الباحث القرآني
قَوْلُهُ: ومِنهم هَذا نَوْعٌ آخَرُ بِما حَكاهُ اللَّهُ مِن فَضائِحِ المُنافِقِينَ وقَبائِحِهِمْ، وذَلِكَ أنَّهم كانُوا يَقُولُونَ لِلنَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - عَلى وجْهِ الطَّعْنِ والذَّمِّ هو أُذُنٌ.
قالَ الجَوْهَرِيُّ: يُقالُ رَجُلٌ أُذُنٌ: إذا كانَ يَسْمَعُ مَقالَ كُلِّ أحَدٍ، يَسْتَوِي فِيهِ الواحِدُ والجَمْعُ. ومُرادُهم - أقْمَأهُمُ اللَّهُ - أنَّهم إذا آذَوُا النَّبِيَّ وبَسَطُوا فِيهِ ألْسُنَهم، وبَلَغَهُ ذَلِكَ اعْتَذَرُوا لَهُ وقَبِلَ ذَلِكَ مِنهم، لِأنَّهُ يَسْمَعُ كُلَّ ما يُقالُ لَهُ فَيُصَدِّقُهُ، وإنَّما أطْلَقَتِ العَرَبُ عَلى مَن يَسْمَعُ ما يُقالُ لَهُ فَيُصَدِّقُهُ أنَّهُ أُذُنٌ مُبالَغَةً، لِأنَّهم سَمَّوْهُ بِالجارِحَةِ الَّتِي هي آلَةُ السَّماعِ، حَتّى كَأنَّ جُمْلَتَهُ أُذُنٌ سامِعَةٌ، ونَظِيرُهُ قَوْلُهم لِلرَّبِيئَةِ: عَيْنٌ، وإيذاؤُهم لَهُ هو قَوْلُهم: ﴿هُوَ أُذُنٌ﴾ لِأنَّهم نَسَبُوهُ إلى أنَّهُ يُصَدِّقُ كُلَّ ما يُقالُ لَهُ ولا يُفَرِّقُ بَيْنَ الصَّحِيحِ والباطِلِ اغْتِرارًا مِنهم بِحِلْمِهِ عَنْهم وصَفْحِهِ عَنْ جِناياتِهِمْ كَرَمًا وحِلْمًا وتَغاضِيًا، ثُمَّ أجابَ اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِمْ هَذا، فَقالَ: ﴿قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ﴾ بِالإضافَةِ عَلى قِراءَةِ الجُمْهُورِ.
وقَرَأ الحَسَنُ بِالتَّنْوِينِ، وكَذا قَرَأ عاصِمٌ في رِوايَةِ أبِي بَكْرٍ عَنْهُ، كَأنَّهُ قِيلَ: نَعَمْ هو أُذُنٌ، ولَكِنْ نِعْمَ الأُذُنُ هو لِكَوْنِهِ أُذُنُ خَيْرٍ لَكم ولَيْسَ بِأُذُنٍ في غَيْرِ ذَلِكَ، كَقَوْلِهِمْ رَجُلُ صِدْقٍ، يُرِيدُونَ الجَوْدَةَ والصَّلاحَ.
والمَعْنى أنَّهُ يَسْمَعُ الخَيْرَ ولا يَسْمَعُ الشَّرَّ.
وقُرِئَ " أُذْنُ " بِسُكُونِ الذّالِ وضَمِّها، ثُمَّ فَسَّرَ كَوْنَهُ أُذُنَ خَيْرٍ بِقَوْلِهِ: ﴿يُؤْمِنُ بِاللَّهِ ويُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ أيْ يُصَدِّقُ بِاللَّهِ ويُصَدِّقُ المُؤْمِنِينَ لِما عَلِمَ فِيهِمْ مِن خُلُوصِ الإيمانِ فَتَكُونُ اللّامُ في لِلْمُؤْمِنِينَ لِلتَّقْوِيَةِ، كَما قالَ الكُوفِيُّونَ، أوْ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، كَما قالَ المُبَرِّدُ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ ورَحْمَةٌ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلى ( أُذُنُ ) .
وقَرَأ حَمْزَةُ بِالخَفْضِ عَطْفًا عَلى ( خَيْرٍ ) .
والمَعْنى عَلى القِراءَةِ الأُولى: هو أنَّهُ أُذُنُ خَيْرٍ وأنَّهُ هو رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ، وعَلى القِراءَةِ الثّانِيَةِ: أنَّهُ أُذُنُ خَيْرٍ وأُذُنُ رَحْمَةٍ.
قالَ النَّحّاسُ: وهَذا عِنْدَ أهْلِ العَرَبِيَّةِ بِعِيدٌ، يَعْنِي قِراءَةَ الجَرِّ لِأنَّهُ قَدْ تَباعَدَ بَيْنَ الِاسْمَيْنِ، وهَذا يَقْبُحُ في المَخْفُوضِ.
والمَعْنى: أنَّ النَّبِيَّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - أُذُنُ خَيْرٍ لِلْمُنافِقِينَ ورَحْمَةٌ لَهم حَيْثُ لَمْ يَكْشِفْ أسْرارَهم ولا فَضَحَهم، فَكَأنَّهُ قالَ: هو أُذُنٌ كَما قُلْتُمْ لَكِنَّهُ أُذُنُ خَيْرٍ لَكم لا أُذُنَ سُوءٍ، فَسَلَّمَ لَهم قَوْلَهم فِيهِ إلّا أنَّهُ فَسَّرَهُ بِما هو مَدْحٌ لَهُ وثَناءٌ عَلَيْهِ، وإنْ كانُوا قَصَدُوا بِهِ المَذَمَّةَ والتَّقْصِيرَ بِفِطْنَتِهِ، ومَعْنى ( لِلَّذِينِ آمَنُوا مِنكم ) أيِ الَّذِينَ أظْهَرُوا الإيمانَ وإنْ لَمْ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ حَقِيقَةً ﴿والَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ﴾ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - بِما تَقَدَّمَ مِن قَوْلِهِمْ: هو أُذُنٌ ونَحْوِ ذَلِكَ مِمّا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أنَّهُ أذِيَّةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - ﴿لَهم عَذابٌ ألِيمٌ﴾ أيْ شَدِيدُ الألَمِ.
وقَرَأ ابْنُ أبِي عَبْلَةَ " ورَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ " بِالنَّصْبِ عَلى أنَّها عِلَّةٌ لِمُعَلَّلٍ مَحْذُوفٍ: أيْ ورَحْمَةً لَكم يَأْذَنُ لَكم.
ثُمَّ ذَكَرَ أنَّ مِن قَبائِحِ المُنافِقِينَ إقْدامَهم عَلى الأيْمانِ الكاذِبَةِ، فَقالَ: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكم لِيُرْضُوكُمْ﴾ والخِطابُ لِلْمُؤْمِنِينَ.
وذَلِكَ أنَّ المُنافِقِينَ كانُوا في خِلْواتِهِمْ يَطْعَنُونَ عَلى المُؤْمِنِينَ وعَلى النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - فَإذا بَلَغَ ذَلِكَ إلى رَسُولِ اللَّهِ وإلى المُؤْمِنِينَ جاءَ المُنافِقُونَ فَحَلَفُوا عَلى أنَّهم لَمْ يَقُولُوا ما بُلِّغَ عَنْهم قاصِدِينَ بِهَذِهِ الأيْمانِ الكاذِبَةِ أنْ يُرْضُوا رَسُولَ اللَّهِ ومَن مَعَهُ مِنَ المُؤْمِنِينَ فَنَعى اللَّهُ ذَلِكَ عَنْهم، وقالَ: ﴿واللَّهُ ورَسُولُهُ أحَقُّ أنْ يُرْضُوهُ﴾ أيْ هُما أحَقُّ بِذَلِكَ مِن إرْضاءِ المُؤْمِنِينَ بِالأيْمانِ الكاذِبَةِ، فَإنَّهم لَوِ اتَّقَوُا اللَّهَ وآمَنُوا بِهِ وتَرَكُوا النِّفاقَ لَكانَ ذَلِكَ أوْلى لَهم، وإفْرادُ الضَّمِيرِ في يُرْضُوهُ إمّا لِلتَّعْظِيمِ لِلْجَنابِ الإلَهِيِّ بِإفْرادِهِ بِالذِّكْرِ أوْ لِكَوْنِهِ لا فَرْقَ بَيْنَ إرْضاءِ اللَّهِ وإرْضاءِ رَسُولِهِ، فَإرْضاءُ اللَّهِ إرْضاءٌ لِرَسُولِهِ، أوِ المُرادُ: اللَّهُ أحَقُّ أنْ يُرْضُوهُ ورَسُولُهُ كَذَلِكَ كَما قالَ سِيبَوَيْهِ، ورَجَّحَهُ النَّحّاسُ، أوْ لِأنَّ الضَّمِيرَ مَوْضُوعٌ مَوْضِعَ اسْمِ الإشارَةِ فَإنَّهُ يُشارُ بِهِ إلى الواحِدِ والمُتَعَدِّدِ، أوِ الضَّمِيرُ راجِعٌ إلى المَذْكُورِ، وهو يَصْدُقُ عَلَيْهِما.
وقالَ الفَرّاءُ: المَعْنى ورَسُولُهُ أحَقُّ أنْ يُرْضُوهُ، واللَّهُ افْتِتاحُ كَلامٍ كَما تَقُولُ ما شاءَ اللَّهُ وشِئْتَ، (p-٥٨٢)وهَذِهِ الجُمْلَةُ أعْنِي ﴿واللَّهُ ورَسُولُهُ أحَقُّ أنْ يُرْضُوهُ﴾ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ، وجَوابُ ﴿إنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ﴾ مَحْذُوفٌ: أيْ إنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ فَلْيُرْضُوا اللَّهَ ورَسُولَهُ.
قَوْلُهُ: ﴿ألَمْ يَعْلَمُوا أنَّهُ مَن يُحادِدِ اللَّهَ ورَسُولَهُ فَأنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ﴾ .
قَرَأ الحَسَنُ وابْنُ هُرْمُزَ " ألَمْ تَعْلَمُوا " بِالفَوْقِيَّةِ، وقَرَأ الباقُونَ بِالتَّحْتِيَّةِ.
والمُحادَدَةُ وُقُوعُ هَذا في حَدٍّ، وذَلِكَ في حَدٍّ كالمُشاقَقَةِ: يُقالُ حادَّ فُلانٌ فُلانًا: أيْ صارَ في حَدِّ غَيْرِهِ حَدُّهُ ﴿فَأنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ﴾ .
قَرَأ الجُمْهُورُ بِفَتْحِ الهَمْزَةِ عَلى أنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ: أيْ فَحُقَّ أنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ.
وقالَ الخَلِيلُ وسِيبَوَيْهِ: إنَّ ( أنَّ ) الثّانِيَةَ مُبْدَلَةٌ مِنَ الأُولى، وزَعَمَ المُبَرِّدُ أنَّ هَذا القَوْلَ مَرْدُودٌ، وأنَّ الصَّحِيحَ ما قالَ الجَرْمِيُّ: أنَّ الثّانِيَةَ مُكَرَّرَةٌ لِلتَّوْكِيدِ لَمّا طالَ الكَلامُ.
وقالَ الأخْفَشُ: المَعْنى فَوُجُوبُ النّارِ لَهُ، وأنْكَرَهُ المُبَرِّدُ وقالَ: هَذا خَطَأٌ مِن أجْلِ أنَّ ( أنَّ ) المَفْتُوحَةَ المُشَدَّدَةَ لا يُبْتَدَأُ بِها ويُضْمَرُ الخَبَرُ.
وقُرِئَ بِكَسْرِ الهَمْزَةِ.
قالَ سِيبَوَيْهِ، وهي قِراءَةٌ جَيِّدَةٌ، وأنْشَدَ:
؎وإنِّي إذا مَلَّتْ رِكابِي مُناخَها فَإنِّي عَلى حَظِّي مِنَ الأمْرِ جامِحُ
وانْتِصابُ ( خالِدًا ) عَلى الحالِ، والإشارَةُ بِقَوْلِهِ: ذَلِكَ إلى ما ذُكِرَ مِنَ العَذابِ، وهو مُبْتَدَأٌ وخَبَرُهُ ﴿الخِزْيُ العَظِيمُ﴾ أيِ الخِزْيُ البالِغُ إلى الغايَةِ الَّتِي لا يَبْلُغُ إلَيْها غَيْرُهُ، وهو الذُّلُّ والهَوانُ.
قَوْلُهُ: ﴿يَحْذَرُ المُنافِقُونَ أنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ﴾ قِيلَ: هو خَبَرٌ ولَيْسَ بِأمْرٍ.
وقالَ الزَّجّاجُ: مَعْناهُ لِيَحْذَرِ.
فالمَعْنى عَلى القَوْلِ الأوَّلِ: أنَّ المُنافِقِينَ كانُوا يَحْذَرُونَ نُزُولَ القُرْآنِ فِيهِمْ، وعَلى الثّانِي: الأمْرُ لَهم بِأنْ يَحْذَرُوا ذَلِكَ، وأنْ تُنَزَّلَ في مَوْضِعِ نَصْبٍ: أيْ مِن أنْ تُنَزَّلَ، ويَجُوزُ عَلى قَوْلِ سِيبَوَيْهِ أنْ يَكُونَ في مَوْضِعِ خَفْضٍ عَلى تَقْدِيرِ مِن وإعْمالِها، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ النَّصْبُ عَلى المَفْعُولَيْنِ.
وقَدْ أجازَ سِيبَوَيْهِ حَذَرْتُ زَيْدًا، وأنْشَدَ:
؎حَذِرٌ أُمُورًا لا تَضِيرُ وآمِنٌ ∗∗∗ ما لَيْسَ يُنْجِيهِ مِنَ الأقْدارِ
ومَنَعَ مِنَ النَّصْبِ عَلى المَفْعُولِيَّةِ المُبَرِّدُ.
ومَعْنى عَلَيْهِمْ أيْ عَلى المُؤْمِنِينَ في شَأْنِ المُنافِقِينَ، عَلى أنَّ الضَّمِيرَ لِلْمُؤْمِنِينَ، والأوْلى أنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ لِلْمُنافِقِينَ: أيْ في شَأْنِهِمْ ( تُنَبِّئُهم ) أيِ المُنافِقِينَ ﴿بِما في قُلُوبِهِمْ﴾ مِمّا يُسِرُّونَهُ فَضُلًا عَمّا يُظْهِرُونَهُ، وهم وإنْ كانُوا عالِمِينَ بِما في قُلُوبِهِمْ، فالمُرادُ مِن إنْباءِ السُّورَةِ لَهم إطْلاعُهم عَلى أنَّ المُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمُوا بِما في قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ أمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ بِأنْ يُجِيبَ عَلَيْهِمْ، فَقالَ: ﴿قُلِ اسْتَهْزِئُوا إنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ﴾ هو أمْرُ تَهْدِيدٍ: أيِ افْعَلُوا الِاسْتِهْزاءَ إنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ مِن ظُهُورِهِ حَتّى يَطَّلِعَ عَلَيْهِ المُؤْمِنُونَ، إمّا بِإنْزالِ سُورَةٍ، أوْ بِإخْبارِ رَسُولِهِ بِذَلِكَ أوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: ﴿ولَئِنْ سَألْتَهم لَيَقُولُنَّ إنَّما كُنّا نَخُوضُ ونَلْعَبُ﴾ أيْ ولَئِنْ سَألْتَهم عَمّا قالُوهُ مِنَ الطَّعْنِ في الدِّينِ وثَلْبِ المُؤْمِنِينَ بَعْدَ أنْ يَبْلُغَ إلَيْكَ ذَلِكَ ويُطْلِعَكَ اللَّهُ عَلَيْهِ لِيَقُولُنَّ إنَّما كُنّا نَخُوضُ ونَلْعَبُ، ولَمْ نَكُنْ في شَيْءٍ مِن أمْرِكَ ولا أمْرِ المُؤْمِنِينَ.
ثُمَّ أمَرَهُ اللَّهُ أنْ يُجِيبَ عَنْهم فَقالَ: ﴿قُلْ أبِاللَّهِ وآياتِهِ ورَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾ والِاسْتِفْهامُ لِلتَّقْرِيعِ والتَّوْبِيخِ، وأثْبَتَ وُقُوعَ ذَلِكَ مِنهم ولَمْ يَعْبَأْ بِإنْكارِهِمْ، لِأنَّهم كانُوا كاذِبِينَ في الإنْكارِ، بَلْ جَعَلَهم كالمُعْتَرِفِينَ بِوُقُوعِ ذَلِكَ مِنهم حَيْثُ جَعَلَ المُسْتَهْزَأ بِهِ، والباءَ لِحَرْفِ النَّفْيِ، فَإنَّ ذَلِكَ إنَّما يَكُونُ بَعْدَ وُقُوعِ الِاسْتِهْزاءِ وثُبُوتِهِ.
ثُمَّ قالَ: ﴿لا تَعْتَذِرُوا﴾ نَهْيًا لَهم عَنِ الِاشْتِغالِ بِالِاعْتِذاراتِ الباطِلَةِ، فَإنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَقْبُولٍ مِنهم.
وقَدْ نَقَلَ الواحِدِيُّ عَنْ أئِمَّةِ اللُّغَةِ أنَّ مَعْنى الِاعْتِذارِ مَحْوُ أثَرِ الذَّنْبِ وقَطْعُهُ، مِن قَوْلِهِمُ اعْتَذَرَ المَنزِلُ إذا دَرَسَ، واعْتَذَرَتِ المِياهُ إذا انْقَطَعَتْ ﴿قَدْ كَفَرْتُمْ﴾ أيْ أظْهَرْتُمُ الكُفْرَ بِما وقَعَ مِنكم مِنَ الِاسْتِهْزاءِ المَذْكُورِ ﴿بَعْدَ إيمانِكُمْ﴾ أيْ بَعْدِ إظْهارِكُمُ الإيمانَ مَعَ كَوْنِكم تُبْطِنُونَ الكُفْرَ ﴿إنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنكُمْ﴾ وهم مَن أخْلَصَ الإيمانَ وتَرَكَ النِّفاقَ وتابَ عَنْهُ.
قالَ الزَّجّاجُ: الطّائِفَةُ في اللُّغَةِ الجَماعَةُ.
قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: ويُطْلَقُ لَفْظُ الجَمْعِ عَلى الواحِدِ عِنْدَ العَرَبِ ﴿نُعَذِّبْ طائِفَةً﴾ بِسَبَبِ ﴿بِأنَّهم كانُوا مُجْرِمِينَ﴾ مُصِرِّينَ عَلى النِّفاقِ لَمْ يَتُوبُوا مِنهُ، قُرِئَ " نُعَذِّبْ " بِالنُّونِ، وبِالتّاءِ الفَوْقِيَّةِ عَلى البِناءِ لِلْمَفْعُولِ وبِالتَّحْتِيَّةِ عَلى البِناءِ لِلْفاعِلِ وهو اللَّهُ سُبْحانَهُ.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: كانَ نَبْتَلُ بْنُ الحارِثِ يَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - فَيَجْلِسُ إلَيْهِ فَيَسْمَعُ مِنهُ، ثُمَّ يَنْقُلُ حَدِيثَهُ إلى المُنافِقِينَ، وهو الَّذِي قالَ لَهم: إنَّما مُحَمَّدٌ أُذُنٌ، مَن حَدَّثَهُ بِشَيْءٍ صَدَّقَهُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ: ﴿ومِنهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ ويَقُولُونَ هو أُذُنٌ﴾ الآيَةَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، قالَ: اجْتَمَعَ ناسٌ مِنَ المُنافِقِينَ فِيهِمْ خِلاسُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ صامِتٍ ومَخْشِيُّ بْنُ حِمْيَرٍ ووَدِيعَةُ بْنُ ثابِتٍ، فَأرادُوا أنْ يَقَعُوا في النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - فَنَهى بَعْضُهم بَعْضًا وقالُوا: إنّا نَخافُ أنْ يُبْلُغَ مُحَمَّدًا فَيَقَعَ بِكم، فَقالَ بَعْضُهم: إنَّما مُحَمَّدٌ أُذُنٌ نَحْلِفُ لَهُ فَيُصَدِّقُنا، فَنَزَلَ: ﴿ومِنهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ﴾ الآيَةَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿هُوَ أُذُنٌ﴾ يَعْنِي أنَّهُ يَسْمَعُ مِن كُلِّ أحَدٍ قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿أُذُنُ خَيْرٍ لَكم يُؤْمِنُ بِاللَّهِ ويُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ يَعْنِي: يُصَدِّقُ بِاللَّهِ ويُصَدِّقُ المُؤْمِنِينَ.
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ وابْنُ عَساكِرَ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ قالَ: فِيَّ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ﴿ويَقُولُونَ هو أُذُنٌ﴾ وذَلِكَ أنَّ عُمَيْرَ بْنَ سَعْدٍ كانَ يَسْمَعُ أحادِيثَ أهْلِ المَدِينَةِ، فَيَأْتِي النَّبِيَّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - فَيُسارُّهُ حَتّى كانُوا يَتَأذَّوْنَ بِعُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ وكَرِهُوا مُجالَسَتَهُ، وقالَ: ﴿هُوَ أُذُنٌ﴾ فَأُنْزِلَ فِيهِ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ، قالَ: «ذُكِرَ لَنا أنَّ رَجُلًا مِنَ المُنافِقِينَ قالَ: واللَّهِ إنَّ هَؤُلاءِ لَخِيارُنا وأشْرافُنا، ولَئِنْ كانَ ما يَقُولُ مُحَمَّدٌ حَقًّا لَهم شَرٌّ مِنَ الحَمِيرِ، فَسَمِعَها رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ فَقالَ: واللَّهِ إنَّ ما يَقُولُ مُحَمَّدٌ لَحَقٌّ ولَأنْتَ شَرٌّ مِنَ الحِمارِ، فَسَعى بِها الرَّجُلُ إلى نَبِيِّ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - فَأخْبَرَهُ، فَأرْسَلَ (p-٥٨٣)إلى الرَّجُلِ فَدَعاهُ فَقالَ: ما حَمَلَكَ عَلى الَّذِي قُلْتَ ؟ فَجَعَلَ يَلْتَعِنُ ويَحْلِفُ بِاللَّهِ ما قالَ ذَلِكَ، وجَعَلَ الرَّجُلُ المُسْلِمُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ صَدِّقِ الصّادِقَ وكَذِّبِ الكاذِبَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ في ذَلِكَ: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكم لِيُرْضُوكُمْ﴾ الآيَةَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، مِثْلَهُ، وسَمّى الرَّجُلَ المُسْلِمَ عامِرَ بْنَ قَيْسٍ مِنَ الأنْصارِ.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ الضَّحّاكِ، ﴿ألَمْ يَعْلَمُوا أنَّهُ مَن يُحادِدِ اللَّهَ ورَسُولَهُ﴾ يَقُولُ: يُعادِي اللَّهَ ورَسُولَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿يَحْذَرُ المُنافِقُونَ﴾ الآيَةَ قالَ: يَقُولُونَ القَوْلَ فِيما بَيْنَهم، ثُمَّ يَقُولُونَ عَسى اللَّهُ أنْ لا يُفْشِيَ عَلَيْنا هَذا.
وأخْرَجَ أبُو نُعَيْمٍ في الحِلْيَةِ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ «أنَّ رَجُلًا قالَ لِأبِي الدَّرْداءِ: يا مَعْشَرَ القُرّاءِ ما بالُكم أجْبَنُ مِنّا وأبْخَلُ إذا سُئِلْتُمْ، وأعْظَمُ لَقْمًا إذا أكَلْتُمْ ؟ فَأعْرَضَ عَنْهُ أبُو الدَّرْداءِ ولَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، فَأخْبَرَ بِذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الخَطّابِ، فانْطَلَقَ عُمَرُ إلى الرَّجُلِ الَّذِي قالَ ذَلِكَ، فَقالَ بِثَوْبِهِ وخَنَقَهُ وقادَهُ إلى النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -، فَقالَ الرَّجُلُ: إنَّما كُنّا نَخُوضُ ونَلْعَبُ، فَأوْحى اللَّهُ إلى نَبِيِّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - ﴿ولَئِنْ سَألْتَهم لَيَقُولُنَّ إنَّما كُنّا نَخُوضُ ونَلْعَبُ﴾» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قالَ: «قالَ رَجُلٌ في غَزْوَةِ تَبُوكَ في مَجْلِسٍ يَوْمًا: ما رَأيْنا مِثْلَ قُرّائِنا هَؤُلاءِ، لا أرْغَبَ بُطُونًا، ولا أكْذَبَ ألْسِنَةً، ولا أجْبَنَ عِنْدَ اللِّقاءِ، فَقالَ رَجُلٌ في المَجْلِسِ: كَذَبْتَ ولَكِنَّكَ مُنافِقٌ، لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - ونَزَلَ القُرْآنُ، قالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَأنا رَأيْتُهُ مُتَعَلِّقًا بِحَقَبِ ناقَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - والحِجارَةُ تَنْكُبُهُ وهو يَقُولُ: يا رَسُولَ اللَّهِ إنَّما كُنّا نَخُوضُ ونَلْعَبُ، والنَّبِيُّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - يَقُولُ: ﴿أبِاللَّهِ وآياتِهِ ورَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾» .
المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والعُقَيْلِيُّ في الضُّعَفاءِ وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والخَطِيبُ في رِوايَةِ مالِكٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَقالَ: «رَأيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ وهو يَشْتَدُّ قُدّامَ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - والأحْجارُ تَنْكُبُهُ وهو يَقُولُ: يا مُحَمَّدُ إنَّما كُنّا نَخُوضُ ونَلْعَبُ، والنَّبِيُّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - يَقُولُ: ﴿أبِاللَّهِ وآياتِهِ ورَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾» .
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ، في الآيَةِ قالَ: «بَيْنَما رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - في غَزْوِهِ إلى تَبُوكَ وبَيْنَ يَدَيْهِ أُناسٌ مِنَ المُنافِقِينَ، فَقالُوا: أيَرْجُو هَذا الرَّجُلُ أنْ تُفْتَحَ لَهُ قُصُورُ الشّامِ وحُصُونُها ؟ هَيْهاتَ هَيْهاتَ، فَأطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلى ذَلِكَ، فَقالَ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: احْبِسُوا عَلَيَّ هَؤُلاءِ الرَّكْبَ، فَأتاهم فَقالَ: قُلْتُمْ كَذا، قالُوا: يا نَبِيَّ اللَّهِ إنَّما كُنّا نَخُوضُ ونَلْعَبُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ ما تَسْمَعُونَ» .
وقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذا مِن طُرُقٍ عَنْ جَماعَةٍ مِنَ الصَّحابَةِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿إنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ﴾ قالَ: الطّائِفَةُ الرَّجُلُ والنَّفَرُ.
{"ayahs_start":61,"ayahs":["وَمِنۡهُمُ ٱلَّذِینَ یُؤۡذُونَ ٱلنَّبِیَّ وَیَقُولُونَ هُوَ أُذُنࣱۚ قُلۡ أُذُنُ خَیۡرࣲ لَّكُمۡ یُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَیُؤۡمِنُ لِلۡمُؤۡمِنِینَ وَرَحۡمَةࣱ لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنكُمۡۚ وَٱلَّذِینَ یُؤۡذُونَ رَسُولَ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ","یَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمۡ لِیُرۡضُوكُمۡ وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥۤ أَحَقُّ أَن یُرۡضُوهُ إِن كَانُوا۟ مُؤۡمِنِینَ","أَلَمۡ یَعۡلَمُوۤا۟ أَنَّهُۥ مَن یُحَادِدِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَأَنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَـٰلِدࣰا فِیهَاۚ ذَ ٰلِكَ ٱلۡخِزۡیُ ٱلۡعَظِیمُ","یَحۡذَرُ ٱلۡمُنَـٰفِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَیۡهِمۡ سُورَةࣱ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِی قُلُوبِهِمۡۚ قُلِ ٱسۡتَهۡزِءُوۤا۟ إِنَّ ٱللَّهَ مُخۡرِجࣱ مَّا تَحۡذَرُونَ","وَلَىِٕن سَأَلۡتَهُمۡ لَیَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُۚ قُلۡ أَبِٱللَّهِ وَءَایَـٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ","لَا تَعۡتَذِرُوا۟ قَدۡ كَفَرۡتُم بَعۡدَ إِیمَـٰنِكُمۡۚ إِن نَّعۡفُ عَن طَاۤىِٕفَةࣲ مِّنكُمۡ نُعَذِّبۡ طَاۤىِٕفَةَۢ بِأَنَّهُمۡ كَانُوا۟ مُجۡرِمِینَ"],"ayah":"وَلَىِٕن سَأَلۡتَهُمۡ لَیَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُۚ قُلۡ أَبِٱللَّهِ وَءَایَـٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق