الباحث القرآني
وَإِذْ نصب بإضمار اذكر. ويجوز أن ينتصب بقالوا. والملائكة: جمع ملأك على الأصل، كالشمائل في جمع شمأل. وإلحاق التاء لتأنيث الجمع. وجاعِلٌ من جعل الذي له مفعولان، دخل على المبتدأ والخبر وهما قوله فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فكانا مفعوليه.
ومعناه مُصير في الأرض خليفة. والخليفة: من يخلف غيره. والمعنى خليفة منكم، لأنهم كانوا سكان الأرض فخلفهم فيها آدم وذرّيته. فإن قلت: فهلا قيل: خلائف، أو خلفاء؟
قلت: أريد بالخليفة آدم، واستغنى بذكره عن ذكر بنيه كا استغنى بذكر أبى القبيلة في قولك:
مضر وهاشم. أو أريد من يخلفكم، أو خلفا يخلفكم فوحد لذلك. وقرئ: خليقة بالقاف ويجوز أن يريد: خليفة منى، لأنّ آدم كان خليفة اللَّه في أرضه وكذلك كل نبىّ (إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ) . فإن قلت: لأى غرض أخبرهم بذلك؟ قلت: ليسألوا ذلك السؤال ويجابوا بما أجيبوا به فيعرفوا حكمته في استخلافهم قبل كونهم، صيانة لهم عن اعتراض الشبهة في وقت استخلافهم. وقيل ليعلم عباده المشاورة في أمورهم قبل أن يقدموا عليها، وعرضها على ثقاتهم ونصحائهم، وإن كان هو بعلمه وحكمته البالغة غنيا عن المشاورة أَتَجْعَلُ فِيها تعجب من أن يستخلف مكان أهل الطاعة أهل المعصية وهو الحكيم الذي لا يفعل إلا الخير [[قوله «وهو الحكيم الذي لا يفعل إلا الخير» هذا وما بعده عند المعتزلة. وأما عند أهل السنة فهو تعالى يفعل الخير والشر ويريدهما (ع)]] ولا يريد إلا الخير. فإن قلت: من أين عرفوا ذلك حتى تعجبوا منه وإنما هو غيب؟ قلت: عرفوه بإخبار من اللَّه، أو من جهة اللوح، أو ثبت في علمهم أنّ الملائكة وحدهم هم الخلق المعصومون، وكل خلق سواهم ليسوا على صفتهم: أو قاسوا أحد الثقلين على الآخر حيث أسكنوا الأرض فأفسدوا فيها قبل سكنى الملائكة. وقرئ: يسفك، بضم الفاء. ويُسفك.
ويَسفك، من أسفك. وسفك. والواو في وَنَحْنُ للحال، كما تقول: أتحسن إلى فلان وأنا أحق منه بالإحسان. والتسبيح: تبعيد اللَّه عن السوء، وكذلك تقديسه، من سبح في الأرض والماء. وقدس في الأرض: إذا ذهب فيها وأبعد. وبِحَمْدِكَ في موضع الحال، أى نسبح حامدين لك وملتبسين بحمدك لأنه لولا إنعامك علينا بالتوفيق واللطف لم نتمكن من عبادتك. أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ أى أعلم من المصالح في ذلك ما هو خفى عليكم.
فإن قلت: هلا بين لهم تلك المصالح؟ قلت: كفى العباد أن يعلموا أن أفعال اللَّه كلها حسنة وحكمة، وإن خفى عليهم وجه الحسن والحكمة. على أنه قد بين لهم بعض ذلك فيما أتبعه من قوله وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها واشتقاقهم «آدم» من الأدمة، ومن أديم الأرض، نحو اشتقاقهم «يعقوب» من العقب، و «إدريس» من الدرس، و «إبليس» من الإبلاس. وما آدم إلا اسم أعجمى: وأقرب أمره أن يكون على فاعل، كآزر، وعازر، وعابر وشالخ. وفالغ، وأشباه ذلك (الْأَسْماءَ كُلَّها) أى أسماء المسميات [[قال محمود رحمه اللَّه: «أى أسماء المسميات ... الخ» . قال أحمد رحمه اللَّه: وهو يفر من اعتقاد أن الاسم هو المسمى، لأن ذلك معتقد أهل السنة، فيعمل الحيلة في إبعاده عن مقتضى الآية بقوله: (أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) ويتغافل عن قوله: (ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ) فان الضمير فيه عائد إلى المسميات اتفاقا، ولم يجر إلا ذكر الأسماء، فدل على أنها المسميات، ويعرض أيضا عن حكمة التعليم، وأن تعليقه بنفس الألفاظ لا كبير غرض فيه بل الغرض المهم تعليمه لذوات المسميات واطلاعه على حقائقها وما أودع اللَّه تعالى فيها من خواص وأسرار وعلى تسميتها أيضاً فان طريق التعليم يميز كل حقيقة باسمها فقد ثبت بهاتين النكتتين أن المراد بالأسماء المسميات. وأما استدلاله بقوله: (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ) فغايته إضافة الأسماء إلى الذوات، فلهم أن يقولوا لو كانت الأسماء هي الذوات لزمت إضافة الشيء إلى نفسه، وهذا ما لا مطمع فيه فان هذه الاضافة مثلها في قولك: نفس زيد وحقيقته، فالمراد إذاً نبئوني بحقائق هؤلاء، ولا نكير في هذه الاضافة فان الأسماء بمعنى المسميات. والحقائق أعم من هؤلاء المشار إليهم والمضاف إليهم فصحت الاضافة لما بين الأعم والأخص من التغاير، وهذا هو المصحح للاضافة في مثل نفس زيد وأشباهه.
فهذه نبذة من مسألة الاسم والمسمى تختص بهذه الآية. وفيها إن شاء اللَّه كفاية على أنها وإن عدها المتكلمون من فن الكلام، فالعالب عليها أنها مسألة لفظية لا يرجع اختلاف الأشعرية والمعتزلة فيها إلى كثير من حيث الحقيقة،]] فحذف المضاف اليه لكونه معلوما مدلولا عليه بذكر الأسماء، لأن الاسم لا بدله من مسمى، وعوض منه اللام كقوله: (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ) . فان قلت: هلا زعمت أنه حذف المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه، وأن الأصل: وعلم آدم مسميات الأسماء؟ قلت: لأن التعليم وجب تعليقه بالأسماء لا بالمسميات لقوله: (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ) ، (أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ، فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) فكما علق الإنباء بالأسماء لا بالمسميات ولم يقل: أنبؤنى بهؤلاء، وأنبئهم بهم، وجب تعليق التعليم بها. فان قلت: فما معنى تعليمه أسماء المسميات؟ قلت: أراه الأجناس التي خلقها، وعلمه أن هذا اسمه فرس، وهذا اسمه بعير، وهذا اسمه كذا، وهذا اسمه كذا، وعلمه أحوالها وما يتعلق بها من المنافع الدينية والدنيوية ثُمَّ عَرَضَهُمْ أى عرض المسميات. وإنما ذكر لأن في المسميات العقلاء فغلبهم. وإنما استنبأهم وقد علم عجزهم عن الإنباء على سبيل التبكيت إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ يعنى في زعمكم أنى أستخلف في الأرض مفسدين سفاكين للدماء إرادة للرد عليهم، وأن فيمن يستخلفه من الفوائد العلمية التي هي أصول الفوائد كلها، ما يستأهلون لأجله أن يستخلفوا. فأراهم بذلك وبين لهم بعض ما أجمل من ذكر المصالح في استخلافهم في قوله (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) . وقوله: (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) استحضار لقوله لهم (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) ، إلا أنه جاء به على وجه أبسط من ذلك وأشرح. وقرئ:
وعُلم آدم، على البناء للمفعول. وقرأ عبد اللَّه: عرضهن. وقرأ أُبىّ: عرضها. والمعنى عرض مسمياتهن أو مسمياتها: لأن العرض لا يصح في الأسماء. وقرئ: أنبيهم، بقلب الهمزة ياء.
وأنبهم، بحذفها والهاء مكسورة فيهما.
{"ayahs_start":30,"ayahs":["وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ إِنِّی جَاعِلࣱ فِی ٱلۡأَرۡضِ خَلِیفَةࣰۖ قَالُوۤا۟ أَتَجۡعَلُ فِیهَا مَن یُفۡسِدُ فِیهَا وَیَسۡفِكُ ٱلدِّمَاۤءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ قَالَ إِنِّیۤ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ","وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَاۤءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ فَقَالَ أَنۢبِـُٔونِی بِأَسۡمَاۤءِ هَـٰۤؤُلَاۤءِ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ","قَالُوا۟ سُبۡحَـٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَاۤ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَاۤۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِیمُ ٱلۡحَكِیمُ","قَالَ یَـٰۤـَٔادَمُ أَنۢبِئۡهُم بِأَسۡمَاۤىِٕهِمۡۖ فَلَمَّاۤ أَنۢبَأَهُم بِأَسۡمَاۤىِٕهِمۡ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ إِنِّیۤ أَعۡلَمُ غَیۡبَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ"],"ayah":"قَالَ یَـٰۤـَٔادَمُ أَنۢبِئۡهُم بِأَسۡمَاۤىِٕهِمۡۖ فَلَمَّاۤ أَنۢبَأَهُم بِأَسۡمَاۤىِٕهِمۡ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ إِنِّیۤ أَعۡلَمُ غَیۡبَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق