الباحث القرآني
﴿وَٱخۡتَارَ مُوسَىٰ قَوۡمَهُۥ سَبۡعِینَ رَجُلࣰا لِّمِیقَـٰتِنَاۖ فَلَمَّاۤ أَخَذَتۡهُمُ ٱلرَّجۡفَةُ﴾ - تفسير
٢٩٠١٤- عن عليِّ بن أبي طالب -من طريق عمارة بن عبد السلولي- قال: لَمّا حضر أجَلُ هارون أوحى الله إلى موسى: أنِ انطلق أنت وهارونُ وابنُ هارونَ إلى غارٍ في الجبل، فأنا قابِضٌ رُوحَه. فانطلق موسى وهارونُ وابن هارونَ، فلما انتهوا إلى الغار دخلوا، فإذا سريرٌ، فاضطَجَع عليه موسى، ثم قام عنه، فقال: ما أحسنَ هذا المكان، يا هارون! فاضطَجَع هارون، فقبض روحه، فرجع موسى وابنُ هارون إلى بني إسرائيل حزينَينِ، فقالوا له: أين هارون؟ قال: مات. قالوا: بل قتلته، كنتَ تعلم أنّا نُحِبُّه. فقال لهم موسى: ويلكم، أقتل أخي وقد سألتُه الله وزيرًا؟! ولو أنِّي أردت قتله أكان ابنُه يدعُني؟! قالوا له: بلى، قتَلْتَه، حَسَدْتَناهُ. قال: فاختاروا سبعين رجلًا. فانطَلَق بهم، فمرِض رجلان في الطريق، فخطَّ عليهما خطًّا، فانطلق موسى وابنُ هارون وبنو إسرائيل حتى انتهوا إلى هارون، فقال: يا هارون، مَن قتلك؟ قال: لم يقتلني أحدٌ، ولكني متُّ. قالوا: ما نقضي، يا موسى؟ ادعُ لنا ربَّك يجعلنا أنبياء. قال: فأخذتهم الرجفة، فصعقوا، وصعق الرجلان اللذان خُلِّفوا، وقام موسى يدعو ربَّه: ﴿لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا﴾. فأحياهم اللهُ، فرجعوا إلى قومهم أنبياءَ[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٧٠، وابن أبي حاتم ٥/١٥٧٣. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت، وأبي الشيخ.]]٢٦٤٥. (٦/٥٩٩)
٢٩٠١٥- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- في قوله: ﴿واختار موسى قومه﴾ الآية، قال: كان اللهُ أمره أن يختار من قومه سبعين رجلًا، فاختار سبعين رجلًا، فبَرَزَ بهم ليدعوا ربَّهم، فكان فيما دعوا اللهَ أن قالوا: اللهمَّ، أعطِنا ما لم تُعْطِه أحدًا مِن قبلنا، ولا تُعْطِه أحدًا بعدنا. فكره اللهُ ذلك من دعائهم، فأخذتهم الرجفة، قال موسى: ربِّ، لو شئت أهلكتهم من قبل[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٦٩، وابن أبي حاتم ٥/١٥٧٤. وعزاه السيوطي إلى المنذر.]]. (٦/٥٩٧)
٢٩٠١٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن حيان- قال: إنّ السبعين الذين اختارهم موسى من قومه إنّما أخذتهم الرَّجفة لأنهم لم يرْضَوْا بالعجل، ولم يَنْهَوا عنه[[أخرجه ابن أبي عمر -كما في المطالب العالية (٣٩٨١)-، وابن جرير ١٠/٤٧٢. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وأبي الشيخ.]]. (٦/٦٠٢)
٢٩٠١٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير-: فأخذتهم الرجفة، وكان فيهم مَن قد اطَّلَع الله منه على ما أُشْرِب قلبُه مِن حُبِّ العجل، والإيمان به؛ فلذلك رَجَفَتْ بهم الأرض[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٥٧٥.]]. (ز)
٢٩٠١٨- عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- ﴿فَلَمّا أخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ﴾، قال: رُجِف بهم[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٧٥.]]. (ز)
٢٩٠١٩- عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير- قال: ثُمَّ انصرف -يعني: موسى- إلى السامريِّ، فقال له: ما حَمَلَك على ما صنعت؟ قال: قبضتُ قبضة من أثر رسول الله، فَطِنتُ، وعَمِيَت عليكم، فقذفتها، ﴿وكذلك سولت لي نفسي﴾ إلى قوله: ﴿ثم لننسفنه في اليم نسفا﴾ [طه:٩٦-٩٧]، ولو كان إلهًا لم يخلص إلى ذلك منه. فاستيقن بنو إسرائيل بالفتنة، واغتبط الذين كان رأيُهم فيه رأيَ هارون، قالوا بجماعتهم لموسى: سلْ ربَّك أن يفتح لنا بابَ توبةٍ نصنعها؛ تُكَفِّر لنا ما عملنا. فاختار موسى من قومه سبعين رجلًا لذلك، لا يألون الخير، خيار بني إسرائيل ومَن لم يشرك في العجل، فانطلق يسأل ربَّه ﷿ لقومه التوبة، فرجفت به الأرض[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٥٧٣-١٥٧٤.]]. (ز)
٢٩٠٢٠- عن قتادة -من طريق سعيد- ﴿واخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا﴾ فقرأ حتى بلغ: ﴿السُّفَهاءُ مِنّا﴾، ذُكر لنا: أنّ ابن عباس كان يقول: إنّما تناولتهم الرجفة لأنهم لم يُزايِلوا القومَ حين نصبوا العجل، وقد كَرِهوا أن يجامعوهم عليه[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٧١.]]. (ز)
٢٩٠٢١- عن سعيد بن جبير -من طريق عطاء بن دينار- في قول الله: ﴿واختار موسى قومه سبعين رجلا﴾، قال: اختار موسى من قومه اثني عشر نقيبًا، مِن اثني عشر سِبْطًا، لِكُلِّ سبطٍ رَجُلًا، يعني بالنقيب: النافذ في الأمر، وأخذه له[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٥٧٤.]]. (ز)
٢٩٠٢٢- عن نوف الحِمْيرِيِّ -من طريق شهر بن حوشب- قال: لَمّا اختار موسى قومه سبعين رجلًا لميقات ربِّه قال اللهُ لموسى: أجْعَلُ لكم الأرض مسجدًا وطهورًا، وأَجْعَلُ السكينةَ معكم في بيوتكم، وأجعلكم تقرءون التوراة عن ظهور قلوبكم، فيقرؤها الرجل منكم والمرأة والحرُّ والعبد والصغيرُ والكبيرُ. فقال موسى: إنّ الله قد جعل لكم الأرض مسجدًا وطهورًا. قالوا: لا نريد أن نصلِّي إلا في الكنائس. قال: ويجعل السكينة معكم في بيوتكم. قالوا: لا نريد إلا كما كانت في التابوت. قال: ويجعلكم تقرءون التوراةَ عن ظهور قلوبكم، فيقرؤها الرجل منكم والمرأةُ والحرُّ والعبدُ والصغيرُ والكبيرُ. قالوا: لا نريد أن نقرأها إلا نظرًا. قال الله: ﴿فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة﴾ إلى قوله: ﴿المفلحون﴾. قال موسى: أتيتُك بوفدِ قومي، فجعلت وِفادتهم لغيرِهم! اجعلني نبيَّ هذه الأمة. قال: إنّ نبَّيهم منهم. قال: اجعلني مِن هذه الأمة. قال: إنّك لن تُدركهم. قال: ربِّ، أتيتك بوفد قومي، فجعلت وفادتهم لغيرهم! قال: فأوحى الله إليه: ﴿ومن قوم موسى أمةٌ يهدون بالحق وبه يعدلونَ﴾ [الأعراف:١٥٩]. قال: فرضِيَ موسى. قال نوفٌ: ألا تحمدون ربًّا شهد غيبتكم، وأخذ لكم بسمعكم، وجعل وِفادةَ غيرِكم لكم![[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٨٩-٤٩٠، وابن أبي حاتم ٥/١٥٧٩. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٦/٦٠٠)
٢٩٠٢٣- عن نوف البِكاليِّ -من طريق أبي هارون العبدي-: إنّ موسى لَمّا اختار من قومه سبعين رجلًا قال لهم: فِدُوا إلى الله، وسَلُوه. فكانت لموسى مسألةٌ، ولهم مسألةٌ، فلما انتهى إلى الطور -المكان الذي وعده الله به- قال لهم موسى: سلوا اللهَ. قالوا: أرِنا الله جهرةً. قال: ويحكم، تسألون الله هذا! مرتين. قالوا: هي مسألتنا، أرِنا اللهَ جهرةً. فأخذتهم الرجفة، فصعقوا، فقال موسى: أيْ ربِّ، جئتُك بسبعين مِن خيار بني إسرائيل، فأرجع إليهم وليس معي منهم أحدٌ؟! فكيف أصنع ببني إسرائيل؟ أليس يقتلوني؟ فقيل له: سلْ مسألتَك. قال: أيْ ربِّ، إنِّي أسألُك أن تبعثهم. فبعثهم الله، فذهبت مسألتُهم ومسألتُه، وجُعِلت تلك الدعوة لهذه الأُمَّة[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٥٧٤-١٥٧٥. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٦/٦٠٠)
٢٩٠٢٤- عن مجاهد بن جبر -من طريق أبي سعد-: ﴿واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا﴾، فلما أخذتهم الرجفة بعد أن خرج موسى بالسبعين من قومه يدعون الله، ويسألونه أن يكشف عنهم البلاء، فلم يستجب لهم؛ علِم موسى أنّهم قد أصابوا من المعصية ما أصاب قومهم.= (ز)
٢٩٠٢٥- قال أبو سعد: فحدثني محمد بن كعب القرظيُّ، قال: لم يستجبْ لهم من أجل أنهم لم ينهوهم عن المنكر، ولم يأمروهم بالمعروف، فأخذتهم الرجفة فماتوا، ثم أحياهم الله[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٧٢. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٦/٥٩٨)
٢٩٠٢٦- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: ﴿واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا﴾ قال: لتمام الموعدِ. وفي قوله: ﴿فلمّا أخذتهم الرجفة﴾ قال: ماتوا ثم أحياهم[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٧٢، وابن أبي حاتم ٥/١٥٧٥ بشطره الأخير. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ. وينظر: تفسير مجاهد ص٣٤٤.]]. (٦/٦٠١)
٢٩٠٢٧- عن أبي سعيد الرَّقاشِي -من طريق الربيع بن حبيب- في قوله: ﴿واختارَ موسى قومهُ سبعين رجلا﴾، قال: كانوا قد جاوَزوا الثلاثين ولم يبلغوا الأربعين، وذلك أنّ من جاوز الثلاثينَ فقد ذهب جهله وصِباه، ومَن بلغ الأربعين لم يفقِدْ مِن عقله شيئًا[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٥٧٤. وفيه: جاوزوا العشرين فلم يبلغوا الأربعين، وذلك أنّ ابن العشرين قد ذهب جهله وصباه .... وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وأبي الشيخ.]]. (٦/٦٠١)
٢٩٠٢٨- قال وهب بن منبه: قالت بنو إسرائيل لموسى ﵇: إنّ طائفةً يزعمون أنّ الله لا يكلمك، ولو كلَّمك ما قمت لكلامه، ألم ترَ أنّ طائفةً مِنّا سألوه النظر إليه فماتوا؟!، أفلا تسأله أن يُنزِل طائفة مِنّا حتى يكلمك، فيسمعوا كلامه؛ فيُؤمنوا، وتذهب التهمة. فأوحى الله تعالى إلى موسى ﵇: أنِ اختر من خيارهم سبعين رجلًا، ثم ارتقِ بهم إلى الجبل أنت وهارون. واستخلف على بني إسرائيل يوشع بن نون، يقول كما أمر الله تعالى: واختار ... سبعين رجلًا[[تفسير الثعلبي ٤/٢٨٨.]]. (ز)
٢٩٠٢٩- قال وهب بن منبه: لم تكن الرَّجفةُ صوتًا، ولكنَّ القوم لَمّا رأوا تلك الهيبة أخذتهم الرعدة، وقَلِقُوا، ورَجَفُوا، حتى كادت أن تَبِين مفاصلُهم، فلمّا رأى موسى ذلك رَحِمَهم، وخاف عليهم الموت، فاشتد عليه فقدُهم، وكانوا له وزراء على الخير، سامعين مطيعين، فعند ذلك دعا، وبكى، وناشد ربه، فكشف الله عنهم تلك الرجفة، فاطمأنُّوا، وسمعوا كلام ربهم، فذلك قوله ﷿: ﴿قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أهْلَكْتَهُمْ مِن قَبْلُ وإيّايَ أتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنّا﴾[[تفسير الثعلبي ٤/٢٨٩، وتفسير البغوي ٣/٢٨٦.]]. (ز)
٢٩٠٣٠- عن قتادة بن دعامة: ﴿واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا﴾، قال: اختارهم ليقوموا مع هارون على قومه بأمر الله، فلمّا أخذتهم الرجفة تناولتهم الصاعقة حين أخذت قومهم[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٦/٥٩٨)
٢٩٠٣١- عن قتادة بن دعامة، قال: ذُكِر لنا: أنّ أولئك السبعين كانوا يلبسون ثياب الطُّهْرَةِ؛ ثيابٌ يغزِله وينسِجُه العَذارى، ثم يتبرَّزون صَبيحةَ ليلة المطر إلى البَرِّيَّةِ، فيدعون الله فيها، فواللهِ، ما سأل القومُ يومئذ شيئًا إلا أعطاه اللهُ هذه الأُمَّةَ[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وأبي الشيخ.]]. (٦/٦٠٢)
٢٩٠٣٢- عن ابن أبي نجيح، عن الرقي وقتادة بن دعامة، في قوله: ﴿واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا﴾، قال: اختارهم لتمام الموعد[[تفسير مجاهد ص٣٤٤، وهوكذا فيه: عن ابن أبي نجيح عن الرقي وقتادة، ولم يتبين لنا مَن الرقي.]]. (ز)
٢٩٠٣٣- عن ميمون بن مهران -من طريق جعفر بن بُرْقانَ- ﴿واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا﴾، قال: لموعدهم الذي وعَدهم[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٦٩.]]. (ز)
٢٩٠٣٤- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- قال: إنّ الله أمر موسى ﵇ أن يأتيه في ناسٍ من بني إسرائيل يعتذرون إليه مِن عبادة العجل، ووعدهم موعدًا، فاختار موسى قومه سبعين رجلًا على عينه، ثم ذهب بهم ليعتذروا، فلما أتوا ذلك المكان قالوا: لن نؤمن لك -يا موسى- حتى نرى الله جهرةً، فإنّك قد كلمته؛ فأرِناه. فأخذتهم الصاعقة، فماتوا، فقام موسى يبكي، ويدعو الله، ويقول: ربِّ، ماذا أقول لبني إسرائيل إذا أتيتُهم وقد أهلكت خيارهم؟! لو شئتَ أهلكتهم من قبل وإياي[[أخرجه ابن جرير ١/٦٧١، ١٠/٤٦٨.]]٢٦٤٦. (ز)
٢٩٠٣٥- عن سعيد بن حيّان -من طريق عوف- قال: إنّ السبعين إنّما أخذتهم الرجفة لأنّهم لم يأمروا بالعجل، ولم يَنْهَوْا عنه[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٥٧٥.]]. (ز)
٢٩٠٣٦- عن الفضل بن عيسى ابن أخي الرَّقاشِيِّ: أنّ بني إسرائيل قالوا ذات يوم لموسى: ألستَ ابن عمِّنا ومِنّا، وتزعم أنّك كلَّمت ربَّ العزة؟ فإنّا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرةً. فلمّا أن أبَوْا إلا ذلك أوحى الله إلى موسى: أنِ اختر من قومك سبعين رجلًا. فاختار موسى من قومه سبعين رجلًا خيرة، ثم قال لهم: اخرُجوا. فلمّا برزوا جاءهم ما لا قِبَل لهم به، فأخذتهم الرجفة، قالوا: يا موسى، رُدَّنا. فقال لهم موسى: ليس لي من الأمر شيءٌ، سألتم شيئًا فقد جاءكم. فماتوا جميعًا. قيل: يا موسى، ارجِعْ. قال: ربِّ، إلى أين الرجعة، ﴿رب لو شئتَ أهلكتهم من قبلُ وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا﴾ إلى قوله: ﴿فسأكتبُها للذين يتقون﴾ الآية. قال عكرمة: كُتِبتِ الرحمةُ يومئذ لهذه الأمة[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٦/٥٩٨)
٢٩٠٣٧- قال محمد بن السائب الكلبي: إنّ السبعين [قالوا] لموسى حين كلمه ربه: يا موسى، لنا عليك حقٌّ؛ كُنّا أصحابك، ولم نختلف، ولم نصنع الذي صنع قومُنا؛ فأرِنا الله جهرة كما رأيته، فقال موسى: لا، واللهِ، ما رأيته، ولقد أردتُّه على ذلك، فأبى، وتجلّى للجبل، فكان دكًّا، وهو أشدُّ مِنِّي، وخررت صعِقًا، فلمّا أفقتُ سألتُ اللهَ، واعترفتُ بالخطيئة. فقالوا: إنّا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة. فأخذتهم الصاعقة؛ فاحترقوا مِن آخرهم، فظنَّ موسى أنّهم إنما احترقوا بخطيئة أصحاب العِجْل، فقال موسى: ﴿رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا﴾ يعني: أصحاب العجل، ﴿إن هي إلا فتنتك﴾ إلى آخر الآية، ثُمَّ بعثهم الله من بعد موتهم[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٢/١٤٥-.]]. (ز)
٢٩٠٣٨- قال مقاتل بن سليمان: ﴿واخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا﴾ من اثني عشر سِبْطًا سِتَّةً سِتَّةً؛ فصاروا اثنين وسبعين رجلًا، قال موسى: إنما أمرني ربي بسبعين رجلًا، فمَن قعد عَنِّي فلم يجئْ فله الجنة. فقعد يوشع بن نون، وكالب بن يوقنا ﴿لِمِيقاتِنا﴾ يعني: لميعادنا، يعني: الأربعين يومًا، فانطلق بهم، فتركهم في أصل الجبل، فلمّا نزل موسى إليهم قالوا: أرِنا الله جهرة. فأخذتهم الرجفة -يعني: الموت- عقوبةً لِما قالوا، وبقي موسى وحده يبكي[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٦٦.]]. (ز)
٢٩٠٣٩- عن عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق حجّاج- قوله: ﴿واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا﴾ مِمَّن لم يكن قال ذلك القولَ على أنّهم لم يُجامعوهم عليه، فأخذتهم الرجفة من أجل أنّهم لم يكونوا باينوا قومهم حين اتخذوا العجل، فلما خرجوا ودَعَوْا أماتهم الله، ثم أحياهم، ﴿فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا﴾[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٧٢.]]. (ز)
٢٩٠٤٠- عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- قال: اختار موسى من بني إسرائيل سبعين رجلًا الخيِّرَ فالخيِّرَ، وقال: انطلقوا إلى الله، فتوبوا إليه مما صنعتم، واسألوه التوبةَ على مَن تركتم وراءكم من قومكم، صوموا، وتطَهَّروا، وطَهِّروا ثيابَكم، فخرج بهم إلى طور سينا لميقاتٍ وقَّته له ربُّه، وكان لا يأتيه إلا بإذنٍ منه وعلمٍ، فقال السبعون -فيما ذُكِر لي- حين صنعوا ما أمرهم به، وخرجوا معه للقاء ربه: يا موسى، اطلب لنا نسمعْ كلامَ ربِّنا. فقال: أفعل. فلما دنا موسى من الجبل وقَعَ عليه عمودُ الغَمام حتى تَغَشّى الجبلَ كله، ودنا موسى، فدخل فيه، وقال للقوم: ادنوا. وكان موسى إذا كلمه الله وقع على جبهته نورٌ ساطع، لا يستطيع أحدٌ من بني آدم أن ينظر إليه؛ فضُرِب دونه بالحجاب، ودنا القومُ، حتى إذا دخلوا في الغمام وقعوا سجودًا، فسمعوه وهو يُكَلِّم موسى، يأمره وينهاه: افعل، ولا تفعل. فلمّا فرغ الله من أمره، وانكشف عن موسى الغمام، فأقبل إليهم، فقالوا لموسى: ﴿لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة﴾ [البقرة:٥٥]. فأخذتهم الرجفة، وهي الصاعقة، فانفَلَتَتْ أرواحُهم، فماتوا جميعًا، وقام موسى ﵇ يُناشِد ربَّه، ويدعوه، ويرغب إليه، ويقول: ربِّ، لو شئتَ أهلكتَهم مِن قبلُ وإيّاي، قد سفهوا، أفتهلك مَن ورائي مِن بني إسرائيل[[أخرجه ابن جرير ١/٦٩٣، ١٠/٤٦٨.]]. (ز)
﴿وَٱخۡتَارَ مُوسَىٰ قَوۡمَهُۥ سَبۡعِینَ رَجُلࣰا لِّمِیقَـٰتِنَاۖ فَلَمَّاۤ أَخَذَتۡهُمُ ٱلرَّجۡفَةُ﴾ - آثار متعلقة بالآية
٢٩٠٤١- عن علِي، قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا كان يومُ الجمعة نزَل جبريلُ ﵇ إلى المسجد الحرام، فرَكَز لِواءَه بالمسجد الحرام، وغَدا سائرُ الملائكة إلى المساجد التي يُجَمِّعُ فيها الناسُ يوم الجمعة، فركَزوا ألويتَهم وراياتِهم بأبواب المساجد، ثم نَشَروا قَراطيسَ مِن فضة، وأقلامًا مِن ذهبٍ، ثم كتبوا الأولَ فالأولَ؛ مَن بَكَّر إلى الجمعة، فإذا بلَغَ مَن في المسجد سبعين رجلًا قد بَكَّروا؛ طَوَوُا القَراطيسَ، فكان أولئك السَّبعون كالذين اخْتارهم موسى مِن قومه، والذين اخْتارهم موسى مِن قومِه كانوا أنبياء»[[أخرجه ابن مردويه -كما في تخريج الكشاف ٤/٢١-٢٢-. قال العراقي في تخريج الإحياء ص٢١٥: «أخرجه ابن مردويه ... بإسناد ضعيف».]]. (٦/٦٠٩)
٢٩٠٤٢- عن أنس، قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا راحَ مِنّا إلى الجُمُعة سبعون رجلًا كانوا كسبعين موسى الذين وفَدوا إلى ربِّهم، أو أفضل»[[أخرجه الطبراني في الأوسط ٦/٦٣ (٥٨٠٢). وأورده الديلمي في الفردوس ١/٣٢٣ (١٢٨٠). قال الهيثمي في المجمع ٢/١٧٦ (٣٠٧٨): «رواه الطبراني في الأوسط، وفيه أحمد بن بكر البالسي؛ قال الأزدي: كان يضع الحديث». وقال الألباني في الضعيفة ٦/١٠٩ (٢٦٠١): «موضوع».]]. (٦/٦٠٩)
٢٩٠٤٣- عن عليِّ بن أبي طالب -من طريق عن كَثِيرٍ النَّوّاء، عن بعض أصحابنا- أنّه سُئِل عن أبي بكر وعمر. فقال: إنّهما من السبعين الذين سألهم موسى بن عمرانَ، فأُخِّرا حتى أُعطِيَهما محمد ﷺ. وتلا هذه الآية: ﴿واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا﴾ الآية[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٥٨٠. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن مردويه.]]. (٦/٦٠٩)
٢٩٠٤٤- عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن: أنّ السبعين الذين اختار موسى من قومه كانوا يُعرَفون بخِضابِ السَّواد[[عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٦/٦٠٣)
﴿قَالَ رَبِّ لَوۡ شِئۡتَ أَهۡلَكۡتَهُم مِّن قَبۡلُ وَإِیَّـٰیَۖ أَتُهۡلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَاۤءُ مِنَّاۤۖ﴾ - تفسير
٢٩٠٤٥- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط-: ﴿أتهلكنا بما فعل السفهاء منا﴾ فأوحى الله إلى موسى: إنّ هؤلاء السبعين مِمَّن اتخذ العجل، فذلك حين يقول موسى: ﴿إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء﴾[[أخرجه ابن جرير ١/٦٧١، ١٠/٤٧٥.]]. (ز)
٢٩٠٤٦- عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- قال: لَمّا أخذت الرجفةُ السبعين، فماتوا جميعًا؛ قام موسى يُناشد ربَّه، ويدعوه، ويرغب إليه؛ يقول: ﴿رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي﴾، قد سفهوا، أفَتُهْلِك مَن ورائي مِن بني إسرائيل بما فعل السفهاء مِنّا؟! أي: إنّ هذا لهم هلاك، قد اخترتُ منهم سبعين رجلًا الخَيِّرَ فالخَيِّر، أرجع إليهم وليس معي رجل واحد؟! فما الذي يصدقونني به أو يأمنونني عليه بعد هذا؟![[أخرجه ابن جرير ١/٦٩٣، ١٠/٤٧٦.]]. (ز)
٢٩٠٤٧- قال مقاتل بن سليمان: ﴿قالَ رَبِّ﴾ ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم وقد أهلكتَ خيارهم؟! ربِّ، ﴿لَوْ شِئْتَ أهْلَكْتَهُمْ﴾ يعني: أمَتَّهم ﴿مِن قَبْلُ وإيّايَ﴾ معهم مِن قبل أن يصحبوني، ﴿أتُهْلِكُنا﴾ عقوبةً ﴿بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنّا﴾؟! وظنَّ موسى ﵇ أنَّما عُوقِبوا باتخاذ بني إسرائيل العِجْلَ، فهم السفهاء[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٦٦.]]. (ز)
٢٩٠٤٨- قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: ﴿أتهلكنا بما فعل السفهاء منا﴾: أتُؤاخِذُنا وليس مِنّا رجلٌ واحِدٌ ترك عبادتك، ولا استبدل بك غيرك؟![[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٧٦.]]٢٦٤٧. (ز)
﴿إِنۡ هِیَ إِلَّا فِتۡنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاۤءُ وَتَهۡدِی مَن تَشَاۤءُۖ﴾ - تفسير
٢٩٠٤٩- عن عبد الله بن عباس، في قوله: ﴿إن هي إلّا فتنتكَ﴾، قال: مَشِيئتُك[[عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٦/٦٠٢)
٢٩٠٥٠- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- في قوله: ﴿إنْ هِيَ إلّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَن تَشاءُ﴾، قال: إنْ هو إلا عذابُك تصيب به من تشاءُ، وتصرفُه عمَّن تشاء[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٧٨، وابن أبي حاتم ٥/١٥٧٥. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٦/٥٩٧)
٢٩٠٥١- عن أبي العالية الرِّياحِيِّ -من طريق الربيع- في قوله: ﴿إن هي إلا فتنتك﴾، قال: بَلِيتُك[[عزاه السيوطي إلى ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وأبي الشيخ.]]. (٦/٦٠١)
٢٩٠٥٢- عن سعيد بن جبير -من طريق جعفر بن أبي المغيرة- ﴿إلا فتنتك﴾: إلا بَلِيَّتُك[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٧٧. وعلَّقه ابن أبي حاتم ٥/١٥٧٦.]]. (ز)
٢٩٠٥٣- عن راشد بن سعد: أنّ موسى لَمّا أتى ربَّه لموعده قال: يا موسى، إنّ قومك افَتَتَنوا مِن بعدك. قال: يا ربِّ، وكيف يُفتَنون وقد أنجيتَهم من فرعون، ونجيتهم من البحر، وأنعمت عليهم؟! قال: يا موسى، إنّهم اتَّخذوا مِن بعدك عِجْلًا جسدًا له خُوارٌ. قال: يا ربِّ، فمَن جعل فيه الروح؟ قال: أنا. قال: فأنتَ أضللتهم، يا ربِّ. قال: يا موسى، يا رأسَ النبيِّين، يا أبا الحكماءِ، إنِّي رأيتُ ذلك في قلوبهم؛ فيَسَّرْتُه لهم[[عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.]]٢٦٤٨. (٦/٦٠٢)
٢٩٠٥٤- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- قال: قال موسى: يا ربِّ، هذا السامريُّ أمرَهم أن يتَّخذوا العجل، أرأيتَ الروحَ مَن نفخها فيه؟ قال الربُّ: أنا. قال: ربِّ، فأنت إذًا أضلَلْتَهم[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٥٦٨.]]. (٦/٦٠٢)
٢٩٠٥٥- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- ﴿إن هي إلا فتنتك﴾، قال: بليتك[[أخرجه جرير ١٠/٤٧٨، وابن أبي حاتم ٥/١٥٧٦ من طريق أبي جعفر الرازي.]]. (ز)
٢٩٠٥٦- قال مقاتل بن سليمان: فقال موسى: ﴿إنْ هِيَ إلّا فِتْنَتُكَ﴾ يعني: ما هي إلا بلاؤك؛ ﴿تُضِلُّ بِها﴾ بالفتنة ﴿مَن تَشاءُ وتَهْدِي﴾ من الفتنة[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٦٦.]]. (ز)
٢٩٠٥٧- قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: ﴿إن هي إلا فتنتك﴾ أنت فَتَنتَهُم[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٧٨، وابن أبي حاتم ٥/١٥٧٦ من طريق أصبغ بن الفرج.]]. (ز)
﴿أَنتَ وَلِیُّنَا فَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَاۖ وَأَنتَ خَیۡرُ ٱلۡغَـٰفِرِینَ ١٥٥﴾ - تفسير
٢٩٠٥٨- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- ﴿أنت ولينا فاغفر لنا﴾، يعني: قال: ربَّنا، اغفر لنا، وارحمنا، وأنت خيرُ الغافرين[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٥٧٦.]]. (ز)
٢٩٠٥٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿أنْتَ ولِيُّنا فاغْفِرْ لَنا وارْحَمْنا وأَنْتَ خَيْرُ الغافِرِينَ﴾، قال: فلم يَعْبُدِ العجلَ منهم إلا اثنا عشر ألفًا[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٦٦.]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.