الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ومِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ﴾ رُوِيَ عَنْ حَجّاجِ بْنِ عَمْرٍو الأنْصارِيِّ صاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالَ: " يَحْسَبُ أحَدُكم إذا قامَ أوَّلَ اللَّيْلِ إلى آخِرِهِ أنَّهُ قَدْ تَهَجَّدَ، لا، ولَكِنَّ التَّهَجُّدَ الصَّلاةُ بَعْدَ رَقْدَةٍ ثُمَّ الصَّلاةُ بَعْدَ رَقْدَةٍ ثُمَّ الصَّلاةُ بَعْدَ رَقْدَةٍ، وكَذَلِكَ كانَتْ صَلاةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ " وعَنِ الأسْوَدِ وعَلْقَمَةَ قالا: " التَّهَجُّدُ بَعْدَ النَّوْمِ " . والتَّهَجُّدُ في اللُّغَةِ السَّهَرُ لِلصَّلاةِ أوْ لِذِكْرِ اللَّهِ، والهُجُودُ النَّوْمُ، وقِيلَ: التَّهَجُّدُ التَّيَقُّظُ بِما يَنْفِي النَّوْمَ. * * * وقَوْلُهُ: ﴿نافِلَةً لَكَ﴾ قالَ مُجاهِدٌ: " وإنَّما كانَتْ نافِلَةً لِلنَّبِيِّ ﷺ لِأنَّهُ قَدْ غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ (p-٣٣)مِن ذَنْبِهِ وما تَأخَّرَ، فَكانَتْ طاعاتُهُ نافِلَةً أيْ زِيادَةً في الثَّوابِ ولِغَيْرِهِ كَفّارَةً لِذُنُوبِهِ " . وقالَ قَتادَةُ: " نافِلَةً: تَطَوُّعًا وفَضِيلَةً " . ورَوى سُلَيْمانُ بْنُ حَيّانَ قالَ: حَدَّثَنا أبُو غالِبٍ قالَ: حَدَّثَنا أبُو أُمامَةَ قالَ: " إذا وضَعْتَ الطَّهُورَ مَواضِعَهُ قَعَدْتَ مَغْفُورًا، وإنْ قُمْتَ تُصَلِّي كانَتْ لَكَ فَضِيلَةً وأجْرًا، فَقالَ لَهُ رِجْلٌ: يا أبا أُمامَةَ أرَأيْتَ إنْ قامَ يُصَلِّي يَكُونُ لَهُ نافِلَةً ؟ قالَ: لا إنَّما النّافِلَةُ لِلنَّبِيِّ ﷺ كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ نافِلَةً وهو يَسْعى في الذُّنُوبِ والخَطايا يَكُونُ لَكَ فَضِيلَةً وأجْرًا " فَمَنَعَ أبُو أُمامَةَ أنْ تَكُونَ النّافِلَةُ لِغَيْرِ النَّبِيِّ ﷺ وقَدْ رَوى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصّامِتِ عَنْ أبِي ذَرِّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «كَيْفَ أنْتَ إذا كانَتْ عَلَيْكَ أُمَراءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلاةَ ؟ قالَ قُلْتُ: فَما تَأْمُرُنِي ؟ قالَ: صَلِّ الصَّلاةَ لِوَقْتِها فَإنْ أدْرَكْتَهم فَصَلِّها مَعَهم لَكَ نافِلَةً» . ورَوى قَتادَةُ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أبِي أُمامَةَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «الوُضُوءُ يُكَفِّرُ ما قَبْلَهُ ثُمَّ تَصِيرُ الصَّلاةُ نافِلَةً قِيلَ لَهُ: أنْتَ سَمِعْتَ هَذا مِن رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ؟ قالَ: نَعَمْ غَيْرَ مَرَّةٍ ولا مَرَّتَيْنِ ولا ثَلاثٍ ولا أرْبَعٍ ولا خَمْسٍ». فَأثْبَتَ النَّبِيُّ ﷺ بِهَذَيْنِ الخَبَرَيْنِ النّافِلَةَ لِغَيْرِهِ، النّافِلَةُ هي الزِّيادَةُ بَعْدَ الواجِبِ وهي التَّطَوُّعُ والفَضِيلَةُ، ومِنهُ النَّفَلُ في الغَنِيمَةِ وهو ما يَجْعَلُهُ الإمامُ لِبَعْضِ الجَيْشِ زِيادَةً عَلى ما يَسْتَحِقُّهُ مِن سِهامِها، بِأنْ يَقُولَ: مَن قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ ومَن أخَذَ شَيْئًا فَهو لَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب