الباحث القرآني
﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾: كأبي سفيان وغيره أي: لأجلهم ﴿إنْ يَنْتَهُوا﴾: عن الكفر ومعاداة الدين ﴿يُغْفَرْ لَهم ما قَدْ سَلَفَ﴾: من الذنوب ﴿وإنْ يَعُودُوا﴾ إلى القتال ويستمروا على كفرهم ﴿فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأوَّلِينَ﴾ في نصرة أنبيائه وإهلاك أعدائه، أو سنة الأولين في قريش يوم بدر ﴿وقاتِلُوهم حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾: لا يوجد شرك، أو لا يفتن مؤمن عن دينه ﴿ويَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله﴾: لا يعبد غير الله تعالى في جزيرة العرب ﴿فَإنِ انْتَهَوْا﴾ عن الكفر ﴿فَإنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ يجازيهم مجازاة البصير بهم، أو معناه فإن انتهوا عما هم فيه من الكفر والقتال، فكفوا عنهم وإن كنتم لا تعلمون بواطنهم، فإن الله بما يعملون بصير ومن قرأ ”تعملون“ بالتاء، فمعناه: فإن الله بما تعملون من الجهاد والدعوة إلى الإسلام، وتسببكم إلى إخراجهم من ظلمة الكفر بصير، فيجازيكم ﴿وإن تَوَلوْا﴾ ولم ينتهوا عن الشرك والقتال ﴿فاعْلَمُوا أن الله مَوْلاكُمْ﴾: ناصركم ﴿نعمَ المَوْلى﴾: لا يضيع من تولاه ﴿ونِعمَ النَّصيرُ﴾ فمن نصره لا يغلب أبدًا.
﴿واعْلَمُوا أنَّما غَنِمْتُمْ مِن شَيْءٍ﴾: أخذتم من الكفار قهرًا لا صلحًا، أي شيء كان ﴿فأن لله خُمُسَهُ﴾ مبتدأ خبره مقدر أي: فثابت أن لله خمسه، والأصح أن ذكر الله افتتاح كلام للتبرك، وقال بعضهم: سهم الله يصرف إلى الكعبة ﴿ولِلرَّسُولِ﴾ كان يصرف فيما شاء، والآن لمصالح المسلمين أو للخليفة، أو مردود إلى الأصناف الباقية، أو لقرابة النبي ﷺ ﴿ولِذِي القُربى﴾ هم بنو هاشم وبنو عبد المطلب، أو من لا يحل له الزكاة، أو بنو هاشم وحدهم، أو قريش كلهم ﴿واليَتامى﴾: يتامى المسلمين فقراءهم، أو فقرائهم وأغنيائهم، أو يتامى ذوي القربى ﴿والمَساكِينِ﴾: المحاويج الذين لا يجدون ما يصدون خلتهم، أو مساكين ذوى القربى ﴿وابْنِ السَّبيلِ﴾: المسافر أو مريد السفر إلى مسافة القصر، وليس له ما ينفقه في سفره، أو ابن السبيل من ذوي القربى، فعلى هذا الغنيمة تقسم على خمسة: أربعة منها للمحاربين، وخمس لهؤلاء المذكورين ﴿إنْ كُنْتُمْ آمَنتُمْ بِاللهِ﴾ تقديره: امتثلوا ما شرعت لكم في الغنيمة، إنْ كُنْتُمْ آمَنتُمْ بِاللهِ ﴿وما أنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الفُرْقانِ﴾: يوم فرق فيه بين الحق والباطل، وهو يوم بدر، والآية نزلت فيه ﴿يَوْمَ التَقى الجَمْعانِ﴾: المسلمون والكفار، وهو يوم الجمعة لسبع عشرة من رمضان ﴿واللهُ عَلى كَلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ ولهذا قدر على نصر القليل على الكثير.
﴿إذ أنْتُمْ﴾ بدل من يوم الفرقان ﴿بِالعُدْوَةِ﴾: شط الوادي ﴿الدُّنْيا﴾: الأقرب من المدينة ﴿وهُمْ﴾: كفار مكة ﴿بِالعُدْوَةِ القُصْوى﴾: جانب الوادى الأبعد من المدينة ﴿والرَّكْبُ﴾ أي: ركب أبي سفيان الذين جاءوا من الشام ﴿أسْفَلَ مِنكُمْ﴾: في مكان أسفل من مكانكم أي: ساحل البحر، منصوب على الظرف واقع موقع خبر و ”الركب“ ﴿ولَوْ تَواعَدْتُمْ﴾ أنتم والكفار للقتال ﴿لاخْتَلَفْتُمْ﴾: أنتم ﴿فِي المِيعادِ﴾: خوفًا وهيبة لقلتكم وكثرتهم ﴿ولَكِنْ﴾ جمع الله تعالى بينكم بصنعه من غير ميعاد وإرادة لكم ﴿لِيَقْضِيَ اللهُ أمْرًا كانَ مَفْعُولًا﴾: في علمه، أو معناه حقيقًا بأن يفعل من نصر أوليائه، وإعلاء كلمة الإسلام ﴿لِيَهْلِكَ﴾ بدل من ليقضي، أو متعلق بمفعولًا ﴿مَن هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ ويَحْيى مَن حَيَّ عَنْ بَيِّنَة﴾ أي: ليكفر من كفر بعد الحجة لما رأى من الآيات، فلا يبقى له حجة وعذر بوجه، ويؤمن من آمن عن حجة وبصيرة ويقين، فالهلاك والحياة: الكفر والإيمان، أو ليموت من يموت عن بينة عاينها، ويعيش عن حجة شاهدها، لئلا يكون له حجة ومعذرة ﴿وإنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ﴾: بكفر من كفر، وإيمان من آمن ﴿عَلِيمٌ﴾ بما في قلوبهم.
﴿إذ يُرِيكَهمُ اللهُ﴾ بدل ثان من يوم الفرقان، أو مقدر باذكر ﴿في مَنامِكَ قَلِيلًا﴾ لتخبر أصحابك فيكون تشجيعًا لهم، وهو ثالث مفاعيل يريكم ﴿ولَوْ أراكَهم كَثِيرًا لَفَشِلْتمْ﴾: لجبنتم ﴿ولَتَنازَعْتُمْ في الأمْرِ﴾: اختلفت كلمتكم في أمر القتال ﴿ولَكِنَّ اللهَ سَلَّمَ﴾: أنعم بالسلامة من التنازع ﴿إنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ﴾ ما كان وما سيكون من الجبن والتنازع ﴿وإذْ يُرِيكُمُوهم إذِ التَقَيْتُمْ في أعْيُنِكُمْ﴾ لا في المنام ﴿قَلِيلًا﴾ حال عن ثاني مفعولي يريكموهم لا مفعول ثالث، لأنه من رؤية العين ههنا، وإنما قللهم في أعين المسلمين تثبيتًا لهم، وتصديقًا لرؤيا رسول الله ﷺ ﴿ويُقَلِّلُكم في أعْيُنِهِمْ﴾ ليجترؤا، أو لا يستعدوا للحرب حتى قال أبو جهل: إنهم أكلة جزور، ثم كثرهم في أعينهم حتى يرونهم مثليهم، لتفاجئهم الكثرة فتكسر قلوبهم ﴿لِيَقْضِيَ اللهُ أمْرًا كانَ مَفْعُولًا﴾: من إهلاكهم وإذلالهم ﴿وإلى اللهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ﴾: فلا أمر إلا وهو خالقه، وعلى الحقيقة هو فاعله، أو بعد الدنيا مصير الكل إليه فيجازيهم.
{"ayahs_start":38,"ayahs":["قُل لِّلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ إِن یَنتَهُوا۟ یُغۡفَرۡ لَهُم مَّا قَدۡ سَلَفَ وَإِن یَعُودُوا۟ فَقَدۡ مَضَتۡ سُنَّتُ ٱلۡأَوَّلِینَ","وَقَـٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةࣱ وَیَكُونَ ٱلدِّینُ كُلُّهُۥ لِلَّهِۚ فَإِنِ ٱنتَهَوۡا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِمَا یَعۡمَلُونَ بَصِیرࣱ","وَإِن تَوَلَّوۡا۟ فَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ مَوۡلَىٰكُمۡۚ نِعۡمَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَنِعۡمَ ٱلنَّصِیرُ","۞ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّمَا غَنِمۡتُم مِّن شَیۡءࣲ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُۥ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡیَتَـٰمَىٰ وَٱلۡمَسَـٰكِینِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِیلِ إِن كُنتُمۡ ءَامَنتُم بِٱللَّهِ وَمَاۤ أَنزَلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا یَوۡمَ ٱلۡفُرۡقَانِ یَوۡمَ ٱلۡتَقَى ٱلۡجَمۡعَانِۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ","إِذۡ أَنتُم بِٱلۡعُدۡوَةِ ٱلدُّنۡیَا وَهُم بِٱلۡعُدۡوَةِ ٱلۡقُصۡوَىٰ وَٱلرَّكۡبُ أَسۡفَلَ مِنكُمۡۚ وَلَوۡ تَوَاعَدتُّمۡ لَٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِی ٱلۡمِیعَـٰدِ وَلَـٰكِن لِّیَقۡضِیَ ٱللَّهُ أَمۡرࣰا كَانَ مَفۡعُولࣰا لِّیَهۡلِكَ مَنۡ هَلَكَ عَنۢ بَیِّنَةࣲ وَیَحۡیَىٰ مَنۡ حَیَّ عَنۢ بَیِّنَةࣲۗ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَسَمِیعٌ عَلِیمٌ","إِذۡ یُرِیكَهُمُ ٱللَّهُ فِی مَنَامِكَ قَلِیلࣰاۖ وَلَوۡ أَرَىٰكَهُمۡ كَثِیرࣰا لَّفَشِلۡتُمۡ وَلَتَنَـٰزَعۡتُمۡ فِی ٱلۡأَمۡرِ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَۚ إِنَّهُۥ عَلِیمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ","وَإِذۡ یُرِیكُمُوهُمۡ إِذِ ٱلۡتَقَیۡتُمۡ فِیۤ أَعۡیُنِكُمۡ قَلِیلࣰا وَیُقَلِّلُكُمۡ فِیۤ أَعۡیُنِهِمۡ لِیَقۡضِیَ ٱللَّهُ أَمۡرࣰا كَانَ مَفۡعُولࣰاۗ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ"],"ayah":"قُل لِّلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ إِن یَنتَهُوا۟ یُغۡفَرۡ لَهُم مَّا قَدۡ سَلَفَ وَإِن یَعُودُوا۟ فَقَدۡ مَضَتۡ سُنَّتُ ٱلۡأَوَّلِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق