الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿واتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأ نُوحٍ إذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكم مَقامِي وتَذْكِيرِي بِآياتِ اللهِ فَعَلى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَأجْمِعُوا أمْرَكم وشُرَكاءَكم ثُمَّ لا يَكُنْ أمْرَكم عَلَيْكم غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إلَيَّ ولا تُنْظِرُونِ﴾
تَقَدَّمَ في "الأعْرافِ" الكَلامُ عَلى لَفْظَةِ نُوحٍ، والمَقامُ: وُقُوفُ الرَجُلِ لِكَلامٍ أو خُطْبَةٍ أو نَحْوِهِ، والمُقامُ أيْضًا بِضَمِّ المِيمِ: إقامَتُهُ ساكِنًا في مَوْضِعٍ أو بَلَدٍ، ولَمْ يُقْرَأْ هُنا بِضَمِّ المِيمِ، وتَذْكِيرُهُ: وعْظُهُ وزَجْرُهُ، والمَعْنى: يا قَوْمِ، إنْ كُنْتُمْ تَسْتَضْعِفُونَ حالِي ودُعائِي لَكم إلى اللهِ فَإنِّي لا أُبالِي عنكم لِتَوَكُّلِي عَلى اللهِ تَعالى، فافْعَلُوا ما قَدَرْتُمْ عَلَيْهِ.
وقَرَأ السَبْعَةُ، وجُمْهُورُ الناسِ: الحَسَنُ، وابْنُ أبِي إسْحاقَ، وعِيسى: "فَأجْمِعُوا" مِن أجْمَعَ الرَجُلُ عَلى شَيْءٍ إذا عَزَمَ عَلَيْهِ، ومِنهُ قَوْلُ الشاعِرِ:
؎ ....................... ∗∗∗ هَلْ أغْدُوَنْ يَوْمًا وأمْرِي مُجْمَعُ؟
ومِنهُ قَوْلُ الآخَرِ:
؎ أجْمَعُوا أمْرَهم بِلَيْلٍ فَلَمّا ∗∗∗ ∗∗∗ أصْبَحُوا أصْبَحَتْ لَهم ضَوْضاءُ
(p-٥٠٤)وَمِنهُ الحَدِيثُ: « "ما لَمْ يُجْمِعْ مُكْثًا"،» ومِنهُ قَوْلُ أبِي ذُؤَيْبٍ:
؎ ذَكَرَ الوُرُودَ بِها فَأجْمَعَ... ∗∗∗ شَوْقًا وأقْبَلَ حِينُهُ يَتَتَبَّعُ
وقَرَأ نافِعٌ -فِيما رَوى عنهُ الأصْمَعِيُّ - وهي قِراءَةُ الأعْرَجِ، وابْنِ أبِي رَجاءٍ، وعاصِمٍ الجَحْدَرِيِّ، والزُهْرِيِّ، والأعْمَشِ: "فاجْمَعُوا" بِفَتْحِ المِيمِ مِن جَمَعَ إذا ضَمَّ شَيْئًا إلى شَيْءٍ. و"أمْرَكُمْ" يُرِيدُ بِهِ: قُدْرَتَكم وحَياتَكُمْ، ويُؤَيِّدُ هَذِهِ القِراءَةَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَتَوَلّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ﴾ [طه: ٦٠]، وكُلُّ هَؤُلاءِ نَصَبَ "الشُرَكاءَ"، ونَصْبُ قَوْلِهِ: "شُرَكاءَكُمْ" يُحْتَمَلُ أنْ يُعْطَفَ عَلى قَوْلِهِ: "أمْرَكُمْ"، وهَذا عَلى قِراءَةِ "فاجْمَعُوا" بِالوَصْلِ، وأمّا مَن قَرَأ: "فَأجْمِعُوا" بِقَطْعِ الألِفِ فَنَصْبُ "الشُرَكاءِ" بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ كَأنَّهُ قالَ: "وادْعُوا شُرَكاءَكُمْ"، فَهو مِن بابِ قَوْلِ الشاعِرِ:
؎ شَرّابُ ألْبانٍ ∗∗∗ وتَمْرٍ وأقِطْ
ومِن قَوْلِ الآخَرِ:
؎ ورَأيْتُ زَوْجَكِ في الوَغى ∗∗∗ ∗∗∗ مُتَقَلِّدًا سَيْفًا ورُمْحًا
(p-٥٠٥)وَمِن قَوْلِ الآخَرِ:
؎ عَلَفْتُها تِبْنًا وماءً بارِدًا ∗∗∗ ∗∗∗ حَتّى شَتَتْ هَمّالَةً عَيْناها
وفِي مُصْحَفِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: "فَأجْمِعُوا أمْرَكم وادْعُوا شُرَكاءَكُمْ"، قالَ أبُو عَلِيٍّ: وقَدْ يَنْتَصِبُ "الشُرَكاءُ" بِواوِ "مَعَ"، كَما قالُوا: "جاءَ البَرِيدُ والطَيالِسَةَ"، وقَرَأ أبُو عَبْدِ الرَحْمَنِ، والحَسَنُ، وابْنُ أبِي إسْحاقَ، وعِيسى، وسَلامٌ، ويَعْقُوبُ، وأبُو عَمْرٍو فِيما رُوِيَ عنهُ: "وَشُرَكاؤُكُمْ" بِالرَفْعِ عَطْفًا عَلى الضَمِيرِ في "فَأجْمِعُوا"، وعُطِفَ عَلى الضَمِيرِ قَبْلَ تَأْكِيدِهِ لِأنَّ الكافَ والمِيمَ في "أمْرَكُمْ" نابَ مَنابَ "أنْتُمْ" المُؤَكِّدِ لِلضَّمِيرِ، ولِطُولِ الكَلامِ أيْضًا، وهَذِهِ العِبارَةُ أحْسَنُ مِن أنْ يَطُولَ الكَلامُ بِغَيْرِ ضَمِيرٍ، ويَصِحُّ أنْ يَرْتَفِعَ بِالِابْتِداءِ والخَبَرُ مُقَدَّرُ، تَقْدِيرُهُ: "وَشُرَكاؤُهم فَلْيَجْمَعُوا"، وقَرَأتْ فِرْقَةٌ: "وَشُرَكائِكُمْ" بِالخَفْضِ عَلى العَطْفِ عَلى الضَمِيرِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أمْرَكُمْ﴾، والتَقْدِيرُ: "وَأمْرَ شُرَكائِكُمْ" فَهو كَقَوْلِ الشاعِرِ:
؎ أكُلَّ امْرِئٍ تَحْسَبِينَ امْرَأً ∗∗∗ ∗∗∗ ونارٍ تَوَقَّدُ بِاللَيْلِ نارا؟
أيْ: وكُلَّ نارٍ، والمُرادُ بِالشُرَكاءِ في هَذِهِ الآيَةِ الأنْدادُ مِن دُونِ اللهِ، فَأضافَهم إلَيْهِمْ إذْ يَجْعَلُونَهم شُرَكاءَ بِزَعْمِهِمْ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ثُمَّ لا يَكُنْ أمْرُكم عَلَيْكم غُمَّةً﴾، أيْ مُلْتَبِسًا مُشْكِلًا، ومِنهُ «قَوْلُهُ: ﷺ في (p-٥٠٦)الهِلالِ: "فَإنَّ غُمَّ عَلَيْكُمْ"،» ومِنهُ قَوْلُ الراجِزِ:
؎ بَلْ لَوْ شَهِدْتِ الناسَ إذَ تُكُمُّوا ∗∗∗ ∗∗∗ بِغُمَّةٍ لَوْ لَمْ تَفَرَّجْ غُمُّوا
وقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ اقْضُوا إلَيَّ﴾ مَعْناهُ: أنْفِذُوا قَضاءَكم نَحْوِي، وقَرَأ السُدِّيُّ بْنُ يَنْعَمَ: "ثُمَّ أفْضُوا" بِالفاءِ وقَطْعِ الألِفِ، ومَعْناهُ: أسْرِعُوا، وهو مَأْخُوذٌ مِنَ الأرْضِ الفَضاءِ، أيِ:اسْلُكُوا إلَيَّ بِكَيْدِكم واخْرُجُوا مَعِي وبِي إلى سَعَةٍ، وقَوْلِهِ: ﴿وَلا تُنْظِرُونِ﴾ أيْ: ولا تُؤَخِّرُونِ، والنَظِرَةُ: التَأْخِيرُ.
{"ayah":"۞ وَٱتۡلُ عَلَیۡهِمۡ نَبَأَ نُوحٍ إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِۦ یَـٰقَوۡمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَیۡكُم مَّقَامِی وَتَذۡكِیرِی بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلۡتُ فَأَجۡمِعُوۤا۟ أَمۡرَكُمۡ وَشُرَكَاۤءَكُمۡ ثُمَّ لَا یَكُنۡ أَمۡرُكُمۡ عَلَیۡكُمۡ غُمَّةࣰ ثُمَّ ٱقۡضُوۤا۟ إِلَیَّ وَلَا تُنظِرُونِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق