الباحث القرآني
﴿مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِنۢ بَحِیرَةࣲ وَلَا سَاۤىِٕبَةࣲ وَلَا وَصِیلَةࣲ وَلَا حَامࣲ﴾ - نزول الآية
٢٤٠٤٧- قال مقاتل بن سليمان: نزلت في مشركي العرب؛ منهم قريش، وكنانة، وعامر بن صعصعة، وبنو مُدْلِج، والحارث وعامر ابني عبد مناة، وخزاعة، وثقيف، أمرهم بذلك في الجاهلية عمرو بن ربيعة بن لُحَيّ بن قَمْعَة بن خِندف الخزاعي، فقال النبي ﷺ: «رأيتُ عمرو بن ربيعة الخزاعي رجلًا قصيرًا أشقر له وفرة، يَجُرُّ قُصْبَهُ في النار -يعني: أمعاءه-، وهو أول من سَيَّب السائبة، واتخذ الوصيلة، وحمى الحامي، ونصب الأوثان حول الكعبة، وغيَّر دين الحنيفية، فأشبهُ الناسِ به أكْثَمُ بن الجَوْن الخزاعي». فقال أكْثَمُ: أيَضُرُّني شبهُه، يا رسول الله؟ قال: «لا، أنت مؤمن، وهو كافر»[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٥٠٩-٥١٠.]]. (ز)
﴿مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِنۢ بَحِیرَةࣲ وَلَا سَاۤىِٕبَةࣲ وَلَا وَصِیلَةࣲ وَلَا حَامࣲ﴾ - تفسير الآية
٢٤٠٤٨- عن أبي الأحوص [عوف بن مالك بن نضلة الجشمي]، عن أبيه، قال: أتيتُ رسول الله ﷺ في خُلقانٍ مِن الثياب، فقال لي: «هل لك مِن مالٍ؟». قلتُ: نعم. قال: «مِن أيِّ المال؟». قلتُ: مِن كلِّ المال؛ مِن الإبلِ، والغنمِ، والخيلِ، والرقيقِ. قال: «فإذا آتاك اللهُ مالًا فليُرَ عليك». ثم قال: «تُنتَجُ إبلك وافيةً آذانُها؟». قلتُ: نعم، وهل تُنتَجُ الإبلُ إلا كذلك. قال: «فلعلك تأخُذُ موسى، فتقطَعَ آذانَ طائفةٍ منها، وتقول: هذه بُحُرٌ. وتشُقَّ آذانَ طائفةِ منها، وتقول: هذه صُرُمٌ[[صُرُم: جمع صَريم، وهو الذي صرمت أذنه، أي: قطعت. والصرم: القطع. النهاية (صرم).]]؟». قلتُ: نعم. قال: «فلا تفعل، إنّ كلَّ ما آتاك اللهُ لك حِلٌّ». ثم قال: ﴿ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام﴾.= (ز)
٢٤٠٤٩- قال أبو الأحوص: أمّا البحيرةُ: فهي التي يَجدَعون آذانَها، فلا تنتفِعُ امرأتُه ولا بناتُه ولا أحدٌ من أهل بيتِه بصوفِها، ولا أوبارِها، ولا أشعارِها، ولا ألبانِها، فإذا ماتت اشترَكوا فيها. وأَمّا السائبةُ: فهي التي يُسيِّبون لآلهتِهم. وأَما الوصيلةُ: فالشاةُ تَلِدُ ستةَ أبطُن، وتَلِد السابعَ جَدْيًا، وعَناقًا، فيقولون: قد وصَلَت. فلا يَذبحونها، ولا تُضرَبُ، ولا تُمنَعُ مهما ورَدَت على حوض، وإذا ماتت كانوا فيها سواءً. والحامِ مِن الإبلِ: إذا أدرَك له عشرةٌ مِن صُلبه، كلُّها تضرب[[يُقال: ضَرَبَ الجملُ الناقةَ يَضرِبها إذا نَزا عليها. النهاية (ضرب).]]، حُمِيَ ظَهرُه، فسُمِّي: الحام، فلا يُنتفَعُ له بوَبَرٍ، ولا يُنحَرُ، ولا يُركَبُ له ظهر، فإذا مات كانوا فيه سواءً[[أخرجه أحمد ٢٨/٤٦٤ -٤٦٥ (١٧٢٢٨)، والحاكم ٤/٢٠١ (٧٣٦٤)، وابن جرير ٩/٢٩-٣٠، وابن أبي حاتم ٤/١٢٢٠ (٦٨٨٥). قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه». وقال ابن كثير في تفسيره ٤/٢٧٦: «حديث جيد قوي الإسناد».]]. (٥/٥٥٧)
٢٤٠٥٠- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- قال: البحيرةُ: هي الناقةُ إذا أنتجَت خمسةَ أبطُن، نظَروا إلى الخامس؛ فإن كان ذكَرًا ذبَحوه فأكَله الرجالُ دونَ النساء، وإن كانت أنثى جدَعوا آذانَها، فقالوا: هذه بحيرةٌ. وأَمّا السائبةُ: فكانوا يُسيِّبون مِن أنعامِهم لآلهتِهم، لا يَركبون لها ظهرًا، ولا يَحلِبون لها لبنًا، ولا يَجُزُّون لها وبَرًا، ولا يَحمِلون عليها شيئًا. وأما الوصيلةُ: فالشاةُ إذا أنتجَت سبعةَ أبطُنٍ، نظَروا السابع؛ فإن كان ذكَرًا أو أنثى وهو ميتٌ اشترَك فيه الرجالُ دونَ النساء، وإن كانت أنثى استحيَوا، وإن كان ذكَرًا وأنثى في بطنٍ استحيَوهما، وقالوا: وصَلته أُختُه، فحرَّمته علينا. وأَمّا الحام: فالفحلُ مِن الإبل إذا وُلِد لولدِه قالوا: حَمى هذا ظَهْرَه. فلا يَحمِلون عليه شيئًا، ولا يجُزُّون له وبَرًا، ولا يمنعونه مِن حِمًى رَعى، ولا مِن حوضٍ يَشرَبُ منه، وإن كان الحوضُ لغيرِ صاحبه[[أخرجه ابن جرير ٩/٣٥ مختصرًا، وابن أبي حاتم ٤/١٢٢٠-١٢٢٣. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٥/٥٥٨)
٢٤٠٥١- عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- في قوله: ﴿ما جعل الله من بحيرة﴾ قال: البحيرةُ: الناقةُ، كان الرجلُ إذا ولَدت خمسةَ أبطُنٍ، فيَعمِدُ إلى الخامسة، فما لم يكن سَقْبًا[[السَّقْب: ولد الناقة، إن كان ذكرا. التاج (سقب).]] فيُبَتِّكُ آذانَها، ولا يَجُزُّ لها وبَرًا، ولا يذوقُ لها لبنًا، فتلك البحيرة. ﴿ولا سائبة﴾: كان الرجلُ يُسيِّبُ مِن مالِه ما شاء. ﴿ولا وصيلة﴾: فهي الشاةُ إذا ولَدت سبعًا عمَد إلى السابع؛ فإن كان ذكرًا ذُبح، وإن كانت أنثى تُرِكت، وإن كان في بطنِها اثنان ذكرٌ وأنثى فولَدتهما قالوا: وصَلت أخاها. فيُتركان جميعًا لا يُذبَحان، فتلك الوصيلة. ﴿ولا حام﴾: كان الرجلُ يكونُ له الفحلُ، فإذا ألقَح عشرًا قيل: حامٍ، فاتركوه[[أخرجه ابن جرير ٩/٣٤، وابن أبي حاتم ٤/١٢٢٤ مقتصرًا على تفسير: ﴿ولا حام﴾. وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (٥/٥٥٩)
٢٤٠٥٢- عن مسلم بن صُبَيح، قال: أتيت علقمة [النخعي]، فسألته عن قول الله تعالى: ﴿ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام﴾. فقال: وما تصنع بهذا؟ إنما هذا شيء من فعل الجاهلية.= (ز)
٢٤٠٥٣- قال: فأتيت مسروقًا [بن الأجدع]، فسألته، فقال: البحيرة: كانت الناقة إذا ولدت بطنًا خمسًا أو سبعًا شَقُّوا أذنها، وقالوا: هذه بحيرة. قال: ﴿ولا سائبة﴾ قال: كان الرجل يأخذ بعض ماله، فيقول: هذه سائبة. قال: ﴿ولا وصيلة﴾ قال: كانوا إذا ولدت الناقة الذكر أكله الذكور دون الإناث، وإذا ولدت ذكرًا وأنثى في بطنٍ قالوا: وصلت أخاها. فلا يأكلونهما. قال: فإذا مات الذكر أكله الذكور دون الإناث. قال: ﴿ولا حام﴾ قال: كان البعير إذا ولد ووَلَد ولَدُه قالوا: قد قضى هذا الذي عليه. فلم ينتفعوا بظهره، قالوا: هذا حامٍ[[أخرجه ابن جرير ٩/٣٢.]]. (ز)
٢٤٠٥٤- عن سعيد بن المسيب -من طريق الزهري- قال: البحيرةُ: التي يُمنَعُ دَرُّها للطواغيت، ولا يَحلِبُها أحدٌ مِن الناس. والسائبةُ: كانوا يُسيِّبونها لآلهتِهم، لا يُحمَلُ عليها شيءٌ. قال: وقال أبو هريرة: قال رسول الله ﷺ: «رأيتُ عمرَو بن عامرٍ[[وهو عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف أبو خزاعة، أما رواية عمرو بن عامر، فقال ابن حجر في الفتح ٦/٥٤٩: «كأنه نُسب إلى جده لأمه عمرو بن حارثة بن عمرو بن عامر، وهو مغاير لما تقدم من نسبة عمرو بن لحي إلى مُضر، ويُحتمل أن يكون نُسب إليه بطريق التبني».]] الخزاعيَّ يجُرُّ قُصْبَه في النار؛ كان أولَ مَن سيَّب السوائب». قال ابن المسيب: والوصيلةُ: الناقةُ البِكرُ، تَبكُرُ في أول نِتاجِ الإبلِ، ثم تُثَنِّي بعدُ بأُنثى، وكانوا يُسيِّبونها لطواغيتِهم إن وصَلت إحداهما بالأخرى ليس بينَهما ذَكَر. والحامي: فحلُ الإبلِ يضرِبُ الضِّرابَ المعدود، فإذا قضى ضِرابَه ودَعُوه للطواغيت، وأَعفَوه من الحِملِ، فلم يُحمَل عليه شيءٌ، وسمَّوه: الحامي[[أخرجه البخاري ٦/٥٤-٥٥ (٤٦٢٣) واللفظ له، ومسلم ٤/٢١٩١ (٢٨٥٦)، وابن جرير ٩/٢٦- ٢٨، ٣٦، ٣٨-٣٩، وابن أبي حاتم ٤/١٢٢٤ (٦٩٠٦).]]. (٥/٥٥٦)
٢٤٠٥٥- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: ﴿ما جعل الله من بحيرة﴾ الآية، قال: البحيرةُ: مِن الإبل، كان أهلُ الجاهلية يحرِّمون وبَرَها، وظَهرَها، ولحمَها، ولبنَها، إلا على الرجال، فما ولَدت مِن ذكرٍ وأُنثى فهو على هيئتِها، فإن ماتت اشترَك الرجالُ والنساءُ في أكلِ لحمِها. فإذا ضرَب الجملُ مِن ولدِ البحيرةِ فهو الحامي. والسائبةُ مِن الغنم على نحو ذلك، إلا أنها ما ولَدت مِن ولدٍ بينَها وبينَ ستةِ أولادٍ كان على هيئتِها، فإذا ولَدت في السابع ذكرًا أو أنثى أو ذكَرين ذبَحوه، فأكَله رجالُهم دونَ نسائِهم. فإن تَوأمَتْ أنثى وذكرٌ فهي وصيلةٌ، تُرِك ذبحُ الذكرِ بالأنثى، وإن كانتا أنثيين تُرِكتا[[أخرجه ابن جرير ٩/٣٤، وابن أبي حاتم ٤/١٢٢٢. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.]]. (٥/٥٥٩)
٢٤٠٥٦- عن الضحاك بن مزاحم -من طريق عبيد بن سلمان- ﴿ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام﴾: أمّا البحيرة: فكانت الناقة إذا نتجوها خمسة أبطن، نحروا الخامس إن كان سَقْبًا، وإن كان رُبَعَةً[[الرُبَعَة: تأنيث الرُّبَع، وهو ما وُلد من الإبل فِي الرَّبيع. وقيل: ما وُلد فِي أوَّل النِّتاج.النهاية (ربع).]] شقوا أذنها واستحيوها، وهي بحيرة، وأما السَّقْب فلا يأكل نساؤهم منه، وهو خالص لرجالهم، فإن ماتت الناقة أو نتجوها ميتًا فرجالهم ونساؤهم فيه سواء يأكلون منه. وأما السائبة: فكان يُسَيِّب الرجل من ماله من الأنعام، فيُهْمَل في الحِمى، فلا ينتفع بظهره، ولا بولده، ولا بلبنه، ولا بشعره، ولا بصوفه. وأما الوصيلة: فكانت الشاة إذا ولدت سبعة أبطن ذبحوا السابع إذا كان جديًا، وإن كان عناقًا استحيوه، وإن كان جديًا وعناقًا استحيوهما كليهما، وقالوا: إنّ الجدي وصلته أخته، فحرَّمته علينا. وأما الحامي: فالفحل إذا ركبوا أولاد ولده، قالوا: قد حمى هذا ظهرَه، وأحرز أولاد ولده. فلا يركبونه، ولا يمنعونه من حمى شجر، ولا حوض ما شرع فيه، وإن لم يكن الحوض لصاحبه، وكانت من إبلهم طائفة لا يذكرون اسم الله عليها في شيء من شأنهم، لا إن ركبوا، ولا إن حملوا، ولا إن حلبوا، ولا إن نتجوا، ولا إن باعوا؛ ففي ذلك أنزل الله تعالى: ﴿ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة﴾ إلى قوله: ﴿وأكثرهم لا يعقلون﴾[[أخرجه ابن جرير ٩/٣٧.]]. (ز)
٢٤٠٥٧- عن عامر الشعبي -من طريق جرير، عن مغيرة- ﴿ما جعل الله من بحيرة﴾ قال: البحيرة: المخضرمة. ﴿ولا سائبة﴾ والسائبة: ما سُيِّب للعِدى. والوصيلة: إذا ولدت بعد أربعة أبطن -فيما يرى جرير-، ثم ولدت الخامس ذكرًا وأنثى وصلت أخاها. والحام: الذي قد ضرب أولادُ أولاده في الإبل[[أخرجه ابن جرير ٩/٣٣.]]. (ز)
٢٤٠٥٨- عن عامر الشعبي -من طريق زكريا- أنّه سُئِل عن البحيرة. فقال: هي التي تُجْدَع آذانها. وسُئِل عن السائبة. فقال: كانوا يهدون لآلهتهم الإبل والغنم، فيتركونها عند آلهتهم، فتذهب فتخلط بغنم الناس، فلا يشرب ألبانها إلا الرجال، فإذا مات منها شيء أكله الرجال والنساء جميعًا[[أخرجه ابن جرير ٩/٣٣.]]. (ز)
٢٤٠٥٩- عن أبي الأحوص [عوف بن مالك بن نضلة الجشمي]-من طريق أبي إسحاق- ﴿ما جعل الله من بحيرة﴾، قال: البحيرة: الناقة التي قد ولدت خمسة أبطن، فجعلها لآلهته، فلا تشرب امرأتُه ولا أخته ولا ذات قرابة من لبنها، ولا تنتفع بشيء من وبرها، ولا تمنع الكلاء والماء، فإذا ماتت كانوا فيها سواء[[أخرجه ابن جرير ٩/٣٣ مختصرًا، وابن أبي حاتم ٤/١٢٢٠.]]. (ز)
٢٤٠٦٠- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قوله: ﴿ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام﴾: تشديد شدَّده الشيطان على أهل الجاهلية في أموالهم، وتغليظ عليهم، فكانت البحيرة: مثل الإبل، إذا نتج الرجل خمسًا من إبله نظر البطن الخامس؛ فإن كانت سقبًا ذُبِح فأكله الرجال دون النساء، وإن كان ميتة اشترك فيه ذكرهم وأنثاهم، وإن كانت حائلًا وهي الأنثى تُرِكت فبُتِكَت أذنها، فلم يُجَزَّ لها وبَر، ولم يُشَرب لها لبن، ولم يُركَب لها ظهر، ولم يُذكَر لله عليها اسم. وكانت السائبة: يُسَيِّبون ما بدا لهم من أموالهم، فلا تمتنع من حوض أن تشرع فيه، ولا من حِمًى أن ترتع فيه. وكانت الوصيلة من الشاء: من البطن السابع، إذا كان جديًا ذُبِح فأكله الرجال دون النساء، وإن كان ميتة اشترك فيه ذكرهم وأنثاهم، وإن جاءت بذكر وأنثى قيل: وصلت أخاها، فمنعته الذبح. والحام: كان الفحل إذا ركب من بني بنيه عشرة أو ولد ولده قيل: حام، حمى ظهره، فلم يُزَمَّ، ولم يُخْطم، ولم يُركب[[أخرجه ابن جرير ٩/٣٥. وأخرج ابن أبي حاتم ٤/١٢٢٤ بعض آخره من طريق معمر.]]. (ز)
٢٤٠٦١- عن قتادة بن دعامة -من طريق معمر- قال: البحيرة من الإبل: كانت الناقة إذا نتجت خمسة أبطن؛ فإن كان الخامس ذكرًا كان للرجال دون النساء، وإن كانت أنثى بتكوا آذانها، ثم أرسلوها، فلم ينحروا لها ولدًا، ولم يشربوا لها لبنًا، ولم يركبوا لها ظهرًا. وأما السائبة: فإنهم كانوا يُسَيِّبون بعض إبلهم، فلا تمنع حوضًا أن تشرع فيه، ولا مرعًى أن ترتع فيه. والوصيلة: الشاة كانت إذا ولدت سبعة أبطن؛ فإن كان السابع ذكرًا ذُبِح وأكله الرجال دون النساء، وإن كانت أنثى تُرِكت[[أخرجه عبد الرزاق ١/١٩٧-١٩٨، وابن جرير ٩/٣٧. وذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٢/٥٠-.]]. (ز)
٢٤٠٦٢- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- ﴿ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام﴾ فالبحيرة من الإبل: كانت الناقة إذا نتجت خمسة أبطن؛ إن كان الخامس سقبًا ذبحوه فأهدوه إلى آلهتهم، وكانت أمه من عرض الإبل، وإن كانت ربعة استحيوها، وشقوا أذن أمها، وجزُّوا وبرها، وخلوها في البطحاء، فلم تُجْزِ لهم في دِيَة، ولم يحلبوا لها لبنًا، ولم يَجُزُّوا لها وبرًا، ولم يحملوا على ظهرها، وهي من الأنعام التي حُرِّمت ظهورها. وأما السائبة: فهو الرجل يُسَيِّب من ماله ما شاء على وجه الشكر إن كَثُر ماله، أو بَرِأ من وجَع، أو ركب ناقة فأنجح، فإنه يسمي السائبة، يرسلها فلا يعرض لها أحد من العرب إلا أصابته عقوبة في الدنيا. وأما الوصيلة: فمن الغنم، هي الشاة إذا ولدت ثلاثة أبطن أو خمسة، فكان آخر ذلك جديًا ذبحوه وأهدوه لبيت الآلهة، وإن كانت عناقًا استحيوها، وإن كانت جديًا وعناقًا استحيوا الجدي من أجل العناق، فإنها وصيلة وصلت أخاها. وأما الحام: فالفحل يضرب في الإبل عشر سنين، ويقال: إذا ضرب ولد ولده قيل: قد حمي ظهره، فيتركونه لا يمس، ولا ينحر أبدًا، ولا يمنع من كلإٍ يريده، وهو من الأنعام التي حُرِّمت ظهورها[[أخرجه ابن جرير ٩/٣٥، وابن أبي حاتم ٤/١٢٢٠، ١٢٢٢.]]. (ز)
٢٤٠٦٣- عن أبي روق عطية بن الحارث الهمداني -من طريق بشر بن عمارة- قوله: ﴿بحيرة﴾ قال: إذا أنتجت الناقة ستة أبطن إناثًا، كلها شُقَّت آذانها، ولا ينتفع منها بشيء، فما كان منها فللأوثان. ﴿ولا سائبة﴾ قال: كانت الناقة تكون للرجل لرحله، فإذا خرج في وجه فقضى حاجته في ذلك الوجه فجعلها سائبة، فما كان منها فهو للأوثان من لبن أو وبَر أو غير ذلك. ﴿ولا وصيلة﴾ قال: الوصيلة من الغنم، قال: كانت الشاة إذا ولدت ستة أبطن إناثًا كلها، وكان السابع جديًا وعناقًا، قالوا: قد وصلت هذه. فلا ينتفع منها بشيء، وما كان منها فهو للأوثان. ﴿ولا حام﴾ قال: كان الجمل إذا كان لصلبه عشرة كلها يضرب في الإبل، قالوا: قد حمى ذلك ظهره. لا ينتفع منه بشيء، فهو للأوثان[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١٢٢٢-١٢٢٤.]]٢١٨٥. (ز)
٢٤٠٦٤- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ما جَعَلَ اللَّهُ﴾ حرامًا ﴿مِن بَحِيرَةٍ﴾ لقولهم: إنّ الله أمرنا بها ...، والبحيرة: الناقة إذا ولدت خمسة أبطن؛ فإذا كان الخامس سقبًا -وهو الذكر- ذبحوه للآلهة، فكان لحمه للرجال دون النساء، وإن كان الخامس ربعة -يعني: أنثى- شقوا أذنيها، فهي البحيرة، وكذلك من البقر، لا يُجَزُّ لها وبر، ولا يذكر اسم الله عليها إن رُكبت أو حُمل عليها، ولبنها للرجال دون النساء. وأما السائبة: فهي الأنثى من الأنعام كلها، كان الرجل يسيِّب للآلهة ما شاء من إبله وبقره وغنمه، ولا يسيِّب إلا الأنثى، وظهورها وأولادها وأصوافها وأوبارها وأشعارها وألبانها للآلهة، ومنافعها للرجال دون النساء. وأما الوصيلة: فهي الشاة من الغنم، إذا ولدت سبعة أبطن عمدوا إلى السابع؛ فإن كان جديًا ذبحوه للآلهة، وكان لحمه للرجال دون النساء، وإن كانت عَناقًا استحيوها، فكانت من عرض الغنم .... وإن وضعته ميتًا أشرك في أكله الرجال والنساء، فذلك قوله ﷿: ﴿وإنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ﴾ [الأنعام:١٣٩] بأن ولدت البطن السابع جديًا وعناقًا، قالوا: إنّ الأخت قد وصلت أخاها، فحرّمته علينا. فحرما جميعًا، فكانت المنفعة للرجال دون النساء. وأما الحام: فهو الفحل من الإبل، إذا ركب أولاد أولاده، فبلغ ذَلِكَ عشرة أو أقل من ذلك، قالوا: قد حمى هذا ظهره، فأحرز نفسه. فيُهلّ للآلهة، ولا يُحمل عليه، ولا يُركب، ولا يُمنع من مرعًى، ولا ماء، ولا حمى، ولا يُنحر أبدًا حتى يموت موتًا. فأنزل الله ﷿: ﴿ما جَعَلَ اللَّهُ﴾ حرامًا ﴿مِن بَحِيرَةٍ ولا سائِبَةٍ ولا وصِيلَةٍ ولا حامٍ﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٥٠٩-٥١٠.]]. (ز)
٢٤٠٦٥- قال محمد بن إسحاق -من طريق سلمة-: والسائبة: الناقة إذا ولدت عشرة إناث، ليس بينهن ذكر، فسُيِّبَت، فلم تُرْكَب، ولم يُجَزَّ وبَرُها، ولم يجلب لبنها إلا لضيف. الوصيلة من الغنم: إذا ولدت عشر إناث في خمسة أبطن، توأمين توأمين في كل بطن، سميت: الوصيلة، وتُرِكَت، فما ولدت بعد ذلك من ذكر أو أنثى جعلت للذكور دون الإناث، وإن كانت ميتة اشتركوا فيها[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١٢٢٢-١٢٢٣.]]. (ز)
٢٤٠٦٦- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: ﴿ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام﴾، قال: هذا شيء كانت تعمل به أهل الجاهلية، وقد ذهب. قال: البحيرة: كان الرجل يجدع أذني ناقته، ثم يعتقها كما يعتق جاريته وغلامه، لا تُحْلَب، ولا تُرْكَب. والسائبة: يسيبها بغير تجديع. والحام: إذا نتج له سبع إناث متواليات قد حمى ظهره، ولا يركب، ولا يعمل عليه. والوصيلة من الغنم: إذا ولدت سبع إناث متواليات حَمَتْ لحمها أن يُؤكَل[[أخرجه ابن جرير ٩/٣٨، و ابن أبي حاتم ٤/١٢٢٣ من طريق أصبغ.]]٢١٨٦. (ز)
٢٤٠٦٧- عن مالك بن أنس -من طريق ابن وهب-: كان أهل الجاهلية يعتقون الإبل والغنم، ويسيِّبونها، فأما الحامي: فهو الإبل، وكان يضرب في الإبل، فإذا انقضى ضرابه جعلوا عليه ريش الطواويس، وسيَّبوه. وأما الوصيلة: فمن الغنم، إذا وضعت أنثى بعد أنثى سيّبوه[[أخرجه عبد الله بن وهب في الجامع - تفسير القرآن ٢/١٣٢ (٢٦٠)، وابن أبي حاتم ٤/١٢٢٤ بعضه.]]. (ز)
٢٤٠٦٨- عن مالك بن أنس: أنّ الوصيلة في الإبل: إذا كانت الناقة تبكر في الأنثى، ثم تثني بأنثى، سموها: الوصيلة، ويقولون: وصلت اثنتين ليس بينهما ذكر. فكانوا يجدعونها لطواغيتهم[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١٢٢٣.]]. (ز)
﴿مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِنۢ بَحِیرَةࣲ وَلَا سَاۤىِٕبَةࣲ وَلَا وَصِیلَةࣲ وَلَا حَامࣲ﴾ - أول من سيَّب السوائب
٢٤٠٦٩- عن عبد الله بن مسعود، عن النبي ﷺ، قال: «إنّ أولَ مَن سيَّب السوائبَ وعبَد الأصنامَ أبو خزاعةَ عمرُو بن عامر، وإني رأيتُه يجُرُّ أمعاءَه في النار»[[أخرجه أحمد ٧/٢٩٢-٢٩٤ (٤٢٥٨، ٤٢٥٩). قال الهيثمي في المجمع ١/١١٦ (٤٥٣): «رواه أحمد، وفيه إبراهيم الهجري، وهو ضعيف». وصحّحه الألباني بشواهده في الصحيحة ٤/٢٤٢ (١٦٧٧).]]. (٥/٥٦١)
٢٤٠٧٠- عن عائشة، قالت: قال رسول الله ﷺ: «رأيتُ جهنمَ يَحطِمُ بعضُها بعضًا، ورأيتُ عَمرًا يجُرُّ قُصبَه في النار، وهو أولُ مَن سيَّب السوائب»[[أخرجه البخاري ٢/٦٥ (١٢١٢)، ٦/٥٥ (٤٦٢٤)، ومسلم ٢/٦١٩ (٩٠١).]]. (٥/٥٦١)
٢٤٠٧١- عن أُبَيِّ بن كعب، قال: بينا نحنُ مع رسول الله ﷺ في صلاة الظهر، والناسُ في الصفوفِ خلفَه، فرأَيناه تناوَل شيئًا، فجعَل يتناولُه، فتأخَّر، فتأخَّر الناس، ثم تأخَّر الثانية، فتأخَّر الناس، فقلتُ: يا رسول الله، رأَيناك صنَعتَ اليومَ شيئًا ما كنتَ تصنعُه في الصلاة. فقال: «إنّه عُرِضت عليَّ الجنةُ بما فيها مِن الزُّهْرَة والنَّضْرة، فتناولتُ قِطفًا مِن عِنَبِها، ولو أخَذتُه لأكَل منه مَن بين السماء والأرض لا يَنقُصونه، فحِيل بيني وبينه، وعُرِضَت عليَّ النار، فلما وجَدتُ سُفعتَها[[السفعة: نوع من السواد ليس بالكثير. وقيل: سواد مع لون آخر. النهاية (سفع).]] تأخرتُ عنها، وأكثرُ مَن رأيتُ فيها النساء؛ إن ائتُمنَّ أفشَين، وإن سألن ألْحَفن، وإذا سُئلن بَخِلن، وإذا أُعطِين لم يَشكُرن، ورأيتُ فيها عمرَو بن لُحَيٍّ يَجُرُّ قُصبَه في النار، وأشبهُ مَن رأيتُ به مَعبَدُ بن أكثمَ الخزاعي». فقال معبدٌ: يا رسول الله، أتخشى عليَّ مِن شَبَهِه؟ قال: «لا، أنت مؤمنٌ، وهو كافرٌ، وهو أولُ مَن حمَل العربَ على عبادة الأصنام»[[أخرجه أحمد ٢٣/١٠٩-١١٠ (١٤٨٠٠)، ٣٥/١٧٣-١٧٤ (٢١٢٥٠) عن جابر، والحاكم ٤/٦٤٧ (٨٧٨٨). قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه». وقال الذهبي في التلخيص: «صحيح». وقال الهيثمي في المجمع ٢/٨٩ (٢٤٨٣): «رواه أحمد، وروي عن أبي بن كعب عن النبي ﷺ قال بمثله، وفي الإسنادين عبد الله بن محمد بن عقيل، وفيه ضعف، وقد وثق». وقال الألباني في الصحيحة ٤/٢٤٤: «هو حسن». والمشهور أن القصّة وعرض الجنة والنار عليه في قبلته وما رأى فيهما كانت في صلاة الكسوف لا صلاة الظهر، كما أخرجه مسلم في صحيحه ٢/٦٢٢ (٩٠٤) من حديث جابر.]]. (٥/٥٦٢)
٢٤٠٧٢- عن أبي هريرة: سمعتُ رسول الله ﷺ يقولُ لأكثمَ بن الجَونِ: «يا أكثَمُ، عُرِضت عليَّ النارُ، فرأيتُ فيها عمرَو بن لُحيِّ بن قَمَعَةَ بن خِندِفٍ يَجُرُّ قُصبَه في النار، فما رأيتُ رجلًا أشبهَ برجلٍ منك به، ولا به منك». فقال أكثم: أخشى أن يَضُرَّني شَبَهُه، يا رسول الله. فقال رسول الله ﷺ: «لا، إنك مؤمنٌ، وهو كافرٌ، إنه أولُ مَن غيَّر دينَ إبراهيم، وبحَر البحيرة، وسيَّب السائبة، وحَمى الحامي»[[أخرجه ابن حبان ١٦/٥٣٥ (٧٤٩٠)، والحاكم ٤/٦٤٧ (٨٧٨٩)، وابن جرير ٩/٢٨ بألفاظ مقاربة. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط مسلم، ولم يخرجاه». وقال الألباني في الصحيحة ٤/٢٤٣: «وهذا إسناد حسن».]]. (٥/٥٦١)
٢٤٠٧٣- عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ، قال: «إنّ أول مَن ألَّه الإله، وسيَّب السيوب، وبحر البحاير، وغيَّر دين إبراهيم ﵇ عمرو بن لحي بن قَمْعَة بن خِندف». قال النبي ﷺ: «فرأيته يَجُرُّ قُصْبَه في النار، يتأذى به أهل النار، صنماه على ظهره، وناقتان كان سيبهما ثم استعملهما يعضانه بأفواههما، ويطآنه بأخفافهما، أشبه ولده به أكثم بن أبي الجون». فقال أكثم: يا رسول الله، أيضرني ذلك شيئًا؟ قال: «لا، أنت رجل مؤمن، وهو كافر»[[أخرجه آدم بن أبي إياس -كما في تفسير مجاهد ص٣١٧-.]]. (ز)
٢٤٠٧٤- عن أبي سعيد الخدري، قال: صلّى بنا رسول الله ﷺ الظهر، فاستأخَر عن قبلتِه، وأعرَض بوجهِه، وتعوَّذ بالله، ثم دنا مِن قبلتِه، حتى رأَيناه يتناولُ بيدِه، فلما سلَّم رسول الله ﷺ قلنا: يا نبي الله، لقد صنَعتَ اليومَ في صلاتِك شيئًا ما كنتَ تصنعُه؟ قال: «نعم، عُرِضَت عليَّ في مقامي هذا الجنةُ والنار، فرأيتُ في النار ما لا يعلمُه إلا الله، ورأيتُ فيها الحِميَرِيَّةَ صاحبةَ الهِرَّة التي رَبَطتها، فلم تُطعِمها، ولم تَسقِها، ولم تُرسِلها فتأكلَ مِن خَشاشِ الأرض، حتى ماتت في رِباطِها، ورأيتُ فيها عمرَو بن لُحيٍّ يَجُرُّ قُصبَه في النار، وهو الذي سيَّب السوائب، وبحَر البحيرة، ونصَب الأوثان، وغيَّر دينَ إسماعيلَ، ورأيتُ فيها عِمرانَ الغِفاري معه مِحجَنُه الذي كان يسرقُ به الحاج». قال: وسمّى لي الرابعَ فنَسِيتُه. «ورأيتُ الجنةَ، فلم أرَ مثلَ ما فيها، فتناولتُ منها قِطفًا لأُريكموه، فحِيل بيني وبينه». فقال رجلٌ مِن القوم: مثلُ ما الحبةُ منه؟ قال: «كأعظمِ دَلوٍ فَرَتْهُ[[أصل الفَرْي: القَطع، وفرى القربة: قدَّرها وصنعها. النهاية، الوسيط (فرى).]] أمُّك قطُّ». قال محمدُ بن إسحاق: فسألتُ عن الرابع، فقال: هو صاحبُ ثَنِيَّتَي رسول الله ﷺ الذي نَزَعهما[[أخرجه بذكر القطف أبو يعلى في مسنده ٢/٣٨٠ (١١٤٧)، وأبو نعيم في صفة الجنة ٢/١٩١ (٣٥٠). وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر. قال المنذري في الترغيب والترهيب ٤/٢٨٩ (٥٦٧٦): «رواه أبو يعلى بإسناد حسن». وقال الهيثمي في المجمع ١٠/٤١٤ (١٨٧٢٨): «رواه أبو يعلى، وإسناده حسن». والمشهور أن القصّة وعرض الجنة والنار عليه في قبلته وما رأى فيهما كانت في صلاة الكسوف لا صلاة الظهر، كما أخرجه مسلم في صحيحه ٢/٦٢٢ (٩٠٤) من حديث جابر.]]. (٥/٥٦٠)
٢٤٠٧٥- عن زيد بن أسلم، قال: قال رسول الله ﷺ: «إنِّي لَأعرِفُ أوَّلَ مَن سيَّب السوائب، ونصَب النُّصُبَ، وأولَ مَن غير دين إبراهيم». قالوا: مَن هو، يا رسول الله؟ قال: «عمرو بن لُحَيٍّ أخو بني كعب، لقد رأيتُه يَجُرُّ قُصبَه في النار، يؤذي أهلَ النارِ ريحُ قُصبِه. وإنِّي لَأعرِفُ مَن بحَر البحائر». قالوا: مَن هو، يا رسول الله؟ قال: «رجل مِن بني مُدلِجٍ، كانت له ناقتان، فجدَع آذانَهما، وحرَّم ألبانَهما وظهورَهما، وقال: هاتان لله. ثم احتاج إليهما، فشرِب ألبانَهما، ورَكِب ظهورَهما». قال: «فلقد رأيتُه في النارِ وهما تَقضِمانِه بأفواهِهما، وتَطآنِه بأخفافِهما»[[أخرجه ابن أبي شيبة ٧/٢٥٦ (٣٥٨٣٠)، وعبد الرزاق في تفسيره ٢/٣٢ (٧٥١) واللفظ له، وابن جرير ٩/٢٧-٢٨. قال ابن حجر في الفتح ٨/٢٨٥: «مرسلًا».]]. (٥/٥٦١)
﴿وَلَـٰكِنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ یَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۖ وَأَكۡثَرُهُمۡ لَا یَعۡقِلُونَ ١٠٣﴾ - تفسير
٢٤٠٧٦- عن عامر الشعبي -من طريق داود بن أبي هند- في قوله: ﴿ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون﴾، قال: الذين لا يَعقِلون هم الأتباع، وأما الذين افتَروا فعقَلوا أنهم افتَرَوا[[أخرجه ابن جرير ٩/٤٠، وابن أبي حاتم ٤/١٢٢٥. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٥/٥٦٣)
٢٤٠٧٧- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- ﴿ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون﴾، قال: لا يَعقِلون تحريمَ الشيطان الذي حرَّم عليهم[[أخرجه ابن جرير ٩/٤١-٤٢. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وأبي الشيخ.]]. (٥/٥٦٣)
٢٤٠٧٨- عن محمد بن أبي موسى -من طريق داود- في قوله: ﴿ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب﴾ قال: أهلُ الكتاب، ﴿وأكثرهم لا يعقلون﴾ قال: أهلُ الأوثان[[أخرجه ابن جرير ٩/٤٠، وابن أبي حاتم ٤/١٢٢٤. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وأبي الشيخ.]]٢١٨٧. (٥/٥٦٣)
٢٤٠٧٩- عن محمد بن أبي موسى، في الآية، قال: الآباءُ جعَلوا هذا وماتوا، ونشأ الأبناءُ وظنُّوا أن الله هو جعل هذا، فقال الله: ﴿ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب﴾: الآباء؛ فالآباءُ افتَرَوا على اللهِ الكذب، والأبناءُ أكثرُهم لا يَعقِلون؛ يظنُّون اللهَ هو الذي جعله[[عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٥/٥٦٣)
٢٤٠٨٠- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ولكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ من قريش وخزاعة من مشركي العرب ﴿يَفْتَرُونَ عَلى اللَّهِ الكَذِبَ﴾ لقولهم: إنّ الله أمرنا بتحريمه. حين قالوا فى الأعراف [٢٨]: ﴿واللَّهُ أمَرَنا بِها﴾ يعني: بتحريمها. ثم قال: ﴿وأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ﴾ أنّ الله ﷿ لم يُحَرِّمه[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٥٠٩-٥١٠.]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.