الباحث القرآني
* (فائدة)
قول النبي ﷺ: "لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة "
لأن اللعن إساءة بل من أبلغ الإساءة والشفاعة إحسان فالمسيء في هذه الدار باللعن سلبه الله الإحسان في الأخرى بالشفاعة، فإن الإنسان إنما يحصد ما يزرع والإساءة مانعة من الشفاعة التي هي إحسان.
وأما منع اللعن من الشهادة فإن اللعن عداوة وهي منافية للشهادة، ولهذا كان النبي ﷺ سيد الشفعاء وشفيع الخلائق لكمال إحسانه ورأفته ورحمته بهم.
* [فصل: هَدْيِهِ ﷺ في قِيامِ اللَّيْلِ]
قَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ والخَلَفُ في أنَّهُ: هَلْ كانَ فَرْضًا عَلَيْهِ أمْ لا؟ والطّائِفَتانِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ﴾
قالُوا: فَهَذا صَرِيحٌ في عَدَمِ الوُجُوبِ، قالَ الآخَرُونَ: أمَرَهُ بِالتَّهَجُّدِ في هَذِهِ السُّورَةِ، كَما أمَرَهُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ياأيُّها المُزَّمِّلُ - قُمِ اللَّيْلَ إلّا قَلِيلًا﴾ [المزمل: ١،: ٢].
وَلَمْ يَجِئْ ما يَنْسَخُهُ عَنْهُ، وأمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿نافِلَةً لَكَ﴾ فَلَوْ كانَ المُرادُ بِهِ التَّطَوُّعَ، لَمْ يَخُصُّهُ بِكَوْنِهِ نافِلَةً لَهُ، وإنَّما المُرادُ بِالنّافِلَةِ الزِّيادَةُ، ومُطْلَقُ الزِّيادَةِ لا يَدُلُّ عَلى التَّطَوُّعِ، قالَ تَعالى: ﴿وَوَهَبْنا لَهُ إسْحاقَ ويَعْقُوبَ نافِلَةً﴾ [الأنبياء: ٧٢]، أيْ: زِيادَةً عَلى الوَلَدِ، وكَذَلِكَ النّافِلَةُ في تَهَجُّدِ النَّبِيِّ ﷺ زِيادَةٌ في دَرَجاتِهِ، وفي أجْرِهِ، ولِهَذا خَصَّهُ بِها، فَإنَّ قِيامَ اللَّيْلِ في حَقِّ غَيْرِهِ مُباحٌ، ومُكَفِّرٌ لِلسَّيِّئاتِ، وأمّا النَّبِيُّ ﷺ، فَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ وما تَأخَّرَ، فَهو يَعْمَلُ في زِيادَةِ الدَّرَجاتِ وعُلُوِّ المَراتِبِ، وغَيْرُهُ يَعْمَلُ في التَّكْفِيرِ.
قالَ مجاهد: إنَّما كانَ نافِلَةً لِلنَّبِيِّ ﷺ لِأنَّهُ قَدْ غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ وما تَأخَّرَ، فَكانَتْ طاعَتُهُ نافِلَةً، أيْ: زِيادَةً في الثَّوابِ، ولِغَيْرِهِ كَفّارَةً لِذُنُوبِهِ، قالَ ابن المنذر في تَفْسِيرِهِ: حَدَّثَنا يعلى بن أبي عبيد، حَدَّثَنا الحجاج، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ مجاهد قالَ: ما سِوى المَكْتُوبَةِ، فَهو نافِلَةٌ مِن أجْلِ أنَّهُ لا يَعْمَلُ في كَفّارَةِ الذُّنُوبِ، ولَيْسَتْ لِلنّاسِ نَوافِلُ، إنَّما هي لِلنَّبِيِّ ﷺ خاصَّةً، والنّاسُ جَمِيعًا يَعْمَلُونَ ما سِوى المَكْتُوبَةِ لِذُنُوبِهِمْ في كَفّارَتِها.
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنا عبد الله، حَدَّثَنا عمرو، عَنْ سعيد وقبيصة، عَنْ سفيان، عَنْ أبي عثمان، عَنِ الحسن في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ﴾.
قالَ: (لا تَكُونُ نافِلَةُ اللَّيْلِ إلّا لِلنَّبِيِّ ﷺ
وَذُكِرَ عَنِ الضحاك، قالَ: نافِلَةً لِلنَّبِيِّ ﷺ خاصَّةً.
وَذَكَرَ سليم بن حيان، حَدَّثَنا أبُو غالب، حَدَّثَنا أبو أمامة، قالَ: إذا وضَعْتَ الطَّهُورَ مَواضِعَهُ، قُمْتَ مَغْفُورًا لَكَ، فَإنْ قُمْتَ تُصَلِّي، كانَتْ لَكَ فَضِيلَةً وأجْرًا، فَقالَ رَجُلٌ: يا أبا أمامة، أرَأيْتَ إنْ قامَ يُصَلِّي تَكُونُ لَهُ نافِلَةً؟ قالَ: لا، إنَّما النّافِلَةُ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ نافِلَةً، وهو يَسْعى في الذُّنُوبِ والخَطايا؟! تَكُونُ لَهُ
فَضِيلَةً وأجْرًا)
قُلْتُ: والمَقْصُودُ أنَّ النّافِلَةَ في الآيَةِ، لَمْ يُرَدْ بِها ما يَجُوزُ فِعْلُهُ وتَرْكُهُ، كالمُسْتَحَبِّ، والمَندُوبِ، وإنَّما المُرادُ بِها الزِّيادَةُ في الدَّرَجاتِ، وهَذا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الفَرْضِ والمُسْتَحَبِّ، فَلا يَكُونُ قَوْلُهُ: (نافِلَةً لَكَ) نافِيًا لِما دَلَّ عَلَيْهِ الأمْرُ مِنَ الوُجُوبِ، وسَيَأْتِي مَزِيدُ بَيانٍ لِهَذِهِ المَسْألَةِ إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى، عِنْدَ ذِكْرِ خَصائِصِ النَّبِيِّ ﷺ.
وَلَمْ يَكُنْ ﷺ يَدَعُ قِيامَ اللَّيْلِ حَضَرًا ولا سَفَرًا، وكانَ إذا غَلَبَهُ نَوْمٌ أوْ وجَعٌ، صَلّى مِنَ النَّهارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً. فَسَمِعْتُ شَيْخَ الإسْلامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ يَقُولُ: في هَذا دَلِيلٌ عَلى أنَّ الوِتْرَ لا يُقْضى لِفَواتِ مَحَلِّهِ، فَهو كَتَحِيَّةِ المَسْجِدِ، وصَلاةِ الكُسُوفِ والِاسْتِسْقاءِ ونَحْوِها، لِأنَّ المَقْصُودَ بِهِ أنْ يَكُونَ آخِرُ صَلاةِ اللَّيْلِ وِتْرًا، كَما أنَّ المَغْرِبَ آخِرُ صَلاةِ النَّهارِ، فَإذا انْقَضى اللَّيْلُ وصَلَّيْتَ الصُّبْحَ، لَمْ يَقَعِ الوِتْرُ مَوْقِعَهُ. هَذا مَعْنى كَلامِهِ.
وَقَدْ رَوى أبو داود، وابْنُ ماجَهْ مِن حَدِيثِ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «مَن نامَ عَنِ الوِتْرِ أوْ نَسِيَهُ، فَلْيُصَلِّهِ إذا أصْبَحَ أوْ ذَكَرَ» ولَكِنْ لِهَذا الحَدِيثِ عِدَّةُ عِلَلٍ.
أحَدُها: أنَّهُ مِن رِوايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ وهو ضَعِيفٌ.
الثّانِي: أنَّ الصَّحِيحَ فِيهِ أنَّهُ مُرْسَلٌ لَهُ عَنْ أبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قالَ الترمذي: هَذا أصَحُّ، يَعْنِي المُرْسَلَ.
الثّالِثُ: أنَّ ابْنَ ماجَهْ حَكى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيى بَعْدَ أنْ رَوى حَدِيثَ أبي سعيد: الصَّحِيحُ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «أوْتِرُوا قَبْلَ أنْ تُصْبِحُوا». قالَ: فَهَذا الحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلى أنَّ حَدِيثَ عبد الرحمن واهٍ.
وَكانَ قِيامُهُ ﷺ بِاللَّيْلِ إحْدى عَشْرَةَ رَكْعَةً، أوْ ثَلاثَ عَشْرَةَ، كَما قالَ ابْنُ عَبّاسٍ وعائشة، فَإنَّهُ ثَبَتَ عَنْهُما هَذا وهَذا، فَفي "الصَّحِيحَيْنِ" عَنْها: «ما كانَ رَسُولُ اللَّهُ ﷺ يَزِيدُ في رَمَضانَ ولا غَيْرِهِ عَلى إحْدى عَشْرَةَ رَكْعَةً».
وَفِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَنْها أيْضًا، «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ مِن ذَلِكَ بِخَمْسٍ، لا يَجْلِسُ في شَيْءٍ إلّا في آخِرِهِنَّ».
والصَّحِيحُ عَنْ عائشة الأوَّلُ: والرَّكْعَتانِ فَوْقَ الإحْدى عَشْرَةَ هُما رَكْعَتا الفَجْرِ جاءَ ذَلِكَ مُبَيَّنًا عَنْها في هَذا الحَدِيثِ بِعَيْنِهِ، «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي ثَلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً بِرَكْعَتَيِ الفَجْرِ» ذَكَرَهُ مسلم في "صَحِيحِهِ". وقالَ البُخارِيُّ في هَذا الحَدِيثِ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ ثَلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ يُصَلِّي إذا سَمِعَ النِّداءَ بِالفَجْرِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ». وفي "الصَّحِيحَيْنِ" عَنِ القاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قالَ: سَمِعْتُ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها تَقُولُ: «كانَتْ صَلاةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنَ اللَّيْلِ عَشْرَ رَكَعاتٍ، ويُوتِرُ بِسَجْدَةٍ، ويَرْكَعُ رَكْعَتَيِ الفَجْرِ، وذَلِكَ ثَلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً» فَهَذا مُفَسَّرٌ مُبَيَّنٌ.
* (فائدة)
الذي وقع في صحيح البخاري وأكثر كتب الحديث "وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته"
ووقع في صحيح ابن خزيمة والنسائي بإسناد الصحيحين من رواية جابر "وابعثه المقام المحمود" ورواه ابن خزيمة عن موسى بن سهل الرملي وصدقه أبو حاتم الرازي وباقي الإسناد شرطهما ورواه النسائي عن عمر بن منصور عن علي بن عباس والصحيح ما في البخاري لوجوده:
أحدها اتفاق أكثر الرواة عليه.
الثاني: موافقته للفظ القرآن.
الثالث: إن لفظ التنكير فيه مقصود به التعظيم لقوله: ﴿كِتابٌ أنْزَلْناهُ إلَيْكَ مُبارَكٌ﴾ وقوله: ﴿وَهَذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أنْزَلْناهُ﴾
وقوله ﴿وهذا كتاب مصدق﴾ ونظائره.
الرابع: أن دخول اللام يعينه ويخصه بمقام معين وحذفها يقتضي إطلاقا وتعددا كما في قوله: ﴿رَبَّنا آتِنا في الدُّنْيا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وقِنا عَذابَ النّارِ﴾ ومقاماته المحمودة في الموقف متعددة كما دلت عليه الأحاديث فكان في التنكير من الإطلاق والإشاعة ما ليس في التعريف.
الخامس: أن النبي ﷺ كان يحافظ على ألفاظ القرآن تقديما وتأخيرا وتعريفا وتنكيرا كما يحافظ على معانيه.
ومنه قوله وقد بدأ بالصفا "أبدأ بما بدأ الله به"
ومنه بداءته في الوضوء بالوجه ثم اليدين باتباعا للفظ القرآن.
ومنه قوله في حديث البراء ابن عازب: "آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت " موافقة لقوله: ﴿يا أيُّها النَّبِيُّ إنّا أرْسَلْناكَ﴾
وعلى هذا فالذي وعدته إما بدل وإما خبر مبتدأ محذوف وإما مفعول فعل محذوف وإما صفة لكون مقاما محمودا قريبا من المعرفة لفظا ومعنى فتأمله.
* (فائدة)
قال أبو بكر عبد العزيز: غلام الخلال سمعت بعض شيوخنا يقول إنما امتنع سائر الأنبياء من الشفاعة لأنهم عوتبوا قبل الغفران، فأحجمهم عن الهجوم عليه، ونبينا عليه السلام غفر له قبل العتاب.
* (لطيفة)
لما كمل الرَّسُول مقام الافتقار إلى الله سُبْحانَهُ أحْوج الخَلائق كلهم إلَيْهِ في الدُّنْيا والآخِرَة.
أما حاجتهم إلَيْهِ في الدُّنْيا فأشد من حاجتهم إلى الطَّعام والشراب والنَّفس الَّذِي بِهِ حَياة أبدانهم.
وَأما حاجتهم إلَيْهِ في الآخِرَة فَإنَّهُم يستشفعون بالرسل إلى الله حَتّى يريحهم من ضيق مقامهم فكلهم يتَأخَّر عَن الشَّفاعَة فَيشفع لَهُم، وهو الَّذِي يستفتح لَهُم باب الجنَّة.
* (فصل)
رسول الله ﷺ مَحْمُود عند الله ومحمود عند مَلائكَته ومحمود عند إخوانه من المُرْسلين ومحمود عند أهل الأرْض كلهم وإن كفر بِهِ بَعضهم فَإن ما فِيهِ من صِفات الكَمال محمودة عند كل عاقل وإن كابر عقله جحُودًا أو عنادًا أو جهلا باتصافه بها، ولَو علم اتصافه بها لحمده فَإنَّهُ يحمد من اتّصف بِصِفات الكَمال ويجهل وجودها فِيهِ فَهو في الحَقِيقَة حامِد لَهُ وهو ﷺ اخْتصَّ من مُسَمّى الحَمد بِما لم يجْتَمع لغيره فَإن اسْمه مُحَمَّد وأحمد، وأمته الحَمّادُونَ يحْمَدُونَ الله على السَّرّاء والضَّرّاء وصَلاة أمته مفتتحة بِالحَمْد وخطبته مفتتحة بِالحَمْد وكتابه مفتتح بِالحَمْد هَكَذا عند الله في اللَّوْح المَحْفُوظ أن خلفاءه وأصْحابه يَكْتُبُونَ المُصحف مفتتحًا بِالحَمْد وبِيَدِهِ ﷺ لِواء الحَمد يَوْم القِيامَة ولما يسْجد بَين يَدي ربه عز وجل للشفاعة ويُؤذن لَهُ فِيها يحمد ربه بِمَحامِد يفتحها عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وهو صاحب المقام المَحْمُود الَّذِي يغبطه بِهِ الأولونَ والآخرُونَ قالَ تَعالى ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقامًا مَحْمُودًا﴾
على معنى المقام المَحْمُود فليقف على ما ذكره سلف الأمة من الصَّحابَة والتّابِعِينَ فِيهِ في تَفْسِير هَذِه السُّورَة كتفسير ابْن أبي حاتِم وابْن جرير وعبد بن حميد وغَيرها من تفاسير السّلف.
وَإذا قامَ في المقام حَمده حِينَئِذٍ أهل الموقف كلهم مسلمهم وكافرهم أوَّلهمْ وآخرهمْ، وهو مَحْمُود ﷺ بِما مَلأ الأرْض من الهدى والإيمان والعلم النافع والعَمَل الصّالح وفتح بِهِ القُلُوب وكشف بِهِ الظلمَة عَن أهل الأرْض واستنقذهم من أسر الشَّيْطان ومن الشّرك بِالله والكفْر بِهِ والجهل بِهِ حَتّى نالَ بِهِ أتْباعه شرف الدُّنْيا والآخِرَة فَإن رسالَته وافت أهل الأرْض أحْوج ما كانُوا إلَيْها فَإنَّهُم كانُوا بَين عباد أوثان وعباد صلبان وعباد نيران وعباد الكَواكِب ومغضوب عَلَيْهِم قد باؤوا بغضب من الله وحيران لا يعرف رَبًّا يعبده ولا بِماذا يعبده والنّاس يَأْكُل بَعضهم بَعْضًا من اسْتحْسنَ شَيْئا دَعا إلَيْهِ وقاتل من خالفه ولَيْسَ في الأرْض مَوضِع قدم مشرق بِنور الرسالَة وقد نظر الله سُبْحانَهُ حِينَئِذٍ إلى أهل الأرْض فمقتهم عربهم وعجمهم إلّا بقايا على آثار من دين صَحِيح، فأغاث الله بِهِ البِلاد والعباد وكشف بِهِ تِلْكَ الظُّلم وأحْيا بِهِ الخليقة بعد المَوْت فهدى بِهِ من الضَّلالَة وعلم بِهِ من الجَهالَة وكثر بعد القلَّة وأعز بِهِ بعد الذلة وأغنى بِهِ بعد العيلَة وفتح بِهِ أعينًا عميا وآذانًا صمًّا وقُلُوبًا غلفًا فَعرف النّاس رَبهم ومعبودهم غايَة ما يُمكن أن تناله قواهم من المعرفَة وأبدًا وأعاد واخْتصرَ وأطْنَبَ في ذكر أسْمائِهِ وصِفاته وأفعاله حَتّى تجلت مَعْرفَته سُبْحانَهُ في قُلُوب عباده المُؤمنِينَ وانجابت سحائب الشَّك والريب عَنْها كَما ينجاب السَّحاب عَن القَمَر لَيْلَة إبداره ولم يدع لأمته حاجَة في هَذا التَّعْرِيف لا إلى من قبله ولا إلى من بعده بل كفاهم وشفاهم وأغناهم عَن كل من تكلم في هَذا الباب ﴿أولم يَكْفِهِمْ أنّا أنْزَلْنا عَلَيْكَ الكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إنَّ في ذَلِكَ لَرَحْمَةً وذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾.
{"ayah":"وَمِنَ ٱلَّیۡلِ فَتَهَجَّدۡ بِهِۦ نَافِلَةࣰ لَّكَ عَسَىٰۤ أَن یَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامࣰا مَّحۡمُودࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق