الباحث القرآني
قوله تعالى: {اهدنا الصراط} : إلى آخرها: اهْدِ: صيغةُ أمرٍ ومعناها الدعاءُ. وهذه الصيغةُ تَرِدُ لمعانٍ كثيرةٍ ذَكرها الأصوليون. وقال بعضهم: إنْ وَرَدَتْ صيغة افعَلْ من الأعلى للأَدنى قيل فيها أمرٌ، وبالعكس دعاءٌ، ومن المساوي التماسٌ. وفاعلُه مستترٌ وجوباً لما مَرَّ، أي: اهدِ أنت، ون مفعول أول، وهو ضميرٌ متصلٌ يكونُ للمتكلم مع غيرِه أو المعظِّم نفسَه، ويستعملُ في موضع الرفع والنصب والجر بلفظٍ واحدٍ: نحو: قُمنَا وضرَبَنَا زيدٌ وَمَرَّ بنا، ولا يشاركه في هذه الخصوصية غيرُه من الضمائر. وقد زعم بعض الناس أن الياء كذلك. تقول: أكرمَنَي وَمرِّ بي، وأنت تقومين يا هند، فالياء في المثال الأول منصوبةٌ المحلِّ، وفي الثاني مجرورتُه، وفي الثالث مرفوعتُه. وهذا ليس بشيء، لأن الياءَ في حالة الرفع ليست تلك الياءَ التي في حالة النصب والجر، لأن الأولى للمتكلمِ، وهذه للمخاطبةِ المؤنثةِ. وقيل: بل يشاركه لفظُ «هُمْ» ، تقول: هم نائمون وضربَهم ومررت بهم، ف «هم» مرفوعُ المحلِّ ومنصوبُه ومجرورهُ بلفظٍ واحدٍ، وهو للغائِبِين في كل حال، وهذا وإن كان أقربَ من الأول، إلا أنه في حالة الرفع ضميرٌ منفصل، وفي حالة النصب والجر ضميرٌ متصلٌ، فافترقا، بخلاف «ن» فإن معناها لا يختلف، وهي ضمير متصلٌ في الأحوال الثلاثة.
والصراطَ: مفعول ثان، والمستقيمَ: صفتُه، وقد تَبِعه في الأربعة من العشرة المذكورة.
وأصل «هَدَى» أن يتعدى إلى الأول بنفسه وإلى الثاني بحرفِ الجر وهو إمَّا: إلى أو اللام، كقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لتهدي إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52] {يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9] ، ثم يُتَّسَعُ فيه، فيُحذَفُ الحرفُ الحرفُ فيتَعَدَّى بنفسِه، فأصلُ اهدِنا الصراط: اهدنا للصراط أو إلى الصراطِ، ثم حُذِف.
والأمرُ عند البصريين مبنيٌّ وعند الكوفيين معرب، وَيدَّعون في نحو: «اضرب» أنَّ أصله: لِتَضْرِب بلام الأمر، ثم حُذِف الجازم وَتِبِعه حرفُ المضارعة وأُتِيَ بهمزة الوصل لأجلِ الابتداء بالساكن، وهذا ما لا حاجة إليه، وللردِّ عليهم موضع أَلْيَقُ به.
ووزن اهْدِ: افْعِ، حُذِفَت لامُه وهي الياء حَمْلاً للأمر على المجزوم والمجزوم تُحذف منه لامُه إذَا كَانَتْ حرفَ علةٍ.
والهدايةُ: الإِرشادُ أو الدلالةُ أو التقدمُ، ومنه هَوادِي الخيل لتقدُّمِها قال امرؤ القيس:
67 - فَأَلْحَقَه بالهاديات ودونَه ... جواحِرُها في صَرَّةٍ لم تَزَيًّلِ
أو التبيينُ نحو: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} [فصلت: 17] . أي بَيَّنَّا لهم، أو الإِلهامُ، نحو: {أعطى كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هدى} [طه: 50] أي ألهمه لمصالِحه، أو الدعاءُ كقوله تعالى: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد: 7] أي داعٍ. وقيل هو المَيلُ، ومنه {إِنَّا هُدْنَآ إِلَيْكَ} [الأعراف: 56] ، والمعنى: مِلْ بقلوبنا إليك، وهذا غَلَطٌ، فإنَّ تَيْكَ مادة أخرى من هادَ يَهُود. وقال الراغب: «الهدايةُ دَلالةٌ بلطفٍ ومنه الهَدِيَّةُ وهوادي/ الوحش أي المتقدِّماتُ الهاديةُ لغيرها، وخُصَّ ما كان دلالةً بَهَدَيتُ، وما كان إعطاءً بأَهْديت.
والصراطُ: الطريقُ المُسْتَسْهَل، وبعضُهم لا يقيِّدُه بالمستسهلِ، قال:
68 - فَضَلَّ عن نَهْج الصراطِ الواضِحِ ...
ومثله:
69 - أميرُ المؤمنين على صِراطٍ ... إذا اعْوَجَّ المَوارِدُ مستقيمِ
وقال آخر:
70 - شَحَنَّا أرضَهم بالخيلِ حتى ... تَرَكْناهُمْ أَذَلَّ من الصِّراطِ
أي الطريق، وهو مشتق من السِّرْطِ، وهو الابتلاعُ: إمَّا لأن سالكه يَسْتَرِطه أو لأنه يَسْتَرِط سالكَه، ألا ترى إلى قولهم: «قَتَلَ أرضاً عالِمُها وقتلت أرضٌ جاهلَهَا» ، وبهذين الاعتبارين قال أبو تمام:
71 - رَعَتْه الفيافي بعدما كان حِقْبةً ... رعاها وماءُ المُزْنِ يَنْهَلُّ ساكِبُهْ
وعلى هذا سُمِّي الطريق لَقَماً ومُلْتَقِماً لأنه يلتقِمُ سالكه أو يلتقمُه سَالِكُه.
وأصلُه السينُ، وقد قَرَأ به قنبل حيث وَرَدَ، وإنما أُبدلَتْ صاداً لأجل حرف الاستعلاء وإبدالُها صاداً مطردٌ عنده نحو: صَقَر في سَقَر، وصُلْح في سُلْح، وإصْبَع في اسبَع، ومُصَيْطِر في مُسَيْطر، لما بينهما من التقارب.
وقد تُشَمُّ الصادُ في الصراطِ ونحوهِ زاياً، وقرأ به خلف حيث وَرَد، وخلاَّد الأول فقط، وقد تُقْرَأ زاياً مَحْضَةً، ولم تُرْسم في المصحف إلا بالصادِ مع اختلافِ قراءاتِهم فيها كما تقدم.
والصِّراطُ يُذَكَّر ويؤنَّث، فالتذكيرُ لغة تميم، وبالتأنيث لغة الحجاز، فإنْ استُعْمل مذكَّراً جُمِعَ في القلة على أَفْعِلة، وفي الكثرة على فُعُل، نحو: حِمار وأَحْمِرة وحُمُر، وإن استعمل مؤنثاً فقياسُه أَن يُجْمع على أَفْعُل نحو: ذِراع وأَذْرُع. والمستقيم: اسم فاعل من استقام بمعنى المجرد، ومعناه السويُّ من غير اعوجاج وأصله: مُسْتَقْوِم، ثم أُعِلَّ كإعلالِ نَسْتعين، وسيأتي الكلامُ مستوفى على مادته عند قوله تعالى: {يُقِيمُونَ الصلاة} .
{"ayah":"ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق