الباحث القرآني
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأسْماءَ كُلَّها﴾ في تَسْمِيَتِهِ بِآدَمَ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ سُمِّيَ آدَمَ لِأنَّهُ خُلِقَ مِن أدِيمِ الأرْضِ، وأدِيمُها هو وجْهُها الظّاهِرُ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، وقَدْ رَوى أبُو مُوسى الأشْعَرِيُّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « (إنَّ اللَّهَ تَعالى خَلَقَ آدَمَ مِن قَبْضَةٍ، قَبَضَها مِن جَمِيعِ الأرْضِ، فَجاءَ بَنُو آدَمَ عَلى قَدْرِ الأرْضِ، جاءَ مِنهُمُ الأحْمَرُ، والأسْوَدُ، والأبْيَضُ، والسَّهْلُ، والخَبِيثُ، والطَّيِّبُ» . (p-٩٩)
والثّانِي: أنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الأُدْمَةِ، وهي اللَّوْنُ.
وَفي الأسْماءِ الَّتِي عَلَّمَها اللَّهُ تَعالى آدَمَ، ثَلاثَةُ أقْوالٍ: أحَدُها: أسْماءُ المَلائِكَةِ.
والثّانِي: أسْماءُ ذُرِّيَّتِهِ.
والثّالِثُ: أسْماءُ جَمِيعِ الأشْياءِ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، وقَتادَةَ، ومُجاهِدٍ.
ثُمَّ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّ التَّعْلِيمَ إنَّما كانَ مَقْصُورًا عَلى الِاسْمِ دُونَ المَعْنى.
والثّانِي: أنَّهُ عَلَّمَهُ الأسْماءَ ومَعانِيَها، إذْ لا فائِدَةَ في عِلْمِ الأسْماءِ بِلا مَعانِيَ، فَتَكُونُ المَعانِي هي المَقْصُودَةُ، والأسْماءُ دَلائِلُ عَلَيْها.
وَإذا قِيلَ بِالوَجْهِ الأوَّلِ، أنَّ التَّعْلِيمَ إنَّما كانَ مَقْصُورًا عَلى ألْفاظِ الأسْماءِ دُونَ مَعانِيها، فَفِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ عَلَّمَهُ إيّاها بِاللُّغَةِ الَّتِي كانَ يَتَكَلَّمُ بِها.
والثّانِي: أنَّهُ عَلَّمَهُ بِجَمِيعِ اللُّغاتِ، وعَلَّمَها آدَمُ ولَدَهُ، فَلَمّا تَفَرَّقُوا تَكَلَّمَ كُلُّ قَوْمٍ مِنهم بِلِسانٍ اسْتَسْهَلُوهُ مِنها وألِفُوهُ، ثُمَّ نَسُوا غَيْرَهُ فَتَطاوَلَ الزَّمَنُ، وزَعَمَ قَوْمٌ أنَّهم أصْبَحُوا وكُلٌّ مِنهم يَتَكَلَّمُونَ بِلُغَةٍ قَدْ نَسُوا غَيْرَها في لَيْلَةٍ واحِدَةٍ، ومِثْلُ هَذا في العُرْفِ مُمْتَنِعٌ.
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ثُمَّ عَرَضَهم عَلى المَلائِكَةِ﴾ وفِيما عَرَضَهُ عَلَيْهِمْ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ عَرَضَ عَلَيْهِمُ الأسْماءَ دُونَ المُسَمَّياتِ.
والثّانِي: أنَّهُ عَرَضَ عَلَيْهِمُ المُسَمَّيْنَ بِها.
وَفي حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ: ( وعَرَضَهُنَّ ) وفي حَرْفِ أُبَيٍّ: ( وعَرَضَها ) فَكانَ الأصَحُّ تَوَجُّهَ العَرْضِ إلى المُسَمَّيْنَ. (p-١٠٠)
ثُمَّ في زَمانِ عَرْضِهِمْ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ عَرَضَهم بَعْدَ أنْ خَلَقَهم.
والثّانِي: أنَّهُ صَوَّرَهم لِقُلُوبِ المَلائِكَةِ، ثُمَّ عَرَضَهم قَبْلَ خَلْقِهِمْ.
﴿فَقالَ أنْبِئُونِي بِأسْماءِ هَؤُلاءِ إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ ومَعْنى أنْبِئُونِي خَبِّرُونِي مَأْخُوذٌ مِنَ الإنْباءِ، وفي الإنْباءِ قَوْلانِ: أظْهَرُهُما: أنَّهُ الإخْبارُ، والنَّبَأُ الخَبَرُ، والنَّبِيءُ بِالهَمْزِ مُشْتَقٌّ مِن هَذا.
والثّانِي: أنَّ الإنْباءَ الإعْلامُ، وإنَّما يُسْتَعْمَلُ في الإخْبارِ مَجازًا.
وَقَوْلُهُ: ﴿بِأسْماءِ هَؤُلاءِ﴾ يَعْنِي الأسْماءَ الَّتِي عَلَّمَها آدَمَ.
وَفي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ سِتَّةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أنِّي لا أخْلُقُ خَلْقًا إلّا كُنْتُمْ أعْلَمَ مِنهُ; لِأنَّهُ هَجَسَ في نُفُوسِهِمْ أنَّهم أعْلَمُ مِن غَيْرِهِمْ.
والثّانِي: إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فِيما زَعَمْتُمْ أنَّ خُلَفائِي يُفْسِدُونَ في الأرْضِ.
والثّالِثُ: إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أنِّي إنِ اسْتَخْلَفْتُكم فِيها سَبَّحْتُمُونِي وقَدَّسْتُمُونِي، فَإنِ اسْتَخْلَفْتُ غَيْرَكم فِيها عَصانِي.
والرّابِعُ: إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فِيما وقَعَ في نُفُوسِكُمْ، أنِّي لا أخْلُقُ خَلْقًا إلّا كُنْتُمْ أفْضَلَ مِنهُ.
والخامِسُ: مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ أيْ عالِمِينَ.
والسّادِسُ: أنَّ مَعْناهُ إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿إنَّكَ أنْتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ﴾ العَلِيمُ: هو العالِمُ مِن غَيْرِ تَعْلِيمٍ، وفي (الحَكِيمِ) ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّهُ المُحْكِمُ لِأفْعالِهِ. (p-١٠١)
والثّانِي: أنَّهُ المانِعُ مِنَ الفَسادِ، ومِنهُ سُمِّيَتْ حَكَمَةُ اللِّجامِ، لِأنَّها تَمْنَعُ الفَرَسَ مِنَ الجَرْيِ الشَّدِيدِ، وقالَ جَرِيرٌ:
؎ أبَنِي حَنِيفَةَ أحْكِمُوا سُفَهاءَكم إنِّي أخافُ عَلَيْكُمُ أنْ أغْضَبا
أيِ امْنَعُوهم.
والثّالِثُ: أنَّهُ المُصِيبُ لِلْحَقِّ، ومِنهُ سُمِّيَ القاضِي حاكِمًا، لِأنَّهُ يُصِيبُ الحَقَّ في قَضائِهِ، وهَذا قَوْلُ أبِي العَبّاسِ المُبَرِّدِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأعْلَمُ ما تُبْدُونَ وما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾: ما تُبْدُونَ هو قَوْلُهُمْ: ﴿أتَجْعَلُ فِيها مَن يُفْسِدُ فِيها ويَسْفِكُ الدِّماءَ﴾، وفي ﴿ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ قَوْلانِ: أحَدُهُما: ما أسَرَّهُ إبْلِيسُ مِنَ الكِبْرِ والعِصْيانِ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، وابْنِ مَسْعُودٍ.
والثّانِي: أنَّ الَّذِي كَتَمُوهُ: ما أضْمَرُوهُ في أنْفُسِهِمْ أنَّ اللَّهَ تَعالى لا يَخْلُقُ خَلْقًا إلّا كانُوا أكْرَمَ عَلَيْهِ مِنهُ، وهو قَوْلُ الحَسَنِ البَصْرِيِّ.
{"ayahs_start":31,"ayahs":["وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَاۤءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ فَقَالَ أَنۢبِـُٔونِی بِأَسۡمَاۤءِ هَـٰۤؤُلَاۤءِ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ","قَالُوا۟ سُبۡحَـٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَاۤ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَاۤۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِیمُ ٱلۡحَكِیمُ","قَالَ یَـٰۤـَٔادَمُ أَنۢبِئۡهُم بِأَسۡمَاۤىِٕهِمۡۖ فَلَمَّاۤ أَنۢبَأَهُم بِأَسۡمَاۤىِٕهِمۡ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ إِنِّیۤ أَعۡلَمُ غَیۡبَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ"],"ayah":"قَالَ یَـٰۤـَٔادَمُ أَنۢبِئۡهُم بِأَسۡمَاۤىِٕهِمۡۖ فَلَمَّاۤ أَنۢبَأَهُم بِأَسۡمَاۤىِٕهِمۡ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ إِنِّیۤ أَعۡلَمُ غَیۡبَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق