الباحث القرآني
قوله: ﴿وَمِنَ ٱلْلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ﴾ إلى قوله: ﴿سُلْطَاناً نَّصِيراً﴾.
معناه: ومن الليل يا محمد فاسهر بالقرآن ﴿نَافِلَةً لَّكَ﴾ أي: خاصة لك دون أمتك. والتهجد: التيقظ، والسهر بعد نومة من الليل، والهجود: النوم. يقال: تهجد زيد إذا سهر، وهجد إذا نام.
قال علقمة والأسود: التهجد بعد نومة.
وقال الحسن: التهجد ما كان بعد العشاء الآخرة.
قال ابن عباس معنى: "نافلة لك": فرضاً عليك. فرض الله ذلك على النبي ﷺ. وقيل: إنما قيل له: "نافلة لك" لأنه لم يكن فعله ذلك ليكفر عنه شيئاً من الذنوب. فهو نافلة للنبي [عليه السلام] لأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فهو نافلة له لأنه لا ذنب له، يكفر بنوافله، وهو لأمته كفارة لذنوبهم، قال ذلك مجاهد.
وقول ابن عباس: أولى. لأن هذه السورة نزلت بمكة وسورة الفتح إنما نزلت بعد منصرفه من الحديبية، فنزل عليه الأمر بالنافلة قبل معرفته بأن الله [عز وجل] قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فواجب أن يكون ذلك فرضاً عليه خاصة. خصّه الله [عز وجل] به، لأن الصلاة بالليل أفضل أعمال الخير فَحَضَّ الله [سبحانه] نبيه ﷺ على أفضل الأعمال.
وروي عن النبي ﷺ أنه قال: "أفضل الصلاة بعد الصلاة المفروضة الصلاة بالليل
وقال عليه السلام: عليكم بالصلاة بالليل فإنها دأب الصالحين قبلكم، وهو قربة إلى الله [عز وجل]، وكفارة للسيئات
وعنه ﷺ أنه قال: "من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار
وقال: "صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبوراً
وقال [النبي] عليه السلام: "صلوا بالليل ولو ركعتين. ما من أهل بيت تعرف لهم صلاة إلا ناداهم مناديا أهل الدار: قوموا إلى صلاتكم
وفضل الصلاة بالليل عظيم جسيم إليه انتهت العبادة وقد قال ﷺ: "إن في الليل ساعة لا يوافقها عبد مسلم سأل الله خيراً وهو يصلي إلا أعطاه وهي في كل ليلة
ثم قال [تعالى]: ﴿عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً﴾.
وعسى من الله واجبة، لأن الله [عز وجل] لا يدع أن يفعل بعباده ما أطمعهم به من الجزاء على أعمالهم لأنه ليس من عادته الغرور ولا من صفته.
والمقام المحمود: هو الشفاعة. قاله: ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن جريج والحسن.
وقال حذيفة: يجمع الله [عز وجل] الناس في صعيد واحد، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر، حفاة عراة كما خلقوا، سكوتاً لا تكلم نفس إلا بإذنه، فينادي محمداً ﷺ فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك، والشر ليس إليك، والمهتدي من هديت، وعبدك بين يديك، ولك وإليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك تباركت وتعاليت سبحانك رب البيت". قال: فذلك المقام المحمود الذي ذكر الله جل ذكره.
وعن ابن عباس أنه قال: بلغنا أنه إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار بقيت آخر زمرة من زمرة الجنة وآخر زمرة من زمر النار، فتقول زمرة النار لزمرة الجنة: أما نحن فحسبنا ما علم الله [عز وجل] في قلوبنا من الشك والتكذيب فما ينفعكم إيمانكم فإذا قالوا لهم ذلك دعوا ربهم [عز وجل] وصاحوا بأعلى أصواتهم، فيسمع أهل الجنة أصواتهم فيسألون آدم الشفاعة لهم. فيأبى عليهم. ثم يمضون من نبي إلى نبي فكلهم يعتذر حتى يأتوا محمداً ﷺ [فيشفع لهم] فذلك المقام المحمود وحديث الشفاعة مختلف الألفاظ طويل ذكرنا منه ما يليق بالكتاب.
وعن مجاهد من رواية ليث، عنه أنه قال: المقام المحمود يجلسه معه على عرشه.
و [عن] النبي عليه السلام في قوله: "مقاماً محموداً" أنه قال: "هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي" رواه أبو هريرة عنه.
وروى كعب بن مالك أن النبي عليه السلام قال: "يحشر الناس يوم القيامة [فأكون أنا وأمتي] على تل فيكسوني ربي حلة خضراء ثم يؤذن لي فأقول ما شاء الله أن أقول، فذلك المقام المحمود
قال عبد الله بن عمر: أن النبي عليه السلام قال: "إن الشمس لتدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم فيقول: لست بصاحب ذلك. ثم بموسى فيقول: كذلك. ثم بمحمد فيمشي بين الخلق حتى يأخذ بحلقة الجنة فيومئذ يبعثه الله المقام المحمود
وروي: عن عبد الله بن سلام أنه قال: "إن محمداً عليه السلام يوم القيامة على كرسي للرب بين [يدي] الرب جل وعز. فهذا قول مجاهد.
وقيل المقام المحمود: هو المقام الذي يحمده فيه الأولون والآخرون يشرف فيه على جميع الخلائق: يسأل فيعطى ويشفع، ليس أحد يوم القيامة إلا تحت لواء محمد ﷺ.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ [وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ]﴾.
يعني: مدخله المدينة حين هاجر إليها وخروجه من مكة. قال ذلك: ابن عباس والحسن وقتادة وابن زيد. ودل على هذا ما تقدم من قوله: ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا﴾ [الإسراء: ٧٦].
وعن ابن عباس أيضاً: ﴿أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ﴾ أمتني إماتة صدق وأخرجني بعد الممات مخرج صدق.
وقال مجاهد: يعني به: أدخلني فيما أرسلتني به مدخل صدق، وأخرجني مخرج صدق من الدنيا.
وعن الحسن أيضاً: ﴿أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ﴾ الجنة، وأخرجني مخرج صدق مكة.
وقال الضحاك: معناه أخرجني من مكة آمناً، وأدخلني إياها آمناً وهو يوم الفتح.
وقال أبو صالح: ﴿مُدْخَلَ صِدْقٍ﴾ الإسلام.
وقيل معناه: أدخلني مكة بالعز والقوة والقدرة والحجة على جميع من خلقت وأخرجني من مكة إلى المدينة لا ألقى إلا مؤمناً ومجيباً. ومعنى ﴿مُدْخَلَ صِدْقٍ﴾: [مدخل] سلامة وحسن عاقبة. فجعل الصدق موضع الأشياء الجميلة.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿وَٱجْعَل لِّي مِن لَّدُنْكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً﴾.
أي: حجة تنصرني بها على من ناوأني، وعزاً أقيم به دينك، وملكاً تقوى به أمتي. قاله: الحسن، قال: يوعده الله [عز وجل] لننزعن ملك فارس عن فارس ولنجعلنه لك، وعن الروم ولنجعلنه لك، أي لأمتك.
وقيل معناه: حجة بينة، قاله مجاهد. قال ابن زيد: نصيراً ينصرني.
{"ayahs_start":79,"ayahs":["وَمِنَ ٱلَّیۡلِ فَتَهَجَّدۡ بِهِۦ نَافِلَةࣰ لَّكَ عَسَىٰۤ أَن یَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامࣰا مَّحۡمُودࣰا","وَقُل رَّبِّ أَدۡخِلۡنِی مُدۡخَلَ صِدۡقࣲ وَأَخۡرِجۡنِی مُخۡرَجَ صِدۡقࣲ وَٱجۡعَل لِّی مِن لَّدُنكَ سُلۡطَـٰنࣰا نَّصِیرࣰا"],"ayah":"وَمِنَ ٱلَّیۡلِ فَتَهَجَّدۡ بِهِۦ نَافِلَةࣰ لَّكَ عَسَىٰۤ أَن یَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامࣰا مَّحۡمُودࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق