الباحث القرآني

(p-188)29 سُورَةُ العَنْكَبُوتِ مَكِّيَّةٌ وآيُها تِسْعٌ وسِتُّونَ آيَةً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿الم﴾ سَبَقَ القَوْلُ فِيهِ، ووُقُوعُ الِاسْتِفْهامِ بَعْدَهُ دَلِيلُ اسْتِقْلالِهِ بِنَفْسِهِ أوْ بِما يُضْمَرُ مَعَهُ. ﴿أحَسِبَ النّاسُ﴾ الحُسْبانَ مِمّا يَتَعَلَّقُ بِمَضامِينِ الجُمَلِ لِلدَّلالَةِ عَلى جِهَةِ ثُبُوتِها ولِذَلِكَ اقْتَضى مَفْعُولَيْنِ مُتَلازِمَيْنِ أوْ ما يَسُدُّ مَسَدَّهُما كَقَوْلِهِ: ﴿أنْ يُتْرَكُوا أنْ يَقُولُوا آمَنّا وهم لا يُفْتَنُونَ﴾ فَإنَّ مَعْناهُ أحَسِبُوا تَرْكَهم غَيْرَ مَفْتُونِينَ لِقَوْلِهِمْ ( آمَنّا )، فالتَّرْكُ أوَّلُ مَفْعُولَيْهِ وغَيْرُ مَفْتُونِينَ مِن تَمامِهِ ولِقَوْلِهِمْ ( آمَنّا ) هو الثّانِي كَقَوْلِكَ: حَسِبْتُ ضَرْبَهُ لِلتَّأْدِيبِ، أوْ أنْفُسَهم مَتْرُوكِينَ غَيْرَ مَفْتُونِينَ لِقَوْلِهِمْ ( آمَنّا ) بَلْ يَمْتَحِنُهُمُ اللَّهُ بِمَشاقِّ التَّكالِيفِ، كالمُهاجَرَةِ والمُجاهَدَةِ ورَفْضِ الشَّهَواتِ ووَظائِفِ الطّاعاتِ وأنْواعِ المَصائِبِ في الأنْفُسِ والأمْوالِ لِيَتَمَيَّزَ المُخْلِصُ مِنَ المُنافِقِ والثّابِتُ في الدِّينِ مِنَ المُضْطَرِبِ فِيهِ، ولِيَنالُوا بِالصَّبْرِ عَلَيْها عَوالِيَ الدَّرَجاتِ، فَإنَّ مُجَرَّدَ الإيمانِ وإنْ كانَ عَنْ خُلُوصٍ لا يَقْتَضِي غَيْرَ الخَلاصِ مِنَ الخُلُودِ في العَذابِ. رُوِيَ أنَّها نَزَلَتْ في ناسٍ مِنَ الصَّحابَةِ جَزِعُوا مِن أذى المُشْرِكِينَ، وقِيلَ في عَمّارٍ وقَدْ عُذِّبَ في اللَّهِ تَعالى، وقِيلَ في مَهْجَعِ مَوْلى عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَماهُ عامِرُ بْنُ الحَضْرَمِيِّ بِسَهْمٍ يَوْمَ بَدْرٍ فَقَتَلَهُ فَجَزِعَ عَلَيْهِ أبَواهُ وامْرَأتُهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب