الباحث القرآني

سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ مَكِّيَّةٌ [[سورة العنكبوت مكية كلها وذلك مروي عن ابن عباس، وابن الزبير، والحسن، وقتادة، وعطاء، وجابر بن زيد، ومقاتل. وفي رواية عن ابن عباس أنها مدنية. وقال هبة الله بن سلامة: نزل من أولها إلى رأس العشر بمكة، وباقيها بالمدينة، وفي الرويات بالعكس: أن الآيات الأولى مدنية، وذلك لذكر "الجهاد" فيها، وذكر "المنافقين".. والراجح أن السورة كلها مكية. وقد ورد في سبب نزول الآية الثامنة أنها نزلت في إسلام سعد بن أبي وقاص -كما سيجيء- وإسلام سعد كان في مكة بلا جدال. وهذه الآية ضمن الآيات الإحدى عشرة التي قيل إنها مدنية. لذلك يرجح الأستاذ سيد قطب -رحمه الله تعالى- مكية الآيات كلها. أما تفسير ذكر الجهاد فيها فيسير، لأنها واردة بصدد الجهاد ضد الفتنة، أي: جهاد النفس لتصبر ولا تفتن. وهذا واضح في السياق. وكذلك ذكر المنافقين، فقد جاء بصدد تصوير حالة نموذج من الناس. والسورة كلها متماسكة في خط واحد منذ البدء إلى الختام، انظر: الدر المنثور: ٦ / ٤٤٩، زاد المسير: ٧ / ٢٥٣، البحر المحيط: ٧ / ١٣٩، تفسير القرطبي: ١٣ / ٣٢٣، في ظلال القرآن: ٥ / ٢٧١٨، فيما سيأتي تفسير الآية (١١) من السورة.]] ﷽ * * * ﴿الم أَحَسِبَ النَّاسُ﴾ [أَظَنَّ النَّاسُ] [[ساقط من "أ".]] ، ﴿أَنْ يُتْرَكُوا﴾ بِغَيْرِ اخْتِبَارٍ وَلَا ابْتِلَاءٍ، ﴿أَنْ يَقُولُوا﴾ [أَيْ: بِأَنْ يَقُولُوا] [[ساقط من "ب".]] ، ﴿آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾ لَا يُبْتَلَوْنَ فِي أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ؟ كلا لنختبرنهم ليبَّين الْمُخَلِصَ مِنَ الْمُنَافِقِ وَالصَّادِقَ مِنَ الْكَاذِبِ. وَاخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ، قَالَ الشَّعْبِيُّ: نَزَلَتْ فِي أُنَاسٍ كَانُوا بِمَكَّةَ قَدْ أَقَرُّوا بِالْإِسْلَامِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْكُمْ إِقْرَارٌ بِالْإِسْلَامِ حَتَّى تُهَاجِرُوا، فَخَرَجُوا عَامِدِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَاتَّبَعَهُمُ الْمُشْرِكُونَ فَقَاتَلُوهُمْ فَمِنْهُمْ مَنْ قُتِلَ وَمِنْهُمْ مَنْ نَجَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ [[عزاه السيوطي في الدر: (٦ / ٤٤٩) لعبد بن حميد، وابن جرير الطبري، ٢٠ / ١٢٩، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وذكره الواحدي في الأسباب ص (٣٩٣) . قال ابن عطية في "المحرر الوجيز": (١٢ / ١٩٩) . "وهذه الآية وإن كانت نزلت بهذا السبب وفي هذه الجماعة، فهي بمعناها باقية في أمة محمد ﷺ، موجود حكمها بقية الدهر، وذلك أن الفتنة من الله تعالى والاختبار باق في ثغور المسلمين بالأسر ونكاية العدو وغير ذلك، وإذا اعتبرنا أيضا كل موضع، ففيه ذلك بالأمراض وأنواع المحن، ولكن التي تشبه نازلة المؤمنين مع قريش هي ما ذكرناه من أمر العدو في كل ثغر".]] . وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَرَادَ بِالنَّاسِ الَّذِينَ آمَنُوا بِمَكَّةَ: سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَعَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَغَيْرَهُمْ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: نَزَلَتْ فِي عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، كَانَ يُعَذَّبُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ [[أخرجه ابن المنذر عن ابن جريج عن ابن عمير وغيره. وأخرجه أيضا ابن سعد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن عساكر. انظر: الدر المنثور: ٦ / ٤٥٠، زاد المسير: ٦ / ٢٥٤.]] . وَقَالَ مُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي مِهْجَعِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى عُمَرَ، كَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ مِهْجَعٌ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ"، فَجَزِعَ أَبَوَاهُ وَامْرَأَتُهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ [[ذكره الواحدي في الأسباب ص (٣٩٣) ، وقال الحافظ ابن حجر في "الكافي الشاف" ص (١٢٧) : "ذكره الثعلبي عن مقاتل.." ثم قال: "وسنده إلى مقاتل في أول كتابه. وفي "الدلائل" لابن أبي شيبة من طريق القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود قال: "أول من استشهد يوم بدر مهجع مولى عمر".]] . وَقِيلَ: "وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ" بِالْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَهُمْ فِي الِابْتِدَاءِ بِمُجَرَّدِ الْإِيمَانِ، ثُمَّ فَرَضَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةَ، وَالزَّكَاةَ، وَسَائِرَ الشَّرَائِعِ، فَشَقَّ عَلَى بَعْضِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ، ثُمَّ عَزَّاهُمْ فَقَالَ: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب