الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ الآية، قال ابن عباس: (كانوا يطوفون بالبيت عراة، فأمرهم الله أن يلبسوا ثيابهم ولا يتعروا) [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 159، 160، وابن أبي حاتم 5/ 1464 بسند جيد، وأخرج مسلم في "صحيحه" رقم (3028) كتاب التفسير، باب: في قوله: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ﴾، والنسائي في "سننه" 5/ 233 - 334 كتاب مناسك الحج، وفي "التفسير" 1/ 496، والطبري 8/ 159، 160، وابن أبي حاتم 5/ 1464، والحاكم وصححه 2/ 319 - 320، والواحدي في "الوسيط" 1/ 174، وفي "أسباب النزول" ص 228، 229 من عدة طرق عن ابن عباس قال: (كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة وتقول:
الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أو كُلُّهُ ... وَمَا بَدَا مِنْهُ فَلاَ أُحِلُّهُ
فنزلت هذه الآية ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: 31]، وعند الحاكم، فنزلت هذه الآية: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ﴾ [الأعراف:32]، فلعل الآيتين نزلتا معًا لهذا السبب، والله أعلم. وأخرج الطبري في "تفسيره" 8/ 160، وابن أبي حاتم 5/ 1464 من عدة طرق جيدة عن ابن عباس مثله.]].
قال الكلبي [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 174، والبغوي 3/ 225، و"الخازن" 3/ 223.]]: (والزينة ما وارى العورة، ﴿عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ لصلاة أو طواف).
وقال مجاهد [[أخرجه الطبري 8/ 161، وابن أبي حاتم 3/ 143 أبسند جيد.]] وعطاء [[أخرجه الطبري 8/ 160، 161 من عدة طرق جيدة عن عطاء وسعيد بن جبير وطاوس وإبراهيم النخعي والزهري وقتادة والضحاك وابن زيد قالوا: (كانوا يطوفون بالبيت عراة فأمروا أن يلبسوا الثياب). وقال الرازي في "تفسيره" 14/ 61: (أجمع المفسرون على أن المراد بالزينة هاهنا لبس الثوب الذي يستر العورة) اهـ. والظاهر حمل الآية على العموم، وهو ما يتجمل ويتزين به عند الصلاة، وستر العورة واجب مأمور به مطلقًا، وهذا ظاهر كلام الجمهور. قال ابن كثير في == "تفسيره" 2/ 235: (لهذه الآية وما ورد في معناها من السنة يستحب التجمل عند الصلاة ولا سيما الجمعة ويوم العيد والطيب؛ لأنه من الزينة والسواك؛ لأنه من تمام ذلك، ومن أفضل اللباس البياض) ونحوه قال ابن عطية 7/ 45، وانظر: "تفسير الطبري" 8/ 160، 161، والسمرقندي 1/ 538، و"أحكام القرآن" للكيا الهراسي 3/ 359، 360، ولابن العربي 2/ 779، والقرطبي 7/ 189، و"البحر المحيط" 4/ 290.]]: (ما يستر به عورته ولو عباءة).
قال الفراء والزجاج [["معاني القرآن" للزجاج 2/ 223، والنص منه.]]: (كانت الجاهلية تطوف بالبيت عراة، ويقولون: لا نطوف في ثياب قد أذنبنا فيها، وكانت المرأة تطوف عريانة أيضًا إلا أنها كانت تلبس شيئًا من سيور مقطعة، تسمي ذلك العرب الرهط [[الرَّهْط، بفتح الراء وسكون الهاء: جلد يشق من أسفله أو جلد يشق سيورًا ليمكن المشي فيه يلبسه الصغار والحائض. انظر: "اللسان" 3/ 1753 (رهط).]]).
قال الفراء (وهو شبيه بالحوف [[الحوف، بفتح الحاء وسكون الواو: هو الرهط السابق. انظر: "اللسان" 2/ 1053 (حوف)]] يواريها بعض المواراة، قالت امرأة تطوف وعليها رهط [["معاني الفراء" 1/ 377.]]:
الْيَوَمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أو كُلُّهُ ... وَمَا بَدَا مِنْهُ فَلاَ أُحِلُّهُ [[البيت نسبه الفراء إلى العامرية، وهي ضباعة بنت عامر بن قرط العامرية، كما ذكره ابن العربي في "أحكام القرآن" 2/ 777، والقرطبي 7/ 889، والذهبي في "تجريد أسماء الصحابة" 2/ 284، وابن حجر في "الإصابة" 4/ 353 - 354، ونسبه ابن حجر في 4/ 232 إلى أسماء بنت مخربة بن جند التميمية.]]
تعني: الفرج؛ لأن تلك السيور لا تستر سترًا تامًّا).
قال أصحابنا [[قال الفقهاء: ستر العورة عن العيون واجب بالإجماع، حكاه النووي في "المجموع" 3/ 366 وهي شرط لصحة الصلاة عند الجمهور الشافعي وأحمد وأصحاب الرأي. انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي 2/ 778، و"المغني" 2/ 283، و"روضة الطالبين" 1/ 388، و"الفتاوى" 22/ 109، و"نيل الأوطار" 2/ 73.]]. وهذه الآية دليل على وجوب ستر العورة للصلاة والطواف بالبيت، والطواف صلاة، قال رسول الله ﷺ: "الطواف بالبيت صلاة، إلا أن الله أباح فيه الكلام" [[الحديث أخرجه أحمد في "المسند" 3/ 414، 4/ 64، 5/ 377، والنسائي في "سننه" في كتاب المناسك، باب: إباحة الكلام في الطواف 5/ 222 عن الحسن ابن مسلم المكي عن طاوس عن رجل أدرك النبي ﷺ، وأخرجه الدارمي 2/ 1165 (1889) في كتاب المناسك: باب: الكلام في الطواف، والترمذي رقم (960) كتاب المناسك، باب: الكلام في الطواف، وابن خزيمة 4/ 222 (2739)، والبيهقي 5/ 85 من عدة طرق عن عطاء بن السائب عن طاوس عن ابن عباس عن النبي ﷺ، وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 2/ 266 - 267 من طرق عن عطاء بن السائب، والقاسم بن أبي أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي ﷺ.
قال الحاكم: (حيث صحيح على شرط مسلم) ووافقه الذهبي في "التلخيص"، وقد روي الحديث مرفوعًا تارة وموقوفًا أخرى، ورجح جماعة وقفه كالترمذي وغيره، وقد صححه الألباني في الإرواء 1/ 154 - 158. واستقصى طرقه، ثم قال: (وبالجملة الحديث مرفوع صحيح، ووروده أحيانًا موقوفًا لا يعله) اهـ.
وقال شيخ الإسلام في "الفتاوى" 21/ 273 - 274، 26/ 126 - 193، 211: (لا يشترط للطواف شروط الصلاة، وهذا قول أكثر السلف، وهو مذهب أبي حنيفة، ورواية عن أحمد، وهذا القول هو الصواب، فإن المشترطين ليس معهم حجة إلا قوله ﷺ: "الطواف بالبيت صلاة" وهذا حديث يروى موقوفًا ومرفوعًا، وأهل المعرفة بالحديث لا يصححونه إلا موقوفًا ويجعلونه من كلام ابن عباس لا يثبتون رفعه، وبكل حال فلا حجة فيه والأدلة الشرعية تدل على خلاف ذلك، والذين أوجبوا الوضوء للطواف ليس معهم حجة أصلاً فإنه لم ينقل أحد عن النبي ﷺ لا بإسناد صحيح ولا ضعيف أنه أمر بالوضوء للطواف ..) اهـ. ملخصًا.]].
وقوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا﴾، قال أكثر المفسرون: (كان أهل الجاهلية لا يأكلون من الطعام في أيام حجهم إلا قوتًا، ولا يأكلون دسمًا، يعظمون بذلك حجهم، فقال المسلمون: نحن أحق أن نفعل، فأنزل الله تعالى [[لفظ: (تعالى) ساقط من (ب).]]: ﴿وَكُلُوا﴾ يعني: اللحم والدسم، ﴿وَاشْرَبُوا﴾) [[انظر: "تفسير الطبري" 8/ 162، والسمرقندي 1/ 538، والماوردي 2/ 218، وحكاه الواحدي في "أسباب النزول" ص 230 عن الكلبي.]]، وهذا القول اختيار الفراء [["معاني الفراء" 1/ 277.]].
وقال عطاء عن ابن عباس: (﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا﴾ يريد: حلالًا) [[أخرج الطبري في "تفسيره" 8/ 162، وابن أبي حاتم 5/ 1465 بسند جيد عن ابن عباس قال: (أحل الله الأكل والشرب ما لم يكن سَرَفًا أو مَخِيلة).]]، وهذا القول اختيار الزجاج، وبينه فقال: (إنهم ادعوا [[في (ب): (إنهم دعو)، وهو تحريف.]] أن الله حرم عليهم شيئاً مما في بطون الأنعام، وحرم عليهم البحيرة والسائبة، وأمرهم الله عز وجل أن يأكلوا ما [[في (ب): (مما زعموا).]] زعموا أن الله حرمه مما لم يحرمه، وأن يشربوا مما زعموا أن الله حرمه؛ لأن ألبان البحيرة [والسائبة [[ما بين المعقوفين ساقط من أصل (أ)، وملحق بالهامش.]] كانت عندهم حرامًا) [["معاني الزجاج" 2/ 332 - 333.]]].
وقوله تعالى: ﴿وَلَا تُسْرِفُوا﴾ [[الآية ساقطة من أصل (أ) وملحقة بالهامش.]] معناه على القول الأول: لا تسرفوا حتى يبلغ بكم ذلك تحريم ما أحللت [[في (أ): (ما أحلت)، وهو تحريف.]] لكم. أي: لا تسرفوا بحظركم على أنفسكم ما قد أحللته لكم، أي: من اللحم والدسم، وهذا معنى قول الفراء [["معاني الفراء" 1/ 337.]].
وقال الزجاج: (الإسراف أن يأكل ما لا يحل أكله مما حرم الله عز وجل؛ أن يؤكل منه شيء، أو يأكل ما أحل الله فوق مقدار الحاجة، فأعلم الله أنه لا يحب من أسرف، ومن لم يحببه الله فهو في النار) [["معاني الزجاج" 2/ 333، وانظر: "تفسير الطبري" 8/ 162، والسمرقندي 1/ 538، والماوردي 2/ 218، والآية عامة في أكل وشرب ما أحله الله تعالى ورسوله ﷺ ونهى عن السرف مطلقًا ويدخل فيه من حلل حرامًا أو حرم حلال، وهذا قول عامة أهل العلم. انظر: "تفسير ابن عطية" 5/ 482، والرازي 14/ 62، والقرطبي 7/ 191 - 195، وابن كثير 2/ 236.]].
{"ayah":"۞ یَـٰبَنِیۤ ءَادَمَ خُذُوا۟ زِینَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدࣲ وَكُلُوا۟ وَٱشۡرَبُوا۟ وَلَا تُسۡرِفُوۤا۟ۚ إِنَّهُۥ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُسۡرِفِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق