الباحث القرآني
﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِي حاجَّ﴾: جادل، تعجيب من حماقة نمرود، ﴿إبْراهِيمَ في رَبِّهِ أنْ آتاهُ اللهُ المُلْكَ﴾، أي: لأن آتاه، يعني: بطر الملك حمله على ذلك، ﴿إذْ قالَ إبْراهِيمُ﴾، ظرف لـ ﴿حاجَّ﴾، ﴿ربيَ الَّذِي يُحْيِي ويُمِيتُ﴾، أي: الدليل على وجوده حدوث الأشياء بعد عدمها، وعدمها بعد وجودها، فإنه يدل على وجود فاعل مختار، ﴿قالَ﴾: الذي حاج، ﴿أنا أُحْيِي وأُمِيتُ﴾: بالعفو عن القتل والقتل، أو قاله عنادًا ومكابرة، وأوهم أنه الفاعل لذلك، وهذا القول أظهر، ﴿قالَ إبْراهِيمُ فَإنَّ الله يَأتِي بِالشَّمْسِ مِنَ المَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ المَغْرِبِ﴾، أي: إذا كنت كما ادعيت من الإماتة والإحياء فمن هذا صفته هو المتصرف في الوجود، في خلق ذواته وتسخير الكواكب وحركاتها، وهذه الكواكب تبدو كل يوم من المشرق، فإن كنت إلهًا تحيي وتميت فأت بها من المغرب!، ﴿فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ﴾: أخرس في هذا المقام، وصار مبهوتًا مغلوبًا، ﴿واللهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظّالِمِينَ﴾: الذين ظلموا أنفسهم بالاتباع عن الحق، قيل: لا يهديهم محجة الاحتجاج، ﴿أوْ كالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ﴾، الأول في قوة قوله: أرأيت مثل الذي حاج، فعطف عليه بقوله: ”أو كالذي“، وقيل: الكاف مزيدة والمار عزير، أو الخضر، أما القرية فالمشهور أنها
بيت المقدس، حين خربه بختنصر، ﴿وهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشها﴾: ساقطة على سقوفها، أي: خرت سقوفها ثم تهدمت حيطانها فسقطت فوق السقوف، أو من خوى إذا خلا، أي: خالية مع سلامة عروشها، ﴿قالَ أنّى يُحْيِي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها﴾: استبعادًا لتعميرها بعد شدة خرابها، والظاهر أن المراد به أهل القرية، فيكون استعظامًا لإحيائها، ﴿فَأماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ﴾، أي: فألبثه ميتًا مائة عام، أراه آية في نفسه، ﴿ثُمَّ بَعَثَهُ﴾: بالإحياء، ﴿قالَ﴾: الله له بواسطة ملك، أو بلا واسطة، ﴿كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾، كقول الظان، ﴿قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فانْظُرْ إلى طَعامِكَ وشَرابِكَ﴾، ذُكر أن معه عنبًا وتينًا وعصيرا، فالطعام الأولان، والشراب الأخير، ﴿لَمْ يَتَسَنَّهْ﴾: لم يتغير لا العنب والتين تعفنا، ولا العصير استحال، أفرد الضمير، لأنهما كجنس واحد، ﴿وانظُرْ إلى حِمارِكَ﴾، كيف تفتت عظامه، حتى تعلم مكثك مائة سنة، ﴿ولِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنّاسِ﴾، أي: وفعلنا ذلك لنجعلك، وقيل عطف على مقدر، أي: فعلنا ذلك ليزداد بصيرتك ولنجعلك، قيل: كان هو أسود الشعر وبنو بنيه شيب، ﴿وانظُرْ إلى العِظامِ﴾: عظام الحمار، ﴿كَيْفَ نُنشِزُها﴾: نحييها، أو نرفعها، فنركب بعضها على بعض، والجملة حال من العظام، وكيف منصوب بـ ننشزها، ﴿ثُمَّ نَكْسُوها لَحْمًا فَلَمّا تَبَيَّنَ لَهُ﴾: ما أشكل عليه، قيل: تقديره لما تبين له أن الله على كل شيء قدير، ﴿قالَ أعْلَمُ أنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، ففاعل تبين مضمر يفسره ما بعده، أي: صار العلم عينيًّا بعدما كان غيبيًّا، ﴿وإذْ قالَ إبْراهِيمُ رَبِّ أرِنِي كَيْفَ تُحْيِ المَوْتى﴾، ذكروا لسؤاله أسبابًا منها، أنه لما قال لنمورد: ربي الذي يحيي ويميت، أحب أن يترقى من علم اليقين إلى عين اليقين، ومنها أنه رأى جيفة أكلتها السباع والطيور فسأل، ﴿قالَ﴾: الله، ﴿أوَلَمْ تُؤْمِن﴾: بأني قادر على الإحياء، قال له ذلك ليجيب بما أجاب، فيعلم الناس غرضه، أي: أتنكر ولم تؤمن؟، ﴿قالَ بَلى﴾، آمنت، ﴿ولَكِن﴾، سألت، ﴿ليَطْمَئِنَّ قلبي﴾، بالمعاينة، ﴿قالَ فَخُذْ أرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ﴾، اختلفوا في أنها ما هي، قيل: غرنوق وطاوس وديك وحمامة، ﴿فَصُرْهُنَّ إلَيْكَ﴾، أي: قطعهن منضمات إليك، أو اضممهن إليك لتعرف شأنها لئلا تلتبس عليك بعد الإحياء، ﴿ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ﴾: من الجبال التي بحضرتك، وكانت أربعة أو سبعة، ﴿مِنهُنَّ جُزْءًا﴾، تقديره على المعنى الثاني: فصرهن وجزّئهن، ثم اجعل إلخ، ﴿ثُمَّ ادْعُهُنَّ﴾: قل تعالين، ﴿يَأْتِينَكَ سَعْيًا﴾: ساعيات مسرعات، أمر بخلط ريشها ولحومها ففعل، وأمسك رؤوسها ثم دعاهن فجعلت أجزاءهن يطير بعضها ببعض، حتى اتصلت ثم أسرعن إلى رءوسهن، ﴿واعْلَمْ أنْ الله عَزِيزٌ﴾: لا يعجزه شيء، ﴿حَكِيمٌ﴾: في تدبيره.
{"ayahs_start":258,"ayahs":["أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِی حَاۤجَّ إِبۡرَ ٰهِـۧمَ فِی رَبِّهِۦۤ أَنۡ ءَاتَىٰهُ ٱللَّهُ ٱلۡمُلۡكَ إِذۡ قَالَ إِبۡرَ ٰهِـۧمُ رَبِّیَ ٱلَّذِی یُحۡیِۦ وَیُمِیتُ قَالَ أَنَا۠ أُحۡیِۦ وَأُمِیتُۖ قَالَ إِبۡرَ ٰهِـۧمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ یَأۡتِی بِٱلشَّمۡسِ مِنَ ٱلۡمَشۡرِقِ فَأۡتِ بِهَا مِنَ ٱلۡمَغۡرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِی كَفَرَۗ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ","أَوۡ كَٱلَّذِی مَرَّ عَلَىٰ قَرۡیَةࣲ وَهِیَ خَاوِیَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ یُحۡیِۦ هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۖ فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِا۟ئَةَ عَامࣲ ثُمَّ بَعَثَهُۥۖ قَالَ كَمۡ لَبِثۡتَۖ قَالَ لَبِثۡتُ یَوۡمًا أَوۡ بَعۡضَ یَوۡمࣲۖ قَالَ بَل لَّبِثۡتَ مِا۟ئَةَ عَامࣲ فَٱنظُرۡ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمۡ یَتَسَنَّهۡۖ وَٱنظُرۡ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجۡعَلَكَ ءَایَةࣰ لِّلنَّاسِۖ وَٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡعِظَامِ كَیۡفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكۡسُوهَا لَحۡمࣰاۚ فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهُۥ قَالَ أَعۡلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ","وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَ ٰهِـۧمُ رَبِّ أَرِنِی كَیۡفَ تُحۡیِ ٱلۡمَوۡتَىٰۖ قَالَ أَوَلَمۡ تُؤۡمِنۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَـٰكِن لِّیَطۡمَىِٕنَّ قَلۡبِیۖ قَالَ فَخُذۡ أَرۡبَعَةࣰ مِّنَ ٱلطَّیۡرِ فَصُرۡهُنَّ إِلَیۡكَ ثُمَّ ٱجۡعَلۡ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلࣲ مِّنۡهُنَّ جُزۡءࣰا ثُمَّ ٱدۡعُهُنَّ یَأۡتِینَكَ سَعۡیࣰاۚ وَٱعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ"],"ayah":"وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَ ٰهِـۧمُ رَبِّ أَرِنِی كَیۡفَ تُحۡیِ ٱلۡمَوۡتَىٰۖ قَالَ أَوَلَمۡ تُؤۡمِنۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَـٰكِن لِّیَطۡمَىِٕنَّ قَلۡبِیۖ قَالَ فَخُذۡ أَرۡبَعَةࣰ مِّنَ ٱلطَّیۡرِ فَصُرۡهُنَّ إِلَیۡكَ ثُمَّ ٱجۡعَلۡ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلࣲ مِّنۡهُنَّ جُزۡءࣰا ثُمَّ ٱدۡعُهُنَّ یَأۡتِینَكَ سَعۡیࣰاۚ وَٱعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق