الباحث القرآني
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: في إعْرابِ ﴿الم﴾ وقَدْ ذُكِرَ تَمامُ ذَلِكَ في سُورَةِ البَقَرَةِ مَعَ الوُجُوهِ المَنقُولَةِ في تَفْسِيرِهِ ونَزِيدُ هَهُنا عَلى ما ذَكَرْناهُ أنَّ الحُرُوفَ لا إعْرابَ لَها؛ لِأنَّها جارِيَةٌ مَجْرى الأصْواتِ المُنَبِّهَةِ.
المَسْألَةُ الرّابِعَةُ: في سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الآياتِ وفِيهِ أقْوالٌ:
الأوَّلُ: أنَّها نَزَلَتْ في عَمّارِ بْنِ ياسِرٍ، وعَيّاشِ بْنِ أبِي رَبِيعَةَ، والوَلِيدِ بْنِ الوَلِيدِ، وسَلَمَةَ بْنِ هِشامٍ وكانُوا يُعَذَّبُونَ بِمَكَّةَ.
الثّانِي: أنَّها نَزَلَتْ في أقْوامٍ بِمَكَّةَ هاجَرُوا وتَبِعَهُمُ الكُفّارُ فاسْتُشْهِدَ بَعْضُهم ونَجا الباقُونَ.
الثّالِثُ: أنَّها نَزَلَتْ في مَهْجِعِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ.
المَسْألَةُ الخامِسَةُ: في التَّفْسِيرِ، قَوْلُهُ: ﴿أحَسِبَ النّاسُ أنْ يُتْرَكُوا﴾ يَعْنِي أظَنُّوا أنَّهم يُتْرَكُونَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِمْ ﴿آمَنّا وهم لا يُفْتَنُونَ﴾ لا يُبْتَلَوْنَ بِالفَرائِضِ البَدَنِيَّةِ والمالِيَّةِ، واخْتَلَفَ أئِمَّةُ النَّحْوِ في قَوْلِهِ: ﴿أنْ يَقُولُوا﴾ فَقالَ بَعْضُهم: أنْ يُتْرَكُوا بِأنْ يَقُولُوا، وقالَ بَعْضُهم: أنْ يُتْرَكُوا يَقُولُونَ آمَنّا، ومُقْتَضى ظاهِرِ هَذا أنَّهم يُمْنَعُونَ مِن قَوْلِهِمْ آمَنّا، كَما يُفْهَمُ مِن قَوْلِ القائِلِ تَظُنُّ أنَّكَ تُتْرَكُ أنْ تَضْرِبَ زَيْدًا أيْ تُمْنَعُ مِن ذَلِكَ، وهَذا بَعِيدٌ فَإنَّ اللَّهَ لا يَمْنَعُ أحَدًا مِن أنْ يَقُولَ آمَنتُ، ولَكِنْ مُرادُ هَذا المُفَسِّرِ هو أنَّهم لا يُتْرَكُونَ يَقُولُونَ آمَنّا مِن غَيْرِ ابْتِلاءٍ فَيُمْنَعُونَ مِن هَذا المَجْمُوعِ بِإيجابِ الفَرائِضِ عَلَيْهِمْ.
المَسْألَةُ السّادِسَةُ: في الفَوائِدِ المَعْنَوِيَّةِ، وهي أنَّ المَقْصُودَ الأقْصى مِنَ الخَلْقِ العِبادَةُ، والمَقْصِدُ الأعْلى (p-٢٦)فِي العِبادَةِ حُصُولُ مَحَبَّةِ اللَّهِ كَما ورَدَ في الخَبَرِ ”لا يَزالُ العَبْدُ يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالعِبادَةِ حَتّى أُحِبَّهُ“ وكُلُّ مَن كانَ قَلْبُهُ أشَدَّ امْتَلَأ مِن مَحَبَّةِ اللَّهِ فَهو أعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ، لَكِنْ لِلْقَلْبِ تُرْجُمانٌ وهو اللِّسانُ، ولِلِّسانِ مُصَدِّقاتٌ هي الأعْضاءُ، ولِهَذِهِ المُصَدِّقاتِ مُزَكِّياتٌ، فَإذا قالَ الإنْسانُ آمَنتُ بِاللِّسانِ فَقَدِ ادَّعى مَحَبَّةَ اللَّهِ في الجَنانِ، فَلا بُدَّ لَهُ مِن شُهُودٍ، فَإذا اسْتَعْمَلَ الأرْكانَ في الإتْيانِ بِما عَلَيْهِ بُنْيانُ الإيمانِ حَصَلَ لَهُ عَلى دَعْواهُ شُهُودٌ مُصَدِّقاتٌ، فَإذا بَذَلَ في سَبِيلِ اللَّهِ نَفْسَهُ ومالَهُ، وزَكّى بِتَرْكِ ما سِواهُ أعْمالَهُ، زَكّى شُهُودَهُ الَّذِينَ صَدَّقُوهُ فِيما قالَهُ، فَيُحَرِّرُ في جَرائِدِ المُحِبِّينَ اسْمَهُ، ويُقَرِّرُ في أقْسامِ المُقَرَّبِينَ قَسْمَهُ، وإلَيْهِ الإشارَةُ بِقَوْلِهِ: ﴿أحَسِبَ النّاسُ أنْ يُتْرَكُوا أنْ يَقُولُوا آمَنّا﴾ يَعْنِي: أظَنُّوا أنْ تُقْبَلَ مِنهم دَعْواهم بِلا شُهُودٍ، وشُهُودُهم بِلا مُزَكِّينَ، بَلْ لا بُدَّ مِن ذَلِكَ جَمِيعِهِ لِيَكُونُوا مِنَ المُحِبِّينَ.
فائِدَةٌ ثانِيَةٌ: وهي أنَّ أدْنى دَرَجاتِ العَبْدِ أنْ يَكُونَ مُسْلِمًا، فَإنَّ ما دُونَهُ دَرَكاتُ الكُفْرِ، فالإسْلامُ أوَّلُ دَرَجَةٍ تَحْصُلُ لِلْعَبْدِ فَإذا حَصَلَ لَهُ هَذِهِ المَرْتَبَةُ كُتِبَ اسْمُهُ وأُثْبِتَ قَسْمُهُ، لَكِنَّ المُسْتَخْدَمِينَ عِنْدَ المُلُوكِ عَلى أقْسامٍ مِنهم مَن يَكُونُ ناهِضًا في شُغْلِهِ ماضِيًا في فِعْلِهِ، فَيُنْقَلُ مِن خِدْمَةٍ إلى خِدْمَةٍ أعْلى مِنها مَرْتَبَةً، ومِنهم مَن يَكُونُ كَسْلانًا مُتَخَلِّفًا فَيُنْقَلُ مِن خِدْمَةٍ إلى خِدْمَةٍ أدْنى مِنها، ومِنهم مَن يُتْرَكُ عَلى شَغْلِهِ مِن غَيْرِ تَغْيِيرٍ، ومِنهم مَن يُقْطَعُ رَسْمُهُ ويُمْحى مِنَ الجَرائِدِ اسْمُهُ، فَكَذَلِكَ عِبادُ اللَّهِ قَدْ يَكُونُ المُسْلِمُ عابِدًا مُقْبِلًا عَلى العِبادَةِ مَقْبُولًا لِلسَّعادَةِ فَيُنْقَلُ مِن مَرْتَبَةِ المُؤْمِنِينَ إلى دَرَجَةِ المُوقِنِينَ، وهي دَرَجَةُ المُقَرَّبِينَ، ومِنهم مَن يَكُونُ قَلِيلَ الطّاعَةِ مُشْتَغِلًا بِالخَلاعَةِ، فَيُنْقَلُ إلى مَرْتَبَةٍ دُونَهُ وهي مَرْتَبَةُ العُصاةِ ومَنزِلَةُ القُساةِ، وقَدْ يَسْتَصْغِرُ العُيُوبَ ويَسْتَكْثِرُ الذُّنُوبَ فَيَخْرُجُ مِنَ العِبادَةِ مَحْرُومًا ويَلْحَقُ بِأهْلِ العِنادِ مَرْجُومًا، ومِنهم مَن يَبْقى في أوَّلِ دَرَجَةِ الجَنَّةِ وهُمُ البُلْهُ، فَقالَ اللَّهُ بِشارَةً لِلْمُطِيعِ النّاهِضِ ﴿أحَسِبَ النّاسُ أنْ يُتْرَكُوا﴾ يَعْنِي أظَنُّوا أنَّهم يُتْرَكُونَ في أوَّلِ المَقاماتِ لا، بَلْ يُنْقَلُونَ إلى أعْلى الدَّرَجاتِ كَما قالَ تَعالى: ﴿والَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجاتٍ﴾ (المُجادَلَةِ: ١١ )، ﴿فَضَّلَ اللَّهُ المُجاهِدِينَ بِأمْوالِهِمْ وأنْفُسِهِمْ عَلى القاعِدِينَ دَرَجَةً﴾ (النِّساءِ: ٩٥ ) . وقالَ بِضِدِّهِ لِلْكَسْلانِ ﴿أحَسِبَ النّاسُ أنْ يُتْرَكُوا أنْ يَقُولُوا آمَنّا﴾ يَعْنِي إذا قالَ آمَنتُ ويَتَخَلَّفُ بِالعِصْيانِ يُتْرَكُ ويُرْضى مِنهُ، لا بَلْ يُنْقَلُ إلى مَقامٍ أدْنى وهو مَقامُ العاصِي أوِ الكافِرِ.
{"ayah":"أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن یُتۡرَكُوۤا۟ أَن یَقُولُوۤا۟ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا یُفۡتَنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق