الباحث القرآني

ولَمّا بَيَّنَ ضَلالَهم في عِبادَتِهِمُ البَدَنِيَّةِ والمالِيَّةِ، وكانَ في كَثِيرٍ مِنَ العِباراتِ السّالِفَةِ القَطْعُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا بِلَفْظِ الماضِي بِالشَّقاءِ، كانَ ذَلِكَ مُوهِمًا لِأنْ يُرادَ مَن أوْقَعَ الكُفْرَ في الزَّمَنِ الماضِي وإنْ تابَ، فَيَكُونُ مُؤَيِّسًا مِنَ التَّوْبَةِ فَيَكُونُ مُوجِبًا لِلثَّباتِ عَلى الكُفْرِ، قالَ تَعالى مُتَلَطِّفًا بِعِبادِهِ مُرْشِدًا لَهم إلى طَرِيقِ الصَّوابِ مُبَيِّنًا المَخْلَصَ مِمّا هم فِيهِ مِنَ الوَبالِ في جَوابِ مَن كَأنَّهُ قالَ: أما لَهم مِن جِبِلَّةٍ يَتَخَلَّصُونَ بِها مِنَ الخَسارَةِ ﴿قُلْ لِلَّذِينَ﴾ أيْ: لِأجْلِ الَّذِينَ ﴿كَفَرُوا﴾ أنِّي أقْبَلُ تَوْبَةَ مَن تابَ مِنهم بِمُجَرَّدِ انْتِهائِهِ عَنْ حالِهِ ﴿إنْ يَنْتَهُوا﴾ أيْ: يَتَجَدَّدُ لَهم وقْتًا ما الِانْتِهاءُ عَنْ مُغالَبَتِهِمْ بِالِانْتِهاءِ عَنْ كُفْرِهِمْ فَيَذِلُّوا لِلَّهِ ويَخْضَعُوا لِأوامِرِهِ ﴿يُغْفَرْ لَهُمْ﴾ بَناهُ لِلْمَفْعُولِ لِأنَّ النّافِعَ نَفْسُ الغُفْرانِ وهو (p-٢٨٠)مَحْوُ الذَّنْبِ ﴿ما قَدْ سَلَفَ﴾ أيْ: مِمّا اجْتَرَحُوهُ كائِنًا ما كانَ فَيُمْحى عَيْنًا وأثَرًا فَلا عِقابَ عَلَيْهِ ولا عِتابَ ﴿وإنْ﴾ أيْ: وإنْ يَثْبُتُوا عَلى كُفْرِهِمْ و﴿يَعُودُوا﴾ أيْ: إلى المُغالَبَةِ ﴿فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ﴾ أيْ: طَرِيقَةُ ﴿الأوَّلِينَ﴾ أيْ: وُجِدَتْ وانْقَضَتْ ونَفَذَتْ فَلا مَرَدَّ لَها بِدَلِيلِ ما سُمِعَ مِن أخْبارِ الماضِينَ وشُوهِدَ مَن حالِ أهْلِ بَدْرٍ مِمّا أوْجَبَ القَطْعَ بِأنَّ اللَّهَ مَعَ المُؤْمِنِينَ وعَلى الكافِرِينَ، ومَن كانَ مَعَهُ نُصِرَ، ومَن كانَ عَلَيْهِ خُذِلَ وأُخِذَ وقُسِرَ ﴿كَتَبَ اللَّهُ لأغْلِبَنَّ أنا ورُسُلِي﴾ [المجادلة: ٢١] ﴿ولَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنْصُرُهُ﴾ [الحج: ٤٠] ﴿والعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [القصص: ٨٣] وإنْ كانَتِ الحَرْبُ سِجالًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب