الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾
قال الأصمعي: هداه في الدين يهديه هدى [[في (ج): (هدي).]]، وهداه يهديه هداية، إذا دله على الطريق [["تهذيب اللغة" (هدى) 4/ 3737، وانظر: "تفسير الطبري" 1/ 73، "اللسان" (هدى) 8/ 4639.]].
وأصل الهداية في اللغة: الدلالة. وهوادي الخيل والوحش التي تتقدم للدلالة [[ذكر نحوه الأزهري عن الأصمعي. "التهذيب" (هدى) 4/ 3738، وانظر: "الصحاح" (هدى) 6/ 2534، "معجم مقاييس اللغة" (هدى) 6/ 42.]].
قال عبيد [[كذا في "تهذيب اللغة"، وفي الهامش، في المنسوخة: أبو عبيد 6/ 383، والصحيح (عبيد) فالبيت لعبيد بن الأبرص.]] يذكر الخيل [[في (ج): (الخليل).]]:
وغداة صبحن الجفار عوابسا [[في (ج): (عواسا).]] ... تهدى أوائلهن شُعثٌ شزَّبُ [[يذكر الخيل: صبحن الجفار: أتينه صبحا و (الجفار): موضع، (شعث): المغبرة == المتلبدة الشعر، (شزب): ضمر، انظر: "ديوان عبيد" ص 7، "تهذيب اللغة" (هدى) 4/ 3739، "اللسان" (هدى) 8/ 4641، "التاج" (هدى) 20/ 333.]] هذا هو الأصل، ثم سمي كل متقدم هاديا وإن لم يتقدم للدلالة [[انظر: "التهذيب" (هدى) 4/ 3739، "اللسان" (هدى) 8/ 4641.]]. ومنه:
كأن دماء الهاديات بنحره [[في (ب): (منجره) وفي (ج): (ينحر).
والبيت لامرئ القيس وعجزه:
... ... ... ... ... عصارة حناء بشيب مرجل
شبه دم الوحش بنحر هذا الفرس بعصارة الحناء على الشيب، ورد البيت في "ديوانه" ص 121، "الصحاح" (هدى) 6/ 2534، "اللسان" (هدى) 8/ 4641، "شرح القصائد المشهورات" للنحاس ص 39.]]
يريد أوائل الوحش ومتقدماتها. وتسمى العنق هادية لتقدمها على البدن، ويقال: أقبلت هوادي الخيل إذا بدت أعناقها؛ لأنها أول شيء من أجسادها [[انظر: "تهذيب اللغة" (هدى) 4/ 3738، "اللسان" (هدى) 8/ 4640.]]. وقول طرفة:
للفتى عقل يعيش به ... حيث تهدي ساقه [[في (ب): (فما ساقه).]] قدمه [[في (ج): (قدميه). ورد البيت في الطبري 1/ 73، "الصحاح" (هدى) 6/ 2534، "اللسان" 8/ 4641، "التاج" 20/ 333، "العقد الفريد" 5/ 479، "أمالي ابن الشجري" 2/ 262، "الهمع" 3/ 207، "الدرر اللوامع" 1/ 181، "الخزانة" 7/ 19.]]
أي: حيث تقودها قود الدليل. وسمى الأعشى العصا هاديا [[انظر: "تهذيب اللغة" (هدى) 4/ 3739.]] في قوله:
إذا كان هادي الفتى في البلاد ... صدر القناة أطاع الأميرا [[في (ج): (الأمير). قوله (صدر القناة): أعلى العصا التي يقبض عليها، لأنه أعمى، == (الأمير) الذي يأمره ويقوده، ورد البيت في "ديوان الأعشى" ص 87، "تهذيب اللغة" (هدى) 4/ 3739، "اللسان" 8/ 4641، "التاج" 20/ 331، "المحتسب" 1/ 126، 290.]] إما لأنها تتقدمه، وإما لأنها تدله على الطريق، والتقدم في هذا راجع إلى [[في (ب): (إلى المعونة الهداية).]] الهداية، لأن من دلك [[في (ج): (ذلل).]] على الطريق تقدمك، ثم سمي المتقدم هاديا وإن لم يدل [[انظر: "تهذيب اللغة" (هدى) 4/ 3739، "اللسان" 8/ 4641.]]. والفعل من (الهدى) [[في (ب): (الهادي).]] يتعدى إلى مفعولين، ويتعدى إلى الثاني بأحد حرفي جر (إلى) و (اللام [[انظر: "إعراب القرآن" للنحاس 1/ 123، "الكشاف" 1/ 66 - 67، "البحر المحيط" 1/ 25، (تفسير أبي السعود) 1/ 17.]]) كقوله: ﴿فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ﴾ [[في (ج): (فاهدهم) تصحيف.]] [الصافات: 23]، وقوله: ﴿وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ﴾ [ص: 22]، وقوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا﴾ [الأعراف: 43]، وقوله: ﴿قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ﴾ [يونس: 35]. ومثل هذا في التعدي [[أي: التعدي بأحد حرفي الجر (إلى) و (اللام).]] (الإيحاء) [[في (ب): (بالإيحا).]] قال الله تعالى: ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ﴾ [النحل: 68]، وقال: ﴿بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5)﴾ [الزلزلة: 5]. وقد يحذف حرف الجر من المفعول الثاني في (الهدى) فيصل الفعل إليه بغير حرف جر [[انظر: ابن كثير، 1/ 29، "البحر المحيط" 1/ 25.]]. كقوله: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة: 6]. ومعناه: دلنا عليه، واسلك بنا فيه [[قال ابن جرير: معنى قوله: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ في هذا الموضع، وفقنا == للثبات عليه. وضعف أن يكون المعنى: زدنا هدى، أو: أسلكنا طريق الجنة والمعاد. الطبري 1/ 71 - 72، وانظر: ابن كثير 1/ 29.]].
ويقال: ما معنى سؤال المسلمين الهداية في قولهم: (اهدنا) وهم مهتدون؟ والجواب عنه من وجوه: أحدها: أنه قد تعرض للعارف شبه ينتقل بها إلى الجهل، فيحسن أن يسأل اللطيفة التي يتمسك معها بالمعرفة [[انظر: "الكشاف" 1/ 67.]]، ولا ينتقل إلى الجهالة.
والثاني: أنهم لما كانوا لا يعلمون ما يكون منهم في المستأنف، حسن أن يسألوا الهداية على [[في (ب): (جهة).]] وجه التثبيت لما هم عليه من الحق، وقد تستعمل الهداية لا من الضلالة كما قال الحطيئة لعمر رضي الله عنه:
فلا تُعْجِلَنِّي هداك المليكُ ... فإنَّ لكلِّ مَقَامٍ مَقَالا [[ورد البيت في الطبري 1/ 72، "الكامل" 2/ 199، "المقتضب" 3/ 224، (الهمع) 3/ 110، "اللسان" (حنن) 2/ 1030، ورواية الطبري (ولا تعجلني) وبقية المصادر (تحنن علي).]]
لم يرد من ضلالتك؛ لأنه لو أراد ذلك قد هجاه، ولكنه على معنى التوفيق و [[في (ب)، (ج): (أو).]] التثبيت [[وهذا هو المعنى الذي ارتضاه الطبري 1/ 72، وذكره الزجاج في "المعاني" ص 12، والماوردي 1/ 58، والبغوي 1/ 54، وابن الجوزي في "زاد المسير" 1/ 15، والرازي 1/ 357، وقد ذكر الماوردي وابن الجوزي والرازي معاني أخرى.]].
وقال بعض أصحابنا: يجوز أن يحمل على سؤال الهداية ابتداء فيما يستقبل؛ لأن الهداية عرض لا يبقى، فهو يسأل أن [[في (ب): (فهم يسألون أن يخلق لهم).]] يخلق له أمثالها [[في (ج): (مثلها). ما ذكره مبني على مذهب أصحابه الأشاعرة: أن العرض لا يبقى زمانين، والهداية عرض فهي عندهم لا تبقى في الزمان الثاني، فهو يسأل أن تجدد له الهداية، وهذا مذهب رده جماهير العلماء. انظر: "مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" 5/ 216، 6/ 41، 16/ 275.]].
وقال بعضهم: هذا سؤال، واستنجاز لما وعدوا به في قوله: ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ﴾ [المائدة: 16].
وقوله تعالى: ﴿الصِّرَاطَ﴾ [الفاتحة: 6] [[في (ج): (صراط).]]، فيه لغات قد قرئ بها: السين، والصاد، والزاي، وإشمام [[الإشمام: هو إطباق الشفتين عقب تسكين الحرف المرفوع، والمراد هنا بإشمام الصاد الزاي هو خلط لفظ الصاد بالزاي. انظر: "الكشف" 1/ 122، (البدور الزاهرة) ص 15.]] الصاد الزاي [[روي عن ابن كثير: بالسين والصاد، وروي عن أبي عمرو: السين والصاد، والزاي والمضارعة بين الزاي والصاد.
وحمزة: يشم بين الصاد والزاي. وبقية السبعة بالصاد. انظر (السبعة) لابن مجاهد ص 105، 106، "الحجة" لأبي علي 1/ 49، (الكشف) لمكي 1/ 34.]].
فمن قرأ بالسين فإنه يقول: هو أصل الكلمة؛ لأنه من الاستراط بمعنى: الابتلاع [[يقال: استراط الطعام: إذا ابتلعه. انظر: "تهذيب اللغة" (سرط) 4/ 1993.]]، فالسراط يسترط السابلة [[السراط: الطريق، و (السابلة) المارة يسترطهم لكثرة مرورهم به. انظر: "اللسان" (سرط) 4/ 1993.]]. ولو لزم لغة من يجمعها صادا مع (الطاء [[في (ج): (الظاء).]]) لم يعلم [[في (ب): (ما يعلم).]] ما أصل الكلمة [[ذكره أبو علي في "الحجة" عن أبي بكر محمد بن السري 1/ 49، وانظر: "حجة == القراءات" لابن زنجلة ص 80، "الحجة" لابن خالويه ص 62، "الكشف" 1/ 34.]]. ويقول من يقرأ بالصاد: إنها أخف على اللسان، لأن (الصاد) حرف مطبق كـ (الطاء) فيتقاربان ويحسنان في السمع، والسين حرف مهموس فهو أبعد من الطاء [[بنصه في "الحجة" 1/ 49، 50، وانظر المراجع السابقة.]].
ويقول من قرأ بالزاي: أبدلت منها حرفًا مجهورًا [[أي: أبدلت من (الصاد) حرفا مجهورا وهو (الزاي).]] حتى يشبه (الطاء) في الجهر، ورمت الخفة، ويحتج بقول العرب: (زقر) في (صقر) [[في (ب): (زفر في صفر) وفي "الحجة": (صقر) و (سقر) و (زقر)، 1/ 50.]].
ويقول من قرأ بالمضارعة [[بين الزاي والصاد.]]: رمت الخفة، ولم أجعلها (زايا) خالصة، ولا (صادا) خالصة، فيلتبس أصل الكلمة بأحدهما [[بنصه من "الحجة" 1/ 50، وانظر: "الكشف" 1/ 34، 35.]].
قال ابن السراج [[هو أبو بكر محمد السري، المعروف بابن السراج، وكلامه في "الحجة" 1/ 50.]]: الاختيار (الصاد) للخفة والحسن في السمع، وهو غير ملتبس، لأن (السين) كأنها مهملة في الاستعمال مع [[(مع) غير واضحة في (ب).]] (الطاء) عند من (الصاد) لغته، ومع ذلك فهي قراءة الأكثر. وأما (الزاي) الخالصة فليست [[في (ج): (فليت).]] بمعروفة [[كلام ابن السراج في "الحجة": (وأما الزاي فأحسب الأصمعي لم يضبط عن أبي عمرو؛ لأن الأصمعي كان غير نحوي، ولست أحب أن تحمل القراءة على هذِه اللغة، وأحسب أنه سمع أبا عمرو يقرأ بالمضارعة للزاي فتوهمها زايا)، "الحجة" 1/ 51.]]، ولست أحب أن تحمل القراءة على هذِه اللغة.
وأما المضارعة [[كلام ابن السراج في "الحجة": (وأما القراءة بالمضارعة التي بين (الزاي) و (الصاد) == فعدلت عن القراءة بها؛ لأنه تكلف حرف بين حرفين). "الحجة" 1/ 51.]] فهو تكلف حرف بين حرفين، وذلك أصعب على اللسان؛ لأنه إنما استعمل في هذِه الحال فقط، وليس هو حرفا تبنى عليه الكلمة، ولا هو من حروف المعجم. وقال صاحب "الحجة" [[هو أبو علي الفارسي. وكتابه "الحجة للقراء السبعة أئمة الأمصار بالحجاز والعراق والشام الذين ذكرهم أبو بكر بن مجاهد" وهو مصدر رئيس للواحدي خصوصا في القراءات. انظر: مصادر الواحدي ص 78، انظر كلام الفارسي في "الحجة" 1/ 51.]]: الحجة لمن قرأ بالصاد: أن [[في "الحجة": (أن القراءة بالسين مضارعة ...)، 1/ 51.]] السين مضارعة لما أجمعوا على رفضه من كلامهم، ألا ترى أنهم تركوا إمالة (واقد) ونحوه كراهة أن يصعدوا بالمستعلي بعد التسفل [[في (ب): (السفل).]] بالإمالة. فكذلك يكره [[في "الحجة": (يكره على هذا أن يستفل ..)، "الحجة" 1/ 51.]] أن يتسفل [[في (ب): (يستقل).]] بالسين [[(بالسين) غير موجود في "الحجة" 1/ 51.]] ثم يتصعد [[لأن (السين) حرف منخفض، و (الطاء) من حروف الاستعلاء والتصعد. انظر: "سر صناعة الإعراب" 1/ 62.]] بالطاء في (سراط)، وإذا كانوا قد أبدلوا من (السين) (الصاد) مع القاف في: (صقت وصويق) [[في (ب): (صفه وصديق). أصل صقت: (سقت) و (صويق): (سويق). انظر: "سر صناعة الإعراب" 1/ 212. (السويق) ما يتخذ من الحنطة والشعير. ويقال: السويق: المقل الحتى، والسويق: السبق الفتي، والسويق: الخمر. "اللسان" (سوق) 4/ 2156.]] ليجعلوها في استعلاء (القاف) [[في "الحجة" (.. في استعلاء (القاف) مع بعد (القاف) من (السين) وقرب (الطاء) منها، فإن يبدلوا منها الصاد ...)، "الحجة" 1/ 52.]]، فلأن يبدلوا منها (الصاد) مع (الطاء) أجدر [[في (ب): (فصدر).]] من حيث كانت (الصاد) إلى (الطاء) أقرب منه إلى (القاف) [[(منه إلى القاف) ليست في "الحجة" 1/ 52.]].
ألا ترى أنهما جميعا من حروف طرف اللسان وأصول الثنايا [[انظر بقية كلام أبي علي في "الحجة" 1/ 52.]]. وأن [[قال أبو علي: (ويدلك على أن حسن إبدال (الصاد) من (السين) في (سراط) لما ذكرت لك: من كراهة التصعد بعد التسفل، أن من يقول: صويق وصقت ... الخ). "الحجة" 1/ 52.]] من يقول: (صويق) و (صقت)، إذا قال: (قست وقست) [[كذا في جميع النسخ، وفي "الحجة": (قست وقسوت) 1/ 52. وهذا هو الصواب.]] لم يبدل (الصاد) من [[في "الحجة" (منها) بدل (من السين).]] (السين)، لأنه الآن ينحدر بعد الإصعاد، وهذا يستخف ولا يستثقل كما استثقل عكسه.
واحتجاجهم بأن (السين) هو الأصل، قلنا: قد يترك ما هو الأصل في كلامهم إلى ما ليس بأصل؛ طلبا لاتفاق الصوتين [[من قوله: (واحتجاجهم إلى قوله (الصوتين) ملخص كلام أبي علي، انظر: "الحجة" 1/ 52، 53.]]. ألا تراهم قالوا: (شنباء)، و (من بكر) [[في (ب): (شبنا) و (من نكر) وفي "الحجة": (شمباء) و (مم بك) وفي الحاشية: في ط (شنباء ومن بك).
قال سيبويه: (... فجعلوا ما هو من موضع ما وافقها في الصوت بمنزلة ما قرب من أقرب الحروف منها في الموضع، ولم يجعلوا (النون): (باء) لبعدها في المخرج، وأنها ليست فيها غنة. ولكنهم أبدلوا من مكانها أشبه الحروف بالنون وهي الميم وذلك قولهم: (ممبك)، يريدون: (من بك). و (شمباء) و (عمبر) يريدون: (شنباء) و (عنبرا). انظر: "الكتاب" 4/ 453 تحقيق: عبد السلام هارون. "سر صناعة الإعراب" 1/ 421.]] فلم يبينوا [[في (ب): (يثبتوا).]] (النون) التي هي الأصل في (الشنب) [[الشنب (البرد والعذوبة في الفم). "اللسان" (شنب) 4/ 2336.]]، و (من عامر) [[في (ب): (غامر). يريد أن النون أصل في (الشنب) و (ومن عامر) ومع ذلك أبدلوها ميما في (شنباء) و (من بكر). أما (من عامر) فإن النون فيه يجب إظهارها.]]؟ لما أرادوا أن يوفقوا بين الصوتين [[ترك المؤلف بعض كلام أبي علي. انظر: "الحجة" 1/ 53.]]. فكما تركوا الأصل ههنا طلبًا للمشاكلة، كذلك يترك الأصل في (صراط) [[في "الحجة" (سراط) بالسين، 1/ 53، وهو الأقرب.]] فتترك السين [[(فتترك السين) ليس في "الحجة"، 1/ 53.]] ويختار إبدال الصاد من السين.
وأما القراءة (بالزاي) فليس بالوجه، وذلك أن من قال في: (أصدرت): (أزدرت) وفي (القصد): (القزد) [[في (أ)، (ج): (الفصد، الفرد) وفي (ب): (القصد، الفرد) وما أثبت من "الحجة" 1/ 53. وعند سيبويه: (الفصد: الفزد)، "الكتاب" 4/ 478.]] فأبدل [[في (ب): (وأبدل).]] من (الصاد الزاي)، فإنه إذا تحركت (الصاد) في نحو [[في (ب): (نحمد).]] (صدرت) و (قصدت [[في (أ): (فصدت) وفي "الحجة" (صدقت) 1/ 53، وفي "الكتاب" (صدقت) 4/ 478.]]) لم يبدل، فإذا لم يبدلوا (الصاد) (زايا) إذا تحركت مع (الدال)، وكانت (الطاء) في (الصراط) مثل الدال في (القصد) [[في (أ)، (ج): (الفصد) وما في (ب) موافق لما في "الحجة"، 1/ 53.]] في الجهر [[في "الحجة" (في حكم الجهر)، 1/ 53.]]، فكذلك ينبغي ألا يبدل من (السين) (الزاي) في (سراط)، من أجل (الطاء)، لأنها قد تحركت كما تحركت في (قصدت) [[في (أ)، (ج): (فصدت) وما في (ب) هو الموافق لما في "الحجة"، 1/ 54. وانظر: "الكتاب" 4/ 478.]] مع أن بينهما في (سراط) حاجزين [[وهما (الراء والألف)، انظر: "الكتاب" 478/ 4. وانظر بقية كلام أبي علي في "الحجة"، 1/ 54، 55.]].
ومما يحتج [[كذا في جميع النسخ وفي "الحجة" (ومما يحتج به من أخلص الصاد ...)، 1/ 56.]] من أخلص (الصاد [[في (ج): (الضاد).]]) على من ضارع بها (الزاي [[تكلم أبو علي قبل هذا على الحجة من (ضارع الصاد بالزاي) ولم ينقل الواحدي كلامه في ذلك. انظر: "الحجة" 1/ 55.]]) أن يقول: إن الحرف قد أعل مرة بالقلب، فلا تستقيم المضارعة؛ لأنها إعلال آخر، وقد رأيتهم كرهوا الإعلال في الحرفين إذا تواليا، فإذا لم يوالوا بين إعلالين في حرفين مفترقين [[في (ب): (متفرقين).]]، فألا [[في (ب): (بأن).]] يوالوا بين إعلالين في حرف واحد أجدر [[الإعلالان هنا: إبدال السين صادا، ثم مضارعة الصاد بالزاي.]]. مثاله [[في "الحجة": (ويقوي ذلك أنهم ....)، 1/ 56.]] أنهم حذفوا النون من نحو (بلعنبر) و (بلحرث [[قال سيبويه: (ومن الشاذ قولهم: في (بني العنبر) و (بني الحارث): بلعنبر وبلحارث، بحذف النون)، "الكتاب" 4/ 484. بنو العنبر: قبيلة تنسب إلى العنبر بن عمرو بن تميم. وانظر: "اللباب" لابن الأثير 2/ 360، "اللسان" (عنبر)، 5/ 3120. و (بلحرث) لبني الحرث بن كعب. قال في "اللسان": وهذا من شواذ الإدغام؛ لأن النون واللام قريبا المخرج .. وكذلك يفعلون بكل قبيلة تظهر فيها لام المعرفة. "اللسان" (حرث)، 2/ 821.]])، ولم يحذفوا من (بني النجار) [[بنو النجار قبيلة من (الخزرج) تنسب إلى النجار واسمه (تيم اللات بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج. انظر (اللباب) 3/ 298.]] مع توالي النونات حيث كانت (اللام) قد أعلت بالقلب (لئلا يتوالى إعلالان: [الحذف والقلب] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]]، وإن كانا من كلمتين مفترقتين [[في ب، (ج): (متفرقتين).]]، فإذا كره في هذا النحو، كان توالي إعلالين في حرف واحد أبعد [[في (ج): (بعد).]].
قوله تعالى: ﴿الْمُسْتَقِيمَ﴾: (الاستقامة) في اللغة: الاستواء، يقال: قام إذا استوى منتصبا، وأقامه: إذا سواه، وقاومه إذا ساواه في القوة. وقيمة الشيء ما يساويه من ثمنه، ومعنى الاستقامة استمرار الشيء في جهة واحدة [["تهذيب اللغة" (قام) 3/ 2865، وانظر: "اللسان" (قوم)، 6/ 3782.]].
وأما تفسير ﴿الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ فروى علي وابن مسعود رضي الله عنهما عن النبي ﷺ أنه قال: "الصراط المستقيم: كتاب الله عز وجل" [[حديث علي رضي الله عنه بهذا اللفظ: أخرجه الثعلبي بسنده 1/ 30/ ب، وبنحوه أخرجه الطبري، وقال شاكر: إسناده ضعيف جدا 1/ 171 (ط. شاكر)، وكذا ابن أبي حاتم في "تفسيره"، قال المحقق: ضعيف جدا 1/ 159، وهو جزء من حديث فضائل القرآن الطويل الذي أخرجه الترمذي في: أبواب فضائل القرآن، باب: ما جاء في فضل القرآن، قال الترمذي بعده: هذا حديث لا نعرفه إلى من هذا الوجه وإسناده مجهول وفي الحارث مقال. الترمذي (2906)، وأخرجه الدارمي في (سننه) كتاب فضائل القرآن، باب: فضل من قرأ القرآن 4/ 2098 (3374)، وذكره ابن كثير في كتابه "فضائل القرآن" ص 44 - 46، ونقل كلام الترمذي عليه، ثم قال: (وقصارى هذا == الحديث أن يكون من كلام أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وقد وهم بعضهم في رفعه، وهو كلام حسن صحيح، على أنه قد روي له شاهد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي ﷺ) وذكره السيوطي في "الدر" 1/ 40 - 41.
أما حديث عبد الله بن مسعود: فأخرجه الطبري موقوفًا على ابن مسعود وكذا الثعلبي 1/ 30/ ب، والحاكم في "المستدرك" 1/ 258، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وذكره السيوطي في "الدر" وعزاه إلى وكيع، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والأنباري، والحاكم، والبيهقي في "شعب الإيمان". "الدر" 1/ 40، وذكره الشوكاني في "فتح القدير" 1/ 37. ولم يذكروا رفعه، وكلام ابن كثير السابق حول حديث علي يدل على أنه مرفوع، انظر: "فضائل القرآن" ص 44/ 46.]].
وقال جابر ومقاتل: (هو الإسلام) [[قول جابر ذكره الثعلبي بسنده 1/ 30/ أ، والطبري: قال شاكر: موقوف على جابر وإسناده صحيح، 1/ 173، وأخرجه الحاكم في "المستدرك"، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. "المستدرك" 2/ 259، وذكره السيوطي في "الدر" ونسبه لوكيع، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والمحاملي في "أماليه"، والحاكم. "الدر" 1/ 14، 15. وقول مقاتل ذكره الثعلبي بدون سند 1/ 30/ أ، والبغوي 1/ 41.]].
وعن أبي العالية الرياحي [[رفيع بن مهران، أبو العالية الرياحي، بصري مقرئ فقيه، سمع من عداد من الصحابة، مات سنة تسعين أو ثلاث وتسعين. انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب" 3/ 284، "غاية النهاية" 1/ 284، "طبقات المفسرين" للداودي 1/ 178، "معرفة القراء" 1/ 49.]]، قال: هو طريق رسول الله ﷺ وصاحبيه من بعده أبي بكر وعمر) [[ذكره الثعلبي 1/ 31/ أ، والأثر أخرجه الطبري بسنده، قال شاكر: شيخ الطبري لا أعرف من هو، ولعل فيه تحريفا، ووثق بقية رجاله الطبري 1/ 175، وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"، قال المحقق: إسناده حسن. (رسالة دكتوراه) 1/ 160. وذكره السيوطي في، "الدر" ونسبه لعبد بن حميد، وابن جريج، وابن أبي حاتم، وابن عدي، == وابن عساكر. "الدر" 1/ 15. وذكره ابن كثير في "التفسير" 1/ 56. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" بسنده عن أبي العالية عن ابن عباس. وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، "المستدرك" 1/ 259.]].
وقال بكر بن عبد الله المزني [[هو بكر بن عبد الله المزني، بصري تابعي ثقة، كثير الحديث، حجة، توفي سنة ست ومائة، وقيل: سنة ثمان ومائة. انظر: "طبقات ابن سعد" 7/ 209، "ذكر أسماء التابعين" 1/ 81، "تاريخ الثقات" 1/ 251، "تهذيب التهذيب" 1/ 244.]]: رأيت رسول الله ﷺ في المنام فسألته عن الصراط المستقيم، فقال: "سنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي" [[(بعدي) ساقط من (ج). والأثر ذكره الثعلبي في (تفسيره) 1/ 31/ أ، والبغوي 1/ 54. وهذِه الأقوال يصدق بعضها بعضا وتجتمع، قال الطبري: والذي هو أولى بتأويل هذِه الآية: وفقنا للثبات على ما ارتضيته ووفقت له من أنعمت عليه من عبادك من قول وعمل، وذلك هو الصراط المستقيم؛ لأن من وفق لما وفق له من أنعم الله عليه من النبيين والصديقين والشهداء فقد وفق للإسلام واتباع منهج النبي ﷺ ومنهاج أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وكل عبد صالح، وكل ذلك من الصراط المستقيم) 1/ 74، وانظر: "تفسير ابن عطية" 1/ 122، "فتح القدير" 1/ 38.]].
قال أهل المعاني: إنما وصف الدين الحق [[في (أ)، (ج): (والحق) زيادة (واو) وأثبت ما في (ب)، لأنه أصح.]] بأنه الصراط المستقيم؛ لأنه يؤدي إلى الغرض المطلوب من رضاء الله تعالى والخلود في النعيم المقيم، كما أن الصراط المستقيم يؤديك إلى مقصودك [[في (ب): (مقصدك). انظر: "تفسير ابن عطية" 1/ 121، قال الطبري: (وإنما وصفه الله بالاستقامة؛ لأنه صواب لا خطأ فيه، وقد زعم بعض أهل الغباء، أنه سماه مستقيما لاستقامته بأهله إلى الجنة. وذلك تأويل لتأويل جميع أهل التفسير خلاف، وكفى بإجماع جميعهم على خلافه دليلا على خطئه)، 1/ 75.]].
{"ayah":"ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق