الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ الآية. (نجيناكم): أصله على النجوة، وهي ما ارتفع واتسع من الأرض، ثم يسمى [[في (ب): (سمى).]] كل فائز ناجيا، كأنه خرج من الضيق والشدة إلى الرخاء والراحة، ومنه قوله: ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ﴾ [يونس: 92]، أي نلقيك على نجوة [["تفسير الثعلبي" 1/ 70 أ، انظر: "تهذيب اللغة" (نجا) 4/ 3510، و"تفسير القرطبي" 1/ 325.]]. وقوله تعالى: ﴿مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ [[في (ب): (وقوله: لال (اختلف ..).]]. اختلف أهل العربية في (الآل)، واشتقاقه من اللغة، وأصله. فقال جماعة: أصله [[في (أ)، (ج): (وأصله) بزيادة واو، وأثبت ما في (ب)، لأنه أصح في السياق.]] من [[(من) مكررة في (ج).]] الأَوْل بمعنى الرجوع، فال الرجل كأنه شيعته الذين يؤولون إليه ويؤول إليهم، ومن هذا سمى السراب (آلا)، لأنه يتردد كأنه يرجع بعضه إلى بعض كالماء، وآل الرجل: شخصه، لأنه يتردد معه لا يفارقه، والآلة: الحالة [[انظر: "التهذيب" (آل) 1/ 185، "مقاييس اللغة" (أَوَل) 1/ 159 - 161، "نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر" ص 122، "اللسان" 1/ 175.]] في قول الخنساء [[في (ج): (الخنسى الخنسا). والخنساء هي: تُماضر: بضم التاء وكسر الضاد، بنت عمرو بن الشريد بن سليم، قدمت على الرسول ﷺ مع قومها من بني سليم، وأسلمت معهم. شاعرة مشهور، استحسن النبي ﷺ شعرها، وانظر ترجمتها في "الشعر والشعراء" ص213، "الإصابة" 4/ 287.]]: سأَحْمِلُ نَفْسِي عَلَى آلَةٍ ... فَإِمَّا عَلَيْهَا وَإِمَّا لَهَا [[من قصيدة من غرر مراثيها في أخيها معاوية، وقيل: في رثاء صخر، وقولها: على آلة: على حالة وعلى خطة، فإما ظفرت وإما هلكت، انظر: "شرح ديوان الخنساء" ص 84، "مقاييس اللغة" (أول) 1/ 162.]] لأنها تنقلب فتعود تارة إلى إنسان وتذهب تارة، هذا معنى الآل في اللغة. ثم شبه بآل الرجل أشياء تسمى بهذا الاسم وإن لم فيه معنى الأول، كعمد الخيمة [[انظر: "مقاييس اللغة" (أول) 1/ 161، "اللسان" (أول) 1/ 174 - 175.]] تسمى آلا، تشبيها بآل الإنسان. وآل البعير: ألواحه [[في (أ)، (ج): (الوجه) وأثبت ما في (ب) لأنه موافق لما في كتب اللغة. قال ابن فارس: آل البعير ألواحه وما أشرف من أقطار جسمه "مقاييس اللغة" (أول) 1/ 161، وانظر: "اللسان" (أول) 1/ 173.]]، وقال [[(الواو) ساقطة من (ب).]] الشاعر: تَعَلَّمْتُ با جاد [[كذا في جميع النسخ، ومثله في "معاني القرآن" للفراء1/ 369، وفي "اللسان" (باجادا) 7/ 4178.]] وآلَ مُرَامِرٍ ... وَسَوَّدْتُ أَثْوابِي وَلَسْتُ بِكَاتِبِ [[مرامر بن مرة رجل من طيئ، قيل: إنه أول من وضع الهجاء، وآل: حروف الهجاء، لأنه شهر بها أو لأنه سمى أولاد الثمانية بأسماء جملها. ذكر البيت الفراء في "معاني القرآن"، وقال: أنشدني الحارثي 1/ 369، وهو في "اللسان" (مرر) 7/ 4178.]] ومرامر رجل وضع الهجاء، فسمى حروف الهجاء آل مرامر. ويقال للحواميم آل حم، ومنه قول الكميت: وَجَدْنَا لَكُمْ فِي آلِ [[كذا في جميع النسخ، وفي بعض المصادر، (حميم).]] حم آيةً ... فَأَوَّلَهَا [[في (ب): (بأولها) والرواية المشهورة للبيت (تأولها).]] مِنَّا تَقِيٌّ وَمُعْرِبُ [[البيت في ذكر بني هاشم، وكان الكميت متشيعا، يقول: وجدنا في سور (آل حميم) وهي التي أولها (حم) والآية: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ [الشورى: 23]، يقول: من تأول هذه الآية لم يسعه إلا التشيع لآل البيت، على تقية، أو على غير تقية، والمعرب: المعلن لما في نفسه، انظر: "الكتاب" 3/ 257، "المقتضب" 1/ 238، 3/ 356، "الحجة" لابن خالوية ص312، "تهذيب اللغة" (عرب) 3/ 2379، (طسن) 3/ 2192، "المخصص" 17/ 37، "اللسان": (عرب) 5/ 2865، (حمم) 2/ 1006، ولم أجده في شعر الكميت.]] فعلى قول هؤلاء [[أي: على قول الذين قالوا: أصله (من آل يؤول أولاً) من الرجوع.]] تصغير الآل (أُويَلْ)، حكاه الفراء عن الكسائي [["تهذيب اللغة" (آل) 15/ 438، "المشكل" لمكي 1/ 46، و"الدر المصون" 1/ 341.]]، وكان أصله همزتان، فعوضت من أحدهما مدة. وقال أبو الفتح الموصلي (آل) [[في (ب): (ان). أخذ كلام أبي الفتح من "سر صناعة الأعراب" 1/ 101.]] أصله: أهل، ثم أبدلت الهاء همزة، كما قيل: هَنَرْتُ الثوب [[في (ب): (هيرت الثوب وايرته). قوله. (هنرت الثوب وأنزته وإياك وهياك) وردت في "سر صناعة الأعراب" 2/ 551 عند كلامه عن إبدال الهاء من الهمزة ومعنى (هنرت الثوب): جعلت له علما، ثم قلبوا الهاء همزة فقالوا: أنرت الثوب. انظر: "تهذيب اللغة" (آل) 15/ 438، "البيان" 1/ 37.]] وأنَرْتُه، وإياك وهِيَّاك. فصار: (أَأْل) فلما توالت الهمزتان، أبدلت الثانية ألفا، كما قالوا: آدم وآخر، وفي الفعل: آمن ونحوه. فالألف في (آل) [[في (ج): (الال).]] بدل من بدل [[(بدل من) ساقط من (ب).]] من الأصل [[الألف في (آل) بدل من الهمزة، والهمزة بدل من الهاء والهاء أصل. انظر "سر صناعة الأعراب" 1/ 101. وذهب أبو جعفر النحاس إلى أن (الألف) في (آل) بدل من الهاء مباشرة، انظر: "إعراب القرآن" 1/ 172 - 1732.]]، فجرت في ذلك مجرى التاء في القسم، فلذلك لا يستعمل (آل) في كل موضع يستعمل فيه (أهل) فلا يقال: انصرف إلى آلك، كما يقال: انصرف إلى أهلك، وكذلك لا يقال: آلك والليل، كما يقال أهلك والليل، وغير ذلك مما يطول ذكره. بل خصوا بالآل الأشرف والأخص دون الشائع الأعم، حتى لا يقال إلا في نحو قولهم القراء آل الله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد [[انظر: "معاني القرآن" للأخفش 1/ 265، و"تفسير الطبري" 1/ 37.]]، ﴿وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ [غافر: 28]، وكذلك ما أنشده أبو العباس للفرزدق: نَجَوْتَ وَلَمْ يَمْنُنْ عَلَيْكَ [[في (ب): (ومن يمن على).]] طَلاَقَةً ... سِوى رَبِذِ [[في (ب) (زبد).]] التَّقْرِيبِ مِنْ آلِ أَعْوَجَا [[في "الديوان": (خرجت) بدل (نجوت) ومعنى (الرَّبِذ): المشي الخفيف، (التقريب): ضرب من السير يقارب فيه الخطو، (أعوج): فرس مشهور. ورد البيت في "سر صناعة الأعراب" 1/ 102، "ديوان الفرزدق" 1/ 117.]] لأن أعوج فيهم فرس [[في (ب): (فرش).]] مشهوَر، فلذلك قال: آل أعوج، ولا يقال: آل الخياط كما يقال: أهل الخياط، ولا آل الإسكاف [[(الإسكاف) نوع من الصناع، واسم لموضعين بنواحي النهروان من عمل بغداد. انظر: "القاموس" (سكف) ص 820، "معجم البلدان" 1/ 181.]] كما يقال: أهل الإسكاف. كما أن التاء في القسم لما كانت بدلا من بدل [[قال أبو الفتح (.. فجرت في ذلك مجرى التاء في القسم، لأنها بدل من الواو فيه، والواو بدل من الباء ..) "سر صناعة الأعراب" 1/ 102.]] وكانت فرع الفرع اختصت بأشرف الأسماء وأشهرها، وهو الله [[لفظ الجلالة غير موجود في (ب).]] عز اسمه. ولا يجوز أن يكون، ألف (آل) بدلا من الهاء، لأن الهاء لم تقلب ألفا في غير هذا الموضع، فيقاس [[في (ب): (فقياس).]] هذا عليه، وإنما تقلب الهاء همزة [[ذكر أبو الفتح قلب الهاء همزة في "سر صناعة الأعراب" 2/ 551، ونقل الواحدي عنه بعض الجمل في هذا الموضع.]] كما ذكرنا [[هذا آخر ما نقله المؤلف عن أبي الفتح بتصرف، "سر صناعة الأعراب" 1/ 100 - 102 والخلاصة أن في (آل) ثلاثة أقوال: 1 - أصله (أهل) أبدلت الهاء همزة، ثم أبدلت الهمزة ألفًا. == 2 - أصله: (أهل) ثم قلبت الهاء ألفا من دون قلبها همزة وهو قول النحاس كما سبق. 3 - وقيل: أصله: (أأول) من (آل يؤل). انظر "البيان" 1/ 81، "الإملاء" 1/ 35، "الدر المصون" 1/ 341.]]. وهذا الذي ذكره أبو الفتح مذهب البصريين، ويقولون في التصغير: (أُهَيْل) [[وقيل: يصغر على (أُوَيْل) انظر: "تفسير الطبري" 1/ 270، "سر صناعة الأعراب" 1/ 105، "تهذيب اللغة" 15/ 438، "البيان" 1/ 81.]] بالهاء. فمعنى (آل فرعون) أتباعه وأهل دينه [[انظر: "تفسير الطبري" 1/ 270، "معاني القرآن" للزجاج 1/ 100.]]. (وفرعون) اسم لملوك العمالقة، كما يقال لملك الروم: (قيصر)، ولملك الفرس: (كسرى) ولملك الترك (خاقان) [[انظر: "تفسير الطبري" 1/ 270، "الكشاف" 1/ 279، "القرطبي" 1/ 327.]]. وقال بعض أهل اللغة: فرعون بلغة القبط، وهو التمساح [[انظر: "تهذيب اللغة" 3/ 2777، (الرباعي من حرف العين)، قال السهيلي عن المسعودي ولا يعرف له تفسير بالعربية. "التعريف والأعلام" ص 21، وانظر: "تفسير القرطبي" 1/ 327.]]، ويقال: تفرعن الرجل إذا تشبه بفرعون في سوء أفعاله [[انظر: "الصحاح" (فرعن) 6/ 2177، "الكشاف" 1/ 279.]]. وقوله تعالى: ﴿يَسُومُونَكُمْ﴾. (السوم) أن تُجشّم [[في (ج): (شجبتم).]] إنساناً مشقةً وسوءاً أو ظلماً [[ذكره الأزهري عن الليث، وفيه (.. أو سوءا ..) "تهذيب اللغة" (سام) 2/ 1600، "اللسان" (سوم) 4/ 2158.]]. وقال شمر: ساموهم سوء العذاب، أي: أرادوهم به. وقيل: عرضوا عليهم من السوم الذي هو عرض السلعة على البيع [["تهذيب اللغة" (سام) 2/ 1600، "اللسان" (سوم) 4/ 2157.]]. وقال أبو عبيدة: يسومونكم: يولونكم، يقال: سُمْته الذل، أي: أوليته إياه [["مجاز القرآن" 1/ 40، "تفسير الغريب" لابن قتيبة ص 48.]]. و ﴿سُوءَ العَذَابِ﴾: ما ساءهم، والسوء اسم جامع للآفات والدواء [[ذكره الأزهري عن الليث. "التهذيب" (ساء) 2/ 1583، وانظر: "تفسير الطبري" 1/ 271.]]. والزجاج وغيره: سوء العذاب: شديد العذاب [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 100، وانظر: "تفسير الثعلبي" 1/ 70 أ، و"تفسير أبي الليث" 1/ 117، و"العمدة في غريب القرآن" لمكي ص 75. قال الطبري: وقد قال بعضهم: أشد العذاب، ولو كان ذلك معناه لقيل أسوأ العذاب. "الطبري" 1/ 271.]]، وقد فسره بقوله: ﴿يُذَبِّحُونَ أَبْنَائَكُمْ﴾. وأصل الذبح في اللغة: الشق [["تهذيب اللغة" (ذبح) 2/ 1267، "اللسان" (ذبح) 3/ 1488.]]، ومنه: فَأْرَةَ مِسْكٍ ذُبِحتْ فِي سُكِّ [[بيت من الرجز لمنظور بن مرثد الأسدي، وقبله: كَأَنَّ بَيْنَ فَكِّهَا وَالْفَكِّ يصف طيب رائحة فم امرأة. و (الفك): عظم الحنك. (فأرة المسك): الأناء الذي يكون به المسك شبه بالفأرة، (ذبحت): شقت. (في سك): نوع من الطيب. ورد في "التهذيب" (ذبح) 2/ 1268، "المخصص" 11/ 200، 13/ 39، "اللسان" (ذبح) 3/ 1486، "شرح المفصل" 4/ 138، 8/ 91، "الخزانة" 7/ 468.]] وقال الهذلي [[هو أبو ذؤيب.]]: نَامَ الخَلِيُّ وَبِتُّ اللَيْلَ مُشُتَجِراً [[في جميع النسخ: (مستجراً) بالسين، و (فيه) والتصحيح من مصادر التخريج.]] ... كَأَنَّ عَيْنَيَّ فِيهَا الصَّابُ مَذْبُوحُ [[(الخلي): الذي ليس به هم. و (المشتجر): الذي قد شجر نفسه ووضع يده تحت خده ورأسه لا ينام من الهم، و (الشجر): ملتقى اللحيين، و (الصاب): شجر يخرج منه سائل مثل اللبن، إذا أصاب (العين) أحرقها، (مذبوح): مشقوق. انظر: "شرح أشعار الهذليين" 1/ 120، "تهذيب اللغة" (ذبح) 2/ 1268، "اللسان" (ذبح) 3/ 1488، "شرح المفصل" 10/ 124، "الخزانة" 3/ 143.]] أي: مشقوق. والذُبَاح والذُّبَّاح بالتخفيف والتشديد تشقق [[في (أ): (تشق) و (ج): (شق)، وأثبت ما في (ب)، لأنه أصوب، وموافق لما في "تهذيب اللغة".]] في الرجل [[انظر: "التهذيب" (ذبح) 2/ 1268، "اللسان" (ذبح) 3/ 1487.]]. ومن هذا سمى الكوكب: (سعدٌ الذَّابح)، لأنه يطلع في وقت يحدث فيه الشقاق في الرجل لأجل البرد [[في "التهذيب": (سمي ذابحًا لأن بحذائه كوكبًا صغيرًا كأنه قد ذبحه) 2/ 1269، "الصحاح" (ذبح) 2/ 44.]]، ولهذا تقول العرب: إذا طلع الذابح انجحر النابح. وسمي فري الأوداج ذبحاً، لأنه نوع شقّ، والتفعيل على التكثير [[انظر "اللسان" (ذبح) 3/ 1485.]]. و (الأبناء) جمع ابن. قال الزجاج: وأصله: بَنَا [[في "معاني القرآن" للزجاج: (والأصل كأنه إنما جمع بني وبنو ..) 1/ 101. وفي "القاموس": أصله: (بَنَى أو بَنَوٌ) "القاموس" (بنى) ص 1264.]] أو بِنْوٌ، فهو يصلح أن يكون (فِعْل)، وبَنَا أصله يكون بَنَوَ [[كذا ورد في (أ)، (ج)، وفي (ب): (وقال الزجاج: وأصله. بنا أو بنو فهو يصلح أن يكون فعل)، ويصلح أن يكون أصله بنو ...). ونص كلام الزجاج في (المعاني): (و (أبناءكم) جمع ابن، والأصل كأنه إنما جمع بني وبنو، ويقال: ابن بين البنوة، فهي تصلح أن تكون (فَعَل) و (فِعْل) كأن أصله بِناية، والذين قالوا: (بنون) كأنهم جمعوا (بنا) وبنون، فأبناء جمع (فَعَل) و (فِعْل) ..) 1/ 101. وقال الأزهري في "تهذيب اللغة": (وقال الزجاج (ابن) كان في الأصل: (بِنوٌ) أو (بَنَوٌ) .. ويحتمل أن يكون أصله: (بَنَيَا) ..) "تهذيب اللغة" (بنى) 1/ 396، وانظر: "الإغفال" ص 187، "المخصص" 13/ 192. وفي "الأشموني مع الصبان": أما ابن فأصله: بَنَوٌ، كقلم حذفت لامه تخفيفًا وسكن أوله وأتي بالهمز توصلًا وتعويضًا، ودليل فتح فائه قولهم في جمعه: بَنُون، وفي النسب: بَنَوِي بفتحها فيهما .. ودليل كون لامه (واوا) لا (ياء) ثلاثة أمور: أحدها: أن الغالب على ما حذف لامه الواو لا الياء. ثانيها: أنهم قالوا في مؤنثه: بنت فأبدلوها (التاء) من اللام، وإبدال التاء من الواو أكثر من إبدالها من الياء. ثالثها: قولهم: البنوة. ونقل ابن الشجري في "أماليه" أن بعضهم ذهب إلى أن المحذوف (ياء) واشتقه من بنى بامرأته يبني، لأن الابن مسبب عن بناء الأب بالأم. وهذا يدل على أن (الابن) لامه (ياء) .. وأجاز الزجاج الوجهين. انظر: "الأشموني مع حاشية الصبان" 4/ 275.]]، وإنما صارت ألفا، لأنها سكنت لتحرك ما قبلها ثم جرتها الفتحة التي قبلها فصيرتها ألفا، ومثله: قفا ورحا. قال: فالذين قالوا: (بنون) كأنهم جمعوا (بَنا) والذين قالوا: (أبناء) كأنه جمع (بِنْوُ)، مثل: حِنْو وأحناء وقِنْو وأقناء [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 101، نقل كلامه بتصرف، انظر التعليق السابق.]]. قال أبو علي [["الإغفال" ص 189، نقل الواحدي عنه طويلا، وكلام أبي علي نقله ابن سيده في "المخصص" 13/ 192.]] لا يجوز في (ابن) أن يكون وزنه (فِعْلا) لأنه لا دلالة على أن الفاء منه مكسورة، بل الدليل قد قام على أن الفاء مفتوحة، وذلك قولهم: (بَنُون) فلو كان أصله: (بِنْوٌ) لأن (أَفْعال) لا تختص بجمع (فِعْل) [[في (ب)، (ج): (تفتح)، وفي (الحاشية) في (ج): (يفتح) ص 189.]] بل تكون [[(فعل) ساقط من (ج).]] -أيضا- جمعا لـ (فُعْل) و (فَعَل) و (فِعَل) و (فَعُل) [[(فعل) ساقط من (أ)، (ج) وأثبتهما كما في (ب)، والأمثلة بعدها تدل على ثبوتها، ولم ترد هذه الأوزان في كلام أبي علي وإنما ذكر بعضها قال: (.. لزمه أن يجيز في بنائه: (فعلا) و (فعلا) وغير ذلك ..) "الإغفال" ص 189.]]، و (فَعِل) نحو: بُرْد [[البرد، بالضم: ثوب مخطط، جمعه أَبْراد، وأَبْردُ. "القاموس المحيط" (برد) ص 267.]] وأَبْراد، وقَتَبٍ [[القَتَبَ، والقِتْبُ: إكاف البعير. "اللسان" (قتب) 3/ 2881.]]، وأَقْتَاب، وعِنَب وأَعْنَاب وعَضُد وأَعْضَاد، ونَمِر وأَنْمَار، فيلزمه أن يجيز في أصله هذه الأبنية، لأنها تجمع على (أَفْعَال) كما يجمع (فِعْل)، فليس (أَفْعَال) بدليل على أن (ابن) أصله فِعْل). فأما العين فالدليل على أنها مفتوحة أيضا قولهم في جمعه (أبناء) [[على وزن (أَفْعَال).]]، و (أَفْعَال) بابه أن يكون لـ (فَعَل) [[في (ب): (الفعل).]] نحو: جَبَل. وليس يجب أن يعدل بالشيء عن أصله وبابه حتى يقوم دليل يسوغ ذلك، ولم نعلم شيئا دل على أن العين ساكنة من (ابن) وعلمنا أنه ينبغي أن تكون متحركة لقولهم: (أَفْعَال) [[اختصر بعض كلام أبي علي، انظر: "الإغفال" ص 191.]]. ولا دلالة في قولهم: (بنت) على أن (ابنا) وزنه (فِعْل) لأن (بنتا) من (ابن) ليست كصعبة من صعب، فيحكم بأن (الفاء) من ابن مكسورة كما كان [[في (ب): (أن).]] في بنت مكسورة، لأن هذا البناء أعني: بناء (بنت) صيغ للتأنيث على غير بناء التذكير، فهو كحمراء من أحمر، غُيِّر بناء التأنيث عما كان يجب أن يكون عليه في أصل التذكير، وأبدل من الواو تاء، وألحق الاسم بِنِكْس [[النِّكْس: السهم الضعيف، الذي يَنْكَّس، أو ينكسر فُوقُه فيجعل أعلاه أسفله، والنِّكسْ الرجل الضعيف، وأصله المنِّكسْ من السهام. "اللسان" (نكس) 8/ 4541.]] وجذْع وما أشبه ذلك. فأما بنات في جمع بنت فهو مما يدل على ما قلنا من أصل الفاء من (ابن) الفتح، وَرُدَّ في الجمع إلى أصل بناء المذكر، كما رد (أخت) إلى أصل بناء المذكر، فقيل: أخوات، لأن أصل المذكر من كل واحد منهما (فَعَل)، فكما ردوا الحرف الأصلي في جمع (الأخت) وهو الواو فقالوا: (أخوات)، كذلك ردت الحركة التي كانت في أصل بناء المذكر في (ابن)، وقالوا: بنات [["الإغفال" ص193 - 195. (بتصرف واختصار)، وانظر: "المخصص" 13/ 193.]]. قال أبو علي: والمحذوف من (ابن) (الواو) دون (الياء) [[في "الإغفال": (فأما قوله -أي الزجاج- في اللام المحذوفة من (ابن) إنه يحتمل عنده أن يكون واوًا أو ياءً، وأنهما عنده متساويان في الحذف، فليس الأمر -عندي- كما قال، والمحذوف (الواو) دون (الياء) ..) "الإغفال" ص 195، وانظر "المخصص" 13/ 195.]]، الدليل على ذلك: أن المحذوف إذا أريد أن يعلم ما هو؟ نظر في التثنية أو الجمع [[في (ب): (والجمع).]]، أو فعل مأخوذ من ذلك اللفظ، أو جمعه المكسر، فإن وُجد في أحد ذلك واو أو ياء، حكم أن المحذوف هو ما يظهر في أحد هذه الأشياء. كما حكمت بـ (إخوة) أن المحذوف من (أخ) واو [[(واو) ساقطة من (ب).]]، وبـ (غدوت) أن المحذوف من (غد) واو، وبـ (دَمَيَان) أن المحذوف من (دم) ياء، وبـ (يدين) أن المحذوف من (يد) ياء. وليس في (الابن) [[في (ب): (بن).]] شيء يستدل به على أن المحذوف (ياء) أو (واو)، فوجب أن يحمل على نظيره، ونظيره (أخت)، لأنه صفة ألحقت في التأنيث بـ (قُفْل) [[في "الإغفال" (فُعْل) ص 196، وفي "المخصص" (قُفل) 13/ 195.]]، كما ألحقت (بنت) بـ (عِدْل). والمحذوف من (أخت) الواو لقولهم: (إخوة) [[استدل بجمع التكسير على أن المحذوف من (أخت) واو.]] كذلك ينبغي أن يكون المحذوف من (بنت) الواو. وأيضًا فإن التاء في (بنت) ليست علامة للتأنيث [[في "الإغفال": (وهذه التاء لا تخلو من أن تكون بدلا من لام الفعل، أو علامة للتأنيث، فلو كانت علامة للتأنيث لا نفتح ما قبلها ..) ص 197.]]، وإنما هي بدل من اللام، لأنها لو كانت علامة للتأنيث لانفتح ما قبلها، كما ينفتح ما قبلها في غير هذا الموضع، نحو: طلحة وحمزة وتمرة، فلما لم تنفتح [[في (ب): (يفتح).]] علمنا أنه بدل، وإبدال التاء من الواو كثير، كالتاء في أخت، وكذلك في كلتا [[الأصل فيهما (كِلْوَا) انظر: "صناعة الإعراب" 1/ 149.]]، وكذلك مثّله سيبويه [[انظر: "الكتاب" 3/ 364، وانظر: "الإغفال" ص 198، "المخصص" 13/ 195، 196.]] بِشَرْوى. ونذكر الكلام في (كلتا) إذا انتهينا إليه إن شاء الله. فإن قيل: لو كان الأمر على ما قلتم، لقيل في جمع الأخت والبنت: أختات وبنتات، فلما حذفوا التاء في الجمع دل أنها للتأنيث، وكذلك حذفهم إياها عند النسبة إليها يدل على أنها للتأنيث، كما قالوا: طلحات وطلحي. قلنا: هذا البناء الذي وقع [إلحاق] [[في (أ): (الحاق) بدون إعجام، وفي ب، ج (الحاو) وفي "الإغفال" (والجواب أن هذه التاء للإلحاق كما قلنا، والدليل ما قدمنا، وإنما حذف في الإضافة وهذا الضرب من الجمع لأن هذا البناء الذي وقع الإلحاق فيه، وإنما وقع في بناء المؤنث دون المذكر ..) ص 199، "المخصص" 13/ 196.]] التاء [[في (ج): (التاء).]] فيه، وإنما وقع في بناء المؤنث دون بناء المذكر، فصار البناء في الموضعين لذلك، لا لأنه للتأنيث، وغُيِّر البناء في هذين الموضعين وَرُدَّ إلى التذكير من حيث حذفت علامة [[في "الإغفال": (علامات) ص 199، "المخصص" 13/ 196.]] التأنيث في هذين الموضعين، لأن الصيغة قامت مقام العلامة، فكما غُيِّرت [[في "الإغفال": (غير) ص 199، ومثله في "المخصص" 13/ 196]] ما فيه علامة بحذفها، كذلك غُيِّرت هذه الصيغة بردها إلى المذكر، وإذ [[في (ب): (إذا).]] كانت الصيغة قد قامت مقام العلامة، فمن حيث وجب أن يقال: طَلْحَات وطَلْحِيّ، وجب أن يقال: أَخوَات وأَخَوَيّ. وتعقب أبو الفتح هذه المسألة [[تكلم أبو الفتح ابن جني عن هذه المسألة في كتاب "سر صناعة الأعراب" أثناء كلامه عن إبدال التاء من الواو، وقد تصرف الواحدي في كلامه واستل منه ما يناسب هذا المبحث. انظر: "سر صناعة الأعراب" 1/ 149.]] وزاد بياناً فقال: قد أبدلت التاء من الواو (لاماً) في: أخت وبنت، وأصلهما أخوة وبِنْوَة، فنقلوا، ووزنهما [[في (ب): (ووزنها). هكذا ورد في جميع النسخ، وفيه غموض، والنص في "سر صناعة الأعراب" (.. فنقلوا أخوة وبنوة، ووزنهما (فَعَلٌ) إلى (فُعْل) و (فِعْل) ..) "سر صناعة الأعراب" 1/ 149.]]: (فَعَل) إلى (فُعْل) و (فِعل) وألحقوهما بالتاء [[في (ب): (المبدلة).]] المبدلة من لامهما [[في (ب): (لامها) وهو الثابت في صلب "سر صناعة الأعراب"، وفي الحاشية (ب) (لامهما) "سر صناعة الأعراب" 1/ 149.]] بوزن (قُفْل) و (حِلْس)، فقالوا: أخت وبنت، وليست التاء فيهما بعلامة التأنيث كما يظن من لا خبرة له بهذا الشأن، لسكون ما قبلها، هكذا مذهب سيبويه، وهو الصحيح، وقد نص عليه في باب مالا ينصرف، فقال: لو سميت بهما رجلا لصرفتهما معرفة، ولو كانت للتأنيث لما أنصرف الاسم [[انظر: "الكتاب" 3/ 221، 361 - 364، "سر صناعة الأعراب" 1/ 149.]]. وعلامة التأنيث في الأخت والبنت صيغتهما [[هذا جواب سؤال أثاره أبو الفتح قال: (فإن قيل: فما علامة التأنيث في أخت وبنت؟) فأجاب عنه بما نقله الواحدي هنا. انظر: "سر صناعة الأعراب" 1/ 150.]] وهو بناؤهما على (فُعْل) و (فِعْل) وأصلهما (فَعَل) وإبدال الواو فيهما لاما، وهذا عمل اختص به المؤنث، لأنه لم يوجد إلا في هذين وفي كلتا [[قوله: (لأنه لم يوجد في هذين وفي كلتا) ليس من كلام أبي الفتح في "سر صناعة الأعراب" 1/ 150.]]، ويدل أيضا على إقامتهم (البنت) [[في "سر صناعة الإعراب" (إقامتهم إياه مقام ..) 1/ 150.]] مقام ما فيه [[في (ب): (ما في).]] العلامة الصريحة، وتعاقبهما على الكلمة الواحدة، وذلك نحو: ابنة وبنت، فالصيغة في (بنت) قامت مقام (الهاء) في ابنة، فكما أن (الهاء) علم تأنيث لا محالة، وكذلك صيغة (بنت) علم تأنيث لا محالة، وليس (ابن) من (بنت)، كصعب من صعبة [[في "سر صناعة الإعراب": (وليس بنت من ابن كصعبة من صعب ..) "سر صناعة الإعراب" 1/ 150.]]، إنما نظير صعبة من صعب ابنة من ابن. ويدل على أن (ابن) [[كذا في جميع النسخ، وفي "سر صناعة الإعراب" (أن أخا وابنا) وفي الحاشية: (في ش: أن أخ وابن) 1/ 150.]] و (أخ) (فَعَل) مفتوحة، جمعهم إياهما على أَفْعَال نحو أبناء وآخاء، حكى سيبويه [["الكتاب" 3/ 363، "سر صناعة الإعراب" 1/ 150.]] (آخاء) عن يونس. قال أبو إسحاق: والأخفش يختار أن يكون المحذوف من ابن (الواو). قال [[أي أبو إسحاق.]]: والبُنُوَّة [[في (أ) ، (ج): (البنُو) وأثبت ما في (ب) لأنه موافق لما في "معاني القرآن" للزجاج 1/ 102.]] ليس بشاهد قاطع للواو، لأنهم يقولون: الفُتُوَّة، والتثنية [[(والواو) ساقطة من (ب).]]: فتيان، فابن يجوز أن يكون المحذوف منه (الواو) [[في "معاني للزجاج": (الواو) أو (الياء) 1/ 102.]] و (الياء)، وهما عندنا متساويان. وأبو علي ينكر أن يكون المحذوف الياء دون الواو [[قال أبو علي: (ما أعلم الأخفش نص على هذه المسألة، أن الاختيار عنده أن يكون (الواو)، وأنه يجيز أن المحذوف الياء ..) "الإغفال" ص 202 - 203.]]، وقد دل فيما ذكرنا من كلامه أن المحذوف هو الواو. فأما إدخال ألف الوصل في (ابن)، فإنما أدخلت كما أدخلت في الاسم، وقد فرغنا منه في أول الكتاب [[انظر ما سبق في أول تفسير الفاتحة.]]. قوله تعالى: ﴿وَيَسْتَحْيُونَ نِسَائَكُمْ﴾. (يستحيون) يستفعلون من الحياة، ومعناه: يَسْتَبْقُونهن [[في (ب): (يستبقوهن).]]، ولا يقتلونهن [[انظر: "تفسير الطبري" 1/ 372، و"الثعلبي" 1/ 70 ب، "زاد المسير" 1/ 78، وذكر الطبري عن أبي العالية وضعفه: (يستحيون) يسترقون. "الطبري" 1/ 372.]]، ومنه قوله ﷺ: "اقتلوا شيوخ المشركين واستحيوا شرخهم" [[أخرجه أبو داود عن سمرة بن جندب، وفيه (استبقوا) بدل (استحيوا) انظر: "سنن أبي داود" 2670 كتاب (الجهاد)، باب (في قتل النساء)، والترمذي (1583) أبواب (السير) باب (ما جاء في النزول عن الحكم) وفيه: الشرخ: الغلمان الذين لم ينبتوا. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب. عارضه الأحوزي وأخرجه أحمد في "مسنده" 5/ 12، 20. ورمز السيوطي له بالصحة في "الجامع الصغير". انظر: "فيض القدير شرح الجامع" 2/ 76.]]. واسم النساء يقع على الكبار والصغار، وذلك أنهم كانوا يستبقون البنات [[في (ب): (جميع البنات).]] لا يقتلونهن. وقيل: سمى البنات نساء على تقدير أنهن يكن نساء، وقيل: جمع الكبار والصغار بلفظ النساء، لأنهم كانوا يستبقون جميع [[(جميع) ساقط من (ب).]] الإناث، فجرى اللفظ على التغليب كما يطلق الرجال على الذكور وإن كان فيهم صغار [[واختار هذا الوجه ابن جرير في "تفسيره" 1/ 274، انظر: "تفسير ابن عطية" 1/ 286، " القرطبي" 1/ 330، "البحر" 1/ 164.]]. فإن قيل: فما في استحياء النساء من سوء العذاب؟ قيل: إن استحياء النساء على ما كانوا يعملون بهن أشد في المحنة من قتلهن، لأنهن يستعبدن وينكحن على الاسترقاق، والاستبقاء للإذلال استبقاء محنة [[انظر: "تفسير ابن عطية" 1/ 286، "زاد المسير" 1/ 78، "الرازي" 1/ 68، "البحر" 1/ 19.]]. قوله تعالى: ﴿وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾. البلاء: اسم ممدود من البلو، وهو الاختبار والتجربة [[انظر: "التهذيب" (بلا) 1/ 379، "اللسان" (بلا) 1/ 355.]]. يقال: بَلاَه يَبْلُوه بَلْواً إذا جَرَّبَه، وَبَلاَه يَبْلُوهُ بَلْواً إذا ابتلاه الله ببلاء [[ذكره الأزهري عن الأصمعي. "التهذيب" (بلا) 1/ 379.]]. قال أبو الهيثم: البلاء يكون حسنا ويكون سيئا، وأصله: المحنة، والله عز وجل يبلو عباده بالصنيع الحسن، ليمتحن شكرهم عليه، ويبلوهم بالبلوى الذي يكرهون، ليمتحن صبرهم، فقيل للحسن: بلاء، وللسيئ: بلاء [[ذكره الهروي عن أبي الهيثم، ولفظه: (يبلو عبده) بلفظ المفرد "الغريبين" 1/ 209، 210، وذكره القرطبي في "تفسيره" عن الهروي 1/ 330.]] لأن أصلهما: المحنة، ومنه قوله: ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ﴾ [الأعراف: 168]، وقال: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ [[(الواو) ساقطة من (ب)]] [الأنبياء: 35]، وقال في الخير: بلاه الله، وأبلاه [[انظر: "تفسير الطبري" 1/ 275، "الصحاح" (بلا) 6/ 2285.]]. قال زهير: [[في (ج): (زهير بن جناب).]] جَزى اللهُ بِالْإِحْسَانِ مَا فَعَلاَ بِكُم ... وَأَبلاَهُمَا خَيْرَ البَلاَءِ الذي يَبْلُو [[من قصيدة لزهير يمدح سناد بن أبي حارثة ويروى بالديوان (رأى الله) ورد البيت في: "معانى القرآن" للزجاج 1/ 102، "التهذيب" (بلا) 1/ 379، "الصحاح" (بلا) 6/ 2285، "اللسان" (بلا) 1/ 355، "الخصائص" 1/ 137، و"القرطبي" 1/ 330، و"الرازي" 3/ 70، و"ابن كثير" 1/ 96، "الدر المصون" 1/ 348، "فتح القدير" 1/ 131، "شرح ديوان زهير" ص 109.]] أي: صنع بهما خير الصنيع الذي يبلو به عباده [["تهذيب اللغة" (بلا) 1/ 379.]]. قال الليث: ويقال من الشر أيضا يُبْلِيه إِبْلاَء [[في "تهذيب اللغة" عن الليث: (الله يبلى العبد بلاءً حسنًا، ويبليه بلاءً سيئًا، (بلا) 1/ 379، قال الطبري: الأكثر في الشر أن يقال: (بلوته أبلوه بلاء) وفي الخير: (أَبْلَيْته أُبْلِيه إِبْلاَءً وبَلاَءً).]]. والذي في هذه الآية يحتمل الوجيهن، فإن حملته على الشدة، كان معناه: في أستحياء البنات للخدمة وذبح البنين بلاء ومحنة [[ذكره أبو الليث في "تفسيره" 1/ 117، وابن الأنباري في "الزاهر" 1/ 348، و"الثعلبي" 1/ 70 ب، و"الكشاف" 1/ 279، و"البغوي" 1/ 91، "زاد المسير" 1/ 78، و"الرازي" 3/ 70، و"القرطبي" 1/ 330، ونسبة للجمهور، و"ابن كثير" 1/ 97، و"البيضاوي" 1/ 25، و"النسفي" 1/ 43، و"الخازن" 1/ 121.]]. وهو قول ابن عباس من رواية عطاء والكلبي [[أخرج الطبري في "تفسيره" بسنده عن عكرمة عن ابن عباس نحوه 1/ 272، ولم أجده من طريق عطاء والكلبي.]]. وإن حملته على النعمة، كان المعنى: وفي [[(الواو) ساقطة من (ب).]] تنجيتكم من هذه المحن نعمة عظيمة، وهو قول مجاهد والسدي [[ذكره ابن جرير بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وعن السدي، وعن مجاهد، وعن ابن جريح. "تفسير الطبري" 2/ 274، و"ابن أبي حاتم" 1/ 106، والزجاج في "معاني القرآن" 1/ 102، وابن قتيبة في "الغريب" ص 40، ورجح هذا القول الرازي في "تفسيره" 3/ 70. انظر: "تفسير القرطبي" 1/ 330، و"ابن كثير" 1/ 96.]]، ومثل هذا في احتمال الوجهين، قوله في قصة إبراهيم: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ﴾ [الصافات: 106].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب