الباحث القرآني
(واتل عليهم) أي على الكفار المعاصرين لك المعارضين لما جئت به بأقوالهم الباطلة (نبأ نوح) أي خبره، والنبأ هو الخبر الذي له خطر وشأن؛ والمراد بعض ما جرى له مع قومه الذين كفروا بما جاء به كما فعله كفار قريش وأمثالهم.
(إذ) أي وقت أن (قال لقومه) اللام لام التبليغ (يا قوم إن كان كبر) أي عظم وثقل (عليكم مقامي) من باب الإسناد المجازي كقولهم ثقل عليّ ظله، والمقام بفتح الميم الموضع الذي يقام فيه، وبالضم مكان الإقامة أو الإقامة نفسها، وقد اتفق القراء هنا على الفتح.
وقرأ أبو رجاء وأبو مجلز وابن الجوزي بالضم، قال ابن عطية: ولم يقرأ هنا بالضم، وكأنه لم يطلع على قراءة هؤلاء، وكنى بالمقام عن نفسه كما يقال فعلته لمكان فلان أي لأجله، ومنه (ولمن خاف مقام ربه) أي خاف ربه، ويجوز أن يراد بالمقام المكث أي شق عليكم مكثي بين أظهركم لأنه مكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، ويجوز أن يراد بالمقام القيام لأن الواعظ يقوم حال وعظه.
والمعنى أن كان كبر عليكم قيامي بالوعظ في مواطن اجتماعكم (و) كبر عليكم (تذكيري) لكم (بآيات الله) التكوينية والتنزيلية (فعلى الله توكلت) أي دمت على تخصيص التوكل به تعالى، وهذه الجملة جواب الشرط، والمعنى أني لا أقابل ذلك منكم إلا بالتوكل على الله، فإن ذلك دأبي الذي أنا عليه قديماً وحديثاً، ويجوز أن يريد إحداث مرتبة مخصوصة من مراتب التوكل، ويجوز أن يكرن جواب الشرط فأجمعوا كما يأتي، قاله الأكثرون، والجملة اعتراض كقولك إن كنت أنكرت عليّ شيئاً فالله حسبي وثقتي.
وقيل (فأجمعوا أمركم) عطف على الجواب، وجزم السفاقسي بأن جوابه محذوف أي فافعلوا ما شئتم، والمعنى اعزموا عليه، من أجمع الأمر إذا نواه وعزم عليه قاله الفراء، وروي عنه أجمع الشيء أعده وقال مؤرج السدوسي: أجمع الأمر أفصح من أجمع عليه، وقال أبو الهيثم: أجمع أمره جعله جميعاً بعدما كان متفرقاً، وتفرقه أن يقول مرة أفعل كذا ومرة أفعل كذا فلما عزم على أمر واحد فقد جمعه أي جعله جميعاً.
فهذا هو الأصل في الإجماع ثم صار بمعنى العزم والتصميم، يقال أجمع في المعاني وجمع في الأعيان وقد يستعمل كل واحد مكان الآخر، وفي التنزيل (فجمع كيده) قال ابن الأنباري: المراد من الأمر هنا وجوه كيدهم ومكرهم فالتقدير لا تدعو من أمركم شيئاً إلا أحضرتموه.
(وشركاءكم) أي ادعوهم لنصرتكم، قاله الكسائي والفراء، وقال الزجاج والفارسي: والمعنى مع شركائكم، ولم يذكر الزمخشري غير هذا، وقيل أجمعوا شركاءكم، وفي مصحف أُبَي: وادعوا شركاءكم، قال النحاس وغيره: وقراءة الرفع بعيدة، وقال المهدوي: يجوز رفع الشركاء بالابتداء والخبر محذوف أي وشركاؤكم ليجمعوا أمرهم، ونسبة ذلك إلى الشركاء مع كون الأصنام لا تعقل لقصد التوبيخ والتقريع لمن عبدها.
(ثم لا يكن أمركم عليكم غمة) أي خفياً، والغمة التغطية من قولهم غم الهلال إذا استتر أي ليكن أمركم ظاهراً منكشفاً قاله الزجاج، وقال الهيثم: معناه لا يكن أمركم مبهماً، وقيل أن الغمة ضيق الأمر، كذا روي عن أبي عبيدة.
والمعنى لا يكن أمركم عليكم بمصاحبتي والمجاملة لي ضيقاً شديداً بل ادفعوا هذا الضيق والشدة بما شئتم وقدرتم عليه، وعلى الوجهين الأولين يكون المراد بالأمر الثاني هو الأمر الأول، وعلى الثالث يكون المراد غيره، وإنما نسب عدم الستر الذي هو عدم الغمة إلى الأمر مبالغة.
(ثم اقضوا إليّ) ذلك الأمر الذي تريدونه بي؛ وأصل اقضوا من القضاء وهو الأحكام، والمعنى احكموا ذلك الأمر.
قال الأخفش والكسائي: هو مثل " وقضينا إليه ذلك الأمر " أي أنهيناه إليه وأبلغناه إياه. وقيل معناه ثم امضوا إليّ، قال النحاس: هذا قول صحيح في اللغة ومنه قضى الميت مضى. وعن بعض القراء ثم افضوا بالفاء أي توجهوا (ولا تنظرون) أي ثم لا تمهلوني ولا تؤخروني، بل عجلوا أمركم ونفذوا واصنعوا ما بدا لكم.
فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72) فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73) ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ (74)
وفي هذا الكلام من نوح عليه السلام ما يدل على وثوقه بنصر ربه وعدم مبالاته بما يتوعده به قومه، ثم بين لهم أن كل ما أتى به إليهم من الأعذار والإنذار وتبليغ الشريعة عن الله ليس هو لطمع دنيوي ولا لغرض خسيس فقال
{"ayah":"۞ وَٱتۡلُ عَلَیۡهِمۡ نَبَأَ نُوحٍ إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِۦ یَـٰقَوۡمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَیۡكُم مَّقَامِی وَتَذۡكِیرِی بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلۡتُ فَأَجۡمِعُوۤا۟ أَمۡرَكُمۡ وَشُرَكَاۤءَكُمۡ ثُمَّ لَا یَكُنۡ أَمۡرُكُمۡ عَلَیۡكُمۡ غُمَّةࣰ ثُمَّ ٱقۡضُوۤا۟ إِلَیَّ وَلَا تُنظِرُونِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق