الباحث القرآني

هَذا خِطابٌ لِجَمِيعِ بَنِي آدَمَ وإنْ كانَ وارِدًا عَلى سَبَبٍ خاصٍّ، فالِاعْتِبارُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لا بِخُصُوصِ السَّبَبِ والزِّينَةُ ما يَتَزَيَّنُ بِهِ النّاسُ مِنَ المَلْبُوسِ، أُمِرُوا بِالتَّزَيُّنِ عِنْدَ الحُضُورِ إلى المَساجِدِ لِلصَّلاةِ والطَّوافِ. وقَدِ اسْتُدِلَّ بِالآيَةِ عَلى وُجُوبِ سَتْرِ العَوْرَةِ في الصَّلاةِ، وإلَيْهِ ذَهَبَ جُمْهُورُ أهْلِ العِلْمِ، بَلْ سَتْرُها واجِبٌ في كُلِّ حالٍ مِنَ الأحْوالِ وإنْ كانَ الرَّجُلُ خالِيًا كَما دَلَّتْ عَلَيْهِ الأحادِيثُ الصَّحِيحَةُ، والكَلامُ عَلى العَوْرَةِ وما يَجِبُ سَتْرُهُ مِنها مُفَصَّلٌ في كُتُبِ الفُرُوعِ. قَوْلُهُ: ﴿وكُلُوا واشْرَبُوا ولا تُسْرِفُوا﴾ أمَرَ اللَّهُ سُبْحانَهُ عِبادَهُ بِالأكْلِ والشُّرْبِ، ونَهاهم عَنِ الإسْرافِ فَلا زُهْدَ في تَرْكِ مَطْعَمٍ ولا مَشْرَبٍ، وتارِكُهُ بِالمَرَّةِ قاتِلٌ لِنَفْسِهِ وهو مِن أهْلِ النّارِ، كَما صَحَّ في الأحادِيثِ الصَّحِيحَةِ، والمُقَلِّلُ مِنهُ عَلى وجْهٍ يَضْعُفُ بِهِ بَدَنُهُ ويَعْجَزُ عَنِ القِيامِ بِما يَجِبُ عَلَيْهِ القِيامُ بِهِ مِن طاعَةٍ أوْ سَعْيٍ عَلى نَفْسِهِ وعَلى مَن يَعُولُ مُخالِفٌ لِما أمَرَ اللَّهُ بِهِ وأرْشَدَ إلَيْهِ، والمُسْرِفُ في إنْفاقِهِ عَلى وجْهٍ لا يَفْعَلُهُ إلّا أهْلُ السَّفَهِ والتَّبْذِيرِ مُخالِفٌ لِما شَرَعَهُ اللَّهُ لِعِبادِهِ واقِعٌ في النَّهْيِ القُرْآنِيِّ، وهَكَذا مَن حَرَّمَ حَلالًا أوْ حَلَّلَ حَرامًا، فَإنَّهُ يَدْخُلُ في المُسْرِفِينَ ويَخْرُجُ عَنِ المُقْتَصِدِينَ. ومِنَ الإسْرافِ الأكْلُ لا لِحاجَةٍ، وفي وقْتِ شَبَعٍ. قَوْلُهُ: ﴿قُلْ مَن حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أخْرَجَ لِعِبادِهِ﴾ الزِّينَةُ ما يَتَزَيَّنُ بِهِ الإنْسانُ مِن مَلْبُوسٍ أوْ غَيْرِهِ مِنَ الأشْياءِ المُباحَةِ كالمَعادِنِ الَّتِي لَمْ يَرِدْ نَهْيٌ عَنِ التَّزَيُّنِ بِها والجَواهِرِ ونَحْوِها، وقِيلَ: المَلْبُوسُ خاصَّةً ولا وجْهَ لَهُ، بَلْ هو مِن جُمْلَةِ ما تَشْمَلُهُ الآيَةُ، فَلا حَرَجَ عَلى مَن لَبِسَ الثِّيابَ الجَيِّدَةَ الغالِيَةَ القِيمَةِ إذا لَمْ يَكُنْ مِمّا حَرَّمَهُ اللَّهُ، ولا حَرَجَ عَلى مَن تَزَيَّنَ بِشَيْءٍ مِنَ الأشْياءِ الَّتِي لَها مَدْخَلٌ في الزِّينَةِ ولَمْ يَمْنَعْ مِنها مانِعٌ شَرْعِيٌّ، ومَن زَعَمَ أنَّ ذَلِكَ يُخالِفُ الزُّهْدَ فَقَدْ غَلِطَ غَلَطًا بِيِّنًا. وقَدْ قَدَّمْنا في هَذا ما يَكْفِي، وهَكَذا الطَّيِّباتُ مِنَ المَطاعِمِ والمُشارِبِ ونَحْوِهِما مِمّا يَأْكُلُهُ النّاسُ فَإنَّهُ لا زُهْدَ في تَرْكِ الطَّيِّبِ مِنها، ولِهَذا جاءَتِ الآيَةُ هَذِهِ مُعَنْوَنَةً بِالِاسْتِفْهامِ المُتَضَمِّنِ لِلْإنْكارِ عَلى مَن حَرَّمَ ذَلِكَ عَلى نَفْسِهِ أوْ حَرَّمَهُ عَلى غَيْرِهِ. وما أحْسَنَ ما قالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: ولَقَدْ أخْطَأ مَن آثَرَ لِباسَ الشَّعْرِ والصُّوفِ عَلى لِباسِ القُطْنِ والكِتّانِ مَعَ وُجُودِ السَّبِيلِ إلَيْهِ مِن حِلِّهِ، ومَن أكَلَ البُقُولَ والعَدَسَ واخْتارَهُ عَلى خُبْزِ البُرِّ، ومَن تَرَكَ (p-٤٧٢)أكْلَ اللَّحْمِ خَوْفًا مِن عارِضِ الشَّهْوَةِ وقَدْ قَدَّمْنا نَقْلَ مِثْلِ هَذا عَنْهُ مُطَوَّلًا. والطَّيِّباتُ المُسْتَلَذّاتُ مِنَ الطَّعامِ، وقِيلَ: هو اسْمٌ عامٌّ لِما طابَ كَسْبًا ومَطْعَمًا: قَوْلُهُ: ﴿قُلْ هي لِلَّذِينَ آمَنُوا في الحَياةِ الدُّنْيا﴾ أيْ أنَّها لَهم بِالأصالَةِ وإنْ شارَكَهُمُ الكُفّارُ فِيها ما دامُوا في الحَياةِ " ﴿خالِصَةً يَوْمَ القِيامَةِ﴾ " أيْ مُخْتَصَّةً بِهِمْ يَوْمَ القِيامَةِ لا يُشارِكُهم فِيها الكُفّارُ. وقَرَأ نافِعٌ " خالِصَةٌ " بِالرَّفْعِ، وهي قِراءَةُ ابْنِ عَبّاسٍ، عَلى أنَّها خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ. وقَرَأ الباقُونَ بِالنَّصْبِ عَلى الحالِ. قالَ أبُو عَلِيٍّ الفارِسِيُّ: ولا يَجُوزُ الوَقْفُ عَلى الدُّنْيا لِأنَّ ما بَعْدَها مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ حالٌ مِنهُ بِتَقْدِيرِ: قُلْ هي ثابِتَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا في الحَياةِ الدُّنْيا في حالِ خُلُوصِها لَهم يَوْمَ القِيامَةِ. قَوْلُهُ: ﴿كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ أيْ مِثْلُ هَذا التَّفْصِيلِ نُفَصِّلُ الآياتِ المُشْتَمِلَةَ عَلى التَّحْلِيلِ والتَّحْرِيمِ. قَوْلُهُ: ﴿قُلْ إنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الفَواحِشَ﴾ جَمْعُ فاحِشَةٍ وقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُها ما ظَهَرَ مِنها وما بَطَنَ أيْ ما أُعْلِنَ مِنها وما أُسِرَّ، وقِيلَ: هي خاصَّةٌ بِفَواحِشِ الزِّنا ولا وجْهَ لِذَلِكَ، والإثْمُ يَتَناوَلُ كُلَّ مَعْصِيَةٍ يَتَسَبَّبُ عَنْها الإثْمُ، وقِيلَ: هو الخَمْرُ خاصَّةً، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎شَرِبْتُ الإثْمَ حَتّى ضَلَّ عَقْلِي كَذاكَ الإثْمُ تَذْهَبُ بِالعُقُولِ ومِثْلُهُ قَوْلُ الآخَرِ: ؎يَشْرَبُ الإثْمَ بِالصُّواعِ جِهارًا وقَدْ أنْكَرَ جَماعَةٌ مِن أهْلِ العِلْمِ عَلى مَن جَعَلَ الإثْمَ خاصًّا بِالخَمْرِ. قالَ النَّحّاسُ: فَأمّا أنْ يَكُونَ الإثْمُ الخَمْرَ فَلا يُعْرَفُ ذَلِكَ، وحَقِيقَتُهُ أنَّهُ جَمِيعُ المَعاصِي، كَما قالَ الشّاعِرُ: ؎إنِّي وجَدْتُ الأمْرَ أرْشَدُهُ ∗∗∗ تَقْوى الإلَهِ وشَرُّهُ الإثْمُ قالَ الفَرّاءُ: الإثْمُ ما دُونُ الحَقِّ والِاسْتِطالَةُ عَلى النّاسِ انْتَهى. ولَيْسَ في إطْلاقِ الإثْمِ عَلى الخَمْرِ ما يَدُلُّ عَلى اخْتِصاصِهِ بِهِ، فَهو أحَدُ المَعاصِي الَّتِي يَصْدُقُ عَلَيْها. قالَ في الصِّحاحِ: وقَدْ يُسَمّى الخَمْرُ إثْمًا، وأنْشَدَ: شَرِبْتُ الإثْمَ البَيْتَ، وكَذا أنْشَدَهُ الهَرَوِيُّ قَبْلَهُ في غَرِيبَتِهِ. قَوْلُهُ: ﴿والبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ﴾ " أيِ الظُّلْمُ المُجاوِزُ لِلْحَدِّ، وأفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ بَعْدَ دُخُولِهِ فِيما قَبْلَهُ لِكَوْنِهِ ذَنْبًا عَظِيمًا كَقَوْلِهِ: ﴿ويَنْهى عَنِ الفَحْشاءِ والمُنْكَرِ والبَغْيِ﴾ ( النَّحْلِ: ٩٠ ) ﴿وأنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطانًا﴾ أيْ وأنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ شَرِيكًا لَمْ يُنَزِّلْ عَلَيْكم بِهِ حُجَّةً. والمُرادُ التَّهَكُّمُ بِالمُشْرِكِينَ، لِأنَّ اللَّهَ لا يُنَزِّلُ بُرْهانًا بِأنْ يَكُونَ غَيْرُهُ شَرِيكًا لَهُ ﴿وأنْ تَقُولُوا عَلى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ﴾ بِحَقِيقَتِهِ وأنَّ اللَّهَ قالَهُ، وهَذا مِثْلُ ما كانُوا يَنْسُبُونَ إلى اللَّهِ سُبْحانَهُ مِنَ التَّحْلِيلاتِ والتَّحْرِيماتِ الَّتِي لَمْ يَأْذَنْ بِها. وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، ومُسْلِمٌ، والنَّسائِيُّ، وغَيْرُهم عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّ النِّساءَ كُنَّ يَطُفْنَ عُراةً إلّا أنْ تَجْعَلَ المَرْأةُ عَلى فَرْجِها خِرْقَةً وتَقُولُ: اليَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أوْ كُلُّهُ وما بَدا مِنهُ فَلا أُحِلُّهُ فَنَزَلَتْ ﴿خُذُوا زِينَتَكم عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْهُ في الآيَةِ قالَ: كانَ الرِّجالً يَطُوفُونَ بِالبَيْتِ عُراةً فَأمَرَهُمُ اللَّهُ بِالزِّينَةِ. والزِّينَةُ: اللِّباسُ وما يُوارِي السَّوْءَةَ وما سِوى ذَلِكَ مِن جَيِّدِ البُرِّ والمَتاعِ. وأخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «خُذُوا زِينَةَ الصَّلاةِ، قالُوا: وما زِينَةُ الصَّلاةِ ؟ قالَ: البَسُوا نِعالَكم فَصَلُّوا فِيها» . وأخْرَجَ العُقَيْلِيُّ وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وابْنُ عَساكِرَ، عَنْ أنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - «فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿خُذُوا زِينَتَكم عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ قالَ: صَلُّوا في نِعالِكم» . والأحادِيثُ في مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلاةِ في النَّعْلِ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وأمّا كَوْنُ ذَلِكَ هو تَفْسِيرُ الآيَةِ كَما رُوِيَ في هَذَيْنِ الحَدِيثَيْنِ فَلا أدْرِي كَيْفَ إسْنادُهُما. وقَدْ ورَدَ النَّهْيُ عَنْ أنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ في الثَّوْبِ الواحِدِ لَيْسَ عَلى عاتِقِهِ مِنهُ شَيْءٌ، وهو في الصَّحِيحَيْنِ وغَيْرِهِما، مِن حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: أحَلَّ اللَّهُ الأكْلَ والشُّرْبَ ما لَمْ يَكُنْ سَرَفًا أوْ مَخِيلَةً. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْهُ في قَوْلِهِ: إنَّهُ لا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ قالَ: في الطَّعامِ والشَّرابِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ مِن طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - قالَ: «كُلُوا واشْرَبُوا وتَصَدَّقُوا والبَسُوا في غَيْرِ مَخِيلَةٍ ولا سَرَفٍ، فَإنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ يُحِبُّ أنْ يَرى أثَرَ نِعْمَتِهِ عَلى عَبْدِهِ» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: كانَتْ قُرَيْشٌ تَطُوفُ بِالبَيْتِ وهم عُراةٌ يُصَفِّرُونَ ويُصَفِّقُونَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿قُلْ مَن حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ﴾ فَأُمِرُوا بِالثِّيابِ أنْ يَلْبَسُوها قُلْ هي لِلَّذِينَ آمَنُوا في الحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ القِيامَةِ قالَ: يَنْتَفِعُونَ بِها في الدُّنْيا لا يَتْبَعُهم فِيها مَأْثَمٌ يَوْمَ القِيامَةِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ الضَّحّاكِ، ﴿قُلْ هي لِلَّذِينَ آمَنُوا في الحَياةِ الدُّنْيا﴾ قالَ: المُشْرِكُونَ يُشارِكُونَ المُؤْمِنِينَ في زَهْرَةِ الدُّنْيا وهي خالِصَةٌ يَوْمَ القِيامَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ دُونَ المُشْرِكِينَ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، ﴿والطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ قالَ: الوَدَكُ واللَّحْمُ والسَّمْنُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْهُ قالَ: كانَ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ يُحَرِّمُونَ أشْياءَ أحَلَّها اللَّهُ مِنَ الثِّيابِ وغَيْرِها، وهو قَوْلُ اللَّهِ: ﴿قُلْ أرَأيْتُمْ ما أنْزَلَ اللَّهُ لَكم مِن رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنهُ حَرامًا وحَلالًا﴾ ( يُونُسَ: ٥٩ ) وهَذا هَذا، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿قُلْ مَن حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أخْرَجَ لِعِبادِهِ والطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هي لِلَّذِينَ آمَنُوا في الحَياةِ الدُّنْيا﴾ يَعْنِي شارَكَ المُسْلِمُونَ الكُفّارَ في الطَّيِّباتِ في الحَياةِ الدُّنْيا فَأكَلُوا مِن طَيِّباتِ طَعامِها ولَبِسُوا مِن جِيادِ ثِيابِها ونَكَحُوا مِن صالِحِي نِسائِها، ثُمَّ يُخْلِصُ اللَّهُ الطَّيِّباتِ في الآخِرَةِ لِلَّذِينَ آمَنُوا ولَيْسَ لِلْمُشْرِكِينَ فِيها شَيْءٌ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: ما ظَهَرَ مِنها العُرْيَةُ، وما بَطَنَ الزِّنا، وكانُوا يَطُوفُونَ بِالبَيْتِ عُراةً. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، (p-٤٧٣)عَنْ مُجاهِدٍ في الآيَةِ قالَ: ما ظَهَرَ مِنها طَوافُ الجاهِلِيَّةِ عُراةً، وما بَطَنَ الزِّنا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ السُّدِّيِّ، في قَوْلِهِ: والإثْمُ قالَ المَعْصِيَةُ: والبَغْيُ قالَ: أنْ يَبْغِيَ عَلى النّاسِ بِغَيْرِ حَقٍّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب