الباحث القرآني

سُورَةُ العَنْكَبُوتِ تِسْعٌ وسِتُّونَ آيَةً مَكِّيَّةٌ ﷽ (p-١٣٨)﴿الم﴾ ﴿أحَسِبَ النّاسُ أنْ يُتْرَكُوا أنْ يَقُولُوا آمَنّا وهم لا يُفْتَنُونَ﴾ ﴿ولَقَدْ فَتَنّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا ولَيَعْلَمَنَّ الكاذِبِينَ﴾ ﴿أمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ﴾ ﴿مَن كانَ يَرْجُو لِقاءَ اللَّهِ فَإنَّ أجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وهو السَّمِيعُ العَلِيمُ﴾ ﴿ومَن جاهَدَ فَإنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ العالَمِينَ﴾ ﴿والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهم سَيِّئاتِهِمْ ولَنَجْزِيَنَّهم أحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ ﴿ووَصَّيْنا الإنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْنًا وإنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إلَيَّ مَرْجِعُكم فَأُنَبِّئُكم بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ ﴿والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهم في الصّالِحِينَ﴾ ﴿ومِنَ النّاسِ مَن يَقُولُ آمَنّا بِاللَّهِ فَإذا أُوذِيَ في اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ ولَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِن رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إنّا كُنّا مَعَكم أوَلَيْسَ اللَّهُ بِأعْلَمَ بِما في صُدُورِ العالَمِينَ﴾ ﴿ولَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا ولَيَعْلَمَنَّ المُنافِقِينَ﴾ ﴿وقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا ولْنَحْمِلْ خَطاياكم وما هم بِحامِلِينَ مِن خَطاياهم مِن شَيْءٍ إنَّهم لَكاذِبُونَ﴾ ﴿ولَيَحْمِلُنَّ أثْقالَهم وأثْقالًا مَعَ أثْقالِهِمْ ولَيُسْألُنَّ يَوْمَ القِيامَةِ عَمّا كانُوا يَفْتَرُونَ﴾ . هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ، قالَهُ جابِرٌ وعِكْرِمَةُ والحَسَنُ. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ، (p-١٣٩)وقَتادَةُ: مَدَنِيَّةٌ. وقالَ يَحْيى بْنُ سَلامٍ: مَكِّيَّةٌ إلّا مِن أوَّلِها إلى ﴿ولَيَعْلَمَنَّ المُنافِقِينَ﴾ ونَزَلَ أوائِلُها في مُسْلِمِينَ بِمَكَّةَ كَرِهُوا الجِهادَ حِينَ فُرِضَ بِالمَدِينَةِ، قالَهُ السُّدِّيُّ، أوْ في عَمّارٍ ونُظَرائِهِ مِمَّنْ كانَ يُعَذَّبُ في اللَّهِ، قالَهُ ابْنُ عُمَرَ، أوْ في مُسْلِمِينَ كانَ كُفّارُ قُرَيْشٍ يُؤْذُونَهم، قالَهُ مُجاهِدٌ، وهو قَرِيبٌ مِمّا قَبْلَهُ؛ أوْ في مِهْجَعٍ مَوْلى عُمَرَ، قُتِلَ بِبَدْرٍ فَجَزِعَ أبَواهُ وامْرَأتُهُ عَلَيْهِ، وقالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «سَيِّدُ الشُّهَداءِ مِهْجَعٌ وهو أوَّلُ مَن يُدْعى إلى بابِ الجَنَّةِ» أوْ في عَيّاشٍ أخِي أبِي جَهْلٍ، غَدَرَ فارْتَدَّ. و(النّاسِ) فُسِّرَ بِمَن نَزَلَتْ فِيهِ الآيَةُ. وقالَ الحَسَنُ: النّاسُ هُنا المُنافِقُونَ، أيْ: أنْ يُتْرَكُوا لِمُجَرَّدِ قَوْلِهِمْ: آمَنّا. و”حَسِبَ“ يَطْلُبُ مَفْعُولَيْنِ. فَقالَ الحَوْفِيُّ، وابْنُ عَطِيَّةَ، وأبُو البَقاءِ: سَدَّتْ ”أنْ“ وما بَعْدَها مِن مَعْمُولِها مَسَدَّ المَفْعُولَيْنِ، وأجازَ الحَوْفِيُّ وأبُو البَقاءِ (أنْ يَقُولُوا) بَدَلًا مِن (أنْ يُتْرَكُوا) . وأنْ يَكُونُوا في مَوْضِعِ نَصْبٍ بَعْدَ إسْقاطِ الخافِضِ، وقَدَّرُوهُ بِأنْ يَقُولُوا، ولِأنْ يَقُولُوا. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ، وأبُو البَقاءِ: وإذا قُدِّرَتِ الباءُ كانَ حالًا. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: والمَعْنى في الباءِ واللّامِ مُخْتَلِفٌ، وذَلِكَ أنَّهُ في الباءِ كَما تَقُولُ: تَرَكْتُ زَيْدًا بِحالِهِ، وهي في اللّامِ بِمَعْنى: مِن أجْلِ، أيْ: حَسِبُوا أنَّ إيمانَهم عِلَّةً لِلتَّرْكِ تَفْسِيرُ مَعْنى إذْ تَفْسِيرُ الأعْرابِ حُسْبانُهم أنَّ التَّرْكَ لِأجْلِ تَلَفُّظِهِمْ بِالإيمانِ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإنْ قُلْتَ: فَأيْنَ الكَلامُ الدّالُّ عَلى المَضْمُونِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الحُسْبانُ ؟ قُلْتُ: هو في قَوْلِهِ: ﴿أنْ يُتْرَكُوا أنْ يَقُولُوا آمَنّا وهم لا يُفْتَنُونَ﴾ وذَلِكَ أنَّ تَقْدِيرَهُ حَسِبُوا تَرْكَهم غَيْرَ مَفْتُونِينَ لِقَوْلِهِمْ آمَنّا، فالتَّرْكُ أوَّلُ مَفْعُولَيْ حَسِبَ، ولِقَوْلِهِمْ: آمَنّا هو الخَبَرُ، وأمّا غَيْرُ مَفْتُونِينَ فَتَتِمَّةٌ لِلتَّرْكِ؛ لِأنَّهُ مِنَ التَّرْكِ الَّذِي هو بِمَعْنى التَّصْيِيرِ، كَقَوْلِهِ: ؎فَتَرَكْتُهُ جَزَرَ السِّباعِ يَنُشْنَهُ ألا تَرى أنَّكَ قَبْلَ المَجِيءِ بِالحُسْبانِ تَقْدِرُ أنْ تَقُولَ: تَرَكْتُهم غَيْرَ مَفْتُونِينَ لِقَوْلِهِمْ: آمَنّا، عَلى تَقْدِيرِ حاصِلٍ ومُسْتَقِرٍّ قَبْلَ اللّامِ، فَإنْ قُلْتَ: (أنْ يَقُولُوا) هو عِلَّةُ تَرْكِهِمْ غَيْرَ مَفْتُونِينَ، فَكَيْفَ يَصِحُّ أنْ يَقَعَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ ؟ قُلْتُ: كَما تَقُولُ: خُرُوجُهُ لِمَخافَةِ الشَّرِّ وضَرْبُهُ لِلتَّأْدِيبِ، وقَدْ كانَ التَّأْدِيبُ والمَخافَةُ في قَوْلِهِ: خَرَجْتُ مَخافَةَ الشَّرِّ وضَرَبْتُهُ تَأْدِيبًا تَعْلِيلَيْنِ. وتَقُولُ أيْضًا: حَسِبْتُ خُرُوجَهُ لِمَخافَةِ الشَّرِّ وظَنَنْتُ ضَرْبَهُ لِلتَّأْدِيبِ، فَتَجْعَلُها مَفْعُولَيْنِ كَما جَعَلْتَهُما مُبْتَدَأً وخَبَرًا. انْتَهى، وهو كَلامٌ فِيهِ اضْطِرابٌ. ذَكَرَ أوَّلًا أنَّ تَقْدِيرَهُ غَيْرَ مَفْتُونِينَ تَتِمَّةٌ (p-١٤٠)يَعْنِي أنَّهُ حالٌ؛ لِأنَّهُ سَبَكَ ذَلِكَ مِن قَوْلِهِ: ﴿وهم لا يُفْتَنُونَ﴾ وهَذِهِ جُمْلَةٌ حالِيَّةٌ. ثُمَّ ذَكَرَ ﴿أنْ يُتْرَكُوا﴾ هُنا مِنَ التَّرْكِ الَّذِي هو مِنَ التَّصْيِيرِ، وهَذا لا يَصِحُّ؛ لِأنَّ مَفْعُولَ صَيَّرَ الثّانِي لا يَسْتَقِيمُ أنْ يَكُونَ لِقَوْلِهِمْ، إذْ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ أنْ يَصِيرُوا لِقَوْلِهِمْ: ﴿وهم لا يُفْتَنُونَ﴾ وهَذا كَلامٌ لا يَصِحُّ. وأمّا ما مُثِّلَ بِهِ مِنَ البَيْتِ فَإنَّهُ يَصِحُّ، وأنْ يَكُونَ جَزَرَ السِّباعِ مَفْعُولًا ثانِيًا لِتَرَكَ بِمَعْنى صَيَّرَ، بِخِلافِ ما قُدِّرَ في الآيَةِ. وأمّا تَقْدِيرُهُ تَرْكَهم غَيْرَ مَفْتُونِينَ لِقَوْلِهِمْ آمَنّا، عَلى تَقْدِيرِ حاصِلٍ ومُسْتَقِرٍّ قَبْلَ اللّامِ، فَلا يَصِحُّ؛ إذْ كانَ تَرْكُهم بِمَعْنى تَصْيِيرِهِمْ كانَ ”غَيْرَ مَفْتُونِينَ“ حالًا، إذْ لا يَنْعَقِدُ مِن تَرْكِهِمْ بِمَعْنى تَصْيِيرِهِمْ وتَقَوُّلِهِمْ مُبْتَدَأٌ وخَبَرٌ لِاحْتِياجِ تَرْكِهِمْ بِمَعْنى تَصْيِيرِهِمْ إلى مَفْعُولٍ ثانٍ؛ لِأنَّ غَيْرَ مَفْتُونِينَ عِنْدَهُ حالٌ، لا مَفْعُولٌ ثانٍ. وأمّا قَوْلُهُ: فَإنْ قُلْتَ (أنْ يَقُولُوا) إلى آخِرِهِ فَيَحْتاجُ إلى فَضْلَةِ فَهْمٍ، وذَلِكَ أنَّ قَوْلَهُ: (أنْ يَقُولُوا) هو عِلَّةُ تَرْكِهِمْ فَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأنَّهُ لَوْ كانَ عِلَّةً لَهُ لَكانَ مُتَعَلِّقًا، كَما يَتَعَلَّقُ بِالفِعْلِ، ولَكِنَّهُ عِلَّةٌ لِلْخَبَرِ المَحْذُوفِ الَّذِي هو مُسْتَقِرٌّ، أوْ كائِنٌ، والخَبَرُ غَيْرُ المُبْتَدَأِ. ولَوْ كانَ لِقَوْلِهِمْ عِلَّةٌ لِلتَّرْكِ لَكانَ مِن تَمامِهِ، فَكانَ يَحْتاجُ إلى خَبَرِهِ. وأمّا قَوْلُهُ: كَما تَقُولُ: خُرُوجُهُ لِمَخافَةِ الشَّرِّ، فَـ: ”لِمَخافَةِ“ لَيْسَ عِلَّةً لِلْخُرُوجِ، بَلْ لِلْخَبَرِ المَحْذُوفِ الَّذِي هو مُسْتَقِرٌّ أوْ كائِنٌ. ﴿وهم لا يُفْتَنُونَ﴾ قالَ الشَّعْبِيُّ: الفِتْنَةُ هُنا ما كَلِفَهُ المُؤْمِنُونَ مِنَ الهِجْرَةِ الَّتِي لَمْ يُتْرَكُوا دُونَها. وقالَ الكَلْبِيُّ: هو مِثالُ ﴿أوْ يَلْبِسَكم شِيَعًا﴾ [الأنعام: ٦٥] . وقالَ مُجاهِدٌ: يُبْتَلُونَ في أنْفُسِهِمْ وأمْوالِهِمْ. و﴿الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ المُؤْمِنُونَ أتْباعُ الأنْبِياءِ، أصابَهم مِنَ المِحَنِ ما فُرِقَ بِهِ المُؤْمِنُ بِالمِنشارِ فِرْقَتَيْنِ، وتُمُشِّطَ بِأمْشاطِ الحَدِيدِ، ولا يَرْجِعُ عَنْ دِينِهِ. ﴿فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ﴾ بِالِامْتِحانِ ﴿الَّذِينَ صَدَقُوا﴾ في إيمانِهِمْ ﴿ولَيَعْلَمَنَّ الكاذِبِينَ﴾ فِيهِ مِن عِلْمِ المُتَعَدِّيَةِ إلى واحِدٍ فِيهِما، ويَسْتَحِيلُ حُدُوثُ العِلْمِ لِلَّهِ تَعالى. فالمَعْنى: ولَيَتَعَلَّقْنَ عِلْمُهُ بِهِ مَوْجُودًا بِهِ كَما كانَ مُتَعَلِّقًا بِهِ حِينَ كانَ مَعْدُومًا. والمَعْنى: ولَيُمَيَّزَنَّ الصّادِقَ مِنهم مِنَ الكاذِبِ، أوْ عَبَّرَ بِالعِلْمِ عَنِ الجَزاءِ، أيْ: ولِيَتَبَيَّنَ الصّادِقَ ولِيُعَذِّبَنَّ الكاذِبَ. ومَعْنى صَدَقُوا في أيْمانِهِمْ: يُطابِقُ قَوْلُهم واعْتِقادُهم أفْعالَهم، والكاذِبِينَ ضِدُّ ذَلِكَ. وقَرَأ عَلِيٌّ، وجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: ”فَلَيُعْلِمَنَّ“، مُضارِعَ المَنقُولَةِ بِهَمْزَةِ التَّعَدِّي مِن عَلِمَ المُتَعَدِّيَةِ إلى واحِدٍ، والثّانِي مَحْذُوفٌ، أيْ: مَنازِلَهم في الآخِرَةِ مِن ثَوابٍ وعِقابٍ؛ أوِ الأوَّلُ مَحْذُوفٌ، أيْ: فَلَيَعْلَمَنَّ النّاسَ الَّذِينَ صَدَقُوا، أيْ: يَشْهَرُهم هَؤُلاءِ في الخَيْرِ، وهَؤُلاءِ في الشَّرِّ، وذَلِكَ في الدُّنْيا والآخِرَةِ، أوْ مِنَ العَلامَةِ فَيَتَعَدّى إلى واحِدٍ، أيْ: يَسِمُهم بِعَلامَةٍ تَصْلُحُ لَهم، كَقَوْلِهِ: «مَن أسَرَّ سَرِيرَةً ألْبَسَهُ اللَّهُ رِداءَها» . وقَرَأ الزُّهْرِيُّ الأُولى كَقِراءَةِ الجَماعَةِ، والثّانِيَةَ كَقِراءَةِ عَلِيٍّ. ﴿أمْ حَسِبَ﴾ قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: أمْ مُعادِلَةٌ لِلْألِفِ في قَوْلِهِ: ﴿أحَسِبَ﴾ وكَأنَّهُ عَزَّ وجَلَّ قَرَّرَ الفَرِيقَيْنِ: قَرَّرَ المُؤْمِنِينَ عَلى ظَنِّهِمْ أنَّهم لا يُفْتَنُونَ، وقَرَّرَ الكافِرِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ في تَعْذِيبِ المُؤْمِنِينَ وغَيْرِ ذَلِكَ، عَلى ظَنِّهِمْ أنَّهم يَسْبِقُونَ نَقَماتِ اللَّهِ ويُعْجِزُونَهُ. انْتَهى. ولَيْسَتْ أمْ هُنا مُعادِلَةً لِلْألِفِ في (أحَسِبَ)، كَما ذُكِرَ؛ لِأنَّها إذْ ذاكَ تَكُونُ مُتَّصِلَةً، ولَها شَرْطانِ: أحَدُهُما: أنْ يَكُونَ قَبْلَها لَفْظُ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهامِ، وهَذا الشَّرْطُ هُنا مَوْجُودٌ. والثّانِي: أنْ يَكُونَ بَعْدَها مُفْرَدٌ، أوْ ما هو في تَقْدِيرِ المُفْرَدِ. مِثالُ المُفْرَدِ: أزَيْدٌ قائِمٌ أمْ عَمْرٌو ؟ ومِثالُ ما هو في تَقْدِيرِ المُفْرَدِ: أقامَ زَيْدٌ أمْ قَعَدَ ؟ وجَوابُها: تَعْيِينُ أحَدِ الشَّيْئَيْنِ، إنْ كانَ التَّعادُلُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ؛ أوِ الأشْياءِ، إنْ كانَ بَيْنَ أكْثَرِ مِن شَيْئَيْنِ. وهُنا بَعْدَ ”أمْ“ جُمْلَةٌ، ولا يُمْكِنُ الجَوابُ هُنا بِأحَدِ الشَّيْئَيْنِ، بَلْ ”أمْ“ هُنا مُنْقَطِعَةٌ، بِمَعْنى بَلِ الَّتِي لِلْإضْرابِ، بِمَعْنى الِانْتِقالِ مِن قَضِيَّةٍ إلى قَضِيَّةٍ، لا بِمَعْنى الإبْطالِ. وهَمْزَةُ الِاسْتِفْهامِ والِاسْتِفْهامُ هُنا لِلتَّقْرِيعِ والتَّوْبِيخِ والإنْكارِ، فَلا يَقْتَضِي جَوابًا؛ لِأنَّهُ في مَعْنى: كَيْفَ وقَعَ حُسْبانُ ذَلِكَ ؟ و﴿الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: يُرِيدُ الوَلِيدَ بْنَ المُغِيرَةِ، وأبا جَهْلٍ، والأسْوَدَ، والعاصِيَ بْنَ هِشامٍ، وشَيْبَةَ، وعُتْبَةَ، والوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ، وعُقْبَةَ بْنَ أبِي مُعَيْطٍ، وحَنْظَلَةَ بْنَ أبِي سُفْيانَ، والعاصِي بْنَ وائِلٍ، وأنْظارَهم مِن صَنادِيدِ قُرَيْشٍ. (p-١٤١)انْتَهى. والآيَةُ، وإنْ نَزَلَتْ عَلى سَبَبٍ، فَهي تَعُمُّ جَمِيعَ مَن يَعْمَلُ السَّيِّئاتِ مِن كافِرٍ ومُسْلِمٍ. وقالَ مُجاهِدٌ: ﴿أنْ يَسْبِقُونا﴾ أيْ: يُعْجِزُونا، فَلا نَقْدِرُ عَلى الِانْتِقامِ، وقِيلَ: أنْ يُعْجِلُونا مَحْتُومَ القَضاءِ، وقِيلَ: أنْ يَهْرُبُوا مِنّا ويَفُوتُونا بِأنْفُسِهِمْ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ﴿أنْ يَسْبِقُونا﴾ أنْ يَفُوتُونا، يَعْنِي أنَّ الجَزاءَ يَلْحَقُهم لا مَحالَةَ، وهم لَمْ يَطْمَعُوا في الفَوْتِ، ولَمْ يُحَدِّثُوا بِهِ أنْفُسَهم، ولَكِنَّهم لِغَفْلَتِهِمْ وقِلَّةِ فِكْرَتِهِمْ في العاقِبَةِ، وإصْرارِهِمْ عَلى المَعاصِي في صُورَةِ مَن يُقَدِّمُ ذَلِكَ ويَطْمَعُ فِيهِ؛ ونَظِيرُهُ: ﴿وما أنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ في الأرْضِ﴾ [العنكبوت: ٢٢] ﴿ولا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إنَّهم لا يُعْجِزُونَ﴾ [الأنفال: ٥٩] . فَإنْ قُلْتَ: أيْنَ مَفْعُولا حَسِبَ ؟ قُلْتُ: اشْتِمالُ صِلَةِ أنْ عَلى مُسْنَدٍ ومُسْنَدٍ إلَيْهِ سَدَّ مَسَدَّ المَفْعُولَيْنِ، كَقَوْلِهِمْ: ﴿أمْ حَسِبْتُمْ أنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ﴾ [البقرة: ٢١٤] . ويَجُوزُ أنْ تُضَمَّنَ حَسِبَ مَعْنى قَدَّرَ، وأمْ مُنْقَطِعَةً. ومَعْنى الإضْرابِ فِيها أنَّ هَذا الحُسْبانُ الأوَّلُ؛ لِأنَّ ذَلِكَ يُقَدِّرُ أنْ لا يُمْتَحَنَ لِإيمانِهِ، وهَذا يَظُنُّ أنَّهُ لا يُجازى بِمَساوِيهِ. انْتَهى. أمّا قَوْلُهُ: وهم لَمْ يَطْمَعُوا في الفَوْتِ، إلى آخِرِ قَوْلِهِ: ويَطْمَعُ فِيهِ، فَلَيْسَ كَما ذَكَرَ، بَلْ هم مُعْتَقِدُونَ أنْ لا بَعْثَ ولا جَزاءَ، ولا سِيَّما السِّرِّيَّةُ الَّتِي نَصَّ عَلَيْها ابْنُ عَبّاسٍ، وما ذَكَرَهُ، كَما الزَّمَخْشَرِيُّ، هو عَلى اعْتِقادِ مَن يَعْلَمُ أنَّ اللَّهَ يُجازِيهِ، ولَكِنْ طَمِعَ في عَفْوِ اللَّهِ. وأمّا قَوْلُهُ: اشْتِمالُ صِلَةِ أنْ، إلى آخِرِهِ، فَقَدْ كانَ يَنْبَغِي أنْ يُقَدَّرَ ذَلِكَ في قَوْلِهِ: ﴿أنْ يُتْرَكُوا﴾ فَيُجْعَلُ ذَلِكَ سَدَّ مَسَدَّ المَفْعُولَيْنِ، ولَمْ يُقَدَّرْ ما لا يَصِحُّ تَقْدِيرُهُ، وأمّا قَوْلُهُ: ويَجُوزُ أنْ تُضَمَّنَ حَسِبَ مَعْنى قَدَّرَ، فَتَعَيَّنَ أنَّ ”أنْ“ وما بَعْدَها في مَوْضِعِ مَفْعُولٍ واحِدٍ، والتَّضْمِينُ لَيْسَ بِقِياسٍ، ولا يُصارُ إلَيْهِ إلّا عِنْدَ الحاجَةِ إلَيْهِ، وهَذا لا حاجَةَ إلَيْهِ. ﴿ساءَ ما يَحْكُمُونَ﴾ قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ، وابْنُ عَطِيَّةَ ما مَعْناهُ: أنَّ (”ما“) مَوْصُولَةٌ و(يَحْكُمُونَ) صِلَتُها، أوْ تَمْيِيزٌ بِمَعْنى شَيْءٍ، و(يَحْكُمُونَ) صِفَةٌ، والمَخْصُوصُ بِالذَّمِّ مَحْذُوفٌ، فالتَّقْدِيرُ: أيْ: حُكْمُهم. انْتَهى. وفي كَوْنِ ”ما“ مَوْصُولَةً مَرْفُوعَةً بِـ: ساءَ، أوْ مَنصُوبَةً عَلى التَّمْيِيزِ خِلافٌ مَذْكُورٌ في النَّحْوِ. وقالَ ابْنُ كَيْسانَ: ”ما“ مَصْدَرِيَّةٌ، فَتَقْدِيرُهُ: بِئْسَ حُكْمُهم. وعَلى هَذا القَوْلِ يَكُونُ التَّمْيِيزُ مَحْذُوفًا، أيْ: ساءَ حُكْمًا حُكْمُهم. و(ساءَ) هُنا بِمَعْنى: بِئْسَ، وتَقَدَّمَ حُكْمُ بِئْسَ إذا اتَّصَلَ بِها ما والفِعْلُ في قَوْلِهِ: ﴿بِئْسَما اشْتَرَوْا بِهِ أنْفُسَهُمْ﴾ [البقرة: ٩٠] مُشْبَعًا في البَقَرَةِ. وجاءَ بِالمُضارِعِ، وهو (يَحْكُمُونَ) قِيلَ: إشْعارًا بِأنَّ حُكْمَهم مَذْمُومٌ حالًا واسْتِقْبالًا، وقِيلَ: لِأجْلِ الفاصِلَةِ وقَعَ المُضارِعُ مَوْقِعَ الماضِي اتِّساعًا. والظّاهِرُ أنَّ (يَرْجُو) عَلى بابِها، ومَعْنى ﴿لِقاءَ اللَّهِ﴾ الوُصُولُ إلى عاقِبَةِ الأمْرِ مِنَ المَوْتِ والبَعْثِ والجَزاءِ؛ مُثِّلَتْ حالُهُ بِحالَةِ عَبْدٍ قَدِمَ عَلى مَوْلاهُ مِن سَفَرٍ بَعِيدٍ، وقَدِ اطَّلَعَ مَوْلاهُ عَلى ما عَمِلَ في غَيْبَتِهِ عَنْهُ، فَإنْ كانَ عَمِلَ خَيْرًا، تَلَقّاهُ بِإحْسانٍ أوْ شَرًّا، فَبِضِدِّ الإحْسانِ. ﴿فَإنَّ أجَلَ اللَّهِ لَآتٍ﴾ وهو ما أجَّلَهُ وجَعَلَ لَهُ أجَلًا، لا نَفْسُهُ لا مَحالَةَ، فَلْيُبادِرْ لِما يُصَدِّقُ رَجاءَهُ. وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: يَرْجُو: يَخافُ، ويَظْهَرُ أنَّ جَوابَ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ، أيْ: ﴿مَن كانَ يَرْجُو لِقاءَ اللَّهِ﴾ فَلْيُبادِرْ بِالعَمَلِ الصّالِحِ الَّذِي يُحَقِّقُ رَجاءَهُ، فَإنَّ ما أجَّلَهُ اللَّهُ تَعالى مِن لِقاءِ جَزائِهِ لَآتٍ. والظّاهِرُ أنَّ قَوْلَهُ: ﴿ومَن جاهَدَ﴾ مَعْناهُ: ومَن جاهَدَ نَفْسَهُ بِالصَّبْرِ عَلى الطّاعاتِ، فَثَمَرَةُ جِهادِهِ، وهو الثَّوابُ المُعَدُّ لَهُ، إنَّما هو لَهُ، لا لِلَّهِ، واللَّهُ تَعالى غَنِيٌّ عَنْهُ وعَنِ العالَمِينَ، وإنَّما كَلَّفَهم ما كَلَّفَهم إحْسانًا إلَيْهِمْ. ﴿لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهم سَيِّئاتِهِمْ﴾ يَشْتَمِلُ مَن كانَ كافِرًا فَآمَنَ وعَمِلَ صالِحًا، فَأسْقَطَ عَنْهُ عِقابَ ما كانَ قَبْلَ الإيمانِ مِن كُفْرٍ ومَعْصِيَةٍ، ومَن نَشَأ مُؤْمِنًا عامِلًا لِلصّالِحاتِ وأساءَ في بَعْضِ أعْمالِهِ، فَكَفَّرَ عَنْهُ ذَلِكَ، وكانَتْ سَيِّئاتُهُ مَغْمُورَةً بِحَسَناتِهِ. ﴿ولَنَجْزِيَنَّهم أحْسَنَ الَّذِي﴾ أيْ: أحْسَنَ جَزاءِ أعْمالِهِمْ. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: فِيهِ حَذْفُ مُضافٍ تَقْدِيرُهُ: ثَوابُ أحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ. انْتَهى. وهَذا التَّقْدِيرُ لا يَسُوغُ؛ لِأنَّهُ يَقْتَضِي أنَّ أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ ثَوابَ أحْسَنِ أعْمالِهِمْ، وأمّا ثَوابُ حَسَنِها (p-١٤٢)فَمَسْكُوتٌ عَنْهُ، وهم يُجْزَوْنَ ثَوابَ الأحْسَنِ والحَسَنِ، إلّا إنْ أُخْرِجَتْ (أحْسَنَ) عَنْ بابِها مِنَ التَّفْضِيلِ، فَيَكُونُ بِمَعْنى: حَسَنَ، فَإنَّهُ يَسُوغُ ذَلِكَ. وأمّا التَّقْدِيرُ الَّذِي قَبْلَهُ فَمَعْناهُ: أنَّهُ مَجْزِيٌّ أحْسَنَ جَزاءِ العَمَلِ، فَعَمَلُهُ يَقْتَضِي أنْ تَكُونَ الحَسَنَةُ بِمِثْلِها، فَجُوزِيَ أحْسَنَ جَزائِها، وهي أنْ جُعِلَتْ بِعَشْرِ أمْثالِها. وفي هَذِهِ الآياتِ تَحْرِيكٌ وهَزٌّ لِمَن تَخَلَّفَ عَنِ الهِجْرَةِ أنْ يُبادِرَ إلى اسْتِدْراكِ ما فَرَّطَ فِيهِ مِنها، وثَناءٌ عَلى المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ بادَرُوا إلى الهِجْرَةِ، وتَنْوِيهٌ بِقَدْرِهِمْ. ﴿ووَصَّيْنا الإنْسانَ﴾ في جامِعِ التِّرْمِذِيِّ: إنَّها نَزَلَتْ في سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ، آلَتْ أُمُّهُ أنْ لا تَطْعَمَ ولا تَشْرَبَ حَتّى تَمُوتَ، أوْ يَكْفُرَ. وقِيلَ: في عَيّاشِ بْنِ أبِي رَبِيعَةَ، أسْلَمَ وهاجَرَ مَعَ عُمَرَ، وكانَتْ أُمُّهُ شَدِيدَةَ الحُبِّ لَهُ، وحَلَفَتْ عَلى مِثْلِ ذَلِكَ، فَتَحَيَّلَ عَلَيْهِ أبُو جَهْلٍ وأخُوهُ الحارِثُ، فَشَدّاهُ وثاقًا حِينَ خَرَجَ مَعَهُما مِنَ المَدِينَةِ إلى أُمِّهِ قَصْدًا لِيَراها، وجَلَدَهُ كُلٌّ مِنهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ، ورَدّاهُ إلى أُمِّهِ فَقالَتْ: لا يَزالُ في عَذابٍ حَتّى يَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ، في حَدِيثٍ طَوِيلٍ ذُكِرَ في السِّيَرِ. ﴿ووَصَّيْنا الإنْسانَ بِوالِدَيْهِ﴾ أيْ: أمَرْناهُ بِتَعَهُّدِهِما ومُراعاتِهِما. وانْتَصَبَ (حُسْنًا) عَلى أنَّهُ مَصْدَرٌ، وُصِفَ بِهِ مَصْدَرُ ”وصَّيْنا“، أيْ: إيصاءً حُسْنًا، أيْ: ذا حُسْنٍ، أوْ عَلى سَبِيلِ المُبالَغَةِ، أيْ: هو في ذاتِهِ حُسْنٌ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: يَحْتَمِلُ أنْ يَنْتَصِبَ عَلى المَفْعُولِ، وفي ذَلِكَ تَحْرِيضٌ عَلى كَوْنِهِ عامًّا لِمَعانٍ. كَما تَقُولُ: وصَّيْتُكَ خَيْرًا، وأوْصَيْتُكَ شَرًّا؛ وعَبَّرَ بِذَلِكَ عَنْ جُمْلَةِ ما قُلْتُ لَهُ، ويَحْسُنُ ذَلِكَ دُونَ حَرْفِ الجَرِّ كَوْنَ حَرْفِ الجَرِّ في قَوْلِهِ: (بِوالِدَيْهِ) لِأنَّ المَعْنى: ووَصَّيْنا الإنْسانَ بِالحُسْنِ في قَوْلِهِ مَعَ والِدِهِ، ونَظِيرُ هَذا قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎عَجِبْتُ مِن دَهْماءَ إذْ تَشْكُونا ∗∗∗ ومِن أبِي دَهْماءَ إذْ يُوصِينا انْتَهى. مِثْلُهُ قَوْلُ الحُطَيْئَةِ يُوصِي ابْنَتَهُ بَرَّةَ: ؎وصَّيْتُ مِن بَرَّةَ قَلْبًا حُرّا ∗∗∗ بِالكَلْبِ خَيْرًا والحَماةِ شَرّا وعَلى هَذا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الأصْلُ بِخَيْرٍ، وهو المَفْعُولُ الثّانِي. والباءُ في (بِوالِدَيْهِ) وفي ”بِالحَماةِ“ و”بِالكَلْبِ“ ظَرْفِيَّةٌ بِمَعْنى في، أيْ: وصَّيْنا الإنْسانَ في أمْرِ والِدَيْهِ بِخَيْرٍ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ويَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ المَفْعُولُ الثّانِي في قَوْلِهِ: (بِوالِدَيْهِ) ويَنْتَصِبَ (حُسْنًا) بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ تَقْدِيرُهُ: يَحْسُنُ حُسْنًا، ويَنْتَصِبُ انْتِصابَ المَصْدَرِ. وفي التَّحْرِيرِ: حُسْنًا نُصِبَ عِنْدَ البَصْرِيِّينَ عَلى التَّكْرِيرِ، أيْ: وصَّيْناهُ حُسْنًا، وقِيلَ: عَلى القَطْعِ، تَقْدِيرُهُ: ووَصَّيْنا بِالحُسْنِ، كَما تَقُولُ: وصَّيْتُهُ خَيْرًا، أيْ: بِالخَيْرِ، ويَعْنِي بِالقَطْعِ عَنْ حَرْفِ الجَرِّ، فانْتَصَبَ. وقالَ أهْلُ الكُوفَةِ: ووَصَّيْنا الإنْسانَ أنْ يَفْعَلَ حُسْنًا، فَيُقَدَّرُ لَهُ فِعْلٌ. انْتَهى. وفي هَذا القَوْلِ حَذْفُ أنْ وصِلَتِها وإبْقاءُ المَعْمُولِ، وهو لا يَجُوزُ عِنْدَ البَصْرِيِّينَ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وصَّيْناهُ بِإيتاءِ والِدَيْهِ حُسْنًا، أوْ نائِلًا والِدَيْهِ حُسْنًا، أيْ: فِعْلًا ذا حُسْنٍ، وما هو في ذاتِهِ حَسَنٌ لِفَرْطِ حُسْنِهِ، كَقَوْلِهِ: ﴿وقُولُوا لِلنّاسِ حُسْنًا﴾ [البقرة: ٨٣] . انْتَهى. وهَذا التَّقْدِيرُ فِيهِ إعْمالُ المَصْدَرِ مَحْذُوفًا وإبْقاءُ مَعْمُولِهِ، وهو لا يَجُوزُ عِنْدَ البَصْرِيِّينَ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ويَجُوزُ أنْ يُجْعَلَ (حُسْنًا) مِن بابِ قَوْلِكَ: زَيْدًا، بِإضْمارِ ”اضْرِبْ“ إذا رَأيْتَهُ مُتَهَيَّأً لِلضَّرْبِ، فَتَنْصِبُهُ بِإضْمارِ أوَّلِهِما، أوِ افْعَلْ بِهِما؛ لِأنَّ الوَصِيَّةَ بِهِما دالَّةٌ عَلَيْهِ، وما بَعْدَهُ مُطابِقٌ لَهُ، فَكَأنَّهُ قالَ: قُلْنا أوْلِهِما مَعْرُوفًا. وقَرَأ عِيسى، والجَحْدَرِيُّ: ”حَسَنًا، بِفَتْحَتَيْنِ؛ والجُمْهُورُ: بِضَمِّ الحاءِ وإسْكانِ السِّينِ، وهُما كالبُخْلِ والبَخَلِ. وقالَ أبُو الفَضْلِ الرّازِيُّ: وانْتِصابُهُ بِفِعْلٍ دُونَ التَّوْصِيَةِ المُقَدَّمَةِ؛ لِأنَّها قَدْ أخَذَتْ مَفْعُولَيْها مَعًا مُطْلَقًا ومَجْرُورًا، فالحُسْنُ هُنا صِفَةٌ أُقِيمَ مَقامَ المَوْصُوفِ بِمَعْنى: أمْرٌ حُسْنٌ. انْتَهى، أيْ: أمْرًا حُسْنًا، حُذِفَ أمْرًا وأُقِيمَ حُسْنٌ مَقامَهُ. وقَوْلُهُ: مُطْلَقًا، عَنى بِهِ الإنْسانَ، وفِيهِ تَسامُحٌ، بَلْ هو مَفْعُولٌ بِهِ؛ والمُطْلَقُ إنَّما هو المَصْدَرُ؛ لِأنَّهُ مَفْعُولٌ لَمْ يُقَيَّدْ مِن حَيْثُ التَّفْسِيرِ بِأداةِ جَرٍّ، بِخِلافِ سائِرِ المَفاعِيلِ، فَإنَّكَ تَقُولُ: مَفْعُولٌ بِهِ، ومَفْعُولٌ فِيهِ، ومَفْعُولٌ مَعَهُ، ومَفْعُولٌ لَهُ؛ وفي مُصْحَفِ أُبَيٍّ: إحْسانًا. (p-١٤٣)(وإنْ جاهَداكَ) أيْ: وقُلْنا: إنْ جاهَداكَ ﴿ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ أيْ: بِإلَهِيَّتِهِ، فالمُرادُ بِنَفْيِ العِلْمِ نَفْيُ المَعْلُومِ، أيْ: ﴿لِتُشْرِكَ﴾ بِهِ شَيْئًا، لا يَصِحُّ أنْ يَكُونَ إلَهًا ولا يَسْتَقِيمُ ﴿فَلا تُطِعْهُما﴾ فِيما جاهَداكَ عَلَيْهِ مِنَ الإشْراكِ؛ ﴿إلَيَّ مَرْجِعُكُمْ﴾ شامِلٌ لِلْمُوصِي والمُوصى والمُجاهِدِ والمُجاهَدِ (فَأُنَبِّئُكم) فَأُجازِيكم ﴿بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ مِن بِرٍّ، أوْ عُقُوقٍ، أوْ طاعَةٍ، أوْ عِصْيانٍ. وكَرَّرَ تَعالى ما رَتَّبَ لِلْمُؤْمِنِينَ مِن دُخُولِهِمْ ﴿فِي الصّالِحِينَ﴾ لِيُحَرِّكَ النُّفُوسَ إلى نَيْلِ مَراتِبِهِمْ. ومَعْنى ﴿فِي الصّالِحِينَ﴾ في جُمْلَتِهِمْ، ومَرْتَبَةُ الصَّلاحِ شَرِيفَةٌ، أخْبَرَ اللَّهُ بِها عَنْ إبْراهِيمَ، وسَألَها سُلَيْمانُ، عَلَيْهِما السَّلامُ، وأخْبَرَ تَعالى أنْ يَجْعَلَ مَن أطاعَ اللَّهَ ورَسُولَهُ مَعَهم. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: في ثَوابِ الصّالِحِينَ، وهي الجَنَّةُ. ولَمّا ذَكَرَ تَعالى ما أعَدَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ الخُلَّصِ، ذَكَرَ حالَ المُنافِقِينَ، ناسًا آمَنُوا بِألْسِنَتِهِمْ، فَإذا آذاهُمُ الكُفّارُ، جَعَلُوا ذَلِكَ الأذى، وهو فِتْنَةُ النّاسِ، صارِفًا لَهم عَنِ الإيمانِ؛ كَما أنَّ عَذابَ اللَّهِ صارِفٌ لِلْمُؤْمِنِينَ عَنِ الكُفْرِ؛ وكَوْنُها نَزَلَتْ في مُنافِقِينَ، قَوْلُ ابْنِ زَيْدٍ. وقالَ الزَّجّاجُ: جَزِعَ كَما يُجْزَعُ مِن عَذابِ اللَّهِ، وهَذا مَعْنى قَوْلِ مُجاهِدٍ والضِّحاكِ. وقالَ قَتادَةُ: فِيمَن هاجَرَ، فَرَدَّهُمُ المُشْرِكُونَ إلى مَكَّةَ. وقِيلَ: في مُؤْمِنِينَ أخْرَجَهم إلى بَدْرٍ المُشْرِكُونَ فارْتَدُّوا، وهُمُ الَّذِينَ قالَ فِيهِمْ: ﴿إنَّ الَّذِينَ تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمِي أنْفُسَهُمْ﴾ [النساء: ٩٧] . ﴿ولَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِن رَبِّكَ﴾ أيْ: لِلْمُؤْمِنِينَ (لَيَقُولُنَّ) أيِ: القائِلُونَ: أُوذِينا في اللَّهِ (إنّا مَعَكم) أيْ: مُتابِعُونَ لَكم في دِينِكم، أوْ مُقاتِلُونَ مَعَكم ناصِرُونَ لَكم، قاسِمُونا فِيما حَصَلَ لَكم مِنَ الغَنائِمِ. وهَذِهِ الجُمْلَةُ المُقْسَمُ عَلَيْها مُظْهِرَةٌ مُغالَطَتَهم، إذْ لَوْ كانَ إيمانُهم صَحِيحًا، لَصَبَرُوا عَلى أذى الكُفّارِ، وإنْ كانَتْ فِيمَن هاجَرَ، وكانُوا يَحْتالُونَ في أمْرِهِمْ، ورَكِبُوا كُلَّ هَوْلٍ في هِجْرَتِهِمْ. وقُرِئَ:“ لَيَقُولَنَّ ”، بِفَتْحِ اللّامِ، ذَكَرَهُ أبُو مُعاذٍ النَّحْوِيُّ والزَّمَخْشَرِيُّ. وأعْلَمَ: أفْعَلُ تَفْضِيلٍ، أيْ: مِن أنْفُسِهِمْ؛ وبِما في صُدُورِهِمْ: أيْ: بِما تُكِنُّ صُدُورُهم مِن إيمانٍ ونِفاقٍ، وهَذا اسْتِفْهامٌ مَعْناهُ التَّقْرِيرُ، أيْ: قَدْ عَلِمَ ما انْطَوَتْ عَلَيْهِ الضَّمائِرُ مِن خَيْرٍ وشَرٍّ. ﴿ولَيَعْلَمَنَّ المُنافِقِينَ﴾ ظاهِرٌ في أنَّ ما قَبْلَ هَذِهِ الجُمْلَةِ في المُنافِقِينَ، كَما قالَ ابْنُ زَيْدٍ، وعِلْمُهُ بِالمُؤْمِنِ، وعْدٌ لَهُ بِالثَّوابِ، وبِالمُنافِقِ وعِيدٌ لَهُ بِالعِقابِ. ولَمّا ذَكَرَ حالَ المُؤْمِنِينَ والمُنافِقِينَ، ذَكَرَ مَقالَةَ الكافِرِينَ قَوْلًا واعْتِقادًا، وهم رُؤَساءُ قُرَيْشٍ. قالَ مُجاهِدٌ: كانُوا يَقُولُونَ لِمَن آمَنَ مِنهم: لا نُبْعَثُ نَحْنُ ولا أنْتُمْ، فَإنْ كانَ عَلَيْكم شَيْءٌ فَهو عَلَيْنا. وقِيلَ: قائِلُ ذَلِكَ أبُو سُفْيانَ بْنُ حَرْبٍ وأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، قالا لِعُمَرَ: إنْ كانَ في الإقامَةِ عَلى دِينِ الآباءِ إثْمٌ، فَنَحْنُ نَحْمِلُهُ عَنْكَ، وقِيلَ: قائِلُ ذَلِكَ الوَلِيدُ بْنُ المُغِيرَةِ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وقَوْلُهُ: ﴿ولْنَحْمِلْ﴾ أخْبَرَ أنَّهم يَحْمِلُونَ خَطاياهم عَلى جِهَةِ التَّشْبِيهِ بِالنَّقْلِ، لَكِنَّهم أخْرَجُوهُ في صِيغَةِ الأمْرِ؛ لِأنَّها أوْجَبُ وأشَدُّ تَأْكِيدًا في نَفْسِ السّامِعِ مِنَ المُجازاةِ، ومِن هَذا النَّوْعِ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎فَقُلْتُ ادْعِي وأدْعُو فَإنَّ أنْدى ∗∗∗ لِصَوْتٍ أنْ يُنادِيَ داعِيانِ ولِكَوْنِهِ خَبَرًا حَسُنَ تَكْذِيبُهم فِيهِ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أمَرُوهم بِاتِّباعِ سَبِيلِهِمْ، وهي طَرِيقَتُهُمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها في دِينِهِمْ، وأمَرُوا أنْفُسَهم بِحَمْلِ خَطاياهم، فَحُمِلَ الأمْرُ عَلى الأمْرِ وأرادُوا: لِيَجْتَمِعْ هَذانِ الأمْرانِ في الحُصُولِ، أنْ يَتَّبِعُوا سَبِيلَنا وأنْ نَحْمِلَ خَطاياكم. والمَعْنى: تَعْلِيقُ الحَمْلِ بِالِاتِّباعِ، وهَذا قَوْلُ صَنادِيدِ قُرَيْشٍ، كانُوا يَقُولُونَ لِمَن آمَنَ مِنهم: لا نُبْعَثُ نَحْنُ ولا أنْتُمْ، فَإنْ عَسى كانَ ذَلِكَ فَإنّا نَتَحَمَّلُ عَنْكُمُ الإثْمَ. انْتَهى. وقَوْلُهُ: فَإنْ عَسى، كانَ تَرْكِيبٌ أعْجَمِيٌّ لا عَرَبِيٌّ؛ لِأنَّ إنِ الشَّرْطِيَّةَ لا تَدْخُلُ عَلى عَسى؛ لِأنَّهُ فِعْلٌ جامِدٌ، ولا تَدْخُلُ أدَواتُ الشَّرْطِ عَلى الفِعْلِ الجامِدِ؛ وأيْضًا فَإنَّ عَسى لا يَلِيها كانَ، واسْتَعْمَلَ عَسى بِغَيْرِ اسْمٍ ولا خَبَرٍ، ولَمْ يَسْتَعْمِلْها تامَّةً. وقَرَأ الحَسَنُ، وعِيسى، ونُوحٌ القارِئُ:“ ولِنَحْمِلْ ”، بِكَسْرِ لامِ الأمْرِ؛ ورُوِيَتْ عَنْ عَلِيٍّ، وهي لُغَةُ الحَسَنِ، في لامِ الأمْرِ. والحَمْلُ هُنا مُجازٌ، شَبَّهَ القِيامَ بِما يَتَحَصَّلُ مِن عَواقِبِ الإثْمِ بِالحَمْلِ عَلى الظَّهْرِ، والخَطايا بِالمَحْمُولِ. وقالَ مُجاهِدٌ: نَحْمِلُ هُنا مِنَ الحِمالَةِ، لا مِنَ الحَمْلِ. وقَرَأ (p-١٤٤)الجُمْهُورُ: ﴿مِن خَطاياهُمْ﴾ . وقَرَأ داوُدُ بْنُ أبِي هِنْدٍ، فِيما ذَكَرَ أبُو الفَضْلِ الرّازِيُّ:“ مِن خَطِيئَتِهِمْ ”، عَلى التَّوْحِيدِ، قالَ: ومَعْناهُ الجِنْسُ، ودَلَّ عَلى ذَلِكَ اتِّصافُهُ بِضَمِيرِ الجَماعَةِ. وذَكَرَ ابْنُ خالَوَيْهِ، وأبُو عَمْرٍو الدّانِيُّ أنَّ داوُدَ هَذا قَرَأ:“ مِن خَطِيئاتِهِمْ ”، بِجَمْعِ خَطِيئَةٍ جَمْعَ السَّلامَةِ، بِالألِفِ والتّاءِ. وذَكَرَ ابْنُ عَطِيَّةَ عَنْهُ أنَّهُ قَرَأ:“ مِن خَطَئِهِمْ ”، بِفَتْحِ الطّاءِ وكَسْرِ الياءِ، ويَنْبَغِي أنْ يُحْمَلَ كَسْرُ الياءِ عَلى أنَّها هَمْزَةٌ سُهِّلَتْ بَيْنَ بَيْنَ، فَأشْبَهَتِ الياءَ؛ لِأنَّ قِياسَ تَسْهِيلِها هو ذَلِكَ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإنْ قُلْتَ: كَيْفَ سَمّاهم كاذِبِينَ ؟ وإنَّما ضَمِنُوا شَيْئًا عَلِمَ اللَّهُ أنَّهم لا يَقْدِرُونَ عَلى الوَفاءِ بِهِ، ومِن ضَمِنَ شَيْئًا لا يَقْدِرُ عَلى الوَفاءِ بِهِ، لا يُسَمّى كاذِبًا، لا حِينَ ضَمِنَ، ولا حِينَ عَجَزَ؛ لِأنَّهُ في الحالَيْنِ لا يَدْخُلُ تَحْتَ عَدِّ الكاذِبِينَ، وهو المُخْبِرُ عَنِ الشَّيْءِ لا عَلى ما هو عَلَيْهِ ؟ قُلْتُ: شَبَّهَ اللَّهُ حالَهم، حَيْثُ عَلِمَ أنَّ ما ضَمِنُوهُ لا طَرِيقَ لَهم إلى أنْ يَفُوا بِهِ، فَكانَ ضَمانُهم عِنْدَهُ، لا عَلى ما عَلَيْهِ المَضْمُونُ بِالكاذِبِينَ الَّذِينَ خَبَرَهم، لا عَلى ما عَلَيْهِ المُخْبَرُ عَنْهُ. ويَجُوزُ أنْ يُرِيدَ: إنَّهم كاذِبُونَ؛ لِأنَّهم قالُوا ذَلِكَ وقُلُوبُهم عَلى خِلافِهِ، كالكاذِبِينَ الَّذِينَ يُصَدِّقُونَ الشَّيْءَ، وفي قُلُوبِهِمْ فِيهِ الخُلْفُ. انْتَهى. وتَقَدَّمَ مِن قَوْلِ ابْنِ عَطِيَّةَ أنَّ قَوْلَهُ:“ ولْنَحْمِلْ " خَبَرٌ، يَعْنِي أمْرًا، ومَعْناهُ الخَبَرُ، وهَذانِ الأمْرانِ مَنزِلَةُ الشَّرْطِ والجَزاءِ، إذِ المَعْنى: أنْ تَتَّبِعُوا سَبِيلَنا، ولَحِقَكم في ذَلِكَ إثْمٌ عَلى ما تَزْعُمُونَ، فَنَحْنُ نَحْمِلُ خَطاياكم. وإذا كانَ المَعْنى عَلى هَذا، كانَ إخْبارًا في الجَزاءِ بِما لا يُطابَقُ، وكانَ كَذِبًا. ﴿ولَيَحْمِلُنَّ أثْقالَهُمْ﴾ أثْقالَ أنْفُسِهِمْ مِن كُفْرِهِمْ ومَعاصِيهِمْ ﴿وأثْقالًا﴾ أيْ: أُخَرَ، وهي أثْقالُ الَّذِينَ أغْرَوْهم، فَكانُوا سَبَبًا في كُفْرِهِمْ. ولَمْ يُبَيِّنْ مَنِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ أثْقالَهُ، فَأمْكَنَ انْدِراجُ أثْقالِ المَظْلُومِ بِحَمْلِها لِلظّالِمِ، كَما جاءَ في الحَدِيثِ: «أنَّهُ يُقْتَصُّ مِنَ الظّالِمِ لِلْمَظْلُومِ بِأنْ يُعْطى مِن حَسَناتِ ظالِمِهِ، فَإنْ لَمْ يَبْقَ لِلظّالِمِ حَسَنَةٌ أُخِذَ مِن سَيِّئاتِ المَظْلُومِ فَطُرِحَ عَلَيْهِ». وفي صَحِيحِ مُسْلِمٍ ما مَعْناهُ: أيُّما داعٍ دَعا إلى ضَلالَةٍ، فاتُّبِعَ عَلَيْها وعُمِلَ بِها بَعْدَهُ، فَعَلَيْهِ أوْزارُ مَن عَمِلَ بِها مِمَّنِ اتَّبَعَهُ، لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِن أوْزارِهِمْ شَيْئًا. ﴿ولَيُسْألُنَّ يَوْمَ القِيامَةِ﴾ أيْ: سُؤالَ تَوْبِيخٍ وتَقْرِيعٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب