الباحث القرآني

وقوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ﴾، قال ابن عمر، وزيد بن أسلم والقرظي: (قال رجل من المنافقين في غزوة تبوك: ما رأيت مثل هؤلاء أرغب بطونًا، ولا أكذب ألسنًا، ولا أجبن عند اللقاء، يعني رسول الله -ﷺ- والمؤمنين، فقال له عوف بن مالك [[هو: عوف بن مالك بن أبي عوف الأشجعي، صحابي مشهور، من مسلمة الفتح، وقيل: إنه شهد الفتح، وكانت معه راية أشجع، توفي سنة 73 هـ. انظر: "الكاشف" 2/ 101، و"الإصابة" 3/ 182، و"تقريب التهذيب" ص 433 (5217).]]: كذبت، ولكنك منافق [لا خير فيك] [[ما بين المعقوفين ساقط من (م).]]، لأخبرن رسول الله -ﷺ-، فذهب عوف ليخبره فوجد القرآن قد سبقه، فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله -ﷺ- وقد ارتحل وركب ناقته، فقال: يا رسول الله -ﷺ-، إنما كنا نلعب ونتحدث بحديث الركب نقطع به عناء الطريق، قال ابن عمر: كأني انظر إليه متعلقًا بنسعة [[النسع: سير عريض، تشد به الرحال، والقطعة منه نسعة، وسمي نسعًا لطوله "القاموس المحيط"، فصل النون، باب: العين ص 766.]] ناقة رسول الله ﷺ وإن الحجارة لتنكب رجليه، وهو [[ساقط من (م).]] يقول: إنما كنا نخوض ونلعب، ورسول الله ﷺ يقول: ﴿قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾ ما يلتفت إليه، وما يزيده عليه [[ذكره عنهم بنحو هذا اللفظ الثعلبي في "تفسيره" 6/ 123 ب، ورواه عنهم ابن جرير بألفاظ مختلفة. انظر: "تفسيره" 10/ 172 - 173، وانظر: "تفسير ابن أبي حاتم" 6/ 1829 - 1830.]]. وقال قتادة والحسن: "إن المنافقين قالوا في غزوة تبوك أيرجو هذا الرجل أن يفتح قصور الشام وحصونها، هيهات هيهات [[ساقط من (ح).]]، فأطلع الله [[ساقط من (ى).]] نبيه على ما قالوا [[في (ح): (قاله).]] " [[ذكره عنهما بهذا اللفظ الماوردي في "النكت والعيون" 2/ 378، ورواه عن قتادة مطولًا ابن جرير 10/ 172، وابن أبي حاتم 6/ 1830، والثعلبي 6/ 124 أ.]]، فقوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ﴾، قال الزجاج: (عما كانوا فيه من الاستهزاء) [[لم يذكر الزجاج هذا القول عند تفسير هذه الآية في "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 459.]]. وقال غيره: هذا سؤال تأنيب كقولك للإنسان: لم فعلت هذا القبيح [[لم أعثر فيما بين يدي من المصادر على هذا القول.]]؟ وكذلك قيل لهم: لم طعنتم في الدين بالباطل والزور؟ فأجابوا بما لا عذر فيه، بل هو وبال على المجيب، وهو قولهم: ﴿إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ﴾ وأصل الخوض الدخول في مائع، مثل الماء والطين، ثم كثر حتى صار في كل دخول فيه تلويث وأذى، فمعنى ﴿نَخُوضُ﴾: أي: في الباطل من الكلام كما يخوض الركب يقطعون به الطريق، ﴿وَنَلْعَبُ﴾، فأجابهم الرسول ﷺ ﴿أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ﴾، قال عطاء عن ابن عباس: (يريد: حدوده وفرائضه ﴿كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾. وذكر الكلبي ومقاتل بن سليمان وغيرهما في سبب نزول هذه الآية غير ما ذكرنا أولاً، وهو أنهم قالوا: كان رسول الله -ﷺ- راجعًا من غزوة تبوك في مسيره، وثلاثة نفر [[في "تفسير مقاتل": النفر الأربعة، وقد جاء في السيرة النبوية 4/ 209 تسمية اثنين منهما هما وديعة بن ثابت، ومخشي بن حمير.]] يسيرون بين يديه، فجعل رجلان منهم يستهزآن بالقرآن ورسول [الله ﷺ] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ى).]] والثالث يضحك، فنزل جبريل وأخبر رسول الله -ﷺ-، فقال رسول الله -ﷺ- للمؤمنين: "أتدرون ما يتحدث به هؤلاء النفر الثلاثة [[في (ح): (الثلاثة النفر).]]؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "فإنهم يستهزؤن بالله ورسوله وبالقرآن، نزل علي جبريل فأخبرني بذلك، ولئن أرسلت إليهم فسألتهم مم كانوا يضحكون؟ ليقولن: كنا نتحدث بحديث الركب ونضحك"، ثم قال لعمار بن ياسر: "انطلق فاسألهم عما كانوا [[من (م).]] يضحكون ويتحدثون، وقل لهم: [احترقتم أحرقكم الله"، فأتبعهم عمار فلحقهم، وقال لهم:] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ى).]] مم تضحكون وتتحدثون؟ قالوا: نتحدث بحديث الركب ونضحك بيننا، فقال: صدق الله ورسوله [[في (ى): (صدق رسول الله).]]، احترقتم أحرقكم الله [["تفسير مقاتل" 131 أبنحوه، وذكره بلفظ مقارب ابن الجوزي في "تفسيره" 3/ 464 عن أبي صالح عن ابن عباس، ورواه عن الكلبي مختصرًا عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 2/ 282، وابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر المنثور" 3/ 456، وروى بعضه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 6/ 1830 عن كعب بن مالك، وانظر: "السيرة النبوية" 4/ 209.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب