الباحث القرآني
* (فصل)
وَقَوْلِهِ: ﴿الم أحَسِبَ النّاسُ أنْ يُتْرَكُوا أنْ يَقُولُوا آمَنّا وهم لا يُفْتَنُونَ - ولَقَدْ فَتَنّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا ولَيَعْلَمَنَّ الكاذِبِينَ﴾ [العنكبوت: ١-٣]
﴿أمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ - مَن كانَ يَرْجُو لِقاءَ اللَّهِ فَإنَّ أجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وهو السَّمِيعُ العَلِيمُ - ومَن جاهَدَ فَإنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ العالَمِينَ - والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهم سَيِّئاتِهِمْ ولَنَجْزِيَنَّهم أحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ - ووَصَّيْنا الإنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْنًا وإنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إلَيَّ مَرْجِعُكم فَأُنَبِّئُكم بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ - والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهم في الصّالِحِينَ - ومِنَ النّاسِ مَن يَقُولُ آمَنّا بِاللَّهِ فَإذا أُوذِيَ في اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ ولَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِن رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إنّا كُنّا مَعَكم أوَلَيْسَ اللَّهُ بِأعْلَمَ بِما في صُدُورِ العالَمِينَ﴾ [العنكبوت: ١-١١].
فَلْيَتَأمَّلِ العَبْدُ سِياقَ هَذِهِ الآياتِ، وما تَضَمَّنَتْهُ مِنَ العِبَرِ وكُنُوزِ الحِكَمِ، فَإنَّ النّاسَ إذا أُرْسِلَ إلَيْهِمِ الرُّسُلُ بَيْنَ أمْرَيْنِ، إمّا أنْ يَقُولَ أحَدُهُمْ: آمَنّا، وإمّا ألّا يَقُولَ ذَلِكَ، بَلْ يَسْتَمِرُّ عَلى السَّيِّئاتِ والكُفْرِ، فَمَن قالَ: آمَنّا امْتَحَنَهُ رَبُّهُ وابْتَلاهُ وفَتَنَهُ، والفِتْنَةُ الِابْتِلاءُ والِاخْتِبارُ لِيَتَبَيَّنَ الصّادِقُ مِنَ الكاذِبِ، ومَن لَمْ يَقُلْ آمَنّا فَلا يَحْسِبْ أنَّهُ يُعْجِزُ اللَّهَ ويَفُوتُهُ ويَسْبِقُهُ، فَإنَّهُ إنَّما يَطْوِي المَراحِلَ في يَدَيْهِ.
؎وَكَيْفَ يَفِرُّ المَرْءُ عَنْهُ بِذَنْبِهِ ∗∗∗ إذا كانَ تُطْوى في يَدَيْهِ المَراحِلُ
فَمَن آمَنَ بِالرُّسُلِ وأطاعَهم عاداهُ أعْداؤُهم وآذَوْهُ فابْتُلِيَ بِما يُؤْلِمُهُ، وإنْ لَمْ يُؤْمِن بِهِمْ ولَمْ يُطِعْهم عُوقِبَ في الدُّنْيا والآخِرَةِ، فَحَصَلَ لَهُ ما يُؤْلِمُهُ، وكانَ هَذا المُؤْلِمُ لَهُ أعْظَمَ ألَمًا وأدْوَمَ مِن ألَمِ اتِّباعِهِمْ، فَلا بُدَّ مِن حُصُولِ الألَمِ لِكُلِّ نَفْسٍ آمَنَتْ أوْ رَغِبَتْ عَنِ الإيمانِ، لَكِنَّ المُؤْمِنَ يَحْصُلُ لَهُ الألَمُ في الدُّنْيا ابْتِداءً، ثُمَّ تَكُونُ لَهُ العاقِبَةُ في الدُّنْيا والآخِرَةِ، والمُعْرِضُ عَنِ الإيمانِ تَحْصُلُ لَهُ اللَّذَّةُ ابْتِداءً، ثُمَّ يَصِيرُ إلى الألَمِ الدّائِمِ.
وَسُئِلَ الشّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أيُّما أفْضَلُ لِلرَّجُلِ، أنْ يُمَكَّنَ أوْ يُبْتَلى؟ فَقالَ: لا يُمَكَّنُ حَتّى يُبْتَلى، واللَّهُ تَعالى ابْتَلى أُولِي العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ، فَلَمّا صَبَرُوا مَكَّنَهُمْ، فَلا يَظُنُّ أحَدٌ أنَّهُ يَخْلُصُ مِنَ الألَمِ ألْبَتَّةَ، وإنَّما يَتَفاوَتُ أهْلُ الآلامِ في العُقُولِ، فَأعْقَلُهم مَن باعَ ألَمًا مُسْتَمِرًّا عَظِيمًا بِألَمٍ مُنْقَطِعٍ يَسِيرٍ، وأشْقاهم مَن باعَ الألَمَ المُنْقَطِعَ اليَسِيرَ بِالألَمِ العَظِيمِ المُسْتَمِرِّ.
فَإنْ قِيلَ: كَيْفَ يَخْتارُ العاقِلُ هَذا؟ قِيلَ: الحامِلُ لَهُ عَلى هَذا النَّقْدُ والنَّسِيئَةُ.
والنَّفْسُ مُوَكَّلَةٌ بِحُبِّ العاجِلِ
﴿كَلّا بَلْ تُحِبُّونَ العاجِلَةَ وتَذَرُونَ الآخِرَةَ﴾ [القيامة: ٢٠] ﴿إنَّ هَؤُلاءِ يُحِبُّونَ العاجِلَةَ ويَذَرُونَ وراءَهم يَوْمًا ثَقِيلًا﴾ [الدهر: ٢٧] وهَذا يَحْصُلُ لِكُلِّ أحَدٍ، فَإنَّ الإنْسانَ مَدَنِيٌّ بِالطَّبْعِ، لا بُدَّ لَهُ أنْ يَعِيشَ مَعَ النّاسِ، والنّاسُ لَهم إراداتٌ وتَصَوُّراتٌ، فَيَطْلُبُونَ مِنهُ أنْ يُوافِقَهم عَلَيْها، فَإنْ لَمْ يُوافِقْهم آذَوْهُ وعَذَّبُوهُ، وإنْ وافَقَهُمْ، حَصَلَ لَهُ الأذى والعَذابُ، تارَةً مِنهم وتارَةً مِن غَيْرِهِمْ، كَمَن عِنْدَهُ دِينٌ وتُقًى حَلَّ بَيْنَ قَوْمٍ فُجّارٍ ظَلَمَةٍ ولا يَتَمَكَّنُونَ مِن فُجُورِهِمْ وظُلْمِهِمْ إلّا بِمُوافَقَتِهِ لَهُمْ، أوْ سُكُوتِهِ عَنْهُمْ، فَإنْ وافَقَهم أوْ سَكَتَ عَنْهم سَلِمَ مِن شَرِّهِمْ في الِابْتِداءِ، ثُمَّ يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْهِ بِالإهانَةِ والأذى أضْعافَ ما كانَ يَخافُهُ ابْتِداءً لَوْ أنْكَرَ عَلَيْهِمْ وخالَفَهُمْ، وإنْ سَلِمَ مِنهم فَلا بُدَّ أنْ يُهانَ ويُعاقَبَ عَلى يَدِ غَيْرِهِمْ، فالحَزْمُ كُلُّ الحَزْمِ في الأخْذِ بِما قالَتْ عائشة أُمُّ المُؤْمِنِينَ لمعاوية:
(مَن أرْضى اللَّهَ بِسَخَطِ النّاسِ كَفاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النّاسِ، ومَن أرْضى النّاسَ بِسَخَطِ اللَّهِ لَمْ يُغْنُوا عَنْهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا).
وَمَن تَأمَّلَ أحْوالَ العالَمِ رَأى هَذا كَثِيرًا، فِيمَن يُعِينُ الرُّؤَساءَ عَلى أغْراضِهِمِ الفاسِدَةِ، وفِيمَن يُعِينُ أهْلَ البِدَعِ عَلى بِدَعِهِمْ هَرَبًا مِن عُقُوبَتِهِمْ، فَمَن هَداهُ اللَّهُ وألْهَمَهُ رُشْدَهُ ووَقاهُ شَرَّ نَفْسِهِ امْتَنَعَ مِنَ المُوافَقَةِ عَلى فِعْلِ المُحَرَّمِ، وصَبَرَ عَلى عُدْوانِهِمْ، ثُمَّ تَكُونُ لَهُ العاقِبَةُ في الدُّنْيا والآخِرَةِ كَما كانَتْ لِلرُّسُلِ وأتْباعِهِمْ كالمُهاجِرِينَ والأنْصارِ، ومَنِ ابْتُلِيَ مِنَ العُلَماءِ والعُبّادِ وصالِحِي الوُلاةِ والتُّجّارِ، وغَيْرِهِمْ.
وَلَمّا كانَ الألَمُ لا مَحِيصَ مِنهُ ألْبَتَّةَ، عَزّى اللَّهُ - سُبْحانَهُ - مَنِ اخْتارَ الألَمَ اليَسِيرَ المُنْقَطِعَ عَلى الألَمِ العَظِيمِ المُسْتَمِرِّ، بِقَوْلِهِ: ﴿مَن كانَ يَرْجُو لِقاءَ اللَّهِ فَإنَّ أجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وهو السَّمِيعُ العَلِيمُ﴾ [العنكبوت: ٥] فَضَرَبَ لِمُدَّةِ هَذا الألَمِ أجَلًا، لا بُدَّ أنْ يَأْتِيَ، وهو يَوْمُ لِقائِهِ، فَيَلْتَذَّ العَبْدُ أعْظَمَ اللَّذَّةِ بِما تَحَمَّلَ مِنَ الألَمِ مِن أجْلِهِ وفي مَرْضاتِهِ، وتَكُونُ لَذَّتُهُ وسُرُورُهُ وابْتِهاجُهُ بِقَدْرِ ما تَحَمَّلَ مِنَ الألَمِ في اللَّهِ ولِلَّهِ، وأكَّدَ هَذا العَزاءَ والتَّسْلِيَةَ بِرَجاءِ لِقائِهِ لِيَحْمِلَ العَبْدُ اشْتِياقَهُ إلى لِقاءِ رَبِّهِ ووَلِيِّهِ عَلى تَحَمُّلِ مَشَقَّةِ الألَمِ العاجِلِ، بَلْ رُبَّما غَيَّبَهُ الشَّوْقُ إلى لِقائِهِ عَنْ شُهُودِ الألَمِ والإحْساسِ بِهِ، ولِهَذا سَألَ النَّبِيُّ ﷺ رَبَّهُ الشَّوْقَ إلى لِقائِهِ، فَقالَ في الدُّعاءِ الَّذِي رَواهُ أحمد وابْنُ حِبّانَ: «اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ بِعِلْمِكَ الغَيْبَ، وقُدْرَتِكَ عَلى الخَلْقِ، أحْيِنِي إذا كانَتِ الحَياةُ خَيْرًا لِي، وتَوَفَّنِي إذا كانَتِ الوَفاةُ خَيْرًا لِي، وأسْألُكَ خَشْيَتَكَ في الغَيْبِ والشَّهادَةِ، وأسْألُكَ كَلِمَةَ الحَقِّ في الغَضَبِ والرِّضى، وأسْألُكَ القَصْدَ في الفَقْرِ والغِنى، وأسْألُكَ نَعِيمًا لا يَنْفَدُ، وأسْألُكَ قُرَّةَ عَيْنٍ لا تَنْقَطِعُ، وأسْألُكَ الرِّضى بَعْدَ القَضاءِ، وأسْألُكَ بَرْدَ العَيْشِ بَعْدَ المَوْتِ، وأسْألُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إلى وجْهِكَ، وأسْألُكَ الشَّوْقَ إلى لِقائِكَ في غَيْرِ ضَرّاءَ مُضِرَّةٍ، ولا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنّا بِزِينَةِ الإيمانِ، واجْعَلْنا هُداةً مُهْتَدِينَ».
فالشَّوْقُ يَحْمِلُ المُشْتاقَ عَلى الجِدِّ في السَّيْرِ إلى مَحْبُوبِهِ، ويُقَرِّبُ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ، ويَطْوِي لَهُ البَعِيدَ، ويُهَوِّنُ عَلَيْهِ الآلامَ والمَشاقَّ، وهو مِن أعْظَمِ نِعْمَةٍ أنْعَمَ اللَّهُ بِها عَلى عَبْدِهِ، ولَكِنْ لِهَذِهِ النِّعْمَةِ أقْوالٌ وأعْمالٌ هُما السَّبَبُ الَّذِي تُنالُ بِهِ، واللَّهُ سُبْحانَهُ سَمِيعٌ لِتِلْكَ الأقْوالِ، عَلِيمٌ بِتِلْكَ الأفْعالِ، وهو عَلِيمٌ بِمَن يَصْلُحُ لِهَذِهِ النِّعْمَةِ ويَشْكُرُها ويَعْرِفُ قَدْرَها ويُحِبُّ المُنْعِمَ عَلَيْهِ، فَتَصْلُحُ عِنْدَهُ هَذِهِ النِّعْمَةُ، ويَصْلُحُ بِها كَما قالَ تَعالى: ﴿وَكَذَلِكَ فَتَنّا بَعْضَهم بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِن بَيْنِنا ألَيْسَ اللَّهُ بِأعْلَمَ بِالشّاكِرِينَ﴾ [الأنعام: ٥٣]، فَإذا فاتَتِ العَبْدَ نَعْمَةٌ مِن نِعَمِ رَبِّهِ فَلْيَقْرَأْ عَلى نَفْسِهِ: ﴿ألَيْسَ اللَّهُ بِأعْلَمَ بِالشّاكِرِينَ﴾.
ثُمَّ عَزّاهم تَعالى بِعَزاءٍ آخَرَ، وهو أنَّ جِهادَهم فِيهِ إنَّما هو لِأنْفُسِهِمْ، وثَمَرَتُهُ عائِدَةٌ عَلَيْهِمْ، وأنَّهُ غَنِيٌّ عَنِ العالَمِينَ، ومَصْلَحَةُ هَذا الجِهادِ تَرْجِعُ إلَيْهِمْ لا إلَيْهِ سُبْحانَهُ، ثُمَّ أخْبَرَ أنَّهُ يُدْخِلُهم بِجِهادِهِمْ وإيمانِهِمْ في زُمْرَةِ الصّالِحِينَ.
ثُمَّ أخْبَرَ عَنْ حالِ الدّاخِلِ في الإيمانِ بِلا بَصِيرَةٍ، وأنَّهُ إذا أُوذِيَ في اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النّاسِ لَهُ كَعَذابِ اللَّهِ، وهي أذاهم لَهُ، ونَيْلُهم إيّاهُ بِالمَكْرُوهِ والألَمِ الَّذِي لا بُدَّ أنْ يَنالَهُ الرُّسُلُ وأتْباعُهم مِمَّنْ خالَفَهُمْ، جَعَلَ ذَلِكَ في فِرارِهِ مِنهم وتَرْكِهِ السَّبَبَ الَّذِي نالَهُ كَعَذابِ اللَّهِ الَّذِي فَرَّ مِنهُ المُؤْمِنُونَ بِالإيمانِ، فالمُؤْمِنُونَ لِكَمالِ بَصِيرَتِهِمْ فَرُّوا مِن ألَمِ عَذابِ اللَّهِ إلى الإيمانِ، وتَحَمَّلُوا ما فِيهِ مِنَ الألَمِ الزّائِلِ المُفارِقِ عَنْ قَرِيبٍ، وهَذا لِضَعْفِ بَصِيرَتِهِ فَرَّ مِن ألَمِ عَذابِ أعْداءِ الرُّسُلِ إلى مُوافَقَتِهِمْ ومُتابَعَتِهِمْ، فَفَرَّ مِن ألَمِ عَذابِهِمْ إلى ألَمِ عَذابِ اللَّهِ، فَجَعَلَ ألَمَ فِتْنَةِ النّاسِ في الفِرارِ مِنهُ بِمَنزِلَةِ ألَمِ عَذابِ اللَّهِ، وغُبِنَ كُلَّ الغَبْنِ إذِ اسْتَجارَ مِنَ الرَّمْضاءِ بِالنّارِ، وفَرَّ مِن ألَمِ ساعَةٍ إلى ألَمِ الأبَدِ، وإذا نَصَرَ اللَّهُ جُنْدَهُ وأوْلِياءَهُ قالَ: إنِّي كُنْتُ مَعَكُمْ، واللَّهُ عَلِيمٌ بِما انْطَوى عَلَيْهِ صَدْرُهُ مِنَ النِّفاقِ.
والمَقْصُودُ: أنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ اقْتَضَتْ حِكْمَتُهُ أنَّهُ لا بُدَّ أنْ يَمْتَحِنَ النُّفُوسَ ويَبْتَلِيَها، فَيُظْهِرُ بِالِامْتِحانِ طَيِّبَها مِن خَبِيثِها، ومَن يَصْلُحُ لِمُوالاتِهِ وكَراماتِهِ ومَن لا يَصْلُحُ، ولِيُمَحِّصَ النُّفُوسَ الَّتِي تَصْلُحُ لَهُ، ويُخَلِّصَها بِكِيرِ الِامْتِحانِ، كالذَّهَبِ الَّذِي لا يَخْلُصُ ولا يَصْفُو مِن غِشِّهِ إلّا بِالِامْتِحانِ، إذِ النَّفْسُ في الأصْلِ جاهِلَةٌ ظالِمَةٌ، وقَدْ حَصَلَ لَها بِالجَهْلِ والظُّلْمِ مِنَ الخُبْثِ ما يَحْتاجُ خُرُوجُهُ إلى السَّبْكِ والتَّصْفِيَةِ، فَإنْ خَرَجَ في هَذِهِ الدّارِ وإلّا فَفي كِيرِ جَهَنَّمَ، فَإذا هُذِّبَ العَبْدُ ونُقِّيَ أُذِنَ لَهُ في دُخُولِ الجَنَّةِ.
* (فائدة)
الفتنة كير القلوب، ومحك الإيمان، وبها يتبين الصادق من الكاذب: قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ فَتنّا الَّذِينَ مِن قَبْلهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الّذِينَ صَدَقُوا ولَيَعْلَمَنَّ الكاذِبِينَ﴾ [العنكبوت: ٣].
فالفتنة قسمت الناس، إلى صادقٍ وكاذبٍ ومؤمن ومنافق، وطيبٍ وخبيثٍ. فمن صبر عليها كانت رحمة في حقه، ونجا بصبره من فتنة أعظم منها، ومن لم يصبر عليها وقع في فتنة أشد منها.
* (فصل)
* وقال في (شفاء العليل)
اعلم أن أفضل العطاء وأجله على الإطلاق الإيمان وجزاؤه وهو لا يتحقق إلا بالامتحان والاختبار قال تعالى: ﴿ألم أحَسِبَ النّاسُ أنْ يُتْرَكُوا أنْ يَقُولُوا آمَنّا وهم لا يُفْتَنُونَ ولَقَدْ فَتَنّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا ولَيَعْلَمَنَّ الكاذِبِينَ أمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ مَن كانَ يَرْجُو لِقاءَ اللَّهِ فَإنَّ أجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وهو السَّمِيعُ العَلِيمُ ومَن جاهَدَ فَإنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ العالَمِينَ﴾
فذكر سبحانه في هذه السورة أنه لا بد أن يمتحن خلقه ويفتنهم ليتبين الصادق من الكاذب والمؤمن من الكافر ومن يشكره ويعبده ممن يكفره ويعرض عنه ويعبد غيره وذكر أحوال الممتحنين في العاجل والآجل وذكر أئمة الممتحنين في الدنيا وهم الرسل وأتباعهم وعاقبة أمرهم وما صاروا إليه وافتتح بالإنكار على من يحسب أنه يتخلص من الامتحان والفتنة في هذه الدار إذا دعى الإيمان وأن حكمته سبحانه وشأنه في خلقه يأبى ذلك وأخبر عن سر هذه الفتنة والمحنة وهو تبيين الصادق من الكاذب والمؤمن من الكافر وهو سبحانه كان يعلم ذلك قبل وقوعه ولكن اقتضى عدله وحمده أنه لا يجزي العباد بمجرد علمه فيهم بل بمعلومه إذا وجد وتحقق والفتنة هي التي أظهرته وأخرجته إلى الوجود فحينئذ حسن وقوع الجزاء عليه.
ثم أنكر سبحانه على من لم يلتزم الإيمان به ومتابعة رسله خوف الفتنة والمحنة التي يمتحن بها رسله وأتباعهم ظنه وحسبانه أنه بإعراضه عن الإيمان وتصديق رسله يتخلص من الفتنة والمحنة فإن بين يديه من الفتنة والمحنة والعذاب أعظم وأشق مما فر عنه.
فإن المكلفين بعد إرسال الرسل إليهم بين أمرين:
إما أن يقول أحدهم آمنت، وإما أن لا يقول بل يستمر على السيئات.
فمن قال آمنا امتحنه الرب تعالى وابتلاه لتتحقق بالإيمان حجة إيمانه وثباته عليه، وأنه ليس بإيمان عافية ورخاء فقط بل إيمان ثابت في حالتي النعماء والبلاء.
ومن لم يؤمن فلا يحسب أنه يعجز ربه تعالى ويفوته بل هو في قبضته وناصيته بيده فله من البلاء أعظم مما ابتلى به من قال آمنت فمن آمن به وبرسله فلا بد أن يبتلي من أعدائه وأعداء رسله بما يؤلمه ويشق عليه ومن لم يؤمن به وبرسله فلا بد أن يعاقبه فيحصل له من الألم والمشقة أضعاف ألم المؤمنين فلا بد من حصول الألم لكل نفس مؤمنة أو كافرة لكن المؤمن يحصل له الألم في الدنيا أشد ثم ينقطع ويعقبه أعظم اللذة والكافر يحصل له اللذة والسرور ابتداء ثم ينقطع ويعقبه أعظم الألم والمشقة وهكذا حال الذين يتبعون الشهوات فيلتذون بها ابتداء ثم تعقبها الآلام لم بحسب ما نالوه منها والذين يصبرون عنها ينالون بفقدها ابتداء ثم يعقب ذلك الألم من اللذة والسرور بحسب ما صبروا عنه وتركوه منها فالألم واللذة أمر ضروري لكل إنسان لكن الفرق بين العاجل المنقطع اليسير والآجل الدائم العظيم بون ولهذا كان خاصة العقل النظر في العواقب والغايات فمن ظن أنه يتخلص من الألم بحيث لا يصيبه ألبتة فظنه أكذب الحديث فإن الإنسان خلق عرضة للذة والألم والسرور والحزن والفرح والغم وذلك من جهتين من جهة تركبه وطبيعته وهيئته فإنه مركب من أخلاط متفاوتة متضادة يمتنع أو يعز اعتدالها من كل وجه بل لا بد أن يبغي بعضها على بعض فيخرج عن حد الاعتدال، فيحصل الألم ومن جهة بني جنسه فإنه مدني بالطبع لا يمكنه أن يعيش وحده بل لا يعيش إلا معهم وله ولهم لذاذات ومطالب متضادة ومتعارضة لا يمكن الجمع بينها بل إذا حصل منها شيء فات منها أشياء فهو يريد منهم أن يوافقوه على مطالبه وإرادته وهم يريدون منه ذلك فإن وافقهم حصل له من الألم والمشقة بحسب ما فاته من إرادته وإن لم يوافقهم آذوه وعذبوه وسعوا في تعطيل مراداته كما لم يوافقهم على مراداتهم فيحصل له من الألم والتعذيب بحسب ذلك فهو في ألم ومشقة وعناء وافقهم أو خالفهم ولا سيما إذا كانت موافقتهم على أمور يعلم أنها عقائد باطلة وإرادات فاسدة وأعمال تضره في عواقبها ففي موافقتهم أعظم الألم وفي مخالفتهم حصول الألم فالعقل والدين والمروءة والعلم تأمره باحتمال أخف الألمين تخلصا من أشدهما وبإيثار المنقطع منهما لينجو من الدائم المستمر فمن كان ظهيرا للمجرمين من الظلمة على ظلمهم ومن أهل الأهواء والبدع على أهوائهم وبدعهم ومن أهل الفجور والشهوات على فجورهم وشهواتهم ليتخلص بمظاهرتهم من ألم أذاهم أصابه من ألم الموافقة لهم عاجلا وآجلا أضعاف أضعاف ما فر منه وسنة الله في خلقه أن يعذبهم بإنذار من إيمانهم وظاهرهم وإن صبر على ألم مخالفتهم ومجانبتهم أعقبه ذلك لذة عاجلة وآجلة تزيد على لذة الموافقة بأضعاف مضاعفة وسنة الله في خلقه أن يرفعه عليهم ويذلهم به بحسب صبره وتقواه وتوكله وإخلاصه وإذا كان لا من الألم والعذاب فذلك في الله وفي مرضاته ومتابعة رسله أولى وأنفع منه في الناس ورضائهم وتحصيل مراداتهم ولما كان زمن التألم والعذاب فصبره طويل فأنفاسه ساعات وساعاته أيام وأيامه شهور وأعوام بلا سبحانه الممتحنين فيه بأن ذلك الابتلاء آجلا ثم ينقطع وضرب لأهله أجلا للقائه يسليهم به ويشكر نفوسهم ويهون عليهم أثقاله فقال: ﴿مَن كانَ يَرْجُو لِقاءَ اللَّهِ فَإنَّ أجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وهو السَّمِيعُ العَلِيمُ﴾
فإذا تصور العبد أجل ذلك البلاء وانقطاعه وأجل لقاء المبتلي سبحانه وإثباته هان عليه ما هو فيه وخف عليه حمله ثم لما كان ذلك لا يحصل إلا بمجاهدة للنفس وللشيطان ولبني جنسه وكان العامل إذا علم أن ثمرة علمه وتعبه يعود عليه وحده لا يشكره فيه غيره كأن أتم اجتهادا وأوفر سعيا فقال تعالى: ﴿وَمَن جاهَدَ فَإنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ العالَمِينَ﴾ وأيضا فلا يتوهم متوهم أن منفعة هذه المجاهدة والصبر والاحتمال يعود على الله سبحانه فإنه غني عن العالمين لم يأمرهم بما أمرهم به حاجة منه إليهم ولا نهاهم عما نهاهم عنه بخلا منه عليهم بل أمرهم بما يعود نفعه ومصلحته عليهم في معاشهم ومعادهم ونهاهم عما يعود مضرته وعتيه عليهم في معاشهم ومعادهم فكانت ثمرة هذا الابتلاء والامتحان مختصة بهم واقتضت حكمته أن نصب ذلك سببا مقضيا إلى يميز الخبيث من الطيب والشقي من الغوي ومن يصلح له ممن لا يصلح قال تعالى: ﴿ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلى ما أنْتُمْ عَلَيْهِ حَتّى يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾ فابتلاهم سبحانه بإرسال الرسل إليهم بأوامره ونواهيه واختياره فامتاز برسله طيبهم من خبيثهم وجيدهم من رديئهم فوقع الثواب والعقاب على معلوم أظهره ذلك الابتلاء والامتحان ثم لما كان الممتحن لا بد أن ينحرف عن طريق الصبر والمجاهدة لدواعي طبيعته وهواه وضعفه عن مقاومة ما ابتلي به وعده سبحانه أن يتجاوز له عن ذلك ويكفره عنه لأنه لما أمر به والتزم طاعته اقتضت رحمته أن كفر عنه سيئاته وجازاه بأحسن أعماله ثم ذكر سبحانه ابتلاء العبد بأبويه وما أمر به من طاعتهما وصبره على مجاهدتهما له على أن لا يشرك به فيصبر على هذه المحنة والفتنة ولا يطيعهما بل يصاحبهما على هذه الحال معروفا ويعرض عنهما إلى متابعة سبيل رسله، وفي الإعراض عنهما وعن سبيلهما والإقبال على من خالفهما وعلى سبيله من الامتحان والابتلاء ما فيه ثم ذكر سبحانه حال من دخل في الإيمان على ضعف عزم وقلة صبر وعدم ثبات على المحنة والابتلاء وأنه إذا أوذي في الله كما جرت به سنة الله واقتضت حكمته من ابتلاء أوليائه بأعدائه وتسليطهم عليهم بأنواع المكاره والأذى لم يصبر على ذلك وجزع منه وفر منه ومن أسبابه كما يفر من عذاب الله فجعل فتنة الناس له على الإيمان وطاعة رسله كعذاب الله لمن يعذبه على الشرك ومخالفة رسله وهذا يدل على عدم البصيرة وأن الإيمان لم يدخل قلبه ولا ذاق حلاوته حتى سوى بين عذاب الله له على الإيمان بالله ورسوله وبين عذاب الله لمن لم يؤمن به وبرسله وهذا حال من يعبد الله على حرف واحد لم ترسخ قدمه في الإيمان وعبادة الله فهو من المفتونين المعذبين وإن فر من عذاب الناس له على الإيمان ثم ذكر حال هذا عند نصرة المؤمنين وأنهم إذا نصروا لجأ إليهم وقال كنت معكم والله سبحانه يعلم من قلبه خلاف قوله ثم ذكر سبحانه ابتلاء نوح بقومه ألف سنة إلا خمسين عاما وابتلاء قومه بطاعته فكذبوه فابتلاهم بالغرق ثم بعده بالخرق ثم ذكر ابتلاء إبراهيم بقومه وما ردوا عليه وابتلاهم بطاعته ومتابعته ثم ذكر ابتلاء لوط بقومه وابتلاءهم به وما صار إليه أمره وأمرهم ثم ذكر ابتلاء شعيب بقومه وابتلاءهم به وما انتهت إليه حالهم وحاله ثم ذكر ما ابتلى به عادا وثمودا وقارون وفرعون وهامان وجنودهم من الإيمان به وعبادته وحده ثم ما ابتلاهم به من أنواع العقوبات ثم ذكر ابتلاء رسوله محمد ﷺ بأنواع الكفار من المشركين وأهل الكتاب وأمره أن يجادل أهل الكتاب بالتي هي أحسن ثم أمر عباده المبتلين بأعدائه أن يهاجروا من أرضهم إلى أرضه الواسعة فيعبدونه فيها ثم نبههم بالنقلة الكبرى من دار الدنيا إلى دار الآخرة على نقلتهم الصغرى من أرض إلى أرض وأخبرهم أن مرجعهم إليه فلا قرار لهم في هذه الدار دون لقائه ثم بين لهم حال الصابرين على الابتلاء فيه بأنه يبوؤهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها فسلاهم عن أرضهم ودارهم التي تركوها لأجله وكانت مباء لهم بأن بوأهم دارا أحسن منها وأجمع لكل خير ولذة ونعيم مع خلود الأبد وأن ذلك بصبرهم على الابتلاء وتوكلهم على ربهم ثم أخبرهم بأنه ضامن لرزقهم في غير أرضهم كما كان يرزقهم في أرضهم فلا يهتموا بحمل الرزق فكم من دابة سافرت من مكان إلى مكان لا تحمل رزقها ثم أخبرهم أن مدة الابتلاء والامتحان في هذه الدار قصيرة جدا بالنسبة إلى دار الحيوان والبقاء ثم ذكر سبحانه عاقبة أهل الابتلاء ممن لم يؤمن به وأن مقامهم في هذه الدار تمتع وسوف يعلمون عند النقلة منها ما فاتهم من النعيم المقيم وما حصلوا عليه من العذاب الأليم وذكر عاقبة أهل الابتلاء ممن آمن به وأطاع رسله وجاهد نفسه وعدوه في دار الابتلاء ما به هاديه وناصره فأخبر سبحانه أن أجل عطاه وأفضله في الدنيا والآخرة هو لأهل الابتلاء الذين صبروا على ابتلائه وتوكلوا عليه وأخبر أن أعظم عذابه وأشقه هو للذين لم يصبروا على ابتلائه وفروا منه وآثروا النعيم العاجل عليه فمضمون هذه السورة هو سر الخلق والأمر فإنها سورة الابتلاء والامتحان وبيان حال أهل البلوى في الدنيا والآخرة ومن تأمل فاتحتها ووسطها وخاتمها وجد في ضمنها أن أول الأمر ابتلاء وامتحان ووسطه صبر وتوكل وآخره هداية ونصر والله المستعان يوضحه.
{"ayahs_start":2,"ayahs":["أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن یُتۡرَكُوۤا۟ أَن یَقُولُوۤا۟ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا یُفۡتَنُونَ","وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَیَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ صَدَقُوا۟ وَلَیَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَـٰذِبِینَ","أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِینَ یَعۡمَلُونَ ٱلسَّیِّـَٔاتِ أَن یَسۡبِقُونَاۚ سَاۤءَ مَا یَحۡكُمُونَ"],"ayah":"أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن یُتۡرَكُوۤا۟ أَن یَقُولُوۤا۟ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا یُفۡتَنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق