الباحث القرآني
أمَرَ اللَّهُ - سُبْحانَهُ - رَسُولَهُ ﷺ أنْ يَقُولَ لِلْكُفّارِ هَذا المَعْنى، وسَواءٌ قالَهُ بِهَذِهِ العِبارَةِ أوْ غَيْرِها.
قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ولَوْ كانَ كَما قالَ الكِسائِيُّ إنَّهُ في مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ( قُلْ لِلَّذِينِ كَفَرُوا إنْ تَنْتَهُوا ) يَعْنِي بِالتّاءِ المُثَنّاةِ مِن فَوْقٍ لِما تَأدَّتِ الرِّسالَةُ إلّا بِتِلْكَ الألْفاظِ بِعَيْنِها.
وقالَ في الكَشّافِ: أيْ قُلْ لِأجْلِهِمْ هَذا القَوْلَ، وهو ﴿إنْ يَنْتَهُوا﴾ ولَوْ كانَ بِمَعْنى خاطِبْهم لَقِيلَ: " إنْ تَنْتَهُوا يَغْفِرُ لَكم "، وهي قِراءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ، ونَحْوُهُ ﴿وقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْرًا ما سَبَقُونا إلَيْهِ﴾ ( الأحْقافِ: ١١ ) خاطَبُوا بِهِ غَيْرَهم لِأجْلِهِمْ لِيَسْمَعُوهُ: أيْ إنْ يَنْتَهُوا عَمّا هم عَلَيْهِ مِن عَداوَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وقِتالِهِ بِالدُّخُولِ في الإسْلامِ ﴿يُغْفَرْ لَهم ما قَدْ سَلَفَ﴾ لَهم مِنَ العَداوَةِ انْتَهى، وقِيلَ: مَعْناهُ: إنْ يَنْتَهُوا عَنِ الكُفْرِ.
قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: والحامِلُ عَلى ذَلِكَ جَوابُ الشَّرْطِ بِـ ﴿يُغْفَرْ لَهم ما قَدْ سَلَفَ﴾، ومَغْفِرَةُ ما قَدْ سَلَفَ لا تَكُونُ إلّا لِمُنْتَهٍ عَنِ الكُفْرِ.
وفِي هَذِهِ الآيَةِ دَلِيلٌ عَلى أنَّ الإسْلامَ يَجُبُّ ما قَبْلُهُ ﴿وإنْ يَعُودُوا﴾ إلى القِتالِ والعَداوَةِ أوْ إلى الكُفْرِ الَّذِي هم عَلَيْهِ ويَكُونُ العَوْدُ بِمَعْنى الِاسْتِمْرارِ ﴿فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأوَّلِينَ﴾ هَذِهِ العِبارَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلى الوَعِيدِ، والتَّهْدِيدِ والتَّمْثِيلِ بِمَن هَلَكَ مِنَ الأُمَمِ في سالِفِ الدَّهْرِ بِعَذابِ اللَّهِ: أيْ قَدْ مَضَتْ سُنَّةُ اللَّهِ فِيمَن فَعَلَ مِثْلَ فِعْلِ هَؤُلاءِ مِنَ الأوَّلِينَ مِنَ الأُمَمِ أنْ يُصِيبَهُ بِعَذابٍ، فَلْيَتَوَقَّعُوا مِثْلَ ذَلِكَ.
﴿وقاتِلُوهم حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ أيْ كُفْرٌ، وقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذا في البَقَرَةِ مُسْتَوْفًى ﴿فَإنِ انْتَهَوْا﴾ عَمّا ذُكِرَ ﴿فَإنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ لا يَخْفى عَلَيْهِ ما وقَعَ مِنهم مِنَ الِانْتِهاءِ ﴿وإنْ تَوَلَّوْا﴾ عَمّا أُمِرُوا بِهِ مِنَ الِانْتِهاءِ ﴿فاعْلَمُوا﴾ أيُّها المُؤْمِنُونَ ﴿أنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ﴾ أيْ ناصِرُكم عَلَيْهِمْ ﴿نِعْمَ المَوْلى ونِعْمَ النَّصِيرُ﴾ فَمَن والاهُ فازَ ومِن نَصَرَهُ غَلَبَ.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأوَّلِينَ﴾ قالَ: في قُرَيْشٍ وغَيْرِها يَوْمَ بَدْرٍ، والأُمَمُ قَبْلَ ذَلِكَ.
وأخْرَجَ أحْمَدُ، ومُسْلِمٌ، عَنْ «عَمْرِو بْنِ العاصِ قالَ: لَمّا جَعَلَ اللَّهُ الإسْلامَ في قَلْبِي أتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَدَكَ فَلْأُبايِعْكَ، فَبَسَطَ يَمِينَهُ فَقَبَضْتُ يَدَيْ، قالَ: ما لَكَ ؟ قُلْتُ: أرَدْتُ أنْ أشْتَرِطَ، قالَ: تَشْتَرِطُ ماذا ؟ قُلْتُ: أنْ تَسْتَغْفِرَ لِي، قالَ: أما عَلِمْتَ أنَّ الإسْلامَ يَهْدِمُ ما كانَ قَبْلَهُ، وأنَّ الهِجْرَةَ تَهْدِمُ ما كانَ قَبْلَها، وأنَّ الحَجَّ يَهْدِمُ ما كانَ قَبْلَهُ ؟» .
وقَدْ ثَبَتَ في الصَّحِيحِ مِن حَدِيثِ، ابْنِ مَسْعُودٍ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: الإسْلامُ يَجُبُّ ما قَبْلَهُ، والتَّوْبَةُ تَجُبُّ ما قَبْلَها» وقَدْ فَسَّرَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ قَوْلَهُ - تَعالى -: ﴿فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأوَّلِينَ﴾ بِما مَضى في الأُمَمِ المُتَقَدِّمَةِ مِن عَذابِ مَن قاتَلَ الأنْبِياءَ وصَمَّمَ عَلى الكُفْرِ.
وقالَ السُّدِّيُّ،، ومُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ: المُرادُ بِالآيَةِ يَوْمَ بَدْرٍ.
وفَسَّرَ جُمْهُورُ السَّلَفِ الفِتْنَةَ المَذْكُورَةَ هُنا بِالكُفْرِ.
وقالَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ: بَلَغَنِي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وغَيْرِهِ مِن عُلَمائِنا ﴿حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ حَتّى لا يُفْتَنُ مُسْلِمٌ عَنْ دِينِهِ.
{"ayahs_start":38,"ayahs":["قُل لِّلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ إِن یَنتَهُوا۟ یُغۡفَرۡ لَهُم مَّا قَدۡ سَلَفَ وَإِن یَعُودُوا۟ فَقَدۡ مَضَتۡ سُنَّتُ ٱلۡأَوَّلِینَ","وَقَـٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةࣱ وَیَكُونَ ٱلدِّینُ كُلُّهُۥ لِلَّهِۚ فَإِنِ ٱنتَهَوۡا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِمَا یَعۡمَلُونَ بَصِیرࣱ","وَإِن تَوَلَّوۡا۟ فَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ مَوۡلَىٰكُمۡۚ نِعۡمَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَنِعۡمَ ٱلنَّصِیرُ"],"ayah":"قُل لِّلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ إِن یَنتَهُوا۟ یُغۡفَرۡ لَهُم مَّا قَدۡ سَلَفَ وَإِن یَعُودُوا۟ فَقَدۡ مَضَتۡ سُنَّتُ ٱلۡأَوَّلِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق