الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا﴾ الآية، قال النضر: جنح الرجل إلى فلان وجنح له: إذا تابعه وخضع له [[إلى هنا انتهى قول النضر بن شميل فيما نقله عنه الأزهري، وقد نقله الواحدي بمعناه، ونصه: جنح الرجل إلى الحرورية، وجنح لهم: إذ تابعهم وخضع لهم اهـ. وقد نسب الأزهري ما بعده مع الاستشهاد بالبيت المذكور إلى الليث، وهو بنصه في كتاب "العين" (جنح) 4/ 83 انظر: "تهذيب اللغة" (جنح) 1/ 665 - 666.]]، والرجل يجنح: إذا أقبل على الشيء يعمله بيده، وأنشد قول لبيد: جنوح الهالكيّ على يديه ... مكبًا يجتلي [[في (م): (يحتكى).]] نقب النصال [[البيت في "ديوان لبيد" ص 105ن ونسب إليه أيضًا في "سيرة ابن هشام" 2/ 321، و"تهذيب اللغة" (جنح) 1/ 665، و"لسان العرب" (جنح) 2/ 697. والهالكي: الحداد، نسبة للهالك بن عمرو الأسدي أول من عمل الحدادة من العرب، والنقب: الصدأ، انظر: "لسان العرب" (هلك) و (نقب).]] وقال أبو زيد: جنح الرجل يجنح جنوحًا: إذا أعطى بيده، أو عدل إلى ما يحب القوم [["الحجة للقراء السبعة" 4/ 158 ، ولم أجده في كتاب "النوادر في اللغة" لأبي زيد.]]. والمفسرون وأهل المعاني قالوا في هذه الآية: إن مالوا إلى الصلح فمل إليه [[ساقط من (ح).]]، قال ابن الأنباري: [تأويل الآية] [[انظر: "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص 191، و"تفسير ابن جرير" 10/ 33، و"معاني القرآن وإعرابه" 2/ 422، و"الحجة للقراء السبعة" 4/ 158، و"تفسير الثعلبي" 6/ 69 ب، والبغوي 3/ 373، والزمخشري 2/ 166.]]: وإن مالوا إلى المسالمة وترك القتال فمل إلى ذلك [[لم أقف عليه.]]. وأنث الهاء في (لها) لأنه قصد بها قصد (الفَعْلَة) و (الجنحة) كقوله: ﴿إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الأعراف: 153] أراد من بعد فَعْلَتهم، ويجوز أن تكون الهاء والألف للسلم في لغة من يؤنثه [[قال ابن فارس في "مجمل اللغة" (سلم) 2/ 468: السلم: الصلح يذكر ويؤنث اهـ. وقال الزمخشري في "الكشاف" 2/ 166: والسلم تؤنث تأنيث نقيضها وهي الحرب.]]، أنشد أبو العباس [[هو: أحمد بن يحيى (ثعلب)، تقدمت ترجمته.]]، عن سلمة [[هو: سلمة بن عاصم النحوي الكوفي، أبو محمد، راوية الفراء وناشر كتبه، كان أديبًا فاضلًا عالمًا؛ مع ورعٍ شديد، وتأله عظيم، وكثرة عباده، توفي بعد سنة 270 هـ. انظر: "مراتب النحويين" ص 149، و"إنباه الرواة" 2/ 56، و"طبقات القراء" لابن الجزري 1/ 311، و"بغية الوعاة" 1/ 596.]]، عن الفراء: فلا تضيقن إن السلم واسعة ... ملساء ليس بها وعث ولا ضيق [[لم أعثر على قائله، وهو بلا نسبة في "المذكر والمؤنث" للفراء ص20، و"المذكر والمؤنث" لابن الأنباري 1/ 485، و"شرح القصائد السبع" ص 262، و"شرح المعلقات" للتبريزي ص 168، و"اللمع" لابن جني ص 310.]] والقولان للفراء [[قال الفراء في "معاني القرآن" 1/ 416: (فاجنح لها): إن شئت جعلت (لها) كناية عن السلم لأنها مؤنثة، وإن شئت جعلته للفعلة كما قال: ﴿إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، ولم يذكر قبله إلا فعلاً، فالهاء للفعلة.]] ذكرهما أبو بكر، قال: وأما قوله: (لها) وهو يريد: إليها؛ فلأن (اللام) تنوب عن (إلى)، و (إلى) عنها، وأنشد [[أنشد أبو بكر البيت في "المذكر والمؤنث" 1/ 486، ولم يذكر ما قبله في هذا الكتاب.]]: ومكاشح لولاك أصبح جانحًا ... للسلم يرقى حَيّتي وضِبابي [[البيت لإبراهيم بن هرمة كما في "ديوانه" ص 70. والمكاشح: المضمر العداوة. ومعنى يرقى: يتعوذ. والضباب: قال في "لسان العرب" (ضبب) 4/ 2543 الضَّب والضَّب: الغيظ والحقد، وقيل: هو الضغن والعداوة، وجمعه ضباب، قال الشاعر: فما زالت رقاك تسل ضغني ... وتخرج من مكامنها ضبابي والمعنى: لولا المخاطب لجنح الخصم للسلم ومال إليه، وصار يتودد للشاعر ليسل غيظه وحقده.]] والكلام في السلم قد مضى في سورة البقرة [208]. قال مجاهد [[رواه ابن جرير 10/ 34 وابن أبي حاتم 5/ 1725، والثعلبي 6/ 70 أ، وهو في "تفسير مجاهد" ص 357.]]، والكلبي [["الوسيط" 2/ 469، ورواه الفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص 184 عنه، عن ابن عباس.]] في قوله: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ﴾: يعني: قريظة. وقال الحسن: يعني: المشركين وأهل الكتاب [[ذكره هود بن محكم "تفسيره" 2/ 102 دون ذكر أهل الكتاب، وكذلك المصنف في "الوسيط" 2/ 469.]]. وأكثر المفسرين على أن هذا منسوخ [[لعله يعني مفسري السلف وقد ذهب كثير من المتأخرين إلى أنها محكمة كابن جرير 10/ 34، والسمرقندي 2/ 24، والزمخشري 2/ 166، وابن كثير 2/ 356 وغيرهم؛ لإمكان الجمع بين الآيات فالمشركون يقاتلون كافة حتى يجنحوا إلى السلم، ولا يجوز للمسلمين أن يبدؤا بطلب الصلح ابتداءً وقت قوتهم وعلوهم، ومال بعضهم إلى القول بالنسخ كالكيا الهراسي في "أحكام القرآن" 3/ 165، والثعلبي 6/ 69/ ب، والبغوي 3/ 373 إذ لم يذكروا غير القول به، وجوّزه ابن الجوزي 3/ 376 بناءً على من أريد بهذه الآية، ويحسن التنبيه إلى ما سبق بيانه إلى أن اصطلاح السلف في النسخ أوسع من اصطلاح المتأخرين فلا ينبغي الاغترار به، والحكم على رفع حكم الآية من جميع الوجوه بناءًا عليه، وانظر في القول بنسخ هذه الآية: "تفسير الطبري" 10/ 34، و"الإيضاح" لمكي ص 259، و"تفسير ابن كثير" 2/ 356 - 357، و"النسخ في القرآن الكريم" 1/ 566.]] وهو قول قتادة [[رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 1/ 361، وابن جرير 10/ 34، وابن أبي حاتم 5/ 1725، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" 2/ 385.]]، وعكرمة [[رواه ابن جرير وابن أبي حاتم في الموضعين السابقين.]]، والحسن [[انظر المصدرين السابقين، نفس الموضع، و"تفسير البغوي" 3/ 373.]]، وابن زيد [[رواه ابن جرير 1/ 34، وابن أبي حاتم، الموضع السابق.]] قالوا: نسخها قوله: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: 5]، وقوله: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [التوبة: 29]، ونحو ذلك روى عطاء الخرساني، عن ابن عباس [[رواه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" ص 194، وابن الجوزي في "الناسخ والمنسوخ" ص 347، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 5/ 1725 أ. والبيهقي في "السنن الكبرى" كتاب السير، باب: ما جاء في نسخ العفو عن المشركين 9/ 20، وانظر: "الدر المنثور" 3/ 360، وفي سنده عثمان بن عطاء الخرساني، ضعيف كما في "الكاشف" 2/ 222، ثم إن أباه لم يسمع من ابن عباس كما في "تهذيب التهذيب" 3/ 71 - 72.]]، وقال بعضهم [[لعله القشيري فقد نقل عنه القرطبي 8/ 40 بعض هذا القول، وهو صاحب تفسير كبير اسمه: "التيسير في التفسير"، فرغ منه قبل عام 410 هـ، ووصف بالجودة. انظر: "معجم المفسرين" 1/ 300، وانظر: معنى هذا القول في كتاب "الأم" 4/ 236، 269، 270.]]: الآية غير منسوخة ولكنها تتضمن الأمر بالصلح إذا كان الصلاح فيه، فإذا رأى الإمام مصالحتهم والقوة [[في (ج): (والعزة).]] للمسلمين فلا يجوز أن يهادنهم سنة كاملة، إذ لا يجوز أن تمضي سنة كاملة ولا يكون للإمام فيها غزوة إما بنفسه وإما ببعض سراياه، وإن كانت القوة -والعياذ بالله- للمشركين جاز مهادنتهم عشر سنين، [ولا تجوز الزيادة عليها [[انظر: أحكام الصلح مع الكفار في كتاب "الأم" 4/ 268 - 272، و"المغني" 13/ 155 - 163، و"الجامع لأحكام القرآن" 8/ 39 - 41.]]، اقتداء برسول الله ﷺ فإنه هادن أهل مكة عشر سنين [[روى ذلك الإمام أحمد 4/ 325 في ثنايا قصة صلح الحديبية، وكذلك ابن إسحاق في "السيرة" 3/ 366، وأصل القصة في "الصحيحين"، و"صحيح البخاري" (4180)، (4181) كتاب: المغازي، باب: غزوة الحديبية 5/ 258، و"صحيح مسلم" كتاب الجهاد، باب: صلح الحديبية 3/ 1409 (1783).]]] [[ساقط من (س).]]، ثم إنهم نقضوا العهد قبل كمال المدة [[انظر: "السيرة النبوية" 4/ 10.]]. وقوله تعالى: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ قال مجاهد: وثق بالله [[لم أقف عليه، وقد ذكره المؤلف في "الوسيط" 2/ 469، والسمرقندي في "تفسيره" 2/ 24 بلا نسبة.]]، ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ قال عطاء: يريد لقولكم ﴿الْعَلِيمُ﴾ بما في قلوبكم من الوفاء، وقلوبهم من النقض [[لم أقف عليه، وقد ذكر في المصدرين السابقين، الموضوع نفسه، بلا نسبة.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب