الباحث القرآني
﴿ما جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ ولا سائِبَةٍ ولا وصِيلَةٍ ولا حامٍ ولَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلى اللَّهِ الكَذِبَ وأكْثَرُهم لا يَعْقِلُونَ﴾ .
(p-٧١)اسْتِئْنافٌ ابْتِدائِيٌّ جاءَ فارِقًا بَيْنَ ما أحْدَثَهُ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ مِن نَقائِضِ الحَنِيفِيَّةِ وبَيْنَ ما نَوَّهَ اللَّهُ بِهِ مِمّا كانُوا عَلَيْهِ مِن شَعائِرِ الحَجِّ، فَإنَّهُ لَمّا بَيَّنَ أنَّهُ جَعَلَ الكَعْبَةَ قِيامًا لِلنّاسِ وجَعَلَ الهَدْيَ والقَلائِدَ قِيامًا لَهم، بَيَّنَ هُنا أنَّ أُمُورًا ما جَعَلَها اللَّهُ ولَكِنْ جَعَلَها أهْلُ الضَّلالَةِ لِيَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ، فَيَكُونُ كالبَيانِ لِآيَةِ ﴿قُلْ لا يَسْتَوِي الخَبِيثُ والطَّيِّبُ﴾ [المائدة: ١٠٠]، فَإنَّ البَحِيرَةَ وما عُطِفَ عَلَيْها هُنا تُشْبِهُ الهَدْيَ في أنَّها تُحَرَّرُ مَنافِعُها وذَواتُها حَيَّةً لِأصْنامِهِمْ كَما تُهْدى الهَدايا لِلْكَعْبَةِ مُذَكّاةً، فَكانُوا في الجاهِلِيَّةِ يَزْعُمُونَ أنَّ اللَّهَ شَرَعَ لَهم ذَلِكَ ويَخْلِطُونَ ذَلِكَ بِالهَدايا، ولِذَلِكَ قالَ اللَّهُ تَعالى ﴿قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذا﴾ [الأنعام: ١٥٠]، وقالَ في هَذِهِ الآيَةِ ﴿ولَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلى اللَّهِ الكَذِبَ﴾ . فالتَّصَدِّي لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ الهَدْيِ وبَيْنَ البَحِيرَةِ والسّائِبَةِ ونَحْوِهِما، كالتَّصَدِّي لِبَيانِ عَدَمِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الطَّوافِ وبَيْنَ السَّعْيِ لِلصَّفا والمَرْوَةِ في قَوْلِهِ ﴿إنَّ الصَّفا والمَرْوَةَ مِن شَعائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٥٨] كَما تَقَدَّمَ هُنالِكَ. وقَدْ قَدَّمْنا ما رَواهُ مُجاهِدٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: أنَّ ناسًا سَألُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنِ البَحِيرَةِ والسّائِبَةِ ونَحْوِهِما فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ.
ومِمّا يَزِيدُكَ ثِقَةً بِما ذَكَرْتُهُ أنَّ اللَّهَ افْتَتَحَ هَذِهِ الآيَةَ بِقَوْلِهِ ﴿ما جَعَلَ اللَّهُ﴾ لِتَكُونَ مُقابِلًا لِقَوْلِهِ في الآيَةِ الأُخْرى جَعَلَ اللَّهُ الكَعْبَةَ. ولَوْلا ما تَوَسَّطَ بَيْنَ الآيَتَيْنِ مِنَ الآيِ الكَثِيرَةِ لَكانَتْ هَذِهِ الآيَةُ مَعْطُوفَةً عَلى الأُولى بِحَرْفِ العَطْفِ إلّا أنَّ الفَصْلَ هُنا كانَ أوْقَعَ لِيَكُونَ بِهِ اسْتِقْلالُ الكَلامِ فَيُفِيدُ مَزِيدَ اهْتِمامٍ بِما تَضَمَّنَهُ.
والجَعْلُ هُنا بِمَعْنى الأمْرِ والتَّشْرِيعِ، لِأنَّ أصْلَ (جَعَلَ) إذا تَعَدّى إلى مَفْعُولٍ واحِدٍ أنْ يَكُونَ بِمَعْنى الخَلْقِ والتَّكْوِينِ، ثُمَّ يُسْتَعارُ إلى التَّقْدِيرِ والكَتْبِ كَما في قَوْلِهِمْ: فَرَضَ عَلَيْهِ جَعالَةً، وهو هُنا كَذَلِكَ فَيَئُولُ إلى مَعْنى التَّقْدِيرِ والأمْرِ، بِخِلافِ ما وقَعَ في قَوْلِهِ ﴿جَعَلَ اللَّهُ الكَعْبَةَ البَيْتَ الحَرامَ قِيامًا لِلنّاسِ﴾ [المائدة: ٩٧] . فالمَقْصُودُ هُنا نَفْيُ تَشْرِيعِ هَذِهِ الأجْناسِ مِنَ الحَقائِقِ فَإنَّها مَوْجُودَةٌ في الواقِعِ. فَنَفَيُ جَعْلِها مُتَعَيَّنٌ لِأنْ يَكُونَ المُرادُ مِنهُ نَفْيَ الأمْرِ والتَّشْرِيعِ، وهو كِنايَةٌ عَنْ عَدَمِ الرِّضا بِهِ والغَضَبِ عَلى مَن جَعَلَهُ، كَما يَقُولُ الرَّجُلُ لِمَن فَعَلَ شَيْئًا: ما أمَرْتُكَ بِهَذا. فَلَيْسَ المُرادُ إباحَتَهُ والتَّخْيِيرَ في فِعْلِهِ وتَرْكِهِ (p-٧٢)كَما يُسْتَفادُ مِنَ المَقامِ، وذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ ﴿قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذا﴾ [الأنعام: ١٥٠] فَإنَّهُ كِنايَةٌ عَنِ الغَضَبِ عَلى مَن حَرَّمُوهُ، ولَيْسَ المُرادُ أنَّ لَهم أنْ يَجْتَنِبُوهُ.
وأُدْخِلَتْ (مِن) الزّائِدَةُ بَعْدَ النَّفْيِ لِلتَّنْصِيصِ عَلى أنَّ النَّفْيَ نَفْيُ الجِنْسِ لا نَفْيَ أفْرادٍ مُعَيَّنَةٍ، فَقَدْ ساوى أنْ يُقالَ: لا بَحِيرَةَ ولا سائِبَةَ مَعَ قَضاءِ حَقِّ المَقامِ مِن بَيانِ أنَّ هَذا لَيْسَ مِن جَعْلِ اللَّهِ وأنَّهُ لا يَرْضى بِهِ فَهو حَرامٌ.
والبَحِيرَةُ بِفَتْحِ الباءِ المُوَحَّدَةِ وكَسْرِ الحاءِ المُهْمَلَةِ فَعِيلَةٌ بِمَعْنى مَفْعُولَةٍ، أيْ مَبْحُورَةٍ، والبَحْرُ الشَّقُّ يُقالُ: بَحَرَ شَقَّ. وفي حَدِيثِ حَفْرِ زَمْزَمَ: أنَّ عَبْدَ المُطَّلِبِ بَحَرَها بَحْرًا، أيْ شَقَّها ووَسَّعَها. فالبَحِيرَةُ هي النّاقَةُ، كانُوا يَشُقُّونَ أُذُنَها بِنِصْفَيْنِ طُولًا عَلامَةً عَلى تَخْلِيَتِها، أيْ أنَّها لا تُرْكَبُ ولا تُنْحَرُ ولا تُمْنَعُ عَنْ ماءٍ ولا عَنْ مَرْعًى ولا يَجْزُرُونَها ويَكُونُ لَبَنُها لِطَواغِيتِهِمْ، أيْ أصْنامِهِمْ، ولا يَشْرَبُ لَبَنَها إلّا ضَيْفٌ، والظّاهِرُ أنَّهُ يَشْرَبُهُ إذا كانَتْ ضِيافَةً لِزِيارَةِ الصَّنَمِ أوْ إضافَةَ سادِنِهِ، فَكُلُّ حَيٍّ مِن أحْياءِ العَرَبِ تَكُونُ بَحائِرُهم لِصَنَمِهِمْ. وقَدْ كانَتْ لِلْقَبائِلِ أصْنامٌ تَدِينُ كُلُّ قَبِيلَةٍ لِصَنَمٍ أوْ أكْثَرَ.
وإنَّما يَجْعَلُونَها بَحِيرَةً إذا نُتِجَتْ عَشَرَةَ أبْطُنٍ عَلى قَوْلِ أكْثَرِ أهْلِ اللُّغَةِ. وقِيلَ: إذا نُتِجَتْ خَمْسَةَ أبْطُنٍ وكانَ الخامِسُ ذَكَرًا. وإذا ماتَتْ حَتْفَ أنْفِها حَلَّ أكْلُ لَحْمِها لِلرِّجالِ وحُرِّمَ عَلى النِّساءِ.
والسّائِبَةُ: البَعِيرُ أوِ النّاقَةُ يُجْعَلُ نَذْرًا عَنْ شِفاءٍ مِن مَرَضٍ أوْ قُدُومٍ مِن سَفَرٍ، فَيَقُولُ: أجْعَلُهُ لِلَّهِ سائِبَةً. فالتّاءُ فِيهِ لِلْمُبالَغَةِ في الوَصْفِ كَتاءِ نَسّابَةٍ، ولِذَلِكَ يُقالُ: عَبْدٌ سائِبَةٌ، وهو اسْمُ فاعِلٍ بِمَعْنى الِانْطِلاقِ والإهْمالِ، وقِيلَ: فاعِلٌ بِمَعْنى مَفْعُولٍ، أيْ مُسَيَّبٌ.
وحُكْمُ السّائِبَةِ كالبَحِيرَةِ في تَحْرِيمِ الِانْتِفاعِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ كالعِتْقِ وكانُوا يَدْفَعُونَها (p-٧٣)إلى السَّدَنَةِ لِيُطْعِمُوا مِن ألْبانِها أبْناءَ السَّبِيلِ. وكانَتْ عَلامَتُها أنْ تُقْطَعَ قِطْعَةٌ مِن جِلْدَةِ فَقارِ الظَّهْرِ، فَيُقالُ لَها: صَرِيمٌ وجَمْعُهُ صُرُمٌ، وإذا ولَدَتِ النّاقَةُ عَشَرَةَ أبْطُنٍ كُلَّهُنَّ إناثٌ مُتَتابِعَةٌ سَيَّبُوها أيْضًا فَهي سائِبَةٌ، وما تَلِدُهُ السّائِبَةُ يَكُونُ بَحِيرَةً في قَوْلِ بَعْضِهِمْ. والظّاهِرُ أنَّهُ يَكُونُ مِثْلَها سائِبَةً.
والوَصِيلَةُ مِنَ الغَنَمِ هي الشّاةُ تَلِدُ أُنْثى بَعْدَ أُنْثى، فَتُسَمّى الأُمُّ وصِيلَةً لِأنَّها وصَلَتْ أُنْثى بِأُنْثى، كَذا فَسَّرَها مالِكٌ في رِوايَةِ ابْنِ وهْبٍ عَنْهُ، فَعَلى هَذِهِ الرِّوايَةِ تَكُونُ الوَصِيلَةُ هي المُتَقَرَّبَ بِها، ويَكُونُ تَسْلِيطُ نَفْيِ الجَعْلِ عَلَيْها ظاهِرًا. وقالَ الجُمْهُورُ: الوَصِيلَةُ أنْ تَلِدَ الشّاةُ خَمْسَةَ أبْطُنٍ أوْ سَبْعَةً (عَلى اخْتِلافِ مُصْطَلَحِ القَبائِلِ)، فالأخِيرُ إذا كانَ ذَكَرًا ذَبَحُوهُ لِبُيُوتِ الطَّواغِيتِ وإنْ كانَتْ أُنْثى اسْتَحْيَوْها، أيْ لِلطَّواغِيتِ، وإنْ أتْأمَتِ اسْتَحْيَوْهُما جَمِيعًا وقالُوا: وصَلَتِ الأُنْثى أخاها فَمَنَعَتْهُ مِنَ الذَّبْحِ، فَعَلى هَذا التَّأْوِيلِ فالوَصِيلَةُ حالَةٌ مِن حالاتِ نَسْلِ الغَنَمِ، وهي الَّتِي أبْطَلَها اللَّهُ تَعالى، ولَمْ يَتَعَرَّضُوا لِبَقِيَّةِ أحْوالِ الشّاةِ. والأظْهَرُ أنَّ الوَصِيلَةَ اسْمٌ لِلشّاةِ الَّتِي وصَلَتْ سَبْعَةَ أبْطُنٍ إناثًا، جَمْعًا بَيْنَ تَفْسِيرِ مالِكٍ وتَفْسِيرِ غَيْرِهِ، فالشّاةُ تُسَيَّبُ لِلطَّواغِيتِ، وما ذَكَرُوهُ مِن ذَبْحِ ولَدِها أوِ ابْنَتِها هو مِن فُرُوعِ اسْتِحْقاقِ تَسْيِيبِها لِتَكُونَ الآيَةُ شامِلَةً لِأحْوالِها كُلِّها. وعَنِ ابْنِ إسْحاقَ: الوَصِيلَةُ الشّاةُ تُتْئِمُ في خَمْسَةِ أبْطُنٍ عَشَرَةَ إناثٍ فَما ولَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَهو لِلذُّكُورِ مِنهم دُونَ النِّساءِ إلّا أنْ يَمُوتَ شَيْءٌ مِنها فَيَشْتَرِكُ في أكْلِهِ الرِّجالُ والنِّساءُ.
وفِي صَحِيحِ البُخارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ: أنَّ الوَصِيلَةَ مِنَ الإبِلِ إذا بَكَّرَتِ النّاقَةُ في أوَّلِ إنْتاجِ الإبِلِ بِأُنْثى ثُمَّ تُثَنِّي بَعْدُ بِأُنْثى في آخِرِ العامِ فَكانُوا يَجْعَلُونَها لِطَواغِيتِهِمْ. وهَذا قالَهُ سَعِيدٌ مِن نَفْسِهِ ولَمْ يَرْوِهِ عَنِ النَّبِيءِ ﷺ . ووَقَعَ في سِياقِ البُخارِيِّ إيهامٌ اغْتَرَّ بِهِ بَعْضُ الشّارِحِينَ ونَبَّهَ عَلَيْهِ في فَتْحِ البارِي. وعَلى الوُجُوهِ كُلِّها فالوَصِيلَةُ فَعِيلَةٌ بِمَعْنى فاعِلَةٍ.
والحامِي هو فَحْلُ الإبِلِ إذا نُتِجَتْ مِن صُلْبِهِ عَشَرَةَ أبْطُنٍ فَيُمْنَعُ مِن أنْ يُرْكَبَ أوْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ ولا يُمْنَعُ مِن مَرْعًى ولا ماءٍ. ويَقُولُونَ: إنَّهُ حَمى ظَهْرَهُ، أيْ كانَ (p-٧٤)سَبَبًا في حِمايَتِهِ، فَهو حامٍ. قالَ ابْنُ وهْبٍ عَنْ مالِكٍ، كانُوا يَجْعَلُونَ عَلَيْهِ رِيشَ الطَّواوِيسِ ويُسَيِّبُونَهُ، فالظّاهِرُ أنَّهُ يَكُونُ بِمَنزِلَةِ السّائِبَةِ لا يُؤْكَلُ حَتّى يَمُوتَ ويُنْتَفَعَ بِوَبَرِهِ لِلْأصْنامِ.
وقَوْلُهُ ﴿ولَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلى اللَّهِ الكَذِبَ﴾ الِاسْتِدْراكُ لِرَفْعِ ما يَتَوَهَّمُهُ المُشْرِكُونَ مِنِ اعْتِقادِ أنَّها مِن شَرْعِ اللَّهِ لِتَقادُمِ العَمَلِ بِها مُنْذُ قُرُونٍ. والمُرادُ بِالَّذِينَ كَفَرُوا هُنا جَمِيعُ المُشْرِكِينَ فَإنَّهم يُكَذِّبُونَ في نِسْبَةِ هَذِهِ الأشْياءِ إلى شَعائِرِ اللَّهِ لِأنَّهم جَمِيعًا يُخْبِرُونَ بِما هو مُخالِفٌ لِما في الواقِعِ. والكَذِبُ هو الخَبَرُ المُخالِفُ لِلْواقِعِ.
والكُفّارُ فَرِيقانِ خاصَّةٌ وعامَّةٌ: فَأمّا الخاصَّةُ فَهُمُ الَّذِينَ ابْتَدَعُوا هَذِهِ الضَّلالاتِ لِمَقاصِدَ مُخْتَلِفَةٍ ونَسَبُوها إلى اللَّهِ، وأشْهَرُ هَؤُلاءِ وأكْذَبُهم هو عَمْرُو بْنُ عامِرِ بْنِ لُحَيٍّ بِضَمِّ اللّامِ وفَتْحِ الحاءِ المُهْمَلَةِ وياءٍ مُشَدَّدَةٍ الخُزاعِيُّ، فَفي الصَّحِيحِ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «رَأيْتُ عَمْرَو بْنَ عامِرِ بْنِ لُحَيٍّ الخُزاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ - بِضَمِّ القافِ وسُكُونِ الصّادِ المُهْمَلَةِ - أيْ أمْعاءَهُ في النّارِ، وكانَ أوَّلَ مَن سَيَّبَ السَّوائِبَ» . ومِنهم جُنادَةُ بْنُ عَوْفٍ. وعَنْ مالِكٍ أنَّ مِنهم رَجُلًا مِن بَنِي مُدْلِجٍ هو أوَّلُ مَن بَحَرَ البَحِيرَةَ وأنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «رَأيْتُهُ مَعَ عَمْرٍو في النّارِ» . رَواهُ ابْنُ العَرَبِيِّ. وفي رِوايَةٍ «أنَّ عَمْرَو بْنَ لُحَيٍّ أوَّلُ مَن بَحَرَ البَحِيرَةَ وسَيَّبَ السّائِبَةَ» . وأصَحُّ الرِّواياتِ وأشْهَرُها عَنْ رَسُولِ اللَّهِ: «أنَّ عَمْرَو بْنَ لُحَيٍّ أوَّلُ مَن سَيَّبَ السَّوائِبَ ولَمْ يَذْكُرِ البَحِيرَةَ» .
وأمّا العامَّةُ فَهُمُ الَّذِينَ اتَّبَعُوا هَؤُلاءِ المُضِلِّينَ عَنْ غَيْرِ بَصِيرَةٍ، وهُمُ الَّذِينَ أُرِيدُوا بِقَوْلِهِ: وأكْثَرُهم لا يَعْقِلُونَ. فَلَمّا وُصِفَ الأكْثَرُ بِعَدَمِ الفَهْمِ تَعَيَّنَ أنَّ الأقَلَّ هُمُ الَّذِينَ دَبَّرُوا هَذِهِ الضَّلالاتِ وزَيَّنُوها لِلنّاسِ.
والِافْتِراءُ: الكَذِبُ. وتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿فَمَنِ افْتَرى عَلى اللَّهِ الكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ﴾ [آل عمران: ٩٤] في سُورَةِ آلِ عِمْرانَ.
(p-٧٥)وفِي تَسْمِيَةِ ما فَعَلَهُ الكُفّارُ مِن هَذِهِ الأشْياءِ افْتِراءً وكَذِبًا ونَفْيِ أنْ يَكُونَ اللَّهُ أمَرَ بِهِ ما يَدُلُّ عَلى أنَّ تِلْكَ الأحْداثَ لا تَمُتُّ إلى مَرْضاةِ اللَّهِ تَعالى بِسَبَبٍ مِن جِهَتَيْنِ: إحْداهُما أنَّها تَنْتَسِبُ إلى الآلِهَةِ والأصْنامِ، وذَلِكَ إشْراكٌ وكُفْرٌ عَظِيمٌ. الثّانِيَةُ أنَّ ما يُجْعَلُ مِنها لِلَّهِ تَعالى مِثْلُ السّائِبَةِ هو عَمَلٌ ضَرُّهُ أكْثَرُ مِن نَفْعِهِ؛ لِأنَّ في تَسْيِيبِ الحَيَوانِ إضْرارًا بِهِ إذْ رُبَّما لا يَجِدُ مَرْعًى ولا مَأْوًى، ورُبَّما عَدَتْ عَلَيْهِ السِّباعُ، وفِيهِ تَعْطِيلُ مَنفَعَتِهِ حَتّى يَمُوتَ حَتْفَ أنْفِهِ. وما يَحْصُلُ مِن دَرِّ بَعْضِها لِلضَّيْفِ وابْنِ السَّبِيلِ إنَّما هو مَنفَعَةٌ ضَئِيلَةٌ في جانِبِ المَفاسِدِ الحافَّةِ بِهِ.
{"ayah":"مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِنۢ بَحِیرَةࣲ وَلَا سَاۤىِٕبَةࣲ وَلَا وَصِیلَةࣲ وَلَا حَامࣲ وَلَـٰكِنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ یَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۖ وَأَكۡثَرُهُمۡ لَا یَعۡقِلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق