الباحث القرآني

(p-٦٦٣)سُورَةُ العَنْكَبُوتِ مَكِّيَّةٌ وهي تِسْعٌ وسِتُّونَ آيَةً بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ ﴿الم﴾ ﴿أحَسِبَ الناسُ أنْ يُتْرَكُوا أنْ يَقُولُوا آمَنّا وهم لا يُفْتَنُونَ﴾ الحِسْبانُ: قُوَّةُ أحَدِ النَقِيضَيْنِ عَلى الآخَرِ كالظَنِّ بِخِلافِ الشَكِّ فَهو الوُقُوفُ بَيْنَهُما والعِلْمُ فَهو القَطْعُ عَلى أحَدِهِما ولا يَصِحُّ تَعْلِيقِهِما لِمَعانِي المُفْرَداتِ ولَكِنْ بِمَضامِينِ الجُمَلِ فَلَوْ قُلْتَ حَسِبْتُ زَيْدًا وظَنَنْتُ الفَرَسَ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا حَتّى تَقُولَ حَسِبْتُ زَيْدًا عالِمًا وظَنَنْتُ الفَرَسَ جَوادًا، لِأنَّ قَوْلَكَ زَيْدٌ عالِمٌ والفَرَسٌ جَوادٌ كَلامٌ دالٌّ عَلى مَضْمُونٍ فَإذا أرَدْتَ الإخْبارَ عَنِ ذَلِكَ المَضْمُونِ ثابِتًا عِنْدَكَ عَلى وجْهِ الظَنِّ لا اليَقِينِ أدْخَلْتَ عَلى شَطْرَيِ الجُمْلَةِ فِعْلَ الحِسْبانِ حَتّى يَتِمَّ لَكَ غَرَضَكَ والكَلامُ الدالُّ عَلى المَضْمُونِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الحِسْبانُ هُنا ﴿أنْ يُتْرَكُوا أنْ يَقُولُوا آمَنّا وهم لا يُفْتَنُونَ﴾ وذَلِكَ أنَّ تَقْدِيرَهُ أحَسِبُوا تَرْكَهم غَيْرَ مَفْتُونَيْنِ لِقَوْلِهِمْ آمَنّا، فالتَرْكُ أوَّلُ مَفْعُولَيْ حَسِبَ ولِقَوْلِهِمْ آمَنّا هو الخَبَرُ وأمّا غَيْرَ مَفْتُونِينَ فَتَتِمَّةُ التَرْكِ، لِأنَّهُ مِنَ التَرْكِ الَّذِي هو بِمَعْنى التَصْيِيرِ كَقَوْلِ عَنْتَرَةَ ؎ فَتَرَكْتُهُ جَزَرَ السِباعِ يَنُشْنَهُ (p-٦٦٤)ألا تَرى أنَّكَ قَبْلَ المَجِيءِ بالحِسْبانِ تَقْدِرُ أنْ تَقُولَ: تَرْكُهم غَيْرَ مَفْتُونِينَ لِقَوْلِهِمْ آمَنّا عَلى تَقْدِيرِ "حاصِلٌ ومُسْتَقِرٌّ" قَبْلَ اللامِ، وهو اسْتِفْهامُ تَوْبِيخٍ والفِتْنَةُ الِامْتِحانُ بِشَدائِدِ التَكْلِيفِ مِن مُفارَقَةِ الأوْطانِ ومُجاهَدَةِ الأعْداءِ وسائِرِ الطاعاتِ الشاقَّةِ وهَجْرِ الشَهَواتِ وبِالفَقْرِ والقَحْطِ وأنْواعِ المَصائِبِ في الأنْفُسِ والأمْوالِ ومُصابَرَةِ الكُفّارِ عَلى أذاهم وكَيْدِهِمْ، ورُوِيَ: أنَّها نَزَلَتْ في ناسٍ مِن أصْحابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَدْ جَزِعُوا مِن أذى المُشْرِكِينَ أوْ في عَمّارِ بْنِ ياسِرٍ وكانَ يُعَذَّبُ في اللهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب