الباحث القرآني

* (فصل: من قِصَّةِ تَبُوكَ) وَقَدْ كانَ رَهْطٌ مِنَ المُنافِقِينَ، مِنهم وديعة بن ثابت أخُو بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، ومِنهم رَجُلٌ مِن أشْجَعَ حَلِيفٌ لِبَنِي سَلَمَةَ يُقالُ لَهُ: مخشي بن حمير، قالَ بَعْضُهم لِبَعْضٍ: أتَحْسَبُونَ جِلادَ بَنِي الأصْفَرِ كَقِتالِ العَرَبِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ؟! واللَّهِ لَكَأنّا بِكم غَدًا مُقَرَّنِينَ في الحِبالِ - إرْجافًا وتَرْهِيبًا لِلْمُؤْمِنِينَ - فَقالَ مخشي بن حمير: واللَّهِ لَوَدِدْتُ أنِّي أُقاضى عَلى أنْ يُضْرَبَ كُلٌّ مِنّا مِائَةَ جَلْدَةٍ، وإنّا نَنْفَلِتُ أنْ يَنْزِلَ فِينا قُرْآنٌ لِمَقالَتِكم هَذِهِ وقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِعَمّارِ بْنِ ياسِرٍ: «أدْرِكِ القَوْمَ فَإنَّهم قَدِ احْتَرَقُوا فَسَلْهم عَمّا قالُوا، فَإنْ أنْكَرُوا فَقُلْ: بَلْ قُلْتُمْ كَذا وكَذا، فانْطَلَقَ إلَيْهِمْ عمار فَقالَ لَهم ذَلِكَ، فَأتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَعْتَذِرُونَ إلَيْهِ، فَقالَ وديعة بن ثابت: كُنّا نَخُوضُ ونَلْعَبُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ ﴿وَلَئِنْ سَألْتَهم لَيَقُولُنَّ إنَّما كُنّا نَخُوضُ ونَلْعَبُ﴾ [التوبة: ٦٥] فَقالَ مخشي بن حمير: يا رَسُولَ اللَّهِ، قَعَدَ بِيَ اسْمِي واسْمُ أبِي، فَكانَ الَّذِي عُفِيَ عَنْهُ في هَذِهِ الآيَةِ، وتَسَمّى عبد الرحمن، وسَألَ اللَّهَ أنْ يُقْتَلَ شَهِيدًا لا يُعْلَمُ بِمَكانِهِ، فَقُتِلَ يَوْمَ اليَمامَةِ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ أثَرٌ». وَذَكَرَ ابن عائذ في " مَغازِيهِ " أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَزَلَ تَبُوكَ في زَمانٍ قَلَّ ماؤُها فِيهِ، فاغْتَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ غَرْفَةً بِيَدِهِ مِن ماءٍ فَمَضْمَضَ بِها فاهُ ثُمَّ بَصَقَهُ فِيها، فَفارَتْ عَيْنُها حَتّى امْتَلَأتْ، فَهي كَذَلِكَ حَتّى السّاعَةِ قُلْتُ: في " صَحِيحِ مسلم " أنَّهُ قالَ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْها: «إنَّكم سَتَأْتُونَ غَدًا إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى عَيْنَ تَبُوكَ، وإنَّكم لَنْ تَأْتُوها حَتّى يُضْحِيَ النَّهارُ، فَمَن جاءَها فَلا يَمَسَّنَّ مِن مائِها شَيْئًا حَتّى آتِيَ، قالَ: فَجِئْناها وقَدْ سَبَقَ إلَيْها رَجُلانِ، والعَيْنُ مِثْلَ الشِّراكِ تَبِضُّ بِشَيْءٍ مِن ماءٍ، فَسَألَهُما رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: هَلْ مَسِسْتُما مِن مائِها شَيْئًا؟ قالا: نَعَمْ، فَسَبَّهُما النَّبِيُّ ﷺ وقالَ لَهُما ما شاءَ اللَّهُ أنْ يَقُولَ، ثُمَّ غَرَفُوا مِنَ العَيْنِ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتّى اجْتَمَعَ في شَيْءٍ، وغَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِيهِ وجْهَهُ ويَدَيْهِ ثُمَّ أعادَهُ فِيها، فَجَرَتِ العَيْنُ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ حَتّى اسْتَقى النّاسُ، ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يُوشِكُ يا معاذ إنْ طالَتْ بِكَ حَياةٌ أنْ تَرى ما هاهُنا قَدْ مُلِئَ جِنانًا».
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب