الباحث القرآني
﴿اهْدِنا الصِّراطَ المُسْتَقِيمَ﴾: إفْرادٌ لِمُعْظَمِ أفْرادِ المَعُونَةِ المَسْؤُولَةِ بِالذِّكْرِ؛ وتَعْيِينٌ لِما هو الأهَمُّ؛ أوْ بَيانٌ لَها؛ كَأنَّهُ قِيلَ: كَيْفَ أُعِينُكُمْ؟ فَقِيلَ: اهْدِنا؛ والهِدايَةُ دَلالَةٌ بِلُطْفٍ عَلى ما يُوَصِّلُ إلى البُغْيَةِ؛ ولِذَلِكَ اخْتُصَّتْ بِالخَيْرِ؛ وقَوْلُهُ (تَعالى): ﴿فاهْدُوهم إلى صِراطِ الجحيم﴾؛ وارِدٌ عَلى نَهْجِ التَّهَكُّمِ؛ والأصْلُ تَعْدِيَتُهُ بِـ "إلى" و"اللّامِ"؛ كَما في قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿قُلْ هَلْ مِن شُرَكائِكم مِن يَهْدِي إلى الحَقِّ قُلْ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ﴾؛ فَعُومِلَ مُعامَلَةَ "اخْتارَ" في قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿واخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ﴾؛ وعَلَيْهِ قَوْلُهُ (تَعالى): ﴿لَنَهْدِيَنَّهم سُبُلَنا﴾؛ وهِدايَةُ اللَّهِ (تَعالى) - مَعَ تَنَوُّعِها إلى أنْواعٍ لا تَكادُ تُحْصَرُ - مُنْحَصِرَةٌ في أجْناسٍ مُتَرَتِّبَةٍ؛ مِنها أنْفُسِيَّةٌ؛ كَإفاضَةِ القُوى الطَّبِيعِيَّةِ والحَيَوانِيَّةِ الَّتِي بِها يَصْدُرُ عَنِ المَرْءِ أفاعِيلُهُ الطَّبِيعِيَّةُ والحَيَوانِيَّةُ؛ والقُوى المُدْرِكَةِ؛ والمَشاعِرِ الظّاهِرَةِ والباطِنَةِ الَّتِي بِها يَتَمَكَّنُ مِن إقامَةِ مَصالِحِهِ المَعاشِيَّةِ والمَعادِيَّةِ؛ ومِنها آفاقِيَّةٌ؛ فَإمّا تَكْوِينِيَّةٌ مُعْرِبَةٌ عَنِ الحَقِّ بِلِسانِ الحالِ - وهي نَصْبُ الأدِلَّةِ المُودَعَةِ في كُلِّ فَرْدٍ مِن أفْرادِ العالَمِ؛ حَسْبَما لُوِّحَ بِهِ فِيما سَلَفَ -؛ وإمّا تَنْزِيلِيَّةٌ مُفْصِحَةٌ عَنْ تَفاصِيلِ الأحْكامِ النَّظَرِيَّةِ والعَمَلِيَّةِ بِلِسانِ المَقالِ؛ بِإرْسالِ الرُّسُلِ؛ (p-18)وَإنْزالِ الكُتُبِ المُنْطَوِيَةِ عَلى فُنُونِ الهِداياتِ - الَّتِي مِن جُمْلَتِها الإرْشادُ إلى مَسْلَكِ الِاسْتِدْلالِ بِتِلْكَ الأدِلَّةِ التَّكْوِينِيَّةِ الآفاقِيَّةِ والأنْفُسِيَّةِ -؛ والتَّنْبِيهِ عَلى مَكانِها؛ كَما أُشِيرَ إلَيْهِ مُجْمَلًا في قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿وَفِي الأرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ﴾ ﴿وَفِي أنْفُسِكم أفَلا تُبْصِرُونَ﴾؛ وفي قَوْلِهِ - عَزَّ وعَلا -: ﴿إنَّ في اخْتِلافِ اللَّيْلِ والنَّهارِ وما خَلَقَ اللَّهُ في السَّماواتِ والأرْضِ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ﴾؛ ومِنها الهِدايَةُ الخاصَّةُ؛ وهي كَشْفُ الأسْرارِ عَلى قَلْبِ المَهْدِيِّ بِالوَحْيِ؛ أوِ الإلْهامِ؛ ولِكُلِّ مَرْتَبَةٍ مِن هَذِهِ المَراتِبِ صاحِبٌ يَنْتَحِيها؛ وطالِبٌ يَسْتَدْعِيها؛ والمَطْلُوبُ إمّا زِيادَتُها؛ كَما في قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿والَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهم هُدًى﴾؛ وإمّا الثَّباتُ عَلَيْها؛ كَما رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ؛ وأُبَيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما -: اهْدِنا: ثَبِّتْنا؛ ولَفْظُ الهِدايَةِ عَلى الوَجْهِ الأخِيرِ مَجازٌ - قَطْعًا -؛ وأمّا عَلى الأوَّلِ فَإنِ اعْتُبِرَ مَفْهُومُ الزِّيادَةِ داخِلًا في المَعْنى المُسْتَعْمَلِ فِيهِ كانَ مَجازًا أيْضًا؛ وإنِ اعْتُبِرَ خارِجًا عَنْهُ؛ مَدْلُولًا عَلَيْهِ بِالقَرائِنِ؛ كانَ حَقِيقَةً؛ لِأنَّ الهِدايَةَ الزّائِدَةَ هِدايَةٌ؛ كَما أنَّ العِبادَةَ الزّائِدَةَ عِبادَةٌ؛ فَلا يَلْزَمُ الجَمْعُ بَيْنَ الحَقِيقَةِ والمَجازِ؛ وقُرِئَ: "أرْشِدْنا"؛ و"الصِّراطَ": الجادَّةَ؛ أصْلُهُ السِّينُ؛ قُلِبَتْ صادًا لِمَكانِ الطّاءِ؛ كَـ "مُصَيْطِرٍ"؛ في "مُسَيْطِرٍ"؛ مِن سَرْطِ الشَّيْءِ إذا ابْتَلَعَهُ؛ سُمِّيَتْ بِهِ لِأنَّها تَسْتَرِطُ السّابِلَةَ إذا سَلَكُوها؛ كَما سُمِّيَتْ لَقْمًا لِأنَّها تَلْتَقِمُهُمْ؛ وقَدْ تُشَمُّ الصّادُ صَوْتَ الزّايِ؛ تَحَرِّيًا لِلْقُرْبِ مِنَ المُبْدَلِ مِنهُ؛ وقَدْ قُرِئَ بِهِنَّ جَمِيعًا؛ وفُصْحاهُنَّ إخْلاصُ الصّادِ؛ وهي لُغَةُ قُرَيْشٍ؛ وهي الثّابِتَةُ في الإمامِ؛ وجَمْعُهُ "صُرُطٌ"؛ كَـ "كِتابٌ؛ وكُتُبٌ"؛ وهو كَـ "الطَّرِيقِ" و"السَّبِيلِ" في التَّذْكِيرِ والتَّأْنِيثِ؛ و"المُسْتَقِيمَ": المُسْتَوِي؛ والمُرادُ بِهِ طَرِيقُ الحَقِّ؛ وهي المِلَّةُ الحَنَفِيَّةُ السَّمْحَةُ المُتَوَسِّطَةُ بَيْنَ الإفْراطِ؛ والتَّفْرِيطِ.
{"ayah":"ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق