الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [قال الكلبي] [[ساقط من (س).]]: يعني أبا سفيان وأصحابه [[ذكره ابن الجوزي 3/ 356، عن أبي صالح، عن ابن عباس، ومن الجدير بالتنبيه أن البغوي أفاد في مقدمة "تفسيره" 1/ 36: أن المراد بتفسير الكلبي هو ما رواه عن أبي صالح، عن ابن عباس. قلت: وقد تقدمت ترجمة الكلبي وبينت فيها أنه متروك متهم بالكذب، وقد مرض يومًا فقال لأصحابه: كل شيء حدثتكم عن أبي صالح كذب. انظر: "الإتقان" 4/ 239، و"التفسير والمفسرون" 1/ 81.]]. ﴿إِنْ يَنْتَهُوا﴾، قال ابن عباس: يريد عن تكذيبك [[في (ح): (تكذيهم).]] وعن الشرك بالله [[رواه بنحوه الفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص 181، وذكره بمعناه دون نسبة الماوردي 2/ 318، وابن الجوزي 3/ 357.]]. وقال الكلبي: عن قتال محمد وأصحابه [[رواه الفيروزأبادي في الموضع السابق، بنحوه، عن الكلبي، عن ابن عباس.]]. ﴿يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ سلف: معناه في اللغة: تقدم، يقال: سلف يسلف سلوفًا، وأسلف في الشيء إذا قدم الثمن فيه، والسالفة: العنق لتقدمها على البدن، والسلافة من الخمر: أخلصها؛ لتقدمها بالتحلب من غير عصر [[في"تهذيب اللغة" (سلف) 2/ 1736: والسلافة من الخمر. أخلصها وأفضلها، وذلك إذا تحلب من العنب بلا عصر ولا مرث، وكذلك من التمر والزبيب ما لم يعد عليه الماء بعد تحلب أوله.]]، قال ابن عباس: ما قد سلف: يريد من الزنا والشرك والقتل والربا وكل مكروه [[الفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص 181 بنحوه.]]. قال صاحب النظم: قوله: ﴿إِنْ يَنْتَهُوا﴾ بالياء إنما جاز وحسن لأنه أمره بمخاطبة [[في (ح) و (س): (مخاطبة).]] قوم غيّب فقال: قل لهم ما يكون هذا معناه، ولو كان بالتاء لكان الأمر واقعًا على هذا اللفظ بعينه لأنه يكون حكاية [[انظر: "المحرر الوجيز" 6/ 300، ولم ينسبه.]]، وقد ذكرنا مثل هذا في قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ﴾ [آل عمران: 12]. قال العلماء: وهذه الآية كقوله ﷺ: "الإسلام يجب ما قبله" [[رواه الإمام أحمد في "المسند" 4/ 199، 204، 205 بلفظ: "فإن الإسلام يجب ما كان قبله" ورواه مسلم في "صحيحه" (192) كتاب الإيمان "باب: كون الإسلام يهدم ما قبله بلفظ: "إن الإسلام يهدم ما كان قبله".]]، وإذا أسلم الكافر الحربي لم يلزمه قضاء شيء من العبادات البدنية والمالية، وما كان له [[من (م).]] من جناية على نفس أو على مال فهو معفو عنه، وهو ساعة إسلامه كيوم ولدته أمه [[انظر: كتاب "الأم" للشافعي 6/ 54، و"شرح صحيح مسلم" للنووي 2/ 138، و"تفسير القرطبي" 7/ 402، وقد ذكر أبو حيان في "البحر المحيط" 5/ 319 الإجماع على ذلك، قلت: ويدل عليه ما رواه مسلم (120) "صحيحه" كتاب: الإيمان، باب: هل يؤاخذ بأعمال الجاهلية، عن عبد الله، قال: قلنا: يا رسول الله: أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟ قال: "من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية"، وروى أيضًا (121) كتاب: الإيمان، باب: كون الإسلام يهدم ما قبله؛ عن ابن عباس، أن ناسًا من أهل الشرك قتلوا فأكثروا، وزنوا فأكثروا ثم أتوا محمدًا ﷺ ... إلخ، وذكر الحديث وفيه بيان لعفو الله عنهم.]]، وما أظرف ما قال يحيى بن معاذ [[هو: يحيى بن معاذ الرازي الواعظ، من كبار العباد، وأئمة الزهاد، له مواعظ مشهورة، وكلمات تجري مجرى الحكم ، وكان حكيم زمانه، وواعظ عصره، == توفي سنة 258 هـ. انظر: "صفة الصفوة" 4/ 83، و"العبر" 1/ 371، و"سير أعلام النبلاء" 13/ 15، و"البداية والنهاية" 11/ 31.]] في هذه الآية: إن توحيدًا لم يعجز عن هدم [[في (ح): (حمل)، وهو خطأ فاحش.]] ما قبله من كفر أرجو أن لا يعجز عن هدم ما بعده من ذنب [[انظر: "تفسير الثعلبي" 6/ 60 ب، والبغوي 3/ 356، وابن الجوزي 3/ 357. قلت: هذا الرجاء بمعنى قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: 48] فهدم التوحيد لما بعده من ذنب معلق بمشيئة الله، أما الجزم به لكل موحد فهو منقوض بالكتاب والسنة، فمن الكتاب قوله تعالى: ﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ﴾ [النساء: 123]، ومن السنة الأحاديث الدالة على تعذيب الزناة ومانعي الزكاة ونحوهم، وكذلك الأحاديث الدالة على إخراج الموحدين من النار بعد عذاب طويل. انظر: "معارج القبول" 2/ 422 - 425.]]. وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَعُودُوا﴾، قال ابن عباس: يريد: إلى تكذيبك [[لم أقف عليه، وفي معناه نظر؛ لأن لفظة (يعودوا) تتضمن الرجوع إلى حالة تحوّل عنها الإنسان، وهم لم ينفكوا عن التكذيب والكفر. انظر: "المحرر الوجيز" 6/ 300.]]، وقال الكلبي: ﴿وَإِنْ يَعُودُوا﴾ لقتالك ﴿فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ﴾ بنصر الله رسله ومن آمن على من كفر [[ذكره باختصار السمرقندي في "تفسيره" 2/ 18، ورواه بنحوه الفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص 181، عن الكلبي، عن ابن عباس.]]، وقال قتادة: مضت السنة من الله في الأولين من الأمم بنصر الله الرسل، ومضت السنة مثل ذلك في هذه الأمة يوم بدر [[رواه بنحوه ابن جرير 15/ 247 [طبعة الحلبي].]]، وهو كقوله: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي﴾ [المجادلة: 21] وكقوله: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ﴾ [الصافات: 171] الآيات. وقال السدي وابن إسحاق: ﴿فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ﴾ بنصر الله الرسل، والمؤمنين يوم بدر [[لم أجده عنهما بهذا اللفظ. وقد روى ابن جرير 9/ 248 قول السدي بلفظ: فقد مضت سنة الأولين، من أهل بدر، ونص قول ابن إسحاق كما في "السيرة النبوية" 2/ 318: فقد مضت سنة الأولين، أي من قتل منهم يوم بدر. ثم إن في عبارة المؤلف قلق، ولعل الصواب: كيوم بدر.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب