الباحث القرآني

﴿اهْدِنا الصِّراطَ المُسْتَقِيمَ﴾ تَلْقِينًا لِأهْلِ لُطْفِهِ وتَنْبِيهًا عَلى مَحَلِّ السُّلُوكِ الَّذِي لا وُصُولَ بِدُونِهِ، والهُدى قالَ الحَرالِّيُّ: مَرْجِعُ الضّالِّ إلى ما ضَلَّ عَنْهُ، والصِّراطُ الطَّرِيقُ الخَطِرُ السُّلُوكِ، والآيَةُ مِن كَلامِ اللَّهِ تَعالى عَلى لِسانِ العِلْيَةِ مَن خَلْقِهِ، وجاءَ (p-٣٨)مُكَمَّلًا بِكَلِمَةِ ”ألْ“ لِأنَّهُ الصِّراطُ الَّذِي لا يَضِلُّ بِمُهْتَدِيهِ لِإحاطَتِهِ ولِشُمُولِ سَرَيانِهِ وِفْقًا لِشُمُولِ مَعْنى الحَمْدِ في الوُجُودِ كُلِّهِ وهو الَّذِي تَشَتَّتِ الآراءُ وتَفَرَّقَتِ الفِرَقُ بِالمَيْلِ إلى واحِدٍ مِن جانِبَيْهِ وهو الَّذِي يُنْصَبُ مِثالُهُ وعَلى حَذْوِ مَعْناهُ بَيْنَ ظَهْرانَيْ جَهَنَّمَ يَوْمَ الجَزاءِ لِلْعِيانِ وتَحُفُّهُ مِثْلَ تِلْكَ الآراءِ خَطاطِيفُ وكَلالِيبُ، تَجْرِي أحْوالُ النّاسِ مَعَها في المَعادِ عَلى حَسَبِ مَجْراهم مَعَ حَقائِقِها الَّتِي ابْتِداؤُها في يَوْمِ العَمَلِ، وهَذا الصِّراطُ الأكْمَلُ وهو المُحِيطُ المُتَرَتِّبُ عَلى الضَّلالِ الَّذِي يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ حالِ مَن لا وِجْهَةَ لَهُ، وهو ضَلالٌ مَمْدُوحٌ لِأنَّهُ يَكُونُ عَنْ سَلامَةِ الفِطْرَةِ لِأنَّ مَن لا عِلْمَ لَهُ بِوِجْهَةٍ فَحَقُّهُ الوُقُوفُ عَنْ كُلِّ وِجْهَةٍ وهو ضَلالٌ يَسْتَلْزِمُ هُدًى مُحِيطًا مِنهُ ﴿ووَجَدَكَ ضالا فَهَدى﴾ [الضحى: ٧] وأمّا مَن هُدِيَ وِجْهَةً ما (p-٣٩)فَضَلَّ عَنْ مَرْجِعِها فَهو ضَلالٌ مَذْمُومٌ لِأنَّهُ ضَلالٌ بَعْدَ هُدًى وهو يَكُونُ عَنِ اعْوِجاجٍ في الجِبِلَّةِ. انْتَهى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب