قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ﴾ وَهُوَ أَعْلَى الْجَنَّةِ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ [[راجع فيما سبق، تفسير سورة الكهف.]] ﴿هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ لَا يَمُوتُونَ وَلَا يَخْرُجُونَ، وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ: "أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ بِيَدِهِ: خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ، وَكَتَبَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ، وَغَرَسَ الْفِرْدَوْسَ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَعِزَّتِي لَا يَدْخُلُهَا مُدْمِنُ خَمْرٍ، وَلَا دَيُّوثٌ" [[أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات: ٢ / ٤٧ مرسلا وأشار إلى تضعيفه بقوله: "هذا مرسل، وفيه إن ثبت دلالة على أن الكتب هاهنا بمعنى الخلق"، وعزاه في الكنز أيضا (٦ / ١٣١) للخرائطي في مساوئ الأخلاق وللديلمي في الفردوس.]] .
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ﴾ يَعْنِي: وَلَدَ آدَمَ، وَ"الْإِنْسَانُ" اسْمُ الْجِنْسِ، يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ، ﴿مِنْ سُلَالَةٍ﴾ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: السُّلَالَةُ صَفْوَةُ الْمَاءِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مِنْ بَنِي آدَمَ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: هُوَ يُسِيلُ مِنَ الظَّهْرِ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي النُّطْفَةَ سُلَالَةً، وَالْوَلَدَ سَلِيلًا وَسُلَالَةً، لِأَنَّهُمَا مَسْلُولَانِ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: ﴿مِنْ طِينٍ﴾ يَعْنِي: طِينَ آدَمَ. وَالسُّلَالَةُ تَوَلَّدَتْ مِنْ طِينٍ خُلِقَ آدَمُ مِنْهُ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: مِنْ نُطْفَةٍ سُلَّتْ مِنْ طِينٍ، وَالطِّينُ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقِيلَ الْمُرَادُ مِنَ الْإِنْسَانِ هُوَ آدَمُ. وَقَوْلُهُ: ﴿مِنْ سُلَالَةٍ: أَيْ: سُلَّ مِنْ كُلِّ تُرْبَةٍ.
﴿ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً﴾ يَعْنِي الَّذِي هُوَ الْإِنْسَانُ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً، ﴿فِي قَرَارٍ مَكِينٍ﴾ حَرِيزٍ، وَهُوَ الرَّحِمُ مُكّن [أَيْ قَدْ هُيِّئَ] [[ساقط من ﴾أ".]] لِاسْتِقْرَارِهَا فِيهِ إِلَى بُلُوغِ أَمَدِهَا.
{"ayahs_start":11,"ayahs":["ٱلَّذِینَ یَرِثُونَ ٱلۡفِرۡدَوۡسَ هُمۡ فِیهَا خَـٰلِدُونَ","وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ مِن سُلَـٰلَةࣲ مِّن طِینࣲ","ثُمَّ جَعَلۡنَـٰهُ نُطۡفَةࣰ فِی قَرَارࣲ مَّكِینࣲ"],"ayah":"وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ مِن سُلَـٰلَةࣲ مِّن طِینࣲ"}