الباحث القرآني
﴿وَلَىِٕن سَأَلۡتَهُمۡ لَیَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُۚ قُلۡ أَبِٱللَّهِ وَءَایَـٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ ٦٥﴾ - نزول الآية
٣٢٩١٣- عن كعبِ بنِ مالكٍ، قال: قال مَخشِيُّ بن حُمَيِّرٍ: لَوَدِدْتُ أنِّي أُقاضى على أن يُضربَ كلُّ رجلٍ منكم مائةً مائةً على أن ينجوَ مِن أن يَنزِلَ فينا قرآنٌ. فقال رسول الله ﷺ لعمارِ بن ياسرٍ: «أدركِ القومَ؛ فإنّهم قد احترقُوا، فسَلْهم عمّا قالوا، فإن هم أنكروا وكتَموا فقل: بلى، قد قلتُم كذا وكذا». فأدرَكهم، فقال لهم، فجاءُوا يعتذِرون؛ فأنزل الله: ﴿لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرتُم بَعدَ إيمانِكُم إن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِنكُم﴾ الآية. فكان الذي عفا اللهُ عنه مَخشِيَّ بنَ حُمَيِّرٍ، فتسمّى: عبدَ الرحمنِ، وسأَل اللهَ أن يُقتلَ شهيدًا لا يُعلمُ بمقتَلِه، فقُتِل يومَ اليمامةِ لا يُعلمُ مقتلُه، ولا مَن قتَلَه، ولا يُرى له أثرٌ ولا عَينٌ[[أخرجه ابن أبي حاتم ٦/١٨٣١ (١٠٤٠٢)، من طريق ابن إسحاق، حدثني الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، عن جدّه كعب به. إسناده حسن.]]. (٧/٤٢٧)
٣٢٩١٤- عن عبد الله بن عباس، قال: نزَلت هذه الآيةُ في رهطٍ من المنافقين من بني عمرِو بنِ عوفٍ، فيهم وديعةُ بنُ ثابتٍ، ورجلٌ مِن أشجع حليفٌ لهم، يقال له: مَخشِيُّ بنُ حُمَيِّرٍ. كانوا يَسيرون مع رسول الله ﷺ وهو مُنطَلِقٌ إلى تبوك، فقال بعضُهم لبعضٍ: أتحسَبُون قتالَ بني الأصْفرِ كقتال غيرهم؟ والله، لكأنّا بكم غدًا تُقرَنون في الحبال. قال مَخشِيُّ بنُ حُمَيَّرٍ: لَوَدِدْتُ أنِّي أُقاضى. فذكَر الحديثَ مثلَ الذي قبلَه[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (٧/٤٢٨)
٣٢٩١٥- عن عبد الله بن مسعود، نحوه[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (٧/٤٢٨)
٣٢٩١٦- عن جابر بن عبد الله، قال: كان فيمن تخلَّف بالمدينةِ مِن المنافقين وداعةُ بنُ ثابتٍ، أحدُ بني عمرو بنِ عوفٍ، فقيل له: ما خلَّفَك عن رسولِ اللهِ ﷺ؟ فقال: الخوضُ، واللَّعِبُ. فأنزَل اللهُ فيه وفي أصحابِه: ﴿ولَئِن سَأَلْتَهُم لَيَقُولُنَّ إنَّما كُنّا نَخُوضُ ونَلعَبُ﴾ إلى قوله: ﴿مجُرِمِينَ﴾[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (٧/٤٢٩)
٣٢٩١٧- عن عبد الله بن عمر -من طريق نافع- قال: رأيتُ عبدَ الله بنَ أُبَيٍّ وهو يَشتدُّ قُدّامَ النبيِّ ﷺ والأحجارُ تنكُبُه[[تنكبه: نالت منه الحجارة وأصابته. النهاية (نكب).]]، وهو يقولُ: يا محمدُ، إنّما كنا نخوضُ ونلعبُ. والنبيُّ ﷺ يقول: ﴿أبِاللَّهِ وءاياتِهِ ورَسُولِهِ كنُتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾[[أخرجه أبو نعيم في صفة النفاق ونعت المنافقين ص٥٧-٥٨ (٢٤)، والعقيلي في الضعفاء ١/٩٣ (١٠٦) في ترجمة إسماعيل بن داود بن مخراق، وابن أبي حاتم ٦/١٨٣٠ (١٠٤٠١)، والواحدي في التفسير الوسيط ٢/٥٠٧ (٤١٧) واللفظ له، من طريق إسماعيل بن داود المخراقي، حدثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر به. قال العقيلي: «حدثني آدم بن موسى، قال: سمعت البخاري، قال: إسماعيل بن مخراق منكر الحديث، مدني».]]٢٩٨٨. (٧/٤٢٦)
٣٢٩١٨- عن عبد الله بن عمر -من طريق زيد بن أسلم- قال: قال رجلٌ في غزوة تبوك في مجلسٍ يومًا: ما رأينا مثل قُرّائنا هؤلاء؛ لا أرْغَب بطونًا، ولا أكْذَب ألسنةً، ولا أجْبَن عند اللقاء. فقال رجلٌ في المجلس: كذبت، ولكنك منافقٌ، لَأُخْبِرَنَّ رسول الله ﷺ. فبلَغ ذلك رسولَ الله ﷺ، ونزَل القرآنُ. قال عبد الله: فأنا رأَيتُه متعلِّقًا بِحَقَبِ[[الحقب: الحبل المشدود على حقو البعير. النهاية (حقب).]] ناقةِ رسول الله ﷺ، والحجارةُ تنكُبُه وهو يقولُ: يا رسول الله، إنما كنا نخوضُ ونلعبُ، والنبيُّ ﷺ يقول: ﴿أبِاللَّهِ وءاياتِهِ ورَسُولِهِ كنُتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾[[أخرجه ابن جرير ١١/٥٤٣-٥٤٤، وابن أبي حاتم ٦/١٨٢٩-١٨٣٠ (١٠٠٤٧)، من طرق عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر به. وأورده الثعلبي ٥/٦٥. إسناده حسن.]]. (٧/٤٢٥)
٣٢٩١٩- عن سعيد بن جبير -من طريق سالم- قال: بينما النبيُّ ﷺ في مسيرِه وأناسٌ مِن المنافقين يَسيرون أمامَه، فقالوا: إن كان ما يقولُ محمد حقًّا فلَنَحْنُ شرٌّ مِن الحميرِ. فأنزَل اللهُ تعالى ما قالوا، فأرسَل إليهم: «ما كنتُم تقولون؟». فقالوا: إنّما كنا نخوضُ ونلعبُ[[أخرجه ابن أبي حاتم ٦/١٨٣٠ (١٠٤٠٠).]]. (٧/٤٢٧)
٣٢٩٢٠- قال الضحاك بن مزاحم: نزلت في عبد الله بن أُبَيٍّ ورَهْطٍ، كانوا يقولون في رسول الله ﷺ وأصحابه ما لا ينبغي، فإذا بلغ رسولَ الله ﷺ قالوا: إنّما كنا نخوض ونلعب[[تفسير الثعلبي ٥/٦٥.]]. (ز)
٣٢٩٢١- عن شريح بن عُبيد -من طريق ضمضم بن زرعة-: أنّ رجلًا قال لأبي الدرداءِ: يا معشر القُرّاء، ما بالُكم أجبنُ منّا، وأبخلُ إذا سُئِلْتُم، وأعظم لَقْمًا[[اللَّقْم: سرعة الأكل والمبادرة إليه. لسان العرب (لقم).]] إذا أكلتُم. فأعرض عنه أبو الدرداء، ولم يرُدَّ عليه شيئًا، فأخبر بذلك عمر بن الخطاب، فانطلق عمرُ إلى الرجل الذي قال ذلك، فقاله بثوبه وخنقه، وقاده إلى النبيِّ ﷺ، فقال الرجل: إنّما كنا نخوضُ ونلعبُ. فأوحى الله تعالى إلى نبيه ﷺ: ﴿ولئن سألتهم ليقولنَّ إنمّا كنّا نخوضُ ونلعبُ﴾[[أخرجه أبو نعيم في الحلية ١/٢١٠.]]. (٧/٤٢٥)
٣٢٩٢٢- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في الآية، قال: بينما رسولُ الله ﷺ في غزوتِه إلى تبوك، وبينَ يديهِ أُناسٌ مِن المنافقين، فقالوا: أيرجُو هذا الرجلُ أن يَفتحَ قصورَ الشامِ وحصونَها؟ هيهاتَ هيهاتَ! فأَطْلعَ اللهُ نبيَّه ﷺ على ذلك، فقال نبيُّ الله ﷺ: «احْتَبِسوا عَلَيَّ هؤلاءِ الركبَ». فأتاهم، فقال: «قلتُم كذا؟ قلتُم كذا؟». قالوا: يا نبيَّ الله، إنّما كنا نخوضُ ونلعبُ. فأنزل اللهُ فيهم ما تسمَعون[[أخرجه ابن جرير ١١/٥٤٤، وابن أبي حاتم ٦/١٨٣٠ (١٠٠٤٩).]]. (٧/٤٢٦)
٣٢٩٢٣- عن محمد بن كعب القرظي وغيره -من طريق أبي معشر- قالوا: قال رجلٌ من المنافقين: ما أرى قُرّاءَنا هؤلاء إلا أرْغَبَنا بطونًا، وأكذبنا ألسنةً، وأجبنَنا عند اللقاء. فرُفِع ذلك إلى رسول الله ﷺ، فجاء إلى رسول الله ﷺ وقد ارْتَحَل وركِب ناقتَه، فقال: يا رسول الله، إنّما كنا نخوض ونلعب. فقال: ﴿أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون﴾ إلى قوله: ﴿مجرمين﴾. وإنّ رجليه لتنسِفانِ[[النَّسْف: القَلْع. لسان العرب (نسف).]] الحجارة، وما يلتفت إليه رسولُ الله ﷺ، وهو مُتَعَلِّق بِنِسْعَةِ[[النِّسْعَة: سير مضفور، يُجعل زِمامًا للبعير وغيره. النهاية (نسع).]] رسول الله ﷺ[[أخرجه ابن جرير ١١/٥٤٥.]]. (ز)
٣٢٩٢٤- قال زيد بن أسلم -من طريق هشام بن سعد-: أنّ رجلًا مِن المنافقين قال لعوف بن مالك في غزوة تبوك: ما لِقُرّائنا هؤلاء؛ أرغبُنا بطونًا، وأكذبُنا ألْسِنَةً، وأجبنُنا عند اللقاء؟! فقال له عوفٌ: كذبت، ولكنَّك منافق، لَأُخْبِرَنَّ رسولَ الله ﷺ. فذهب عوف إلى رسول الله ﷺ ليخبره، فوجد القرآنَ قد سبقه، فقال زيد: قال عبد الله بن عمر: فنظرت إليه مُتَعَلِّقًا بِحَقَبِ ناقة رسول الله ﷺ، تَنْكُبُهُ الحجارة، يقول: إنَّما كُنّا نَخُوضُ ونَلْعَبُ. فيقول له النبي ﷺ: ﴿أبِاللَّهِ وآياتِهِ ورَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾. ما يزيده[[أخرجه ابن جرير ١١/٥٤٣.]]. (ز)
٣٢٩٢٥- قال محمد بن السائب الكلبي: ﴿ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب﴾ إلى قوله: ﴿بأنهم كانوا مجرمين﴾، بَلَغَنا: أنّ رسول الله ﷺ حين رجع من تبوك، بينما هو يسير إذا هو برهط أربعةٍ يسيرون بين يديه، وهم يضحكون، فنزل جبريل على النبي ﷺ، فأخبره أنّهم يستهزئون بالله -تعالى ذِكْرُه- ورسولِه وكتابِه. فبعث رسولُ الله ﷺ عمّار بن ياسر، فقال: «أدركهم قبل أن يحترقوا، واسألهم: مِمَّ يضحكون؟ فإنهم سيقولون: مِمّا يخوض فيه الرَّكْبُ إذا ساروا». فلحقهم عمّار، فقال: مِمَّ تضحكون؟ وما تقولون؟ فقالوا: مِمّا يخوض فيه الرَّكْبُ إذا ساروا. فقال عمار: عَرَّفَناهُ اللهُ ﷿، وبلغ الرسولَ، احترقْتُم، لعنكم الله. وكان يُسايِرُهم رجلٌ لم يَنْهَهُم، وجاءوا إلى النبي ﷺ يعتذرون؛ فأنزل الله ﷿: ﴿لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم﴾ أي: بعد إقراركم، ﴿إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة﴾ فيُرْجى أن يكون العفو من الله ﷿ لِمَن لم يُمالِئْهم، ولم يَنْهَهم[[أورده يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٢/٢١٦-٢١٧-.]]. (ز)
٣٢٩٢٦- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ولَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إنَّما كُنّا نَخُوضُ ونَلْعَبُ﴾، وذلك حين انصرف النبيُّ ﷺ مِن غزاة تبوك إلى المدينة، وبين يديه هؤلاء النفر الأربعة يسيرون، ويقولون: إنّ محمدًا يقول: إنّه نزل في إخواننا الذين تَخَلَّفوا في المدينة كذا وكذا وهم يضحكون ويستهزءون، فأتاه جبريلُ، فأخبره بقولهم، فبعث النبيُّ ﷺ عمارَ بن ياسر، وأخبر النبيُّ ﷺ عمارًا أنّهم يستهزءون ويضحكون مِن كتاب الله ورسوله ﷺ، وإنّك إذا سألتهم لَيَقُولن لك: إنّما كُنّا نخوض ونلعب فيما يخوض فيه الرَّكْبُ إذا ساروا. قال: «فأَدْرِكْهم قبل أن يحترِقوا». فأدْرَكَهم، فقال: ما تقولون؟ قالوا: فيما يخوض فيه الرَّكْب إذا ساروا. قال عمار: صدق اللهُ ورسولُه، وبلغ الرسولَ ﵇، عليكم غضبُ الله، هَلَكْتُم، أهْلَكَكم الله. ثم انصرف إلى النبي ﷺ، فجاء القومُ إلى النبيِّ ﷺ يعتذرون إليه، فقال المَخشِيُّ: كنت أُسايِرُهم، والَّذي أنزل عليك الكتاب، ما تَكَلَّمْتُ بشيءٍ مما قالوا. فقال النبي ﷺ، ولم يَنْهَهُم عن شيءٍ مِمّا قالوا، وقَبِل العُذْر؛ فأنزل الله ﷿: ﴿ولَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إنَّما كُنّا نَخُوضُ ونَلْعَبُ﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/١٧٩.]]. (ز)
٣٢٩٢٧- عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- قال: كان الذي قال هذه المقالةَ -فيما بلغني- وديعةُ بنُ ثابت، أخو بني أمية بن زيد من بني عمرو بن عوف[[أخرجه ابن جرير ١١/٥٤٢.]]. (ز)
﴿وَلَىِٕن سَأَلۡتَهُمۡ لَیَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُۚ قُلۡ أَبِٱللَّهِ وَءَایَـٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ ٦٥﴾ - تفسير الآية
٣٢٩٢٨- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: ﴿ولَئِن سَأَلتَهُم لَيَقُولُنَّ إنَّما كُنّا نَخُوضُ ونَلْعَبُ﴾، قال: قال رجلٌ مِن المنافقين: يُحدِّثُنا محمدٌ أنّ ناقةَ فلانٍ بوادِي كذا وكذا، في يومِ كذا وكذا، وما يُدريه بالغيب[[تفسير مجاهد ص٣٧١، وأخرجه ابن جرير ١١/٥٤٥-٥٤٦، وابن أبي حاتم ٦/١٨٣٠. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وأبي الشيخ.]]. (٧/٤٢٦)
٣٢٩٢٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ولَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إنَّما كُنّا نَخُوضُ ونَلْعَبُ﴾ يعني: ونَتَلَّهى، ﴿قُلْ﴾ يا محمد: ﴿أبِاللَّهِ وآياتِهِ ورَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ﴾ إذا استهزءوا بمحمد ﷺ وبالقرآن، فقد استهزءوا بالله؛ لأنّهما مِن الله ﷿[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/١٧٩-١٨٠.]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.