الباحث القرآني
كَبُرَ عَلَيْكُمْ عظم عليكم وشق وثقل. ومنها قوله تعالى وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ ويقال: تعاظمه الأمر مَقامِي مكاني، يعنى نفسه، كما تقول: فعلت كذا لمكان فلان: وفلان ثقيل الظل. ومنه وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ بمعنى خاف ربه. أو قيامي [[قوله «أو قيامي ومكثي» لعله أو مقامي بالضم. (ع)]] ومكثي بين أظهركم مدداً طوالا ألف سنة إلا خمسين عاماً. أو مقامي [[قوله «أو مقامي وتذكيري» لعل هذا أو قيامي. (ع)]] وتذكيري، لأنهم كانوا إذا وعظوا الجماعة قاموا على أرجلهم يعظونهم، ليكون مكانهم بيناً وكلامهم مسموعا، كما يحكى عن عيسى صلوات الله عليه أنه كان يعظ الحواريين قائماً وهم قعود فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ من أجمع الأمر وأزمعه، إذا نواه وعزم عليه. قال:
هَلْ أَغْدُوَنْ يَوْماً وَأَمْرِى مُجْمعُ [[يا ليت شعري والحوادث جمة ... هل أغدون يوما وأمرى مجمع
قوله «والحوادث جمة» أى كثيرة. جملة اعتراضية. وأغدون: مؤكد بالنون الخفيفة. وأمرى مجمع: أى منوي مجزوم بامتثاله. أو المعنى: وشملى مجتمع بعد تفرقه، وهي جملة حالية مغنية عن خبر أغدون. أو خبرها. وزيدت الواو لتوكيد الربط. وأجمع يتعلق بالمعقول، وجمع يتعلق بالمحسوس.]]
والواو بمعنى «مع» يعنى: فأجمعوا أمركم مع شركائكم. وقرأ الحسن: وشركاؤكم بالرفع، عطفا على الضمير المتصل، وجاز من غير تأكيد بالمنفصل لقيام الفاصل مقامه لطول الكلام، كما تقول: اضرب زيداً وعمرو. وقرئ: فاجمعوا من الجمع. وشركاءكم نصب للعطف على المفعول، أو لأنّ الواو بمعنى «مع» وفي قراءة أبىّ: فأجمعوا أمركم وادعوا شركاءكم. فإن قلت:
كيف جاز إسناد الإجماع إلى الشركاء؟ قلت: على وجه التهكم، كقوله قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ. فإن قلت: ما معنى الأمرين؟ أمرهم الذي يجمعونه، وأمرهم الذي لا يكون عليهم غمة؟ قلت: أمّا الأمر الأوّل فالقصد إلى إهلاكه، يعنى: فأجمعوا ما تريدون من إهلاكى واحتشدوا فيه وابذلوا وسعكم في كيدي. وإنما قال ذلك إظهارا لقلة مبالاته وثقته بما وعده ربه من كلاءته وعصمته إياه، وأنهم لن يجدوا إليه سبيلا. وأما الثاني ففيه وجهان، أحدهما:
أن يراد مصاحبتهم له وما كانوا فيه معه من الحال الشديدة عليهم المكروهة عندهم، يعنى:
ثم أهلكونى لئلا يكون عيشكم بسببي غصة وحالكم عليكم غمة: أى غما وهما. والغم والغمة، كالكرب والكربة. والثاني أن يراد به ما أريد بالأمر الأول، والغمة السترة من غمه إذا ستره.
ومنها قوله عليه السلام «ولا غمة في فرائض الله» [[هو طرف من حديث وائل بن حجر في كتاب النبي ﷺ إلى الأقيال، وفيه: «ولا يوصم في الدين ولا غمة في فرائض الله» وقال: الغمة السترة، أى لا تستر في فرائض الله، بل ظاهر بها.]] أى لا تستر، ولكن يجاهر بها، يعنى:
ولا يكن قصدكم إلى إهلاكى مستورا [[قوله «مستورا عليكم» لعله أراد ملتبسا، فلذا قال عليكم، كما أشار إليه النسفي. (ع)]] عليكم ولكن مكشوفاً مشهوراً تجاهروننى به ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ ذلك الأمر الذي تريدون بى، أى: أدوا إلىَّ قطعه وتصحيحه، كقوله تعالى وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أو أدّوا إلىّ ما هو حق عليكم عندكم من هلاكى كما يقضى الرجل غريمه وَلا تُنْظِرُونِ ولا تمهلوني. وقرئ: ثم أفضوا إلىّ، بالفاء بمعنى: ثم انتهوا إلىّ بشرّكم. وقيل هو من أفضى الرجل إذا خرج إلى الفضاء، أى أصحروا به إلىّ وأبرزوه لي فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فإن أعرضتم عن تذكيري ونصيحتي فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فما كان عندي ما ينفركم عنى وتتهموني لأجله من طمع في أموالكم وطلب أجر على عظتكم إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وهو الثواب الذي يثيبني به في الآخرة أى: ما نصحتكم إلا لوجه الله، لا لغرض من أغراض الدنيا وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الذين لا يأخذون على تعليم الدين شيئا ولا يطلبون به دنيا، يريد: أن ذلك مقتضى الإسلام، والذي كل مسلم مأمور به. والمراد أن يجعل الحجة لازمة لهم ويبرئ ساحته، فذكر أن توليهم لم يكن تفريط منه في سوق الأمر معهم على الطريق الذي يجب أن يساق عليه، وإنما ذلك لعنادهم وتمرّدهم لا غير فَكَذَّبُوهُ فتموا على تكذيبه [[قوله «فتموا على تكذيبه» أى استمروا. أفاده الصحاح. (ع)]] وكان تكذيبهم له في آخر المدّة المتطاولة كتكذيبهم في أوّلها، وذلك عند مشارفة الهلاك بالطوفان وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ يخلفون الهالكين بالغرق كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ تعظيم لما جرى عليهم، وتحذير لمن أنذرهم رسول الله ﷺ عن مثله، وتسلية له.
{"ayahs_start":71,"ayahs":["۞ وَٱتۡلُ عَلَیۡهِمۡ نَبَأَ نُوحٍ إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِۦ یَـٰقَوۡمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَیۡكُم مَّقَامِی وَتَذۡكِیرِی بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلۡتُ فَأَجۡمِعُوۤا۟ أَمۡرَكُمۡ وَشُرَكَاۤءَكُمۡ ثُمَّ لَا یَكُنۡ أَمۡرُكُمۡ عَلَیۡكُمۡ غُمَّةࣰ ثُمَّ ٱقۡضُوۤا۟ إِلَیَّ وَلَا تُنظِرُونِ","فَإِن تَوَلَّیۡتُمۡ فَمَا سَأَلۡتُكُم مِّنۡ أَجۡرٍۖ إِنۡ أَجۡرِیَ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِۖ وَأُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِینَ","فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّیۡنَـٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ فِی ٱلۡفُلۡكِ وَجَعَلۡنَـٰهُمۡ خَلَـٰۤىِٕفَ وَأَغۡرَقۡنَا ٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَاۖ فَٱنظُرۡ كَیۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلۡمُنذَرِینَ"],"ayah":"۞ وَٱتۡلُ عَلَیۡهِمۡ نَبَأَ نُوحٍ إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِۦ یَـٰقَوۡمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَیۡكُم مَّقَامِی وَتَذۡكِیرِی بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلۡتُ فَأَجۡمِعُوۤا۟ أَمۡرَكُمۡ وَشُرَكَاۤءَكُمۡ ثُمَّ لَا یَكُنۡ أَمۡرُكُمۡ عَلَیۡكُمۡ غُمَّةࣰ ثُمَّ ٱقۡضُوۤا۟ إِلَیَّ وَلَا تُنظِرُونِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق