الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ومِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ﴾ أخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، ومُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ في كِتابِ ”الصَّلاةِ“، عَنْ عَلْقَمَةَ، والأُسُودِ، قالا: التَّهَجُّدُ بَعْدَ نَوْمَةٍ. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الضَّحّاكِ قالَ: نُسِخَ قِيامُ اللَّيْلِ إلّا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ . وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿نافِلَةً لَكَ﴾: يَعْنِي خاصَّةً لِلنَّبِيِّ ﷺ؛ أُمِرَ بِقِيامِ اللَّيْلِ وكُتِبَ عَلَيْهِ. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في ”الأوْسَطِ“، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنْ عائِشَةَ، أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «”ثَلاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرائِضُ، وهُنَّ لَكم سُنَّةٌ: الوَتْرُ والسِّواكُ وقِيامُ اللَّيْلِ“» . وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، ومُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿نافِلَةً لَكَ﴾ . قالَ: لَمْ تَكُنِ النّافِلَةُ لِأحَدٍ إلّا لِلنَّبِيِّ ﷺ خاصَّةً، مِن أجْلِ أنَّهُ قَدْ غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ وما تَأخَّرَ، فَما عَمِلَ مِن عَمَلٍ مَعَ (p-٤١٨)المَكْتُوبِ فَهو نافِلَةٌ لَهُ سِوى المَكْتُوبِ، مِن أجْلِ أنَّهُ لا يَعْمَلُ ذَلِكَ في كَفّارَةِ الذُّنُوبِ، فَهي نَوافِلُ لَهُ وزِيادَةٌ، والنّاسُ يَعْمَلُونَ ما سِوى المَكْتُوبِ في كَفّارَةِ ذُنُوبِهِمْ، فَلَيْسَ لِلنّاسِ نَوافِلُ، إنَّما هي لِلنَّبِيِّ ﷺ خاصَّةً. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ قَتادَةَ، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ اِبْنُ المُنْذِرِ عَنِ الحَسَنِ، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: ﴿ومِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ﴾ . قالَ: لا تَكُونُ نافِلَةُ اللَّيْلِ إلّا لِلنَّبِيِّ ﷺ . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، عَنْ قَتادَةَ: ﴿نافِلَةً لَكَ﴾ . قالَ: تَطَوُّعًا وفَضِيلَةً لَكَ. وأخْرَجَ أحْمَدُ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ أبِي أُمامَةَ في قَوْلِهِ: ﴿نافِلَةً لَكَ﴾ . قالَ: كانَتْ لِلنَّبِيِّ ﷺ نافِلَةً ولَكم فَضِيلَةً، وفي لَفْظٍ: إنَّما كانَتِ النّافِلَةُ خاصَّةً لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ . (p-٤١٩)وأخْرَجَ الطَّيالِسِيُّ، وابْنُ نَصْرٍ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“، والخَطِيبُ في ”تارِيخِهِ“، عَنْ أبِي أُمامَةَ، أنَّهُ قالَ: إذا تَوَضَّأ الرَّجُلُ المُسْلِمُ فَأحْسَنَ الوُضُوءَ، فَإنْ قَعَدَ قَعَدَ مَغْفُورًا لَهُ، وإنْ قامَ يُصَلِّي كانَتْ لَهُ فَضِيلَةً. قِيلَ لَهُ: نافِلَةٌ؟ قالَ: إنَّما النّافِلَةُ لِلنَّبِيِّ ﷺ، كَيْفَ تَكُونُ لَهُ نافِلَةً وهو يَسْعى في الخَطايا والذُّنُوبِ؟! ولَكِنْ فَضِيلَةً. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿عَسى أنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقامًا مَحْمُودًا﴾ . أخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، والبُخارِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنِ اِبْنِ عُمَرَ قالَ: إنَّ النّاسَ يَصِيرُونَ يَوْمَ القِيامَةِ جُثًا، كُلُّ أُمَّةٍ تَتْبَعُ نَبِيَّها، يَقُولُونَ: يا فُلانُ، اِشْفَعْ لَنا. حَتّى تَنْتَهِيَ الشَّفاعَةُ إلى النَّبِيِّ ﷺ، فَذَلِكَ يَوْمَ يَبْعَثُهُ اللَّهُ المَقامَ المَحْمُودَ. وأخْرَجَ أحْمَدُ، والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، «عَنِ النَّبِيِّ ﷺ في قَوْلِهِ: ﴿عَسى أنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقامًا مَحْمُودًا﴾ وسُئِلَ عَنْهُ، قالَ: ”هُوَ المَقامُ الَّذِي (p-٤٢٠)أشْفَعُ فِيهِ لِأُمَّتِي“» . وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «(الشَّفاعَةُ”» . وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، مِن طُرُقٍ عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿عَسى أنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقامًا مَحْمُودًا﴾ . قالَ: مَقامَ الشَّفاعَةِ. وأخْرَجَ اِبْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ قالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ المَقامِ المَحْمُودِ فَقالَ:“هُوَ الشَّفاعَةُ”» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ حِبّانَ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ كَعْبِ بْنِ مالِكٍ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «“يُبْعَثُ النّاسُ يَوْمَ القِيامَةِ فَأكُونُ أنا وأُمَّتِي عَلى تَلٍّ، ويَكْسُونِي رَبِّي حُلَّةً خَضْراءَ، ثُمَّ يُؤْذَنُ لِي أنْ أقُولَ ما شاءَ اللَّهُ أنْ أقُولَ، فَذَلِكَ المَقامُ المَحْمُودُ”» . (p-٤٢١)وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في“شُعَبِ الإيمانِ”، مِن طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ قالَ: أخْبَرَنِي رَجُلٌ مِن أهْلِ العِلْمِ، أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «“تُمَدُّ الأرْضُ يَوْمَ القِيامَةِ مَدَّ الأدِيمِ، ولا يَكُونُ لِبَشَرٍ مِن بَنِي آدَمَ فِيها إلّا مَوْضِعُ قَدَمِهِ، ثُمَّ أُدْعى أوَّلَ النّاسِ فَأخِرُّ ساجِدًا، ثُمَّ يُؤْذَنُ لِي فَأقُولُ: يا رَبِّ، أخْبَرَنِي هَذا – لِجِبْرِيلَ، وجِبْرِيلُ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، واللَّهِ ما رَآهُ جِبْرِيلُ قَطُّ قَبْلَها - أنَّكَ أرْسَلْتَهُ إلَيَّ. وجِبْرِيلُ ساكِتٌ لا يَتَكَلَّمُ، حَتّى يَقُولَ الرَّبُّ: صَدَقْتَ. ثُمَّ يُؤْذَنُ لِي في الشَّفاعَةِ فَأقُولُ: أيْ رَبِّ، عِبادُكَ عَبَدُوكَ في أطْرافِ الأرْضِ”. فَذَلِكَ المَقامُ المَحْمُودُ» . وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ، والبَزّارُ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، وأبُو نُعَيْمٍ في“الحِلْيَةِ”، والبَيْهَقِيُّ في“البَعْثِ”، والخَطِيبُ في“المُتَّفِقِ والمُفْتَرِقِ”، عَنْ حُذَيْفَةَ قالَ: يُجْمَعُ النّاسُ في صَعِيدٍ واحِدٍ، يُسْمِعُهُمُ الدّاعِي ويَنْفُذُهُمُ البَصَرُ، حُفاةً عُراةً كَما خُلِقُوا، قِيامًا لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إلّا بِإذْنِهِ، يُنادى: يا مُحَمَّدُ. فَيَقُولُ:“لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ، والخَيْرُ في يَدَيْكَ، والشَّرُّ لَيْسَ إلَيْكَ، والمَهْدِيُّ مَن هَدَيْتَ، وعَبْدُكَ بَيْنَ يَدَيْكَ، وبِكَ وإلَيْكَ، لا مَلْجَأ ولا مَنجى مِنكَ إلّا إلَيْكَ، تَبارَكْتَ وتَعالَيْتَ، سُبْحانَكَ رَبَّ (p-٤٢٢)البَيْتِ”. فَهَذا المَقامُ المَحْمُودُ. وأخْرَجَ البُخارِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنِ اِبْنِ عُمَرَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «“إنَّ الشَّمْسَ لَتَدْنُو حَتّى يَبْلُغَ العَرَقُ نِصْفَ الأُذُنِ، فَبَيْنَما هم كَذَلِكَ اِسْتَغاثُوا بِآدَمَ، فَيَقُولُ: لَسْتُ بِصاحِبِ ذَلِكَ”. ثُمَّ مُوسى، فَيَقُولُ كَذَلِكَ، ثُمَّ مُحَمَّدٌ ﷺ فَيَشْفَعُ، فَيَقْضِي اللَّهُ بَيْنَ الخَلْقِ فَيَمْشِي حَتّى يَأْخُذَ بِحَلْقَةِ بابِ الجَنَّةِ، فَيَوْمَئِذٍ يَبْعَثُهُ اللَّهُ مَقامًا مَحْمُودًا يَحْمَدُهُ أهْلُ الجَمْعِ كُلُّهم» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والحاكِمُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنِ اِبْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «“إنِّي لَأقُومُ المَقامَ المَحْمُودَ”. قِيلَ: وما المَقامُ المَحْمُودُ؟ قالَ:“ذاكَ إذا جِيءَ بِكم حُفاةً عُراةً غُرْلًا، فَيَكُونُ أوَّلَ مَن يُكْسى إبْراهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَيَقُولُ: اُكْسُوا خَلِيلِي. فَيُؤْتى بِرَيْطَتَيْنِ بَيْضاوَيْنِ فَيَلْبَسُهُما، ثُمَّ يَقْعُدُ مُسْتَقْبِلَ العَرْشِ، ثُمَّ أُوتى بِكُسْوَتِي فَألْبَسُها، فَأقُومُ عَنْ يَمِينِهِ مَقامًا لا يَقُومُهُ أحَدٌ، فَيَغْبِطُنِي بِهِ الأوَّلُونَ والآخِرُونَ، ثُمَّ يُفْتَحُ نَهْرٌ مِنَ (p-٤٢٣)الكَوْثَرِ إلى الحَوْضِ”» . وأخْرَجَ اِبْنُ مَرْدُويَهْ، مِن طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سُئِلَ: ما المَقامُ المَحْمُودُ الَّذِي ذَكَرَ لَكَ رَبُّكَ؟ قالَ:“يَحْشُرُ اللَّهُ النّاسَ يَوْمَ القِيامَةِ عُراةً غُرْلًا، كَهَيْئَتِهم يَوْمَ وُلِدُوا، هالَهُمُ الفَزَعُ الأكْبَرُ وكَظَمَهُمُ الكَرْبُ العَظِيمُ، وبَلَغَ الرَّشْحُ أفْواهَهم وبَلَغَ بِهِمُ الجَهْدُ والشِّدَّةُ، فَأكُونُ أوَّلَ مُدْعًى وأوَّلَ مُعْطًى، ثُمَّ يُدْعى إبْراهِيمُ قَدْ كُسِيَ ثَوْبَيْنِ أبْيَضَيْنِ مِن ثِيابِ الجَنَّةِ، ثُمَّ يُؤْمَرُ فَيَجْلِسُ في قِبَلِ الكُرْسِيِّ، ثُمَّ أقُومُ عَنْ يَمِينٍ، فَما مِنَ الخَلائِقِ قائِمٌ غَيْرِي، فَأتَكَلَّمُ فَيَسْمَعُونَ وأشْهَدُ فَيُصَدِّقُونَ» . وأخْرَجَ اِبْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ اِبْنِ عُمَرَ، «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَرَأ: ”﴿عَسى أنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقامًا مَحْمُودًا﴾“ . قالَ: يُجْلِسُهُ عَلى السَّرِيرِ» . وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، وابْنُ خُزَيْمَةَ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ /ﷺ: «”أنا سَيِّدُ ولَدِ آدَمَ يَوْمَ القِيامَةِ ولا فَخْرَ، (p-٤٢٤)وبِيَدِي لِواءُ الحَمْدِ ولا فَخْرَ، وما مِن نَبِيٍّ يَوْمَئِذٍ؛ آدَمَ فَمَن سِواهُ، إلّا تَحْتَ لِوائِي، وأنا أوَّلُ مَن تَنْشَقُّ عَنْهُ الأرْضُ ولا فَخْرَ، فَيَفْزَعُ النّاسُ ثَلاثَ فَزَعاتٍ فَيَأْتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ: أنْتَ أبُونا فاشْفَعْ لَنا إلى رَبِّكَ. فَيَقُولُ: إنِّي أذْنَبْتُ ذَنْبًا أُهْبِطْتُ مِنهُ إلى الأرْضِ، ولَكِنِ اِئْتُوا نُوحًا. فَيَأْتُونَ نُوحًا، فَيَقُولُ: إنِّي دَعَوْتُ عَلى أهْلِ الأرْضِ دَعْوَةً فَأُهْلِكُوا، ولَكِنِ اِذْهَبُوا إلى إبْراهِيمَ. فَيَأْتُونَ إبْراهِيمَ، فَيَقُولُ: اِئْتُوا مُوسى. فَيَأْتُونَ مُوسى، فَيَقُولُ: إنِّي قَتَلْتُ نَفْسًا، ولَكِنِ اِئْتُوا عِيسى. فَيَأْتُونَ عِيسى، فَيَقُولُ: إنِّي عُبِدْتُ مِن دُونِ اللَّهِ، ولَكِنِ اِئْتُوا مُحَمَّدًا. فَيَأْتُونِي فَأنْطَلِقُ مَعَهم فَآخُذُ بِحَلْقَةِ بابِ الجَنَّةِ فَأُقَعْقِعُها، فَيُقالُ: مَن هَذا؟ فَأقُولُ: مُحَمَّدٌ. فَيَفْتَحُونَ لِي، ويَقُولُونَ: مَرْحَبًا. فَأخِرُّ ساجِدًا، فَيُلْهِمُنِي اللَّهُ مِنَ الثَّناءِ والحَمْدِ والمَجْدِ، فَيُقالُ: اِرْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ، وقُلْ يُسْمَعْ لِقَوْلِكَ“ . فَهو المَقامُ المَحْمُودُ الَّذِي قالَ اللَّهُ: ﴿عَسى أنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقامًا مَحْمُودًا﴾ [الإسراء»: ٧٩] . وأخْرَجَ اِبْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أبِي سَعِيدٍ في قَوْلِهِ: ﴿عَسى أنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقامًا مَحْمُودًا﴾ . قالَ: يُخْرِجُ اللَّهُ قَوْمًا مِنَ النّارِ مِن أهْلِ الإيمانِ والقِبْلَةِ بِشَفاعَةِ النَّبِيِّ ﷺ، فَذَلِكَ المَقامُ المَحْمُودُ. (p-٤٢٥)وأخْرَجَ اِبْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أنَّهُ ذَكَرَ حَدِيثَ الجَهَنَّمِيِّينَ، فَقِيلَ لَهُ: ما هَذا الَّذِي تُحَدِّثُ، واللَّهُ يَقُولُ: ﴿إنَّكَ مَن تُدْخِلِ النّارَ فَقَدْ أخْزَيْتَهُ﴾ [آل عمران: ١٩٢] [آلِ عِمْرانَ: ١٩٢]، و﴿كُلَّما أرادُوا أنْ يَخْرُجُوا مِنها أُعِيدُوا فِيها﴾ [السجدة: ٢٠] ؟! [السَّجْدَةِ: ٢٠] . فَقالَ: هَلْ تَقْرَأُ القُرْآنَ؟ قالَ: نَعَمْ. قالَ: فَهَلْ سَمِعْتَ فِيهِ بِالمَقامِ المَحْمُودِ؟ قالَ: نَعَمْ. قالَ: فَإنَّهُ مَقامُ مُحَمَّدٍ ﷺ الَّذِي يُخْرِجُ اللَّهُ بِهِ مَن يُخْرِجُ. وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنِ اِبْنِ مَسْعُودٍ قالَ: يَأْذَنُ اللَّهُ في الشَّفاعَةِ، فَيَقُومُ رُوحُ القُدُسِ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يَقُومُ إبْراهِيمُ خَلِيلُ اللَّهِ، ثُمَّ يَقُومُ عِيسى أوْ مُوسى، ثُمَّ يَقُومُ نَبِيُّكم رابِعًا لِيَشْفَعَ، لا يَشْفَعُ أحَدٌ بَعْدَهُ أكْثَرَ مِمّا شَفَعَ، وهو المَقامُ المَحْمُودُ الَّذِي قالَ اللَّهُ: ﴿عَسى أنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقامًا مَحْمُودًا﴾ . وأخْرَجَ اِبْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أبِي سَعِيدٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”إذا سَألْتُمُ اللَّهَ فاسْألُوهُ أنْ يَبْعَثَنِي المَقامَ المَحْمُودَ الَّذِي وعَدَنِي“» . وأخْرَجَ البُخارِيُّ عَنْ جابِرٍ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «”مَن قالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّداءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التّامَّةِ، والصَّلاةِ القائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ (p-٤٢٦)والفَضِيلَةَ، وابْعَثْهُ مَقامًا مَحْمُودًا الَّذِي وعَدْتَهُ. حَلَّتْ لَهُ شَفاعَتِي يَوْمَ القِيامَةِ“» . وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ «عَنْ سَلْمانَ قالَ: يُقالُ لَهُ: سَلْ تُعْطَهُ - يَعْنِي النَّبِيَّ ﷺ - واشْفَعْ تُشَفَّعْ، وادْعُ تُجَبْ. فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيَقُولُ: ”أُمَّتِي“ . مَرَّتَيْنِ أوْ ثَلاثًا، فَقالَ سَلْمانُ: يَشْفَعُ في كُلِّ مَن في قَلْبِهِ مِثْقالُ حَبَّةِ حِنْطَةٍ مِن إيمانٍ، أوْ مِثْقالُ شُعَيْرَةٍ مِن إيمانٍ، أوْ مِثْقالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِن إيمانٍ. قالَ سَلْمانُ: فَذَلِكُمُ المَقامُ المَحْمُودُ» . وأخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ عَنِ اِبْنِ مَسْعُودٍ قالَ: «قِيلَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، ما المَقامُ المَحْمُودُ؟ قالَ: ”ذاكَ يَوْمَ يَنْزِلُ اللَّهُ تَعالى فِيهِ عَلى عَرْشِهِ، فَيَئِطُّ كَما يَئِطُّ الرَّحْلُ الجَدِيدُ مِن تَضايُقِهِ“» . أخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿عَسى أنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقامًا مَحْمُودًا﴾ . قالَ: يُجْلِسُهُ فِيما بَيْنَهُ وبَيْنَ جِبْرِيلَ، ويَشْفَعُ لِأُمَّتِهِ، فَذَلِكَ المَقامُ المَحْمُودُ. وأخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ عَنِ اِبْنِ عُمَرَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”﴿عَسى أنْ (p-٤٢٧)يَبْعَثُك رَبُّك مَقامًا مَحْمُودًا﴾“ . قالَ: ”يُجْلِسُنِي مَعَهُ عَلى السَّرِيرِ“» . وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ «فِي قَوْلِهِ: ﴿عَسى أنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقامًا مَحْمُودًا﴾ . قالَ: ذُكِرَ لَنا أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ خُيِّرَ بَيْنَ أنْ يَكُونَ عَبْدًا نَبِيًّا أوْ مَلِكًا نَبِيًّا، فَأوْمَأ إلَيْهِ جِبْرِيلُ: أنْ تَواضَعْ. فاخْتارَ أنْ يَكُونَ عَبْدًا نَبِيًّا، فَأُعْطِيَ بِهِ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ ثِنْتَيْنِ؛ أنَّهُ أوَّلُ مَن تَنْشَقُّ عَنْهُ الأرْضُ، وأوَّلُ شافِعٍ، وكانَ أهْلُ العِلْمِ يَرَوْنَ أنَّهُ المَقامُ المَحْمُودُ» . وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿عَسى أنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقامًا مَحْمُودًا﴾ . قالَ: يُجْلِسُهُ مَعَهُ عَلى عَرْشِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب