الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ﴾ السلالة: فعالة من السل، وهو استخراج الشيء من الشيء. يقال: سللت الشعر من العجين فانسل، وسللت السيف من غمده فانسل. ومن هذا يقال للنطفة: سُلَالة، وللولد: سَلِيل [[في (ظ): (السليل).]] وسلالة [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 8، "تهذيب اللغة" للأزهري 12/ 292 (سل) فقد نسب فيه بعض ما ذكر هنا لأبي الهيثم والليث، "الصحاح" للجوهري 5/ 1731 (سلل)، "لسان العرب" 11/ 339 (سلل).]]. قالت ينت النعمان بن بشير [[هي: هند بنت النعمان بن بشير الأنصاري -رضي الله عنه- فصيحة، كانت تحت روح بن رنباع ثم تزوجها الحجاج، ثم عبد الملك بن مروان. ولها معهم أخبار. انظر: "وفيات الأعيان" لابن خلكان 3/ 95، "أعلاء النساء" لكحالة 5/ 256 - 259.]] لزوجها روح بن زنباع [[هو: روح بن زنباع بن روح بن سلامة، الجذامي، أبو زرعة، أمير فلسطين وسيد == قومه وقائدها وخيبها وشجاعها، وكان شبه الوزير لعبد الملك يستشيره في أمره. توفي سنة 84 هـ. "سير أعلام النبلاء" 4/ 251، "البداية والنهاية" 9/ 52، 54 - 55، "شذرات الذهب" 1/ 951، "الأعلام" للزركلي 3/ 34.]]: وهل كنت إلا مُهرة عربية ... سَلِيلَة أفْراس تَحَلَّلَها بَغْلُ [[البيت في "مجاز القرآن" لأبي عبيدة 2/ 55 منسوبًا لبنت النعمان بن بشير الأنصارية، وفيه: سلالة، تَجللها: بالجيم. وهو منسوب لهند بنت النعمان في "أدب الكاتب" لابن قتيبة ص 35، وروايته فيه: وهل هذه إلا مهرة عربية ... سليلة أفراس تجَلَّلها نَغْل و"اللآلى في شرح أمالي القالي" لأبي عبيد البكري ص 179، و"العقد الفريد" لابن عبد ربه الأندلسي 6/ 115 وروايتها مثل ابن قتيبة لكن عند البكري: بغل، وفي المطبوع من العقد: بعل. و"نسب الأصبهاني في الأغاني" 9/ 229 هذا البيت لحميدة بنت النعمان تهجو زوجها روحًا. وروايته: وهل أنا .. تجللها بَغْل. والبيت من غير نسبة في الطبري 18/ 8، "اللسان" 11/ 339 (سلل). قال البطليوسي في "الاقتضاب" 3/ 49 عن رواية (بغل): (وأنكر كثير من أصحاب المعاني هذه الرواية، وقالوا: هي تصحيف؛ لأن البغل لا ينسل، والصواب: (نغل) بالنون، وهو الخسيس من الناس والدواب. أهـ. ونقل هذا أيضًا ابن منظور في "لسان العرب" 11/ 339 عن ابن بري. قال البطليوسي 3/ 50: (وهل هند إلا مهرة) مثل ضربته. وذلك أنها انصارية، وكان روح بن زنباع جذاميا، والأنصار أشرف من جذام، فقالت: إنما مثلي ومثل روح: مهرة عربية عتيقة علاها بغل.]] وقال آخر [[ذكر محقق "مجاز القرآن" لأبي عبيدة 2/ 55 أنه كتب في حاشية نسخة (س) من المجاز: وقال الشاعر - يعني بني علي بن أبي طالب: سوى أنهم ... البيت. وفي المجاز (ألقوا) في موضع (قالوا). ولم أهتد لقائل هذا البيت.]]: سوى أنهم للحق أهل وأنهم ... إذا نسبوا قالوا: سلالة أحمد واختلفوا في المعنى بالإنسان في هذه الآية: فقال ابن عباس -في رواية عطاء- يريد آدم [[ذكره عنه ابن الجوزي 5/ 462، والرازي 23/ 84، وأبو حيان 6/ 398.]]. وهو قول قتادة [[رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 44، والطبري 18/ 7.]]، ومقاتل [["تفسير مقاتل" 2/ 29 ب.]]، واختيار الفراء [[يظهر أن الواحدي اعتمد في نسبة هذا القول إلى الفراء على الأزهري، فإن الأزهري في "تهذيب اللغة" 12/ 293 ذكر قول قتادة: استل آدم ... ، ثم قال: وإلى هذا ذهب الفراء. أما كتاب الفراء "معاني القرآن" 2/ 231 فليس فيه ذكر لشيء من ذلك، وإنما فيه: السلالة ...]]. قال قتادة: استل [[في (ظ)، (ع): (أسل).]] آدم من طين، وخلقت ذريته من ماء مهين. ونحو هذا قال الفراء: السلالة التي تسل من كل تربة [["معاني القرآن" للفراء 2/ 231.]]. وكذا روي في خلق آدم -عليه السلام- أن طينه استل من الأرض طيبها وسبخها [[سبخها: السبخُ: المكان يسبخ فيبنت الملح، والسبخة - محركة ومسكنة: أرض ذات نَزٍّ وملح. انظر: "لسان العرب" 3/ 2224 (سبخ) "تاج العروس" 7/ 269 (سبخ).]] وجميع أنواعها [[روى أبو داود في "سننه" كتاب: السنة، باب: في القدر 12/ 455، والترمذي في "جامعه" كتاب: التفسير، سورة البقرة 8/ 290 وغيرهما عن أبي موسى الأشعري == -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -ﷺ-: "إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك، والسهل والحزن والخبيث والطيب". وصححه الألباني. انظر: "صحيح الجامع" 1/ 362.]]. وقال الكلبي: السلالة: الطين إذا عصرته انسل من بين أصابعك، فذلك الذي يخرج هو السلالة [[ذكره عنه أبو الليث السمرقندي في "تفسيره" 2/ 135، والقرطبي 12/ 109.]]. ونحو هذا قال مقاتل [["تفسير مقاتل" 2/ 29 ب.]]. وعلى هذا أريد بالسلالة ذلك الطين الذي يخرج من الأصابع عند العصر. والوجه قول قتادة والفراء [[قال ابن كثير 3/ 240 عن هذا الوجه: وهذا أظهر في المعنى وأقرب إلى السياق، فإن آدم خلق من طين لازب.]]. وروي عن ابن عباس ما يدل على أن المراد بالإنسان في هذه الآية: ابن آدم، لا آدم، وهو ما رواه أبو يحيى الأعرج [[هو: مصدع، أبو يحيى الأعرج، المعرقب. مولى عبد الله بن عمرو، ويقال مولى معاذ بن عفراء. روى عن علي وابن عباس وغيرهما. قال عمار الدهني: كان مصدع عالمًا بابن عباس. قال ابن المديني: وهو الذي مر به علي بن أبي طالب وهو يقص فقال له: تعرف الناسخ والمنسوخ قال: لا. قال: هلكت وأهلكت. قال ابن حبان: كان يخالف الأثبات في الروايات وينفرد بالمناكير. وقال الذهبي في "الكاشف": صدوق. وقال في "المغني": تكلم فيه. وقال ابن حجر: مقبول. "الكاشف" للذهبي 2/ 47، "المغني في الضعفاء" للذهبي 2/ 659، "تهذيب التهذيب" 10/ 158، "تقريب التهذيب" 2/ 251.]] أنه قال: السلالة صفوة [[في (أ): (صفو).]] الماء الرقيق الذي يكون منه الولد [[رواه الطبري 18/ 7 عنه من رواية أبي يحيى الأعرج: مقتصرًا على: صفوة الماء.== وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 91 بمثل السياق هنا، وعزاه لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.]]. وهذا قول مجاهد وعكرمة. قال مجاهد: ﴿سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ﴾: من مني [[في (ع): (بني)، وهو خطأ.]] آدم [[رواه الطبري 18/ 7، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 91 وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير.]]. قال عكرمة: هو الماء يسيل من الظهر [[في (ظ): (الطين).]] سلًا [[ذكره عنه البغوي 5/ 411.]]. وعلى هذا القول أراد بالإنسان: ولد آدم. جعله اسمًا للجنس وهو اختيار الكلبي، لأنه قال في قوله: ﴿خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ﴾ [[في (ظ)، (ع): (خُلق)، وهو خطأ.]] هو ابن آدم [[ذكره عنه أبو الليث السمرقندي في "تفسيره" 2/ 135.]]. وقوله: ﴿مِنْ طِينٍ﴾ أراد تولد السلالة من طين خلق آدم منه كما قال الكلبي: يقول من نطفة، سُلت تلك النطفة من طين والطين آدم [[ذكره عنه البغوي 5/ 411.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب