الباحث القرآني
قال تعالى: ﴿ياأَيُّها النَّبِيُّ إنّا أحْلَلْنا لَكَ أزْواجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمّا أفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وبَناتِ عَمِّكَ وبَناتِ عَمّاتِكَ وبَناتِ خالِكَ وبَناتِ خالاتِكَ اللاَّتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إنْ وهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إنْ أرادَ النَّبِيُّ أنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أزْواجِهِمْ وما مَلَكَتْ أيْمانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وكانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: ٥٠].
بيَّن اللهُ ما أحَلَّهُ لنبيِّه ﷺ مِن النساءِ، وقد جعَلَ شَرْطَ جوازِ نكاحِهِ منهنَّ: أنْ يَكُنَّ مؤمناتٍ، ويُؤْتِيَهُنَّ أجورَهُنَّ، وهي مُهُورُهُنَّ.
وفي هذه الآيةِ: دليلٌ على وجوبِ المَهْرِ وفَرْضِه، وأنّه إن وقَعَ المهرُ مِن النبيِّ ﷺ مع النساءِ، مع رغبتِهِنَّ فيه وفضلِهِ على الرجالِ والنساءِ جميعًا، فهو على غيرِهِ مِن بابِ أولى، وقد تقدَّم الكلامُ على المَهْرِ وحُكْمِه وتفصيلِه وتسميتِهِ وحَدِّهِ وحُكْمِ استردادِه، وذلك مفرَّقًا عندَ قولِهِ تعالى: ﴿لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ومَتِّعُوهُنَّ عَلى المُوسِعِ قَدَرُهُ وعَلى المُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعًا بِالمَعْرُوفِ حَقًّا عَلى المُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: ٢٣٦]، وعندَ قولِه تعالى: ﴿وإنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أنْ تَمَسُّوهُنَّ وقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إلاَّ أنْ يَعْفُونَ أوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ﴾ [البقرة: ٢٣٧]، وقولِه تعالى: ﴿وآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ [النساء: ٤]، وقولِه تعالى: ﴿ياأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهًا ولا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إلاَّ أنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ [النساء: ١٩]، وقولِه تعالى: ﴿وإنْ أرَدْتُّمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وآتَيْتُمْ إحْداهُنَّ قِنْطارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنهُ شَيْئًا أتَأْخُذُونَهُ بُهْتانًا وإثْمًا مُبِينًا ﴾ [النساء: ٢٠].
ولكنَّ اللهَ خَصَّ نبيَّه بأنْ أحَلَّ له مَن تَهَبُ نفسَها له، كما قال تعالى: ﴿وامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إنْ وهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إنْ أرادَ النَّبِيُّ أنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ﴾، فأحَلَّ اللهُ لنبيِّه مَن تَهَبُ نفسَها له، وهذا خاصٌّ به، لظاهرِ الآيةِ.
وفي قولِه تعالى: ﴿وبَناتِ عَمِّكَ وبَناتِ عَمّاتِكَ وبَناتِ خالِكَ وبَناتِ خالاتِكَ﴾ دليلٌ على أنّ نكاحَ القراباتِ يَسْتَوِي في الحِلِّ مع نكاحِ البعيداتِ، فقد أحَلَّ اللهُ لنبيِّه ﷺ ذلك كلَّه على السَّواءِ، ولا يُحِلُّ اللهُ لنبيِّه إلاَّ الطيِّباتِ.
وأمّا ما يُنسَبُ إلى النبيِّ ﷺ: (لا تَنكِحُوا القَرابَةَ القَرِيبَةَ، فَإنَّ الوَلَدَ يُخْلَقُ ضاوِيًا)، وكذلك مقولةُ: «اغْتَرِبُوا، لا تُضْوُوا»، فباطلٌ لا أصلَ له في السُّنَّةِ، وإنّما يُنسَبُ مِن قولِ عمرَ، أنّه قال لآلِ السائبِ: «قد أضْوَيْتُم، فانكِحُوا النوابغَ»، رواهُ إبراهيمُ الحَرْبيُّ في «غريبِ الحديثِ»، ولا يصحُّ[[ينظر: «غريب الحديث» لإبراهيم الحربي (٢ /٣٧٩)، و«البدر المنير» (٧ /٥٠٠)، و«التلخيص الحبير» (٣ /١٤٦).]]، وقد تزوَّجَ النبيُّ ﷺ ابنةَ عمَّتِهِ زينبَ بنتَ جحشٍ، وزوَّجَ فاطمةَ مِن ابنِ عمِّه عليِّ بنِ أبي طالبٍ.
وفي قولِه تعالى: ﴿إنْ وهَبَتْ نَفْسَها﴾ قراءتانِ: قراءةٌ بكسرِ (إنْ)، وقراءةٌ بفتحِها، وحمَل بعضُهم الكسرَ على عدمِ الوقوعِ عندَ نزولِ الآيةِ، والمعنى: إنْ وهَبَتْ، يعني: إنْ وقَع ذلك، فهو حلالٌ خاصٌّ بك، والعاملُ في ذلك قولُه: ﴿أحْلَلْنا﴾، فليس مجرَّدُ وهْبِ النَّفْسِ مجيزًا للنِّكاحِ إلاَّ للنبيِّ ﷺ.
وقد اختُلِفَ في هذا: هل وقَعَ أنْ تزوَّجَ النبيُّ ﷺ امرأةً وهَبَتْ نفسَها له أو لا؟ على قولَيْنِ للعلماءِ، كما اختلَفَ مَن قال بحدوثِ ذلك في تعيينِها، وليس هذا محلَّ الكلامِ عليه، ولكنَّ الثابتَ أنّ منهنَّ مَن وهَبتْ نفسَها كما في «الصحيحينِ»، مِن حديثِ عائشةَ[[أخرجه البخاري (٤٧٨٨)، ومسلم (١٤٦٤).]]، وسهلِ بنِ سعدٍ[[أخرجه البخاري (٥٠٣٠)، ومسلم (١٤٢٥).]]، وإنّما النِّزاعُ في قَبُولِهِ لها، واللهُ أعلَمُ.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ إِنَّاۤ أَحۡلَلۡنَا لَكَ أَزۡوَ ٰجَكَ ٱلَّـٰتِیۤ ءَاتَیۡتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتۡ یَمِینُكَ مِمَّاۤ أَفَاۤءَ ٱللَّهُ عَلَیۡكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّـٰتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَـٰلَـٰتِكَ ٱلَّـٰتِی هَاجَرۡنَ مَعَكَ وَٱمۡرَأَةࣰ مُّؤۡمِنَةً إِن وَهَبَتۡ نَفۡسَهَا لِلنَّبِیِّ إِنۡ أَرَادَ ٱلنَّبِیُّ أَن یَسۡتَنكِحَهَا خَالِصَةࣰ لَّكَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَۗ قَدۡ عَلِمۡنَا مَا فَرَضۡنَا عَلَیۡهِمۡ فِیۤ أَزۡوَ ٰجِهِمۡ وَمَا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُهُمۡ لِكَیۡلَا یَكُونَ عَلَیۡكَ حَرَجࣱۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق