(واللّذان يأتيانها منكم) أي الفاحشة وهي الزنا واللواط، وهذان قولان للمفسرين وسيرجح الثاني بأمور، واللذان تثنية الذي، وكان القياس أن يقال اللذيان، قال سيبويه: حذفت الياء ليفرق بين الأسماء الممكنة وبين الأسماء المبهمة.
والمراد (باللذان) هنا الزاني والزانية تغليباً، وقيل الآية الأولى في النساء خاصة محصنات وغير محصنات، والثانية في الرجال خاصة وجاء بلفظ التثنية لبيان صنفي الرجال من أحصن ومن لم يحصن، فعقوبة النساء وعقوبة الرجال الأذى، واختار هذا النحاس ورواه عن ابن عباس ورواه القرطبي عن مجاهد وغيره واستحسنه.
وقال السدي وقتادة وغيرهما: الآية الأولى في النساء المحصنات ويدخل معهن الرجال المحصنون، والآية الثانية في الرجل والمرأة البكرين، ورجحه الطبري وضعفه النحاس، وقال تغليب المؤنث على المذكر بعيد.
وقال ابن عطيه: إن معنى هذا القول تام إلا أن لفظ الآية يضيق عنه وقيل كان الإمساك للمرأة الزانية دون الرجل، فخصّت المرأة بالذكر في الإمساك ثم جمعاً في الإيذاء، قال قتادة كانت المرأة تحبس ويؤذيان جميعاً.
(فآذوهما) واختلف المفسرون في تفسير الأذى فقيل التوبيخ والتعيير وقيل السب والجفاء من دون تعيير وتقريع، وقيل النيل باللسان والضرب بالنعال وقد ذهب قوم إلى أن الاذى منسوخ بالحد كالحبس إن أريد به الزنا وكذا إن أريد اللواط عند الشافعي، لكن المفعول به لا يرجم عنده وإن كان محصناً بل يجلد ويغرب، وأما الفاعل فيرجم إن كان محصناً، وارادة اللواط أظهر بدليل تثنية الضمير، وقيل ليس بمنسوخ كما تقدم في الحبس، وقد قال بالنسخ جماعة من التابعين كمجاهد وقتادة والحسن وسعيد بن جبير والسدي.
(فإن تابا) من الفاحشة (وأصلحا) العمل فيما بعد (فأعرضوا عنهما) أي اتركوهما وكفوا عنهما الأذى (إن الله كان تواباً رحيماً) وهذا كان قبل نزول الحدود في ابتداء الإسلام على ما تقدم من الخلاف، فثبت الجلد على البكر بنص الكتاب وثبت الرجم على الثيب المحصن بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجم ماعزاً وكان قد أحصن.
{"ayah":"وَٱلَّذَانِ یَأۡتِیَـٰنِهَا مِنكُمۡ فَـَٔاذُوهُمَاۖ فَإِن تَابَا وَأَصۡلَحَا فَأَعۡرِضُوا۟ عَنۡهُمَاۤۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ تَوَّابࣰا رَّحِیمًا"}