الباحث القرآني

﴿وإنْ جَنَحُوا﴾ الجُنُوحُ المَيْلُ ومِنهُ جَناحُ الطّائِرِ لِأنَّهُ يَتَحَرَّكُ ويَمِيلُ ويُعَدّى بِاللّامِ وبِإلى أيْ وإنْ مالُوا ( ﴿لِلسَّلْمِ﴾ ) أيِ: الِاسْتِسْلامِ والصُّلْحِ، وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ، وأبُو بَكْرٍ بِكَسْرِ السِّينِ وهو لُغَةٌ ( ﴿فاجْنَحْ لَها﴾ ) أيْ لِلسَّلْمِ، والتَّأْنِيثُ لِحَمْلِهِ عَلى ضِدِّهِ وهو الحَرْبُ فَإنَّهُ مُؤَنَّثٌ سَماعِيٌّ، وقالَ أبُو البَقاءِ: إنَّ السَّلْمَ مُؤَنَّثٌ ولَمْ يُذَكَّرْ حَدِيثُ الحَمْلِ وأنْشَدُوا: ؎السَّلْمُ تَأْخُذُ مِنها ما رَضِيتَ بِهِ والحَرْبُ تَكْفِيكَ مِن أنْفاسِها جُرَعُ وقَرَأ الأشْهَبُ العُقَيْلِيُّ ( فاجْنُحْ ) بِضَمِّ النُّونِ عَلى أنَّهُ مِن جَنَحَ يَجْنَحُ كَقَعَدَ يَقْعُدُ وهي لُغَةُ قَيْسٍ والفَتْحُ لُغَةُ تَمِيمٍ وهي الفُصْحى، والآيَةُ قِيلَ مَخْصُوصَةٌ بِأهْلِ الكِتابِ فَإنَّها كَما قالَ مُجاهِدٌ، والسُّدِّيُّ: نَزَلَتْ في بَنِي قُرَيْظَةَ وهي مُتَّصِلَةٌ بِقِصَّتِهِمْ بِناءً عَلى أنَّهُمُ المَعْنِيُّونَ بِقَوْلِهِ تَعالى: ( ﴿الَّذِينَ عاهَدْتَ﴾ ) إلَخْ، والضَّمِيرُ في ﴿وأعِدُّوا لَهُمْ﴾ لَهم، وقِيلَ: هي عامَّةٌ لِلْكَفّارِ لَكِنَّها مَنسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ لِأنَّ مُشْرِكِي العَرَبِ لَيْسَ لَهم إلّا الإسْلامُ أوِ السَّيْفُ بِخِلافِ غَيْرِهِمْ فَإنَّهُ تُقْبَلُ مِنهُمُ الجِزْيَةُ، ورُوِيَ القَوْلُ بِالنَّسْخِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٍ، وقَتادَةَ، وصَحَّحَ أنَّ الأمْرَ فِيمَن تُقْبَلُ مِنهُمُ الجِزْيَةُ عَلى ما يَرى فِيهِ الإمامُ صَلاحَ الإسْلامِ وأهْلِهِ مِن حَرْبٍ أوْ سِلْمٍ ولَيْسَ بِحَتْمٍ أنْ يُقاتِلُوا أبَدًا أوْ يُجابُوا إلى الهُدْنَةِ أبَدًا، وادَّعى بَعْضُهم أنَّهُ لا يَجُوزُ لِلْإمامِ أنْ يُهادِنَ أكْثَرَ مِن عَشْرِ سِنِينَ اقْتِداءً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَإنَّهُ صالَحَ أهْلَ مَكَّةَ هَذِهِ المُدَّةَ ثُمَّ إنَّهم نَقَضُوا قَبْلَ انْقِضائِها كَما مَرَّ فَتَذَكَّرْ، ( ﴿وتَوَكَّلْ عَلى اللَّهِ﴾ ) أيْ فَوِّضْ أمْرَكَ إلَيْهِ سُبْحانَهُ ولا تَخَفْ أنْ يُظْهِرُوا لَكَ السَّلْمَ وجَوانِحُهم مَطْوِيَّةٌ عَلى المَكْرِ والكَيْدِ ( إنَّهُ ) جَلَّ شَأْنُهُ ( ﴿هُوَ السَّمِيعُ﴾ ) فَيَسْمَعُ ما يَقُولُونَ في خَلَواتِهِمْ مِن مَقالاتِ الخِداعَ ( ﴿العَلِيمُ﴾ ) فَيَعْلَمُ نِيّاتِهِمْ (p-28)فَيُؤاخِذُهم بِما يَسْتَحِقُّونَهُ ويَرُدُّ كَيْدَهم في نَحْرِهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب