الباحث القرآني

وَقَوله: ﴿أَحسب النَّاس﴾ الحسبان وَالظَّن قريبان، وَهُوَ تَغْلِيب أحد النقيضين على الآخر، وَالشَّكّ وقف بَين نقيضين، وَالْعلم قطع بِوُجُود أَحدهمَا. وَقَوله: ﴿أَن يتْركُوا أَن يَقُولُوا آمنا﴾ مَعْنَاهُ: أظنوا أَن يقنع مِنْهُم بِأَن يَقُولُوا آمنا، وَقَوله: ﴿وهم لَا يفتنون﴾ أَي: لَا يبتلون. قَالَ مُجَاهِد: لَا يبتلون فِي أَمْوَالهم وأنفسهم. وَيُقَال مَعْنَاهُ: لَا يؤمرون وَلَا ينهون، وابتلاء الله عباده بِالْأَمر وَالنَّهْي. وَقَالَ بَعضهم: إِن الله تَعَالَى أَمر النَّاس أَولا بِمُجَرَّد الْإِيمَان، ثمَّ إِنَّه فرض عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَسَائِر الشَّرَائِع فشق عَلَيْهِم، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة، وَعَن الشّعبِيّ وَغَيره أَنه قَالَ: لما هَاجر أَصْحَاب رَسُول الله بَقِي قوم بِمَكَّة مِمَّن آمنُوا وَلم يهاجروا؛ فَكتب (إِلَيْهِم) من هَاجر أَن الله الله تَعَالَى لَا يقبل أَيْمَانكُم حَتَّى تهاجروا، فَهَاجرُوا، فَتَبِعهُمْ قوم من الْمُشْركين وآذوهم، (فَقتل من) قتل، وتخلص، من تخلص فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة. وَعَن بَعضهم: أَن الْآيَة نزلت فِي عَيَّاش بن أبي ربيعَة، وَكَانَ قد هَاجر إِلَى الْمَدِينَة، فجَاء أَخَوَاهُ لأمه أَبُو جهل والْحَارث ابْنا هِشَام، وَقَالا لَهُ: إِن أمنا قد عَاهَدت إِن لم ترجع لَا تَأْكُل وَلَا تشرب، وَلَا يَأْوِيهَا سقف بَيت؛ وَإِن مُحَمَّدًا يَأْمر بِالْبرِّ، فَارْجِع مَعنا فَرجع مَعَهُمَا، فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الطَّرِيق غدراه وأوثقاه وحملاه إِلَى مَكَّة، وَجلده كل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة سَوط، ثمَّ لما وصل إِلَى أمه جعلت تضربه بالسياط حَتَّى رَجَعَ عَن دينه، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة، وَقد حسن إِسْلَامه بعد ذَلِك. وَمن الْمَشْهُور الثَّابِت: " أَن النَّبِي كَانَ يَدْعُو فِي الْقُنُوت فَيَقُول: " اللَّهُمَّ، انج سَلمَة بن هِشَام وَعَيَّاش بن أبي ربيعَة والوليد بن الْوَلِيد وَالْمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّة، وَاشْدُدْ وطأتك على مُضر، وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِم سِنِين كسنين يُوسُف. فَدَعَا (هَكَذَا) شهرا ثمَّ ترك، فَقيل لَهُ فِي ذَلِك، فَقَالَ: أَلا تراهم قد قدمُوا ".
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب