الباحث القرآني
قال تعالى: ﴿وإنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فاجْنَحْ لَها وتَوَكَّلْ عَلى اللَّهِ إنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ﴾ [الأنفال: ٦١].
تقدَّمَ الكلامُ على المُسالَمةِ والمُوادَعةِ والمُهادَنةِ، ومعنى السَّلْمِ والسِّلْمِ بفتحِ السِّينِ وكسرِها في سورةِ البقرةِ عندَ قولِهِ تعالى: ﴿ياأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كافَّةً ولا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [البقرة: ٢٠٨]، وتكلَّمْنا على المَعنيَيْنِ: معنى الدُّخُولِ في الإسلامِ، والسلمِ الذي هو بمعنى المُسالَمةِ والأمانِ والمُهادَنةِ، كما في هذه الآيةِ.
وآيةُ البابِ هذه قد اختلَفَ العلماءُ مِن السلفِ في نَسْخِها على قولينِ:
قال بعضُ السلفِ: إنّها منسوخةٌ، ومَن قال بالنَّسخِ، اختلَفُوا في الناسخِ لها:
فرُوِيَ عن عِكْرِمةَ والحسَنِ: أنّها منسوخةٌ بقولِهِ تعالى في سورةِ براءةَ: ﴿قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ولا بِاليَوْمِ الآخِرِ﴾ [التوبة: ٢٩] [[«تفسير الطبري» (١١ /٢٥٣)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٥ /١٧٢٥).]].
وقيل: نُسِخَتْ بآيةِ القِتالِ: ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥]، قاله قتادةُ[[«تفسير الطبري» (١١ /٢٥٢).]].
وقيل: نُسِخَتْ بسورةِ براءةَ، فقد نَسَخَتْ كلَّ مُوادَعةٍ.
وقيل: نَسَخَها قولُهُ: ﴿فَلا تَهِنُوا وتَدْعُوا إلى السَّلْمِ وأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ﴾ [محمد: ٣٥]، حُكِيَ هذا عن ابنِ عبّاسٍ[[«تفسير القرطبي» (١٠ /٦٣).]].
وأنكَرَ الطبريُّ القولَ بالنسخِ، ومِثلُهُ ابنُ كَثِيرٍ[[«تفسير ابن كثير» (٤ /٨٤).]]، وغيرُهما، وهو كذلك، حتى قال الطبريُّ في قولِ مَن قال بالنَّسْخِ: «لا دَلالةَ عليه مِن كتابٍ ولا سُنَّةٍ ولا فِطْرةِ عقلٍ»[[«تفسير الطبري» (١١ /٢٥٤).]].
وذلك أنّ الآيةَ التي جعَلَها قتادةُ ناسخةً هي في كفارِ قريشٍ ومَن في حُكْمِهم مِن الوثَنيِّينَ، وآيةُ براءةَ فيها قتالُ العدوِّ عندَ القُدْرةِ عليه، والمُهادَنةُ عندَ كَثْرتِه.
وقال أكثَرُ العلماءِ: إنّها ليستْ بمنسوخةٍ، بل مُحكَمةٌ، وليس فيها إبطالُ القتالِ، ولا الأمرُ بمُطلَقِ المُسالَمةِ والمُهادَنةِ والمُوادَعةِ، وهي محمولةٌ على كلِّ مَعاني السَّلْمِ التي تصلُحُ للمُسلِمينَ وتُصلِحُ حالَ الكافرينَ:
كأنْ يَقبَلَ الكُفّارُ الإسلامَ، فلا حاجةَ لقتالِهم، لأنّ غايةَ الغاياتِ تحقَّقتْ، ولهذا فسَّرَ ابنُ إسحاقَ (السَّلْمِ) في الآيةِ بالإسلامِ[[«تفسير الطبري» (١١ /٢٥٣).]]، وإنْ طلَبَ الكفارُ أنْ يَدفَعُوا الجِزْيةَ ولا يَرغَبونَ في القتالِ، فيُنزِلونَهم عليها كما في التوبةِ ويأتي، وإنْ رَغِبُوا في الهُدْنةِ والمُسالَمةِ إلى أمَدٍ وكان للمُسلِمينَ مصلحةٌ، فلهم فعلُ ذلك، كما فعَلَ النبيُّ ﷺ في الحُدَيْبِيَةِ وغيرِها.
ومَن قال بإحكامِ الآيةِ، لم يَجعَلْها أصلًا يُناقِضُ الجهادَ ويُعَطِّلُه، فإنّه لم يقُلْ بذلك أحدٌ، وإنّما جعَلُوا القتالَ للمُعانِدِ، والسَّلْمَ لمَن تجوزُ مُصالَحَتُه.
وقد صالَحَ الخلفاءُ الراشدونَ ومَن بعدَهم، وما زال حُكْمُ المُسالَمةِ والمُهادَنةِ قائمًا في الأُمَّةِ مع الكافرينَ بحسَبِ مصالحِ المُسلِمينَ.
وإنّما الخلافُ في بعضِ فروعِ المُسالَمةِ والمُهادَنةِ، كمُدَّتِها، وأحوالِها، ودفعِ المالِ إلى الكفارِ كفايةً لشرِّهم، ونحوِ ذلك.
السَّلْمُ مع المُشرِكينَ:
لا يختلِفُ العُلَماءُ: أنّ السَّلْمَ إذا كان دائمًا مع جميعِ الأعداءِ والجهاتِ، وإلى الأبدِ وبلا أمَدٍ: أنّه لا يجوزُ، لأنّه يتضمَّنُ تعطيلًا للجهادِ، وقد تواتَرَ الدليلُ على دَيمُومتِهِ وبقائِهِ إلى قِيامِ الساعةِ، وقد قال ابنُ المُنذِرِ: «ولا يجوزُ أنْ يُصالِحَهم إلى غيرِ مُدَّةٍ، لأنّ في ذلك تَرْكَ قِتالِ المُشرِكينَ، وذلك غيرُ جائزٍ»[[«الإقناع» لابن المنذر (٢ /٤٩٨).]].
ولأنّ ذلك يتضمَّنُ قَطْعًا ذِلَّةً وهوانًا للمُسلِمينَ، فلا يُتصوَّرُ عدمُ وجودِ عُدْوانٍ مِن جميعِ البشرِ وجميعِ الأُممِ والدُّوَلِ على المُسلِمينَ، ولا يُتصوَّرُ ألاَّ تَبقى أُمَّةٌ ودَوْلةٌ ولو كانتْ كافِرةً بلا عُدْوانٍ لأحدٍ عليها، وهذا مع عدمِ صِحَّتِه عقلًا، فهو مُناقِضٌ لصريحِ الوحيِ، وتشريعِ السماءِ، وعملِ النبيِّ ﷺ والخلفاءِ، فاللهُ يقولُ: ﴿وقاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٣، والأنفال: ٣٩]، والفِتْنةُ الكُفْرُ، ولا يَزالُ الكفرُ في الأرضِ باقيًا، فيجبُ أنْ تَبقى معه شريعةُ الجهادِ قائمةً، ولا يُمكِنُ أنْ تكونَ الأمَّةُ ظاهرةً إلاَّ بجهادِها، وفي «الصحيحَيْنِ»، مِن حديثِ مُعاويةَ[[أخرجه البخاري (٧١)، ومسلم (١٠٣٧).]]، والمُغيرةِ[[أخرجه البخاري (٣٦٤٠)، ومسلم (١٩٢١).]]، يقولُ النبيُّ ﷺ: (لا تَزالُ طائِفَةٌ مِن أُمَّتِي قائِمَةً بِأَمْرِ اللهِ، لا يَضُرُّهُمْ مَن خَذَلَهُمْ أوْ خالَفَهُمْ، حَتّى يَأْتِيَ أمْرُ اللهِ وهُمْ ظاهِرُونَ عَلى النّاسِ)، وظهورُهُمْ بسببِ جهادِهم، كما في مسلمٍ، مِن حديثِ جابرٍ[[أخرجه مسلم (١٥٦) و(١٩٢٣).]]، ومعاويةَ[[أخرجه مسلم (١٠٣٧).]]، مرفوعًا: (لا تَزالُ طائِفَةٌ مِن أُمَّتِي يُقاتِلُونَ عَلى الحَقِّ ظاهِرِينَ إلى يَوْمِ القِيامَةِ).
وقد استدَلَّ البخاريُّ على دَيْمُومةِ الجهادِ بقولِهِ ﷺ: (الخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَواصِيها الخَيْرُ إلى يَوْمِ القِيامَةِ) [[سبق تخريجه.]]، لأنّ المرادَ بخيريَّتِها أثرُها في الجهادِ في سبيلِ اللهِ.
ولم يَرِدْ في السُّنَّةِ والقرآنِ أمرٌ بطلبِ السَّلْمِ، وإنّما الواردُ قَبولُهُ عندَ عَرْضِهِ والحاجةِ إليه، وهذا لأنّ النفوسَ ميّالةٌ إلى حُبِّ السلامةِ، فتجدُ مِن الأمرِ ما يَدْعُوها إليه فتَرْكَنُ، وأمّا قولُهُ تعالى: ﴿ياأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كافَّةً﴾ [البقرة: ٢٠٨]، فالمرادُ بالسِّلْمِ الإسلامُ باتِّفاقِهم.
والسَّلْمُ مع العدوِّ على نوعَيْنِ:
الأوَّلُ: سلمٌ دائمٌ مع كلِّ عدوٍّ، وإلى الأبدِ، بلا أمَدٍ، فهذا لا يجوزُ ولا يصحُّ، كما تقدَّمَ.
الثاني: سلمٌ مع عدوٍّ واحدٍ، أو بعضِ الأعداءِ أو أكثرِهم، فذلك جائزٌ بشروطِه.
المُدَّةُ في مُسالَمةِ الكافرِ:
يَتَّفِقُ العلماءُ على أنّه لا حَدَّ أدْنى لزمنِ مُسالَمةِ العدوِّ ومُهادَنتِه، وأنّه لا تجوزُ المُهادَنةُ الأبديَّةُ، وإنّما اختلَفُوا في أعْلى مُدَّةِ المُسالَمةِ والمُهادَنةِ على قولَيْنِ:
ذهَبَ جمهورُ الفُقَهاءِ: إلى أنّه لا بُدَّ مِن حَدٍّ لمُسالَمةِ الكفارِ ومُهادَنتِهم، وهذا ظاهرُ مذهبِ الشافعيِّ وأحمدَ، واختلَفُوا في الحدِّ الذي يُهادَنُونَ فيه، فجعَلَه الشافعيُّ وأحمدُ: إلى عَشْرِ سنينَ، والزيادةُ فوقَ ذلك باطلةٌ.
وعلَّقَه مالكٌ ـ فيما رواهُ عنه ابنُ حبيبٍ ـ باجتهادِ الإمامِ.
والإمامُ مالكٌ وغيرُهُ لا يُجِيزُونَ للإمامِ مُهادَنةَ كلِّ الأممِ وإلى الأبدِ، لأنّه يَقتضي ضَعْفَ المؤمنينَ، وتسلُّطَ الكافرينَ، وتعطيلَ الجهادِ، ولم يُسالِمِ النبيُّ ولا الصحابةُ ولا الخُلَفاءُ على مَرِّ العصورِ الأُمَمَ إلى الأبدِ، وهذا مِن بِدَعِ العَصْرِ ووَهْنِ سَلاطِينِه، التي لا يجوزُ العملُ بمُقتضاها، ويقولُ ابنُ قُدامةَ: «لا خلافَ بينَهم على بُطْلانِ الصُّلْحِ إذا كان مؤبَّدًا».
والصلحُ المُطلَقُ غيرُ المؤقَّتِ يَقتضي التأبيدَ، في ظاهرِ مذهبِ الأصحابِ، وإذا كثُرَتِ الثغورُ على المُسلِمينَ وتداعَتِ الأُمَمُ، فقد تصحُّ المُهادَنةُ مع عدوٍّ واحدٍ يُخشى منه ويَأْبى النزولَ إلاَّ على صُلْحٍ مُطلَقٍ ولا قِبَلَ للمُسلِمينَ بجميعِ الأممِ، فيجوزُ أنْ يُطلَقَ ـ والحالةُ كذلك ـ الصلحُ معه بلا زمنٍ، حتى يَقْوى المؤمنونَ ثمَّ يَنبِذُونَ إليه عهدَهُ على سَواءٍ.
ويجبُ أنْ يَجْعَلَ الإمامُ المُدَّةَ التي يُهادِنُ بها الكافرينَ بحسَبِ مصلحةِ المُسلِمينَ، في دِينِهم ودُنياهم، وألاَّ يَجْعَلَ الأَمَدَ فيها يَحْكُمُهُ غيرُ ذلك.
ولا يَعقِدُ الهُدْنةَ إلاَّ الإمامُ، لا الأفرادُ، خلافًا للطبريِّ.
إعطاءُ الكفّارِ للمسلِمِينَ المالَ على هُدْنَتِهم وأَمْنِهم، والعكس:
وأمّا المُهادَنةُ على مالٍ يَدفَعُهُ المشرِكونَ للمُسلِمينَ، فلا خلافَ في جوازِها ومشروعيَّتِها، وإنْ كان بمالٍ يَدفَعُهُ المُسلِمونَ للكافِرِينَ، فعلى حالتَيْنِ:
الحالةُ الأُولـى: إنْ كان في المُسلِمينَ قوةٌ وثَباتٌ لصدِّ الكافرينَ، فلا يجوزُ لهم أنْ يَدفَعُوا للكافرينَ مالًا على هُدْنَتِهم، لأنّ في ذلك ضَعْفًا وإهانةً لهم، والمنعُ هو الأصلُ.
وقد قال الشافعيُّ في «الأمِّ»: «لا يجوزُ أنْ يُهادِنَهُمْ على أنْ يُعطيَهم المُسلِمونَ شيئًا بحالٍ، لأنّ القتلَ للمُسلِمينَ شهادةٌ، وأنّ الإسلامَ أعَزُّ مِن أنْ يُعطى مُشرِكٌ على أنْ يَكُفَّ عن أهلِه، لأنّ أهلَهُ ـ قاتِلينَ ومَقتولِينَ ـ ظاهرونَ على الحقِّ»[[«الأم» (٤ /١٩٩).]].
الحالةُ الثانيةُ: إنْ كان في المُسلِمينَ ضَعْفٌ وخافُوا الاصْطِلامَ وهلاكَ أهلِ الإسلامِ، وقد أحاطَ بهم الكافِرونَ وتكالَبُوا عليهم مِن جهاتٍ عِدَّةٍ، ولا طاقةَ لهم بالجميعِ، فيُرِيدونَ أنْ يُخفِّفُوا على أنفُسِهم بعضَ الكافِرِينَ، ليتفرَّغوا لبعضٍ دونَ بعضٍ، حتى يُمْكِنَهُمُ اللهُ مِن الجميعِ، فالصحيحُ أنّه جائزٌ، وبهذا قال الأوزاعيُّ ومالكٌ والشافعيُّ وأحمدُ، فقد روى الطبرانيُّ وغيرُهُ، مِن حديثِ محمدِ بنِ عمرٍو، عن أبي سَلَمةَ، عن أبي هريرةَ، قال: جاءَ الحارِثُ الغَطَفانِيُّ إلى النَّبِيِّ ﷺ، فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، شاطِرْنا تَمْرَ المَدِينَةِ، قالَ: (حَتّى أسْتَأْمِرَ السُّعُودَ)، فَبَعَثَ إلى سَعْدِ بْنِ مُعاذٍ، وسَعْدِ بْنِ عُبادَةَ، وسَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، وسَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ، وسَعْدِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَحِمَهُمُ اللهُ، فَقالَ: (إنِّي قَدْ عَلِمْتُ أنَّ العَرَبَ قَدْ رَمَتْكُمْ عَنْ قَوْسٍ واحِدَةٍ، وإنَّ الحارِثَ يَسْأَلُكُمْ أنْ تُشاطِرُوهُ تَمْرَ المَدِينَةِ، فَإنْ أرَدتُّمْ أنْ تَدْفَعُوا إلَيْهِ عامَكُمْ هَذا، حَتّى تَنْظُرُوا فِي أمْرِكُمْ بَعْدُ)، قالُوا: يا رَسُولَ اللهِ، أوَحْيٌ مِنَ السَّماءِ، فالتَّسْلِيمُ لأَمْرِ اللهِ، أوْ عَنْ رَأْيِكَ، أوْ هَواكَ، فَرَأْيُنا تَبَعٌ لِهَواكَ ورَأْيِكَ، فَإنْ كُنْتَ إنَّما تُرِيدُ الإبْقاءَ عَلَيْنا، فَواللهِ لَقَدْ رَأَيْتُنا وإيّاهُمْ عَلى سَواءٍ، ما يَنالُونَ مِنّا تَمْرَةً إلاَّ بِشِرًى، أوْ قِرًى، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: (هُوَ ذا تَسْمَعُونَ ما يَقُولُونَ)، قالُوا: غَدَرْتَ يا مُحَمَّدُ، فَقالَ حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ رحمه الله:
يا حارِ مَن يَغْدِرْ بِذِمَّةِ جارِهِ
أبَدًا فَإنَّ مُحَمَّدًا لا يَغْدِرُ
وأَمانَةُ المُرِّيِّ حَيْثُ لَقِيتَها
كَسْرُ الزُّجاجَةِ صَدْعُها لا يُجْبَرُ
إنْ تَغْدِرُوا فالغَدْرُ مِن عاداتِكُمْ
واللُّؤْمُ يَنْبُتُ فِي أُصُولِ السَّخْبَرِ[[أخرجه الطبراني في «الكبير» (٥٤٠٩).]]
وقد رَوى أبو عُبَيْدٍ في «الأموالِ»، عن ابنِ شهابٍ، قال: كانتْ وقعةُ الأحزابِ بعدَ أُحُدٍ بسنتَيْنِ، وذلك يومَ حَفَرَ رسولُ اللهِ ﷺ الخندقَ، ورئيسُ الكفارِ يومئذٍ أبو سُفْيانَ بنُ حَرْبٍ، فحاصَروا رسولَ اللهِ ﷺ بضعَ عَشْرةَ ليلةً، فخلَصَ إلى المُسلِمينَ الكَرْبُ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ ـ كما أخبَرَني سعيدُ بنُ المسيَّبِ ـ: (اللَّهُمَّ، إنِّي أنْشُدُكَ عَهْدَكَ ووَعْدَكَ، اللَّهُمَّ، إنْ تَشَأْ لا تُعْبَدْ)، وحتى أرسَلَ رسولُ اللهِ ﷺ رسولًا إلى عُيَيْنَةَ بنِ حِصْنٍ وهو يومئذٍ رئيسُ الكفارِ مِن غَطَفانَ، وهو مع أبي سُفْيانَ، فعرَضَ عليه رسولُ اللهِ ﷺ ثُلُثَ ثَمَرِ نَخْلِ المدينةِ، على أنْ يَخذُلَ الأحزابَ ويَنصرِفَ ومَن معه مِن غَطَفانَ، فقال عُيَيْنةُ: بل أعْطِني شَطْرَ ثَمَرِها، ثمَّ أفْعَلُ ذلك، فأرسَلَ رسولُ اللهِ ﷺ إلى سعدِ بنِ معاذٍ، وهو سيدُ الأَوْسِ، وإلى سعدِ بنِ عُبادَةَ، وهو سيدُ الخَزْرَجِ، فقال: (إنَّ عُيَيْنَةَ قَدْ سَأَلَنِي نِصْفَ ثَمَرِ نَخْلِكُمْ، عَلى أنْ يَنْصَرِفَ بِمَن مَعَهُ مِن غَطَفانَ ويَخْذُلَ الأَحْزابَ، وإنِّي أعْطَيْتُهُ الثُّلُثَ، فَأَبى إلاَّ النِّصْفَ، فَما تَرَيانِ؟)، قالا: يا رسولَ اللهِ، إنْ كنتَ أُمِرْتَ بشيءٍ فافعَلْهُ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ: (لَوْ أُمِرْتُ بِشَيْءٍ لَمْ أسْتَأْمِرْكُما فِيهِ، ولَكِنْ هَذا رَأْيٌ أعْرِضُهُ عَلَيْكُما)، قالا: فإنّا لا نَرى أنْ نُعْطِيَهُمْ إلاَّ السيفَ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ: (فَنَعَمْ)، قال أبو عُبَيْدٍ: وقد فعَلَ مِثْلَ ذلك معاويةُ في إمارتِهِ[[أخرجه أبو عبيد في «الأموال» (٤٤٥).]].
ورَوى أبو عُبَيْدٍ أيضًا عن الوليدِ بنِ مُسْلِمٍ، عن صَفْوانَ بنِ عمرٍو، وسعيدِ بنِ عبدِ العزيزِ، أنّ الرومَ صالَحَتْ معاويةَ على أنْ يُؤدِّيَ إليهم مالًا، وارتهَنَ معاويةُ منهم رَهْنًا، فجعَلَهُمْ ببَعْلَبَكَّ، ثمَّ إنّ الرومَ غدَرَتْ، فأَبى معاويةُ والمُسلِمونَ أنْ يَستحِلُّوا قَتْلَ مَن في أيدِيهِم مِن رَهْنِهم، وخَلَّوْا سبيلَهم، واستفتَحُوا بذلك عليهم، وقالوا: وفاءٌ بغَدْرٍ، خيرٌ مِن غَدْرٍ بغَدْرٍ[[أخرجه أبو عبيد في «الأموال» (٤٤٦).]].
{"ayah":"۞ وَإِن جَنَحُوا۟ لِلسَّلۡمِ فَٱجۡنَحۡ لَهَا وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡعَلِیمُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق