الباحث القرآني

﴿قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ﴾ ، قال: يا آدم أنبئهم بأسمائهم فأنبأهم، وآدم الظاهر أنه عَلَم وليس بوصف على أبينا، وهو مشتق لغة من الأُدمة وهي لون بين البياض الخالص والسواد، ﴿أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ﴾، أي بأسماء هذه المسميات، ﴿فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ﴾، مَن الفاعل؟ آدم، لما أنبأهم؛ أنبأ الملائكة بأسمائهم، ﴿قَالَ﴾، أي: قال الله: ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾، وذلك لرد قولهم: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾، ثم أراد الله تعالى أن يبين مدى علم الملائكة بأمر يشاهدونه ومع ذلك لا يعرفونه بعرض المسميات عليهم وطلب معرفة أسمائها، ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾، أي ما غاب فيهما، ﴿وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ﴾، أي: تظهرون، ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾. في هذه الآية فوائد منها: إثبات القول لله؛ لقوله: ﴿يَا آدَمُ﴾، وأنه بحرف وصوت مسموع؛ لأن آدم سمع فأنبأهم، وهذا الذي عليه أهل السنة والجماعة والسلف الصالح، أن الله تعالى يتكلم بكلام مسموع، كلام مترتب، بعضه سابق لبعض. * ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن آدم عليه الصلاة والسلام امتثل وأطاع ولم يتوقف؛ لقوله: ﴿فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ﴾، ولهذا طوى ذكر قوله: فأنبأهم، إشارة إلى أنه بادر وأنبأ الملائكة، فيستفاد منه سرعة امتثال آدم لأمر الله عز وجل. * ومن فوائد الآية الكريمة: جواز تقرير المخاطَب بما لا يمكنه دفعه، والتقرير لا يكون إلا هكذا، أي بأمر لا يمكن دفعه، وذلك لقوله: ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. * ومن فوائد الآية: بيان عموم علم الله عز وجل، وأنه يتعلق بالمشاهَد والغائب؛ لقوله: ﴿أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. * ومن الفوائد: أن السماوات ذات عدد؛ لقوله: ﴿السَّمَاوَاتِ﴾، والأرض جاءت مفردة، والمراد بها الجنس؛ لأن الله تعالى قال: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ [الطلاق ١٢]. * ومن فوائد الآية الكريمة: أن الملائكة لها إرادات تبدي وتكتم؛ لقوله: ﴿أَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾. * ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الله تعالى عالم بما في القلوب، سواء أُبْدِيَ أم لم يُبدَ؛ لقوله: ﴿مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾. انتبهوا لكلمة: عالم لما في القلوب؛ لو قال قائل: ما دليلك على أن الملائكة لها قلوب؟ قلنا: قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ [سبأ ٢٣].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب