الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإذْ قالَ إبْراهِيمُ رَبِّ أرِنِي كَيْفَ تُحْيِ المَوْتى﴾ ذَكَرَ المُفَسِّرُونَ السَّبَبَ في سُؤالِ إبْراهِيمَ رَبَّهُ أنْ يُرِيَهُ إحْياءَ المَوْتى. أخْبَرَنا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ، قالَ: أخْبَرَنا شُعْبَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قالَ: أخْبَرَنا مَكِّيُّ بْنُ عَبْدانَ، قالَ: حَدَّثَنا أبُو الأزْهَرِ، قالَ: حَدَّثَنا رَوْحٌ، قالَ: حَدَّثَنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتادَةَ قالَ: ذُكِرَ لَنا أنَّ إبْراهِيمَ أتى عَلى دابَّةٍ مَيِّتَةٍ وقَدْ تَوَزَّعَتْها دَوابُّ البَرِّ والبَحْرِ، فَقالَ: رَبِّ أرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتى ؟ وقالَ الحَسَنُ وعَطاءٌ الخُراسانِيُّ والضَّحّاكُ وابْنُ جُرَيْجٍ: إنَّ إبْراهِيمَ الخَلِيلَ مَرَّ عَلى دابَّةٍ مَيِّتَةٍ. قالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: كانَتْ جِيفَةَ حِمارٍ بِساحِلِ البَحْرِ. قالَ عَطاءٌ: بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ. قالُوا: فَرَآها وقَدْ تَوَزَّعَتْها دَوابُّ البَرِّ والبَحْرِ، فَكانَ إذا مَدَّ البَحْرُ جاءَتِ الحِيتانُ ودَوابُّ البَحْرِ فَأكَلَتْ مِنها، فَما وقَعَ مِنها يَصِيرُ في الماءِ؛ وإذا جَزَرَ البَحْرُ جاءَتِ السِّباعُ فَأكَلَتْ مِنها، فَما وقَعَ مِنها يَصِيرُ تُرابًا، فَإذا ذَهَبَتِ السِّباعُ جاءَتِ الطَّيْرُ فَأكَلَتْ مِنها، فَما سَقَطَ قَطَّعَتْهُ الرِّيحُ في الهَواءِ. فَلَمّا رَأى ذَلِكَ إبْراهِيمُ تَعَجَّبَ مِنها، وقالَ: يا رَبِّ، قَدْ عَلِمْتُ لَتَجْمَعَنَّها، فَأرِنِي كَيْفَ تُحْيِيها لِأُعايِنَ ذَلِكَ. وقالَ ابْنُ زَيْدٍ: مَرَّ إبْراهِيمُ بِحُوتٍ مَيِّتٍ، نِصْفُهُ في البَرِّ ونِصْفُهُ في البَحْرِ، فَما كانَ في البَحْرِ فَدَوابُّ البَحْرِ تَأْكُلُهُ، وما كانَ مِنهُ في البَرِّ فَدَوابُّ البَرِّ تَأْكُلُهُ، فَقالَ لَهُ الخَبِيثُ إبْلِيسُ: مَتى يَجْمَعُ اللَّهُ هَذِهِ الأجْزاءَ المُتَفَرِّقَةَ مِن بُطُونِ هَؤُلاءِ ؟ فَقالَ: ﴿رَبِّ أرِنِي كَيْفَ تُحْيِ المَوْتى قالَ أوَلَمْ تُؤْمِن قالَ بَلى ولَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ . بِذَهابِ وسْوَسَةِ إبْلِيسَ مِنهُ. أخْبَرَنا أبُو نُعَيْمٍ الأصْفَهانِيُّ فِيما أذِنَ لِي بِرِوايَتِهِ، قالَ: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ، قالَ: حَدَّثَنا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، قالَ: حَدَّثَنا إبْراهِيمُ بْنُ الحَكَمِ بْنِ أبانٍ، قالَ: حَدَّثَنا أبِي، قالَ: كُنْتُ جالِسًا مَعَ عِكْرِمَةَ عِنْدَ السّاحِلِ، فَقالَ عِكْرِمَةُ: إنَّ الَّذِينَ يَغْرَقُونَ في البِحارِ تَقْسِمُ الحِيتانُ لُحُومَهم، فَلا يَبْقى مِنهم شَيْءٌ إلّا العِظامُ، فَتُلْقِيها الأمْواجُ عَلى البَرِّ فَتَصِيرُ حائِلَةً نَخِرَةً، فَتَمُرُّ بِها الإبِلُ فَتَأْكُلُها، فَتَبْعَرُ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ فَيَأْخُذُونَ ذَلِكَ البَعَرَ فَيُوقِدُونَ، فَتَخْمُدُ تِلْكَ النّارُ، فَتَجِيءُ رِيحٌ فَتَسْفِي ذَلِكَ الرَّمادَ عَلى الأرْضِ، فَإذا جاءَتِ النَّفْخَةُ خَرَجَ أُولَئِكَ وأهْلُ القُبُورِ سَواءً، وذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإذا هم قِيامٌ يَنظُرُونَ﴾ [الزمر: ٦٨] . وقالَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ بْنِ يَسارٍ: إنَّ إبْراهِيمَ لَمّا احْتَجَّ عَلى نُمْرُوذَ فَقالَ: رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي ويُمِيتُ. قالَ نُمْرُوذُ: أنا أُحْيِي وأُمِيتُ. ثُمَّ قَتَلَ رَجُلًا وأطْلَقَ رَجُلًا، وقالَ: قَدْ أمَتُّ ذَلِكَ وأحْيَيْتُ هَذا. قالَ لَهُ إبْراهِيمُ: فَإنَّ اللَّهَ يُحْيِي بِأنْ يَرُدَّ الرُّوحَ إلى جَسَدٍ مَيِّتٍ. فَقالَ لَهُ نَمْرُوذُ: هَلْ عايَنْتَ هَذا الَّذِي تَقُولُهُ ؟ فَلَمْ يَقْدِرْ أنْ يَقُولَ: نَعَمْ رَأيْتُهُ. فانْتَقَلَ إلى حُجَّةٍ أُخْرى، ثُمَّ سَألَ رَبَّهُ أنْ يُرِيَهُ إحْياءَ المَوْتى لِكَيْ يَطْمَئِنَّ قَلْبُهُ عِنْدَ الِاحْتِجاجِ بِأنْ يَكُونَ مُخْبِرًا عَنْ مُشاهَدَةٍ وعِيانٍ. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ والسُّدِّيُّ: لَمّا اتَّخَذَ اللَّهُ إبْراهِيمَ خَلِيلًا اسْتَأْذَنَ مَلَكُ المَوْتِ رَبَّهُ أنْ يَأْتِيَ إبْراهِيمَ فَيُبَشِّرَهُ بِذَلِكَ، فَأتاهُ وقالَ: قَدْ جِئْتُكَ أُبَشِّرُكَ بِأنَّ اللَّهَ تَعالى اتَّخَذَكَ خَلِيلًا. فَحَمِدَ اللَّهَ تَعالى وقالَ: ما عَلامَةُ ذَلِكَ ؟ فَقالَ: أنْ يُجِيبَ اللَّهُ دُعاءَكَ، ويُحْيِيَ اللَّهُ المَوْتى بِسُؤالِكَ. ثُمَّ انْطَلَقَ وذَهَبَ، فَقالَ إبْراهِيمُ: رَبِّ أرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتى ؟ قالَ: أوَلَمْ تُؤْمِن ؟ قالَ: بَلى ولَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي بِعِلْمِي أنَّكَ تُجِيبُنِي إذا دَعَوْتُكَ، وتُعْطِينِي إذا سَألْتُكَ، واتَّخَذْتَنِي خَلِيلًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب