص..
* طالب: ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا﴾.
* الشيخ: لا.
* الطالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، ﴿إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ﴾ فإن العلة في ذلك أنه نبي، وهذه العلة لا تكون للمؤمنين.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات العلم لله عز وجل؛ لقوله: ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ﴾.
* ومن فوائدها: أن الله تعالى فرض علينا فرائض في أزواجنا علينا مراعاتها؛ لقوله: ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ﴾، وكذلك نقول في ملك اليمين ﴿وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾.
* ومنها: جواز وطء ملك اليمين، وقد سبق.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الأحكام، أحكام الله عز وجل مُعَلَّلة بالحِكَم أو مقرونة بحِكَمِها؛ لقوله تعالى: ﴿لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ﴾.
* ومن فوائدها: عناية الله تعالى برسوله ولطفه به؛ حيث أحلَّ له ما يزول به عنه الحرج؛ لقوله: ﴿لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ﴾.
* ومن الفوائد أيضًا: إثبات اسمين من أسماء الله وهما الغفور الرحيم، وإثبات ما تضمنها من الوصف أو من الصفة ومن الأثر ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾.
هل نأخذ منها فائدة: أن النكاح بلفظ الهبة لا يصح أو لا؟ أن النكاح بلفظ الهبة لو قال: وهبتك بنتي فقال: قبلت. لا يصح، الظاهر أنه يصح؛ لأن العلة ﴿إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ﴾ أنه يتزوج بدون مهر ما هو العلة اللفظ، العلة أن يكون الزواج بدون مهر؛ فهذا هو الذي يكون خاصًّا بالنبي ﷺ، أما لفظ الهبة فإنه قد جاء في أحد ألفاظ حديث سهل بن سعد في الواهبة نفسها أن النبي ﷺ قال للرجل: «مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٠٨٧) ومسلم (١٤٢٥/٧٦) من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه.]] وهذا أحد ألفاظ البخاري، وهذا يدل على جواز عقد النكاح بمثل هذا اللفظ.
* طالب: هل هناك (...)؟
* الشيخ: أبدًا هذا ما فيه شيء، أبدا.
* الطالب: يعني: ما يحصل بسرقة أبناء الكفار ثم بيعهم؟
* الشيخ: ما يجوز (...).
* الطالب: ما يحصل من سرقة أبناء الكفار ثم بيعهم للمسلمين؟
* الشيخ: إي، هذا ما يجوز ولا يكونون أرقاء بهذا.
* طالب: الهبة على مقابل (...) وهبتك في النكاح؟
* الشيخ: الهبة على عوض حكمها حكم البيع في كل شيء.
* الطالب: زواج (...) على عوض (...)؟
* الشيخ: فهذا زواج بمهر؛ يعني: اللفظ لا يضر، الصحيح أن جميع العقود تنعقد بما دلَّ عليها.
* الطالب: هل نقول بأن الهبة على عوض؟
* الشيخ: هنا لا، لا، نقول: نكاح بمهر، وإن كان بلفظ الهبة، لكنه نكاح.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ إِنَّاۤ أَحۡلَلۡنَا لَكَ أَزۡوَ ٰجَكَ ٱلَّـٰتِیۤ ءَاتَیۡتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتۡ یَمِینُكَ مِمَّاۤ أَفَاۤءَ ٱللَّهُ عَلَیۡكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّـٰتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَـٰلَـٰتِكَ ٱلَّـٰتِی هَاجَرۡنَ مَعَكَ وَٱمۡرَأَةࣰ مُّؤۡمِنَةً إِن وَهَبَتۡ نَفۡسَهَا لِلنَّبِیِّ إِنۡ أَرَادَ ٱلنَّبِیُّ أَن یَسۡتَنكِحَهَا خَالِصَةࣰ لَّكَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَۗ قَدۡ عَلِمۡنَا مَا فَرَضۡنَا عَلَیۡهِمۡ فِیۤ أَزۡوَ ٰجِهِمۡ وَمَا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُهُمۡ لِكَیۡلَا یَكُونَ عَلَیۡكَ حَرَجࣱۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق